إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
نستعرض وإياكم في هذه المقالة كتاب صدر في 2019 بعنوان مثير اسمه (مستقبل الإسلام؛ أركان الإسلام الخفية) من تأليف ( الأخ رشيد )، وهو إعلامي مغربي وباحث في التاريخ الإسلامي يوضح فيه أن للإسلام أركاناً خفية تختلف عن الأركان الظاهرة كالشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج. وهذه الأركان الخفية كانت سبباً في أن يكون قوة مسيطرة وفعاّلة في منطقة الشرق الأوسط الغنية. سوى أنه يمر اليوم بأخطر مراحله على الإطلاق، لأن هذه الأركان الخفية بدأت تَتَهاوى!
فما الذي اختلف اليوم؟ وما الذي تَغّيّر؟
قبل الخوض في هذا الاستعراض الموجز لا بد من مقدمة إيضاحية هامة:
- جميع المطالبين بالإصلاح الديني من المفكرين المسلمين، وهم قلة، كانت لديهم اشكاليتان مع الإسلام: اشكالية النص المؤسِّس للإسلام وهو القرآن والسنّة، واشكالية علاقة الدين بالدولة. وجهودهم المضنية كانت تصب أما في ضبط علاقة الدين بالدولة أو في اصلاح النص.
- اجمع المصلحون من المعتزلة مروراً بأبن الرشد وعلي عبد الرازق وأحمد صبحي منصور بأن النص بشكله المروي والمتواتر غير مقبول عقلياً و أخلاقياً، وأن هذا النص يجب أن يُصَلّح.
كيف حاول المفكرون إصلاح النص ..؟
- تأويل النص بما يتماشى مع العقل كما عمل به المعتزلة وتيار ابن الرشد. وهذا الطرح بحد ذاته غير عقلاني لأن النص واضح وضوح الشمس مثال (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ) سورة محمد. وهو أمر إلهي بقتل معظم شعوب العالم، وقد شكّلَ المتشددون رداً على هذا الطرح فتوى شرعية في الفقه الإسلامي تنص على أن (من يُأول نصاً قاطع الدلالة وقاطع الثبوت وغير قابل للتأويل فهو كافر) وكان سببا في حرق أكثر من 100 كتاب لـ(ابن الرشد).
- جاء الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية (متوفي 1905م) ونادى بتأويل النص للمصلحة العامة… ولكن كان عليه أن يواجه الواقع بأن المصلحة الإسلامية تعلو على المصلحة العامة. ولأن الاعتبارات الإسلامية هي الأهم، فلا يجوز إلغاء الآية ” سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ” للمصلحة العامة!
- المستشار محمد سعيد العشماوي، كاتب ومفكر وقاضي مصري، نادى بـ(تاريخية النصوص) أي أنها نصوص تاريخية لا تصلُح للعصر الحالي، بل غير صالحة لكل زمان ومكان… فكان مصيره أنه ظل مذموماَ مدحوراً ومحبوساً في بيته لمدة 30 عاماً حتى توفاه الأجل في 2013 وقد اوصى بعدم إقامة جنازة له ودُفنَ سراً.
- نصر حامد أبو زيد كتب في (« أنسنة النص ») تماشياً مع الفطرة والقيم الإنسانية..! ولكن، كيف تُؤنسن الآية (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) سورة المائدة ؟! أو ” “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ” والآية تعني استرقاق امرأة في ضعف واغتصابها.
- محمود محمد طه مفكر ومؤلف وسياسي سوداني دعا الى قبول « الآيات المكية » لأنها تدعو إلى الهداية والرحمة بين الناس مثال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (108) سورة يونس، مكية. ورفض « الآيات المدنية » لما تحمله من عنف وكراهية:(فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) سورة التوبة، مدنية… فما كانت نهاية محمود طه إلا أن حُكم عليه بالردة وأعدم في عهد الرئيس جعفر النميري، ووزير عدله حسن الترابي، في 1985م، وما زال قبره مجهولاً حتى يومنا.
- (القرآنيون) وكان زعيمهم أحمد صبحي منصور، والآن إسلام بحيري، والمستشار أحمد عبده ماهر وهي مجموعة نادت بقبول القرآن فقط وتفسيره إنسانياً ورفض الأحاديث والمرويات رفضاً قاطعاً لما فيها كثير من التجاوزات الأخلاقية والمغالطات العلمية,، كحديث الذبابة في الإناء وحديث رضاع الكبير.
