إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
“من فرح الناس عرفنا”
انشودة قديمة لكنها ايضا تعكس صورة الوضع الحالي بصدق و عفوية و امل. ليس من باب التشبيه، لا قدّر الله، بين الحاضر والماضي، إنما، لما شكل انتخاب العماد جوزيف عون، بعد طول انتظار، من أمل، عند اللبنانيين، بحياة سياسية متجددة، خاصةً وفق ما جاء في “خطاب القسم”.
ومما زاد فرح اللبنانيين التوّاقين للحرية، والحياة الديموقراطية الصحيحة، توّجه اختيار المجلس النيابي الكريم بغالبيته للقاضي الدكتور نوّاف سلام، ما ضاعف الفرحة لجهة انتهاء مرحلة المخالفات، والارتكابات، والسقوط، والظلم، وبدء حياة ملؤها الامل بعودة لبنان الى طبيعته، واللبنانيون الى الحرية. فجاء التكليف بعد الانتخاب، ليضيف زيتاً على زيتون!
توقعنا جميعاً انه ما ان يُنهي دولة الرئيس المكلف الاستشارات غير الملزمة، حتى يتوجه الى القصر، حاملاً تشكيلةً يتوافق عليها مع فخامة الرئيس وتصدر المراسيم. او على الاقلّ، هذا ما كوّنه اللبنانيون من قناعة، في ظل ما صدر عن دولة الرئيس المكلّف. وأهمها، مبدأ فصل السلطات، وعدم توزير الحزبيين، لأية فئة انتموا، ولا محاصصة، ولا حقائب معينة لفريق دون سواه، إنما المداورة، وانتقاء شخصيات متخصصة، مشهود لها بالمواطنية العالية، وجدية العمل، والقدرة على الإنتاج.
فكان ان استبشر العالم بالخطبة التي اطلقها الرئيس المُكَلَّف، وانهمرت التهاني والوعود بالمساعدات، إنقاذا للبنان مما يتخبط فيه خاصةً بعد قرار مساندة غزة، الذي اتخذه فريق الممانعة، بإرادة منفردة من حزب الله، فكانت النتيجة مزيداً من الخراب، والدمار، والتهجير، والموت.
إلا ان اكثر ما يُدهشنا، هو التأخير الحاصل في عملية التأليف، وإعادة توزيع الحقائب والأسماء، خاصة لجهة استرضاء فريق او حزب، او مذهب، او طائفة، ما ولّد عند الشعب اللبناني بمجمله صدمة من الممكن تجاوزها اليوم، تزداد صعوبة كلما طال الوقت.
إن اللبنانيين يا دولة الرئيس، وبنتيجة التجربة، على مرّ السنين، باتوا لا يؤمنون بحكومات الوحدة الوطنية، التي تحتوي عناصر تفجيرها وتعطيلها من داخلها، وكأنها صورة مصغّرة عن المجلس النيابي، والنتيجة كما بات معلوما.
إن حكومة الاختصاصيين، وبالمعايير التي اعلنتها دولتك، ربما، بحكومة مصغّرة، كمثل حكومة من١٠ او ١٤، او غيرها مما ترونه مناسباً، مطابقا لخطاب القسم، وبيان دولتكم عند التكليف؛ بدل ان تُصبح الحقائب الوزارية، جوائزَ ترضية، (وترضية على ماذا)، لهذا الفريق او ذاك، مما لا يُبشّر كثيراً بالخير، على الصعيد الوطني، او الإقليمي، او حتى الدولي.
إن الحكومة المشكلة، المستقلّة، والتي تُرضي معظم اللبنانيين، بغض النظر، هي المصدر الأساسي والوحيد، لكي تستقيم الحياة السياسية في للبنان، بين موالاة ومعارضة في المجلس النيابي، تنطلق الحكومة عندها لتطبيق البيان الوزاري، بإرادة الموالاة، ومراقبة المعارضة. حينها، يُمكن القول، أن الديمقراطية الحقيقية تجلت وفق الحياة البرلمانية، النظامية، القانونية، والدستورية
أملاً في ألّا تضيع الفرصة الذهبية، بين توافقٍ واسترضاء، وتجاذب، خاصةً وان مصير المنطقة، ولبناننا في صلبها، لا يزال على تقاطعات خطيرة لن نستطيع مواجهتها، او مواكبتها، في ظل المماحكات العقيمة التي رفضها فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلف بالتكافل والتضامن.
5-2-2025