لا شك أن المفتى الدكتور على جمعة بكل ما لديه من علم بالدين كمرجعية عليا في شئون هذا الدين، يعلم ما نعلمه نحن بسطاء المسلمين من بسائط هذا الدين، فنحن نعلم أن نظام القضاء الإسلامي يقوم على ركن أساسي تفسد بدونه أي قضية ويمتنع مع عدم وجوده إصدار أي أحكام، وهذا الركن الركين هو نظام الشهود، حتى أنه وضع لهذا النظام شروطاً واضحة لم تترك شاردة ولا واردة سواء في صفات الشهود أو علمهم أو عددهم أو سلامة حواسهم وذكورتهم وأنوثتهم وذلك لضمان تحقيق العدالة. فالشهادة هي الركن الركين في تشريعنا، صيام مليار مسلم مرهون بشهادة اثنين من المسلمين، إن الله بجلال علمه الكلى يعمل في حساب يوم البعث بنظام الشهود لتأكيد هذا الركن العظيم في القضاء الإسلامي، يوم الحساب لو راودتك نفسك الكذب تشهد عليك حواسك وأعضاء جسدك، الشكوى لو كانت في دوار العمدة في ريفنا الصعيدي وليس في دار الإفتاء بجلال قدرها، لطلب العمدة الشهود والأدلة.
وفى الموضوع الذي نظره المفتى يوجد عدد كبير من الشهود هم أعضاء اللجنة الفاحصة بوزارة الثقافة من خيرة أبناء الأمة المصرية، والتي صوتت لصالح منحى جائزة الدولة التقديرية، وأقرت استحقاق صاحبها لهذا الوسام الرفيع كباحث علمي حر لا منتمى، فهل استمع صاحب الفضيلة لهؤلاء الشهود وناقشتهم احتراماً منه لشروط الشريعة الإسلامية؟ كلا، لم يفعل!! فهل طلب المفتى الكتب موضوع التكفير ليطلع على ما فيها من
وثائق قبل أن يصدر حكمه؟ كلا، لم يفعل!! هل سبق أن عرف مجتمع أحكاما تصدر بدون جسم جريمة وبدون أدلة وبدون شهود، كلا لم يحدث!! كلا لم يحدث!! هل سبق أن عرف مجتمع أحكاماً تؤدى إلى الفتن المجتمعية وتهدد السلم الوطني، ناهيك عن تدميرها لسمعة مسلم حسن الإسلام، والتعرض له ولأسرته وباقي أهله بالأذى والقسوة من المجتمع، في محاكمة تقوم فقط على الثقة المتبادلة بين الشاكي وبين القاضي؟ كلا لم يفعل مجتمع إنساني هذا. كلا لم يعهد تاريخ الإنسانية كله بحث مصائر الناس بالفتاوى، حتى الشعوب البدائية كانت تصدر قراراتها بشكل جماعي بمجلس النخبة أو القبيلة أو الصفوة، بعد بحث الموضوع من كافة جوانبه وسماع جميع وجهات النظر، حتى زمن الجاهلية كان لديهم الملأ ودار الندوة، إن دار الإفتاء بريادة على جمعه عادت بنا إلى ما قبل الزمن الجاهلي بأزمان. إن الإنسانية لم تعهد الفرمانات الصارمة المدمرة إلا مع شخصيات تأخذ في تاريخ البشرية أسوأ المواقع لما أدت إليه من ويلات وحروب وكوارث من هولاكو إلى هتلر إلى صدام حسين إلى…. مولانا؟؟!!
أم أن صاحب الفضيلة لم يطلب الاستماع للشهود لاحتسابه أن الستين عضواً باللجنة المانحة لا تتوفر فيهم شروط الشهود العدول؟ ولا يفوتنا هنا تشكيكه في معرفة اللجنة بما في كتبي بقوله “إن كانت تعلم”؟! وهو ما يعنى أنها في ضميره واعتقاده قد لا تعلم ومع ذلك تعطى جوائز، يعنى أنها لجنة فاصوليا، يعنى اللجنة عند مولانا شيلينى وأشيلك (وعدم الرجوع لشهادتهم اتهام ضمني)، وهو منزلق خطر خاصة إذا ما اطلع فضيلته على أسماء أعضاء تلك اللجنة وقاماتهم قبل أن يتهمهم لربما تريث في فتواه.
