وطنية – 10/3/2011 عقدت قيادات قوى 14 آذار اجتماعها في فندق “البريستول” لاطلاق الوثيقة السياسية للمرحلة المقبلة، في الخامسة والنصف عصر اليوم، في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الرئيس أمين الجميل، رئيس الهيئة التنفيذية في “القوات اللبنانية” سمير جعجع، النائبة السابقة نايلة معوض، نواب كتلة “لبنان أولا”، وزراء فريق 14 آذار في حكومة تصريف الاعمال، إضافة إلى نواب ووزراء سابقين وحوالى 250 شخصية سياسية وطالبية ونسائية وهيئات المجتمع المدني.
قبيل الاجتماع، قال جعجع في حديث إلى الاعلاميين: “اجتماع اليوم سيتضمن قراءة للمرحلة السابقة وما ستقوم به قوى 14 آذار في المرحلة المقبلة”.
وأكد “ضرورة ضبط كل السلاح داخل الدولة”، نافيا ما يشاع عن أن “ما تطرحه قوى 14 آذار حول السلاح يمكن أن يؤدي إلى فتنة داخلية”، وقال: “نحن لا نقبل بهذا الكلام”.
وعن اتهام 14 آذار بتنفيذ أجندة أميركية في شأن السلاح، قال: “هذا الكلام غير دقيق، وهو سيناريو يطرحونه باستمرار ويربطونه بالسنيورة وفيلتمان وجعجع، وهذا يعتبر ترجمة عادية تردد عند كل كلام نطلقه، فليجيبوا عن المسائل المطروحة كما هي”.
وعن ثقته بمشاركة مؤيدي قوى 14 آذار الأحد، قال: “نحن مطمئنون إلى هذه المسألة”.
بعد النشيد الوطني، ألقى منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد كلمة افتتح فيها الاجتماع، وقال:
الأخواتُ والإخوة،
أيها الحضور الكريم.
• نجتمع اليوم في المكان الذي منه أطلقنا معاً إنتفاضة الحريةِ والكرامة والعدالة في آذار 2005 ضدَّ وصايةِ النظام الأمني السوري على لبنان.
• تلك الوصاية لم تنتقِص من استقلالِ الدولة اللبنانية وسيادتها فحسب، بل نَشطت أيضاً وخصوصاً لتخريبِ عيشنا المشترك الذي نسجناه خيطاً خيطاً وجيلاً بعد جيل، فشكَّلَ فرادَتنا في هذه البُقعةِ من العالم.
• عملَ النظامُ السوري، بكل ما أُوتيَ من وسائلَ ونفوذٍ وتحالفاتٍ، لتأبيدِ تفسيحات الحرب، بجزازاتها وثأريّاتها وكوابيسِها … أي بكلِ ما كان في تلك الحرب من نَزَقٍ وجنون … وقد عمل ذلك من أجل الوصول بأحرار لبنان وأصدقائِهم في العالم إلى المعادلةِ التالية : إذا أردتُم تَوديعَ الوصاية، فعليكُم إستقبالُ الحربِ الأهلية مجدداً !
الإخوةُ والأصدقاء،
• في تشرين الثاني 2004، وعلى أثر محاولة اغتيال مروان حمادة، إلتقينا هنا : 29 نائباً وقادةَ رأي إستقلاليّ للمطالبة برفع الوصاية عن لبنان.
• كنّا نعلم أن رفيق الحريري حاضرٌ بيننا من خلال ملائكته. كنّا نعلم أنّه اختار الإستقلال، اختارَ لبنان أولاً. ولكننا لم نكن تنوقَّع أن العنايةَ الإلهية قد اختارت دَمَهُ لإطلاق الإنتفاضة المباركة.
• لقد أرادوا بقتله إرهابَ اللبنانيين وإسكاتَهم، فأرادَ اللبنانيون ما أراد الحقُّ والعدلُ والكرامة … وانتفضوا !
• إنتفضوا ليصنعوا بوحدتهم ربيعَ لبنان الذي استحثَّ ربيعَ العرب.
• وإذا كنّا نذكر اليوم شهيدَ الإستقلال وقافلةَ الشهداء معه ومن بعده، مثلما نذكُر هذا الشعبَ العظيم الذي صنع استقلاله وأطلعَ ربيعَهُ، فإننا لا يمكن أن ننسى بطريركَ الإستقلال الثاني الذي يغادرُ اليوم عرشَ البطريركية في إنطاكيا وسائر المشرق ليحتلَّ عرشَ القلوب في انطاكيا وسائر المشرق.
أيها الإخوةُ والرفاق،
• لقد دار الزمانُ دورةً كاملة خلال السنوات الست الماضية، لتحلَّ وصايةُ السلاح محلَّ الوصاية السابقة.