- مجموعة ظهرت حديثاً تنادي بـ(تعرية النص) ومنهم السيد القمني وحامد عبدالصمد وفرج فوده وخليل عبد الكريم, لأنه لا يواكب المنطق والحس الإنساني وفيه كثير من العنف والإجرام بحق البشرية كإبادة قرية كاملة بشيوخها أطفالها ونسائها لأن فيها ثُلةٌ تمارس الشذوذ الجنسي..! (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ). سورة هود.
جميع المفكرين المذكورين أعلاه, وبدون أي استثناء واجهوا مواجه عنيفة جداً، إما بالتهميش أو الحبس أو التسفيه والقتل، وهم يواجهون الآن خطر الاغتيال حتى اثناء وجودهم في الغرب. هذا فيما يتعلق بالمفكرين الذين وجدوا إشكالاً في النص المؤسس للإسلام.
هناك نخبة أخرى استشكلوا في علاقة الدين بالدولة ونظام الحكم.
أخص بالذكر هنا علي عبد الرازق المفكر والأديب، وشيخ الأزهر ووزير الأوقاف في مصر في 1948م. أصدر عام 1925 كتاب («الإسلام وأصول الحكم») وأثبت بالشرع وصحيح الدين عدم وجود دليل على شكل معيّن للدولة في الإسلام، بل ترك الله الحرية في كتابه للمسلمين في إقامة هيكل الدولة، ويُعدُّ أولَ دراسة شرعية تؤسِّس للفكرة العَلمانية داخل الوسط الإسلامي. شذوذ هذا الرأي وإنكاره لـــ(الخلافة الإسلامية) أحدثا ردة فعلٍ صارمة شديدة ضده. أهم القوى التي شنت حملة على رأيه: حزب الإتحاد ، و هيئة كبار العلماء، سعد زغلول وحزب الوفد ، وحزب الأحرار الدستوريين، و حتى الليبراليين!
***
الشاعر السوري علي أحمد سعيد إسبر المشهور باسم (أدونيس) وأول أديب عربي يفوز بجائزة (غوته) في تصريح له لقناة الـ(بي بي سي) في يناير 2015م. قال بأن الإسلام اليوم بوصفه (رسالة سماوية) يكاد يكون قد انتهى، وتحول إلى أيديولوجية عنيفة في عقول الغالبية العظمى من المسلمين. ويجب علينا دراسة جذور نشوء ظاهرة العنف بهذه الطريقة، لأننا لا نستطيع التغلب عليها سياسياً ما لم نتغلب عليها ثقافياً. أي أن الإسلام تحول سريعاً إلى أيديولوجيا دولة عدوانية غزواته تكّفر وتقتُل، فابتلعت بذلك الدولة الدين وأصبح الدين هامشياً.
عودة إلى كتاب (مستقبل الإسلام) يقول المؤلف الأخ رشيد بأن في الإسلام، الدين ليس هو الأساس بل الدولة هي الأساس. والدين هو وسيلة لبناء الدولة الإسلامية أو دولة الخلافة. والأركان الخمسة للدين كالشهادتين لا تُكلف المسلم شيئاً، كلمات ينطقها وكفى ونسبة قليلة من المسلمين يؤدون الصلاة في أوقاتها، ونسبة أقل يؤتون الزكاة ويصومون رمضان، والقلة المستَطيعة تَحجّ. هذه الأركان طقوسية ظاهرية.
بالمقابل هناك أركان خفية 6 أهم من الأركان الظاهرية والتي وضعَ اُسسها رسول الإسلام وشُيّدت على فترة زمنية قاربت الـ 3 قرون. وكانت في القمة حتى بدايات العصر العباسي. إلا أن هذه الأركان الخفية اليوم تُعارض مقومات وضمانات الدولة المدنية العصرية، فبدأت الآن تتآكل وبعضها صارت تأتي بنتائج عكسية، ومع تهاوي هذه الأركان الستة الخفية سوف تتهاوى الدولة الإسلامية ومعها الإسلام الذي يمثل العقيدة الأيدولوجية لهذه الدولة.
فما هي هذه الأركان الخفية للإسلام؟
- الركن الأول، القبيلة، والقوة تأتي من القبيلة، ولا عزّ للقبيلة إلا بقوة الرجال. والنبي كان يدعو بهذا الدعاء « اللهم أعز الإسلام بالعًمَرين” ويقصد عَمْرُ بن هشام (أبو جهل) وعُمَر بن الخطاب، أي أثنين من سادات بني قريش. اما عبدالله بن أمّ مكتوم الفقير الأعمى فقد عبس الرسول في وجهه وأعرض عنه! وإلى يومنا هذا يُلقب بقايا المنتمين لقبيلة قريش بـ »السادة الأشراف »، ولغة قبيلة قريش (العربية) هي اللغة التي يعترف بها الله وإلهه. الإسلام لا يقبل الشهادتين أو التّلبيةُ في الحج أو قراءة القرآن إلا باللغة العربية…. وحق الرئاسة في معظم الدول العربية تُمنح للشخص الاصيل أي الذي له أصل ثابت ذو جذور قبلية، أو القوي الغازي تمشياً مع القاعدة القبيلة: « من قويت شوكته وجبت طاعته »!