إن ما فعله المفتى لم يسبقه إليه آخر في تاريخنا، فقد قدم رأيه دون أي براهين واعتبره محجوجاً وأعلى في أداء القدرة والقوة من أي رأى أخر، حتى لو كان رأى ستين عالماً متخصصاً، أصدر قراره فرماناً لم يحقق ولم يدرس ولم يستمع للشهود ولم يعتمد على نصوص موثقة وبدون أدلة… المفتى سمع.. فقال..، استمع للادعاء ولم يستمع للمتهم ولا للشهود ولا طلب جسم الجريمة وبدون أي دليل أو قرينة، هادما كل أركان القضية بفرمان عثمانلي.
يقول المفتى في فتواه: ” واللجنة التي اختارت له الجائزة إن كانت تعلم بما قاله من المنشور في كتبه الشائعة فهي ضامن لقيمة الجائزة التي أخذت من أموال المسلمين ” المفتى هنا متشكك في علم اللجنة المانحة بالتهمة موضوع الفتوى، ولم يبين المفتى موقفه من هذه النقطة هل هو مماثل لموقف اللجنة، أي موقف ظني متشكك بدوره لا عالم ولا عارف إن كانت هناك تهمة من عدمه؟ إن صياغة صاحب الفضيلة للعبارة تعنى أنه هو واللجنة التي يتهمها سواء بسواء في اللاعلم واللامعرفة، ورغم عدم العلم الذي يفترضه في اللجنة فقد أصدرت قرارها وهى لا تعرف، إذن هي تجامل، وبناء على عدم معرفة اللجنة وإصدارها القرار مجاملة، فإنه يمكن للمفتى أن يقدم على إصدار قرار يجرم دون أن يشغل نفسه بمعرفة المسألة، هي تجامل، وهو يجرم، واحدة بواحدة، المفتى أصدر حكمه وهو غير واثق، بناء على احتسابه أن اللجنة بدورها غير واثقة، وأنها بالكامل مسألة مزاحية، وهكذا يصبح الحاج خميس شيخ الحارة في بلدنا الجالس على مصطبة من الطين اللبن أكثر عدلاً من الحاج جمعة صاحب الجاه والرفاه والمناصب العليا. هذا بينما واقع ما حدث هو أن اللجنة المانحة تتشكل بنيتها من علماء وأدباء ومفكرين وباحثين قرأوا الأعمال للعديد من المفكرين، وبعد الدرس والفحص اتخذت قرارها لتختار من بين مرشحين كُثر، لتختار الأفضل بين الفضلاء، ولو لم أكن جديراً بها لكان أول الشاكين هم من المرشحين الآخرين الذين لم ينالوها وهم كُثر، وهم بدورهم من الجديرين بها، وهم المتضررين من فوزي وليس موقع المصريين ولا المفتى ولا الإخوان.
ومقارنة قرار اللجنة بحكم المفتى يطرد فوراً حكم مولانا من طاولة البحث، حيث مولانا لا يعرف ولم يقرأ ولم يستمع لشهود، هو إذن عُملة فاسدة.
****
غني عن التنبيه هنا أن تدخل رجال الدين في البحث العلمي وتقييمه يعنى تفجيراً تحتياً لأسس هذا البحث، وللقيم التي يقوم عليها هذا النوع من التفكير المنهجي الذي كادت تخلو من بلادنا بسبب سيطرة رجل الدين. فالإفتاء يعيش في وادي الحلال والحرام والطمث والحيض وزواج الإنس من الجن والفيل والصيحة والبراق والنملة وبول الناقة، وهو واد يختلف بالكلية عن وادي التفكير العلمي ومناهجه وطرائفه وشروطه الصوارم بحكم واحد فقط هو الصواب أو الخطأ، وبين الواديين برزخ يفصل بين زمنين مختلفين بالكلية، برزخ فاصل يمتد إلى أكثر من ثلاثة قرون زمناً، فهما زمنين متجاورين زمن ما قبل المنهج العلمي وزمن ما بعد هذا المنهج، كالمتوازيين لكنهما لا يلتقيان أبداً مهما امتدا.