• لقد طغى هذا السلاح وبَغى وتَغوَّلَ، مستفيداً من تسامُح اللبنانيين وحرصهم على بلدهم، ليُعيدَ إليهم المعادلة إياها : إذا أردتُم توديعَ السلاح فعليكم استقبالُ الحرب الأهلية مجدداً.
• جوابُنا أصبح معروفاً ونهائياً : سنواجِهُ هذا السلاح بما واجهنا الوصاية السابقة وأجبرناها على التراجع.
• عُدَّتُنا هذه المرة أقوى بكثير مما كانت قبل 2005 : لدينا كتلةٌ نيابية منحتها أكثريةُ الشعب اللبناني الثقةَ مرتين. ولدينا قوى حزبية أيقنت أنه لا مكانَ كريماً لها خارجَ سربِ السيادة. ولدينا رأيٌ عامٌ ومجتمع مدني أثبت جدارته في أصعب الظروف. ولدينا حُلمُنا اللبناني الذي أخذ يعانق حُلمَ الناس في كل المنطقة.
الإخوةُ والرفاق،
• هذا المؤتمر هو الرابع لقوى 14 آذار. وهو يضمُّ إلى قادة الأحزاب ورؤساء الكتل النيابية والسادة النواب والوزراء، قادةَ رأيٍ وصحافيين وناشطين كانوا ولا يزالون صُنّاع البيئة الحاضنة لإنتفاضة الإستقلال. هؤلاء هم قلب 14 آذار و روح 14 آذار.
• أمامكم وثيقةٌ سياسية للمناقشة والإقرار.
• وأمامنا جميعاً تظاهرةٌ الأحد المقبل التي ستُسمِع العالم صوتَ اللبنانيين الأحرار وقرارَهم.
*
وثيقة البريستول 2011
دفاعاً عن لبنان
من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية
البريستول – 10 آذار 2011
أيها اللبنانيون،
في ربيع العام 2005، تمكّن اللبنانيون من إنهاء الوصاية الأمنية والسياسية على القرار الوطني. بذلك فقد قدّموا نموذجاً، هو الأول للتغيير السلمي والديمقراطي في العالم العربي. تغيير سياسي سلمي، تحقق بفضل الانخراط الشعبي الواسع، بعيداً عن نهج الانقلابات العسكرية أو الانتفاضات المسلَّحة أو التدخل الأجنبي.
ومنذ اللحظة الأولى اتجهت الحركة الاستقلالية، التزاماً منها بالقيم الديمقراطية، إلى إعادة تكوين السلطة من خلال صناديق الاقتراع. وجاءت الانتخابات النيابية الحرة عام 2005، ولأول مرةٍ منذ عقود، لتؤكد رفض أكثرية اللبنانيين لممارسات الحقبة الماضية، وعلى قدرة شباب ساحة الحرية على إعادة السلطة للشعب، ولتثبت ان العمل من خلال المؤسَّسات الدستورية كفيلٌ بالحفاظ على الاستقرار، ومعالجة المشكلات الكبيرة التي تراكمت خلال حقبتي النزاع الداخلي والوصاية.
ولقد مدَّت هذه الحركة الاستقلالية يدها لسائر الفرقاء السياسيين على قاعدة عودة الجميع للانخراط في إطار الدولة واحترام دستورها، بعيداً عن أي استئثار بالسلطة. ولكن للأسف رفضت الأطراف الأخرى وتحديداً حزب الله التسليمَ بانتهاء عهد الوصاية وبنتائج الانتخابات وانقلبت على الحركة الاستقلالية مدعومة من قوى إقليمية وسعت إلى إسقاط النظام الديمقراطي من خلال فرض نظريّة، أنّ لبنان مجتمع حرب مفتوحة، وأنّ لسلاح حزب الله أفضليّة على الكيان ووحدة الوطن والدولة وعلى الحرية والاستقرار والازدهار والقانون والعدالة. وأصرت تلك الأطراف على استمرار الممارسات السابقة ذاتها وعملت على تعطيل العدالة بإعاقة إنشاء المحكمة الدّولية الخاصّة بلبنان التي هي الوسيلة الوحيدة للإقتصاص من المجرمين، الذين اغتالوا عدداً من زعماء لبنان ومواطنيه الأبرياء، من أيّ عقاب.
