اليوم انتهت الحملة التي أطلقها محمد بن سلمان وشملت حوالي 400 شخص ينتمون إلى النخبة السعودية تم احتجازهم في أحد الفنادق الفخمة في عاصمة البلاد منذ الرابع من نوفمبر 2017، وطبقا لتصريحات أدلى بها النائب العام للمملكة يوم 30 يناير الماضي، يبدو أن العملية أدت في نهاية المطاف إلى استعادة 107 مليار دولار، فيما لا زال 56 شخصا رهن الإعتقال. في المقابل، تشير الصحيفة إلى أن هذه الحملة “لن تمر دون أن تخلف آثارا وراءها”، كما أن الأحداث “رجّت النخبة السعودية رجا عنيفا”، حيث “لجأ العشرات من رجال الأعمال ومن الأمراء ومن الوزراء السابقين في أوروبا وفي لندن وباريس بوجه خاص”، كما أن عشرين شخصا ينتمون إلى نفس العائلة تحصلوا على تراخيص إقامة في جنيف في شهر ديسمبر الماضي، تؤكد “لوتون”.
“السعودية تجلس فوق برميل من البارود”
بدورها، اهتمت صحيفتا “تريبون دو جنيف” و”24 ساعة” الصادرتين في مدينتي جنيف ولوزان على التوالي في عددهما بتاريخ 7 فبراير الجاري بتطورات الأحداث في السعودية ومآلاتها من خلال لقاء مطول أجرته مع كلارانس رودريغاز التي كانت المراسلة الفرنكوفونية الدائمة الوحيدة في الرياض من عام 2005 وحتى عام 2017 ومؤلفة كتاب “العربية السعودية 3.0 – كلمات الشباب السعودي“.
الإعلامية الفرنسية وصفت الإصلاحات التي أطلقها محمد بن سلمان – الموصوف من طرف البعض بـ”أمير الفوضى” جراء نزوعه إلى إعادة النظر في كل شيء – بأنها “تغيير عنيف وسريع جدا”، وأضافت “في العربية السعودية، يُرحّب أصدقائي بالتغييرات الجارية لكنهم يخشون من عودة البندول”.. ذلك أن هذه المملكة التي ظلت متكلسة لفترة طويلة جدا تحولت اليوم إلى “مجتمع زلزالي” يقف في مفترق الطرق، يُسيّرها أمير شاب متسلط يكسر المحرمات ويهزّ الرموز، وهو “ما قد يُنذر بحصول انفجار اجتماعي”، كما تخشى كلارانس رودريغاز.
في تحليلها، تذهب مؤلفة الكتاب إلى أن “الإبن المفضل للملك سلمان يُحاول بالخصوص أن يعتمد على الشباب والنساء لتمرير إصلاحات أكثر جوهرية في السعودية، ذلك أن “المحرك الحقيقي للتغيير يتمثل أولا في الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تمر بها البلاد. فقد انهارت أسعار النفط ولم تعد المداخيل النفطية تسمح للعائلة المالكة السعودية بتلبية احتياجات السكان الذين كانوا يعيشون حتى الآن بفضل الحقن المتواصل.. فقد كان الحصول على الماء والكهرباء مجانيا ولم يكن تعبئة خزان السيارة يُكلف أكثر من 10 دولارات… اليوم فقدت مرتبات الموظفين نصف قيمتها وأصبح التحدي الأكبر دفع سكان اعتادوا العيش في كنف الدولة إلى العمل، لأنه لم يعد بإمكان أسرة من الطبقة المتوسطة تلبية احتياجاتها بفضل مداخيل شخص واحد”.
تبعا لذلك، ترى كلارانس رودريغاز أنه “إذا ما قام محمد بن سلمان بمنح السعوديات الحق في قيادة السيارات منذ شهر يونيو القادم فليس بسبب نزعته النسوية، بل من أجل تسهيل دخولهم سوق الشغل”.
أخيرا، هل سينجح محمد بن سلمان، الذي أطاح بعدُ بكل من يُحتمل أن يشكل عقبة في طريقه وضمن – في الوقت نفسه – السيطرة المطلقة على الرافعات الرئيسية للسلطة والذي سيكون – مبدئيا – أول من يجلس على العرش من أحفاد الملك المؤسس بن سعود في تحقيق رهانه؟ تجيب الإعلامية الفرنسية محذرة: “في الحالة العكسية، سوف نشهد انفجارا داخليا في المملكة العربية السعودية”، ما سيؤدي إلى حدوث “زلزال مدمر لهذه المنطقة المتفجرة مع تداعيات في العالم أجمع”.