ولهذا عند المسلمين الشيعة ممن يرتدون العمائم السوداء والتي ترمز لنسبهم لقبيلة بني هاشم =إحدى فروع قبيلة قريش، يُقَدّمون انفسهم بأنهم الممثلون الحقيقيون لدين الله وان كل ما يطرحونه من اراء حاسمة و معصومة ولا يجب ان يُناقش أو يُنتقد: في نوفمبر 2019م تم قتل 1500 متظاهر سلمي في أقل من ثلاثة أيام- شباب، شيوخ، أطفال، ونساء في كبرى المدن الإيرانية بالأسلحة الثقيلة لمجرد أنهم رفعوا شعار (الموت للديكتاتور) وكان المقصود مرشد الدولة («السيد الهاشمي » علي خامنئي).
- الركن الخفي الثاني هو السيف. يقول أبن تيمية ( قوام الدين كتابٌ يهدي وسيفٌ ينصُر) لأنه مصدر رزق القبيلة ورمز العزة والقوة. و يقول علي بن أبي طالب بُعث رسول الله بخمسة أسياف سيف للمشركين “فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ“. وسيف للكفار “فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ“. وسيف لليهود والنصارى “قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ“. وسيف رابع للمنافقين “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ“. وسيف خامس للمسلمين البغاة “وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ“.
بمعنى آخر يجب على المسلمين اليوم و بأمر من إله القرآن قتال 7 مليار من سكان الكرة الأرضية. وما حصل في الاسبوع الماضي من قطع رأس مدرس فرنسي على يد شاب شيشاني مسلم يبلع من العمر 18 عاماً، في أحد ضواحي العاصمة الفرنسية (باريس) كان يُدرّس تلاميذه حرية التعبير عن الرأي، سبقه قبل ثلاثة أسابيع هجوم شاب باكستاني يبلغ 25 عاماً أيضاً بآلة حادة أمام مقر صحيفة (شارلي إيبدو) والذي أسفر عن إصابة شخصين بجروح بالغة، هو جزء من الإرهاب الإسلامي الوحشي الداعي للإشمئزاز ضد كل من ينتقد هذا الدين.
السيف الركن الخفي الثاني في علم أغنى دولة إسلامية في العالم.
***
- المال هو الركن الخفي الثالث التي قامت عليه الدولة الإسلامية والذي يعرضه (أخ رشيد). وبدون الغزو والغنائم لا تقوم للدولة الإسلامية قائمة. فالقرآن والسنة يُحلّلان بوضوح الغزو والقتل والسلب والسَبي. وهذا ينطبق على غزوة (حنين) في السنة الثامنة للهجرة وغزو (الموصل) في سنة 2014م، وحتى حروب (الردة) كانت في الحقيقة « ردة مالية »: هم لم يرتدوا عن الإسلام، بل كانوا مسلمين موحدين وصحابة يؤمنون بالقرآن والرسالة، امتنعوا فقط عن دفع الزكاة فحاربهم أبو بكر وقتلهم.
وأيضاً المال هو الذي صنع (« المؤلفة قلوبهم ») من قبل 1400 سنة، وهو الآن بحلته الجديدة (البترودولار) المُمّول الرئيسي للبروباغندا الإسلامية في الغرب، ومراكز الدراسات والمؤتمرات الإسلامية، وطباعة القٌرآن وكتب التحريض على الجهاد والعنف.
- الركن الخفي الرابع هو الجنس، ركيزة لا غنى عنها في إنشاء الدولة الإسلامية. الجنس في الإسلام هو عنوان الفحولة ومكافأة المسلم في الجنة ومكافأة المجاهدين. الجنس والاغتصاب لإذلال العدو، الجنس وأسلمة الارحام أو (حرب الأرحام) سلاح ديموغرافي لا يرحم. وهذا ما دعا رجب طيب أردوغان الجالية التركية لتحقيقه داخل أوروبا بإنجاب المزيد من الأطفال. بل وصف في كلمات صريحة وبكل وقاحة أبناء جلدته بأنهم “مستقبل أوروبا“. وهذا ما خلق عند غالبية المسلمين وعلى الأخص المتدينين منهم السلوك الجنسي القهري أو الهوس الجنسي. والنتيجة… ألاف الأطفال الذين لا يعرفون اباءهم ولا أين هم في مخيم (الهول) شمال سوريا. حصيلة نكاح الجهاد وإمتاع مقاتلي داعش لساعات قليلة بعقود زواج شفهية.