وعلى ذلك، تعرض رموزُ الحركة الاستقلالية لموجاتٍ من الاغتيال والترهيب، وجرى الاعتصام في وسط بيروت لأكثر من عامٍ ونصف بعد تعطيل عمل الحكومة بالاعتكاف والاستقالة، كذلك إضافةً إلى خلق مناخات إنقسامية عبر حملة تخوين غير مسبوقة أعقبت حرب تموز 2006 التي استهدفت لبنان ودفع ثمنها اللبنانيون، وبعدها في رسم خط أحمر في وجه الجيش خلال حرب لبنان في مخيم نهر البارد ضد الإرهاب. كما والانقلاب على نظامنا الجمهوري البرلماني وضرب ركائزه وتعطيل استمراريته من خلال إغلاق المجلس النيابي والعمل على إبقاء سدّة رئاسة الجمهورية شاغرة لمدة ستة أشهر وصولاً إلى الاستيلاء على العاصمة بيروت، ومدّ لعبة السلاح والترهيب به إلى الجبل، وأنحاء أُخرى من لبنان، مما أفقد النظام السياسي القدرة على العمل في سبيل الصالح العام.
ورغم القسوة البالغة التي ميَّزتْ تلك التطورات، تمكنت الحركة الاستقلالية من الصمود، وتمسكت بالدولة والدستور، وبمبدأ بسْط سلطة الدولة على أراضيها كافة وحمت الجمهورية ونظامها الديمقراطي. وأَنجزت هذه الحركة ومن خلال الحكومة وبدعم عربي وبالتعاون مع الأُسرة الدولية شبكة أمان انتجت القرار الدولي رقم 1701 لحماية لبنان من عدوان إسرائيل، واستطاعت أيضاً النجاح في إقامة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لإحقاق العدالة، وتحرير الحياة السياسية والعامة من قبضة الاغتيال السياسي، كما جدَّدت الحركة تفويضها الشعبي في انتخابات العام 2009، والتي عبَّر اللبنانيون من خلالها عن رفض عارم للعودة بالبلاد إلى ما قبل انتفاضة الاستقلال.
ومرة جديدة، رفضوا نتائج الانتخابات وطالبوا المشاركة في الحكومة بالثلث المعطل مستندين إلى وهج السلاح للعمل على تعطيل البلاد والمؤسسات. ولقد جرت الموافقة بعد التزامهم العمل على تحقيق أولويّات النّاس والتمسّك بالمحكمة الدّولية والاحتكام إلى المؤسّسات والتوقف عن استعمال السّلاح. غير أنّ هذا الفريق الآخر عاد إلى الحكومة وسلاحه في يده، محاولاً فرض إرادته على لبنان، معطّلاً كلّ قرار لا يوافق عليه، ناقضاً تعهّداته بكاملها، ولاسيّما موضوع التّعاون مع المحكمة الدّولية الخاصّة بلبنان، مطالباً بالإطاحة بمفهوم العدالة والتخلّي عن المحكمة، مخيّراً اللبنانيين بين الحرية والعدالة والسلم الأهلي أو الأمن. ولقد كان من نتيجة ذلك أن تعطلّت أعمال مجلس الوزراء، ووقعت البلاد في المأزق مجدّداً.
أيها اللبنانيون،
تأتي الذكرى السادسة لقيام الحركة الاستقلالية اللبنانية، في ظلّ ثورة التغيير الديمقراطي التي تجتاح بلدان العالم العربي التي هي تعبيرٌ عن حيوية الشعوب العربية وإرادتها في النهوض. هذه الحركات النهضوية العربية تحمل أبعاداً أخلاقية أصيلة. إذ إنها تنطلق باسم ثلاث قيمٍ أساسية: الحرية والكرامة والعدالة. وهي ترفض أنظمة الهيمنة والاستئثار وواقع الفساد المستشري، وتخطو خارجَ الفضاء الأيديولوجي لأنظمة الخطاب الواحد والحزب الواحد، وتفتح إمكانياتٍ واسعة لتطور ونمو بلدانها. ثم إنها وهي تُخْرجُ بلدانَها من حالات التأزم المستمر والعجز أمام غطرسة العدو الإسرائيلي تسقط ادعاءات هذا العدو بالاستثناء الديمقراطي الإسرائيلي في المنطقة، بكونها حركاتٍ مدنيةٌ تتميز بالاعتماد على القوى الشبابية الجديدة، التي انتزعت زِمام المبادرة من التشكيلات القديمة، وتفسح في المجال لتجاوز المشكلات الطائفية والاثنية على قاعدة العيش المشترك والمواطنة، وتعيد القضية الفلسطينية إلى حضن عربي متين وقوي.
إنّ هذه الحركات تلتقي مع انتفاضة الحرية والاستقلال في لبنان التي انطلقت على أثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005 ومن استشهد بعده. ففي 14 آذار خرج اللبنانيون إلى الشارع غاضبين وطامحين في الوقتِ ذاتِه، غاضبين لهَول الجريمة بل الجرائم على مدى عقود، وطامحين للاستقلال والحرية والعدالة والكرامة وبناء الدولة القوية والسيّدة والحرة والعادلة. ما خرج أحدٌ منهم لتنفيذ قرارٍ اتخذه آخرون بالنيابة عنه، بل اعتبر كلُّ منهم نفسَه شريكاً أصيلاً في المعركة الجارية من أجل الحرية والاستقلال والدولة المدنية.