ما لا يغيب على مدقق في السؤال والفتوى، الأهداف البعيدة المخفية بين السطور بحيث تفعل فعلها وتقوم بتأثيرها في العقل المسلم عبر التسلل إليه والسكون داخله دون إعلان، وإن وزارة الثقافة كي لا ترتكب مثل هذا الزلل مرة أخرى فعليها الرجوع أولاً إلى أهل الدين لأخذ رأى رجاله في البحوث العلمية والأعمال الأدبية والفنية.
يريد السائل أن يجعل رجل الدين هو المرجعية الوحيدة والعليا للأمة المصرية أفراداً وجماعات ووزارات (بالنظر لموقفه من وزارة الثقافة)، يريد توحيد السلطات جميعا في يد واحده تلبس مسوح المقدس إذا اقتدينا بها اهتدينا، ليقرر رجل الدين ما يجب وما لا يجب، ما نكتب وما لا نكتب، بفرمانات غير قابلة للمناقشة، حتى لو كانت الموضوعات مجال الفرمان هي علمية بامتياز وتخصص وجداره، موثقة تعتمد المناهج العلمية الكبرى التي اكتشفها البشرية في آخر منجزاتها، ورغم ذلك فهذه الموضوعات لا تعطى نفسها عصمة الصواب المطلق، إنما هي بطبيعتها تخلق اختلاف الرأي حولها جدلا ونقاشا قبولاً ورفضاً، بعكس فرمانات رجل الدين المقدسة التي لا تحتمل رأيين. فرمانات لا تسمح لنا بحق أن نفكر، وحق أن نخطئ لنتعلم من الخطأ، لأن الخطأ غير مسموح به فهو خروج على الأمة وخيانة لها لصالح المتربصين بالإسلام، فالدين لا يعرف إلا الحلال والحرام، الطاهر والنجس، الإيمان والكفر، الهدى والضلال، بعكس العلم الذي لا يعرف غير البراهين والأدلة والصواب والخطأ وحدهما.
ونلحظ بشده قوله عن مدى جواز أن تقوم ( لجنة )، دون تعريف بالألف واللام، قاصدا مفهوم اللجان نفسه وتعميمه على كل اللجان والتي تتخذ فيها القرارات بمشاركة ومناقشة ودرس، فليس هؤلاء هم المخولين بمنح الأوسمة التقديرية لأنهم لا يعملون وفق الحلال والحرام، لذلك فالفتوى تحتوى ضمنا تحريم عمل اللجان عامة وإحلال الفتوى محلها.
المخفيات المسكوت عنها تفصح عن نفسها فالسؤال يتحدث عن هجوم على الإسلام في كتب (بدون تعريف) مطبوعة ومنشورة ومتداولة، ليوعز بالخطر الكامن في الكتب عموما، والذي يقتضى مرورها أولا على المشايخ ليتم التصريح بطبعها ونشرها من عدمه.
إن أي تأمل بسيط في كل هذه الهجمة الشرسة سيكتشف أن الأمر لا علاقة له ببحث علمي أصاب أو أخطأ، أو جاءت استنتاجاته وأدائه وأدواته غير مرضية للبعض ومنهم السائل والمجيب، أو على أسوأ الظروف غير صائبة وهو حال العلم البشرى الذي يحتمل الصواب والخطأ دوماً، القضية هي انتهاز الفرصة بهذه الجائز، وتجريمها لإسكات العقول المفكرة والراغبة في تفعيل وعى الأمة ونحرها إن أمكن، الهدف الأكبر والأبرز هو حظر البحث العلمي بكل أشكاله وألوانه ومناهجه. والسائل من بدء رسالته المستفتية، يرجو المفتى أن يكون رقيباً على أعمال اللجان العلمية وأن يكون رقيباً على ميزانية الدولة وأوجه صرف الدخل القومي، وهو حشد للسلطات بيد رجل الدين لم يسبق أن في حدث في تاريخنا من قبل ولا حتى زمن الراشدين، حدث فقط مع النبي (ص) وحده، أتراهم يرون أنفسهم أكفاء له وأنداداً؟!