مخيم الهول شمال سوريا وأكثر من 10 آلاف امرأة وطفل محصلة جهاد النكاح والهوس الجنسي عند مقاتلي داعش
***
- الرقابة، الركن الخفي الخامس في الإسلام. المسلم في ظل الإسلام مُراقَب، لا حرية لئن يسأل، أو يخرج عن دينه، أو ينتقد القبيلة ورموزها. فهو مُحاصر من الدين والدولة والمجتمع والأسرة. وإذا استقلّ في رأيه أو غيّرَ دينه يمكن أن يُعاقب أو يُقتل. لكن هذه الرقابة انكسرت الآن عبر الإنترنيت في البداية، ثم الفضائيات، وأخيراً اليوتيوب والسوشيال ميديا والسمارت فون.
- الركن الخفي السادس هو الدعاية، كما يعرضه الكاتب. ويتمثل بمدح وتفخيم الذات وهجاء الغير المختلف في الرأي أو العقيدة… (« نحن خيرُ امة اخرجت للناس »، « اللغة العربية أبرز اللغات على الإطلاق واغناها لأنها لغة القرآن والعبادة »، «والقرآن خير كتاب والرسول خيرُ الخلق، والصحابة صفوة البشر ») مقابل ازدراء وتحقير من يخالفهم. بل الهجاء هو جزء أساسي من الرسالة الإسلامية. يقول نبي الإسلام لحسان بن ثابت (اهجُهُم أو هاجِهم وجبريل معك) وهنا الخطاب موجه لكل من لا يُناصر النبي. وفي حديث آخر يقول الرسول (اهجوا قريشاً فإنه أشد عليهم من رشق النّبل) مع أنه ينتمي لقريش… وبسبب هذا الركن يُقال عن كل من ينتقد الإسلام بأنه خائن، كذاب، ماسوني، مأجور، حاقد، غبي، كلب لم يفهم الإسلام، صهيوني، عميل مدفوع له من الـ(سي أي أيه).
الآن, بظهور التطور النوعي في نظم المعلومات وتقنياتها التي أدت إلى تطور صناعة الثقافة و تحوّل العالم إلى قرية صغيرة آفاقها مفتوحة أخَذَ العالم يعرف حقيقة الإسلام وبدأت هذه الأركان الخفية تتقلص وتتآكل. كما وَضَعَ حداً لهيمنة رجال الدين على عقول المسلمين، وسقوط تنظيم الإخوان في السعودية هو أكبر دليل، وهي مقدمة لسقوطها في الشرق الأوسط وهذا بحد ذاته تَمهيد لسقوط الدولة الإسلامية. فمثلاً تيار الإخوان كان يروج لدعاية ( الإسلااااااام هو الحل), وأدرك الناس أن الإسلام هو المشكلة. ورَوَجَ ان (الإسلااااام في خطر)، وأدرك العالم أن الإسلام هو الخطر.
ثم يُصَور الأخ رشيد في نهاية كتابه حالة التنظيمات الإسلامية الإرهابية كالقاعدة وطالبان وداعش وبوكو حرام، التي تقوم بأعمال العنف والقتل والدمار بطريقة يقَفَ العالم بأسرهِ مذهولاً منها، بحالة الأفعى عندما تشعُر بالخطر التام والموت المحدق عليها: تقوم بأعنف الحركات والمناورات قبل القضاء عليها.
وهذا هو مصير حركات التطرف الإسلامي اليوم. فقد شارفت على السقوط على يد العالم الحر والثقافة الإنسانية، ويجب ان لا ننزعج ونستاء من غلو وإرهاب هذه الجماعات فهي مقدمة لنهايتها.
نُشِر هذا البحث على “الشفاف” لأول مرة في Oct 22, 2020.
زعيم “القرآنيين”، وهنا يخطئ الدكتور محمد الهاشمي، وبشهادة العظيم الراحل العفيف الأخضر، كان صديقي العزيز والرائع جمال البنّا، شقيق حسن البنّا! ويكفي قراءة أرشيف “الشفاف” للتأكد من ذلك! لا أفهم لماذا يتكاثر الراغبون في منافسة جمال البنا بعد رحيله! ولكن جمال كان الأول، وربما الوحيد، الذي قال أن فتاوى الفقهاء مصيرها إلى مزبلة التاريخ! تحية لذكراه!