تنجلي الأهداف متسلسلة، فالواضح أن المستفتى لا يطلب بسؤاله المعرفة، هو يعلم أن هناك من سب النبي والإسلام في حياة النبي شعراً ونثراً بل تغنوا بهجائه في ليالي سمرهم تعزف عليهم القيان، هو لا يطلب علماً فالإجابة واضحة للأعمى، لكنه يطلب هياجا شعبويا بتصوير دين الإسلام ضعيفاً مهزولاً يتطاول عليه سيد القمنى وغيره ليهب له المسلمون غيره ونصره
واتباع السائل والمسئول تكتيك عدم ذكر اسم المتهم، إنما يهدف إلى التعميم على هذه الحالة وعلى كل الحالات المشابهة، من أفكار أو طرائق تفكير جديدة أو مختلفة عما اعتادوه، لأنه لو تم التشخيص والتسمية لكان الجرم أهون، أما عدم التعميم المقصود يجعل الفتوى عامة تخويفاً وإنذاراً له ولغيره ولمن صوت لجائزته ولمن يفكر في ذلك مستقبلا. وكي تتم إحالة أي شأن لرجل الدين تتم إدانة نظم التصويت باللجان وورش البحث، من يلجأ يجب أن يلجأ للمفتى، لرجل الدين، أي أن المسألة ليست قاصرة على سيد القمنى، إنما انطلاقا منه لقيام سلطة رجال الدين التامة وإسكات أي صوت مخالف، ومن ثم إلغاء البحث العلمي بالتمام، لجعل رجل الدين المرجعية العليا للأمة المصرية. السائل والمجيب يرسمان خطة ما يجب أن يكون. إذا كان حكم من يسب الدين معلوماً بدقة فإنه لا يكون للاستفتاء هدفاً معرفياً، إنما أهداف ضمنية في تمثيلية ساذجة هزلية لتعويد العقل المسلم وتدريبه على العودة إلى رجل الدين، وعدم استخدام هذا العقل حتى في البسائط الهيئات المتوافيه، وتكريس التبعية واستجلاب التحريض والسب والتكفير من جهة رسمية حكومية، وليس جهة سماوية، فالختم ختم النسر وليس ختم السماء، ختم يعبر عن سلطة دنيوية تلبس زيا سماوياً، فتكون هي الدكتاتورية المثلى والنموذج التمامى للفاشية، فلا حكومة دولة مدنية تحكم ولا الرب بنفسه هو من سيحكم، إنما شخص من لون السائل والمسؤول.
يبقى هدف أخير ضمن الأهداف المتضمن بين السائل والمسئول، ألا وهو الضغط مقدماً وسلفاً على قرار القضاء فيما هو مرفوع من قضايا بشأني، إحراجاً للقاضي وسد المنافذ أمامه، لأنه إذا كان رأى ربنا موجود في القضية فماذا سيقول القاضي أمام حكم الشرع؟
هنا سأحيل القاضي إلى القرآن ليرى كيف أن المنصب الفتوى والورع والخشوع ليس علامة الطهارة والصدق المطلق، أحيلة إلى قوله: “وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبه تصلى ناراً حامية “، وأنه قال: ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ” وربما إن استزاد أحلته إلى أحاديث النبي ( ص ):” من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام “، لذلك كان تساؤل المسلمين حول حديث النبي: ” أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ” عن كيفية نصرته ظالما، قال ( ص ): ” تحجزه وتمنعه من الظلم فذاك نصره ” وهى كلها نصوص مقدسة يعلمها المفتى والمستفتى، ورغم ذلك لم يحجز المفتى أخاه الظالم عن ظلمة، بل مشى معه ليعينه وهو يعلم!! ليتعاونا على الإثم والعدوان!!
القانون المدني في هذه الحال يمكن أن يدين ما فعل المستفتى والمفتى معا في خرقهما لكل قوانين العدل في الدنيا كلها، لذلك أقترح على السائل والمسئول ألا ينتظرا إدانة المحكمة المدنية لكليهما، خاصة أنى لن أألو جهداً في السعي لحبس معظم أطراف الهبة التكفيرية، وقد تطوعت بمال هذه الجائزة جميعه في سبيل هذا المُنى ومن أجل تلك البهجة وذلك السرور والحبور، ليذوقوا نتائج بعض عبثهم الطائش، وإن لم تنصفني محاكم بلادي فأمامي محاكم الأرضين السبع ولا أُبالى، لذلك أقدم لهما النصح مخلصا أن يقدما نفسيهما للمسلمين كمسلمين صادقين قولا وفعلاً، ويظهرا أنهما أفضل أيمانا من (سيد القمنى) ومن لجنة وزارة الثقافة وأي لجان أخرى، تعاليا أدلكُما على الطريق الإسلامي القويم للنجاة، فأُذكركما أن الغامدية أصرت على الاعتراف بمخالفتها للشرع وطلبت القصاص حتى رُجمت، وحتى قال النبي ص عنها ” لقد تابت توبة لو وزعت على الناس لوسعتهم جميعا ” فهل السائل والمسئول من الملائكة؟ ألم يرتكبا أي جرم ناهيك عن جرم هذه الفتوى الكارثية، لماذا لا يتقدم السائل (الذي سخر موقعه لسب سيد القمنى وتكفيره وتدعيره وةصغيره لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر) إلى الحاكم ليكسب نيشان الغامدية ويعترف إنه سب مسلما حسن الإسلام هو(القمنى) ظلما وزورا، وأنه يطلب توقيع العقوبة علي نفسه، أو ليستخرج من من حياته مأثمة واحدة ليكون كالغامدية، لنروى بعدها رواية جمال سلطان الغامدى إلى جوار رواية الغامدية المُؤسسة، وحتى يكون في تاريخنا أكثر من غامدية واحدة مفردة، ليشرف الإسلام بغامدي جديد بعد أن غاب الغامديون من تاريخنا الإسلامي أربعة عشر قرنا، وكذلك أن يذهب فضيلة المفتى لرئيس الجمهورية ليعترف ببعض آثامه البشرية ويطلب التشهير به ومعاقبته وتجريسه على ملأ كما فعل ماعز ليكون لدينا أكثر من ماعز واحد، أم أن كل رجال الدين من الأطهار ليس فيهم غامدي أو ماعز واحد بطول القرون السوالف؟ هل رأينا غامدياً واحداً بين الجماعة الإسلامية التي قتلت الأبرياء بالرسوخ في الدين وعادت للمراجعات بالرسوخ في الدين؟ معترفين بخطئهم في الفهم الأول الدموي ودون أن يعيدوا للقتلى حياتهم بالفهم الثاني، لماذا لم يفعل أحدهم فعل ماعز أو الغامدية؟ أم أن الأحكام عند المشايخ تجب فقط على غيرهم من الرعية ولا تنطبق عليهم لأنهم السادة المسلمون وحدهم؟ إن العدل هو أن يبدأ السائل والمسؤول بنفسيهما، لنتأكد أن إيمانهما ليس إيمان مستوى معيشي رفيع أو نفع دنيوي أو كرسي منصب وطنافس مصفوفة ملحوقة بثريد الكافيار ومُضيرة معاوية، وإنما إيمان يؤمن به القلب ويصدقه العمل والفعل وليس الخطابة الرنانة والكراسي الفخيمة ودنانير الفضائيات وبيزنس كل ألوان الإسلام السياسي. فهلا سمعنا قريباً من رجل دين مخلص لإيمانه يطلب من الحاكم أن يقطع يده، أو يجلده أو يرجمه؟! أم أن جميع رجال الدين هم من المعصومين من الخطأ والذنوب وبقية المسلمين هم من الخطائين، لذلك يملكون حق الدوس على رقاب الناس يسبون هذا ويلعنون ذاك ويطردون آخر من رحمه الله، وكأن جنات عدن قد أصبحت عزبة خاصة بهم يملكون وحدهم مفاتحها.
أبداً والله لا نصدقكم، ولا تقبل أحكامكم على عباد الله، ولا نصدق غيرتكم على إسلامنا، حتى نرى من بينكم غامدياً جديداً، أو لتكتفوا بمغانمكم، وتصمتوا وتخرسوا وتخرجوا من دماغ الأُمة، حتى تصح وتتعافى وتلحق بأشقائها في الإنسانية، حيث نور العلم والحقوق وإشعاع الحضارة القاتل لجراثيم التخلف…. وعفن المقبورين.
elqemany@yahoo.com
آلية الفتوى (تفكيك الخطاب(: (1 من 2)
* القاهرة
آلية الفتوى(تفكيك الخطاب) (2 من 2)
للتعرف أكثر على آراء سيد القمني و موقفه الحقيقي من الاسلام , نقلا من كتبه مباشرة , يرجى قراءة كتاب :
كشف حقيقة سيد القمني
و هو موجود على النت