انه وفي الوقت الذي شكّلت فيه حركة 14 آذار اللبنانية نموذجاً احتذاه شباب العالم العربي، ليس من الجائز أو المقبول أن ينكفئ شباب لبنان، روّاد الحرّية، فَيَسْمَحون بعودة البلاد إلى الوراء، إلى تسلّط الرأي الواحد والحزب الحاكم، وقيام نظام الاستبداد والقمع والسّلاح، وإلى ضرب مقوّمات دولة لبنان الواحد السّيد المتنوّع المنفتح الدّيمقراطي الحرّ، والقبول بسلطة تفرض نفسها وصيّة على إرادة اللبنانيين بواسطة السلاح.
أيها اللبنانيون،
إنّ لبنانَ اليومَ أمام أخطارٍ جدية تهدد وجوده وكيانه ومستقبل أبنائه ولاسيما:
• خطر خسارة استقلاله مجدداً، والعودة إلى الانقسامات الطائفية والمذهبية التي تسهّل الوصايات، وذلك في الوقت الذي تخرج المنطقة العربية من سجون الاستبداد.
• خطر خنق ديمقراطيته، وتحويل نظامه بقوة السلاح إلى قبضة الحزب الواحد، والخطاب الواحد.
• خطر تدهور مستوى عيش اللبنانيين وفقدان مكتسباتهم الاجتماعية والاقتصادية التي حافظوا عليها وطوروها رغم الصدمات الداخلية والخارجية ورغم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، أي خطر العودة إلى الوراء ودفع اللبنانيين إلى انتظار مساعدات هذا الحزب أو تلك الدولة كما وخطر عدم متابعة السير في برامج الإصلاح والتطوير.
• خطر جرّ لبنان إلى محورٍ خارجيٍ في الوقت الذي يستعيد فيه العالم العربي قراره، ويخرج من العجز والاستضعاف والاستقطاب لصالح هذا الطرف الخارجي أو ذاك.
• خطر إخراج لبنان من كنف الشرعية الدولية.
إنّ مواجهة هذه الأخطار هي مسؤوليتُنا جميعاً، مسؤولية كلّ رجلٍ وامرأة، وكل شابٍ وشابّة، هي مسؤوليةُ المسيحيين كما هي مسؤوليةُ المسلمين، ومسؤولية المقيمين كما هي مسؤولية المغتربين.
إنّ قوى الرابع عشر من آذار ومن منطلق التزامها مصلحة لبنان وشعبه وفي سبيل الدفاع عن لبنان الحرية والديمقراطية والدولة المدنية تلتزم بالعمل مع جميع اللبنانيين على الدفاع عن الثوابت الوطنية التالية:
أولاً: التأكيد على تمسك قوى 14 آذار بالمبادئ التي يكرسها الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف، لاسيما سيادة لبنان واستقلاله ونهائيته ووحدة شعبه وأرضه وعروبته والتزامه المواثيق العربية والدولية وديمقراطية نظامه البرلماني الذي يحقق المساواة بين المواطنين، والنظام الاقتصادي الحر والإنماء المتوازن ووحدة الأرض ورفض أي فرز للشعب على أساس أي انتماء ورفض أي تجزئة أو توطين أو تقسيم واعتبار ميثاق العيش المشترك مصدراً لشرعية السلطة، بالإضافة إلى إعلان الالتزام بمبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في السلطة.
ثانياً: الدفاع عن سيادة لبنان المهدَّدة، وذلك بحصر هذه المهمة بالدولة، والدولة وحدها، في أنحاء البلاد كافةً بما فيها السلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيّمات، وبالتالي إنهاء وصاية السلاح على الحياة السياسية والاجتماعية بالداخل اللبناني، وإسقاط تلك البدعة التي جعلت من الدفاع عن لبنان “اختصاصاً” حزبياً، والتي تقسم اللبنانيين إلى فئتين:
– فئةٌ من المواطنين الذين لا يسلِّمون إلاّ بقواعدهم ومعاييرهم الخاصة المستندة إلى السلاح، مخالفين أحكام الدستور والقوانين السارية.
– وفئةٌ أخرى من المواطنين الذين يخضعون للقانون العام المشترك. هذا الأمر يفسد الشراكة الوطنية ويهدّد العيش المشترك ويخرّب مبدأ استقامة وهيبة المؤسسات.
ثالثاً: الدفاع عن حق اللبنانيين في إقامة دولةٍ جديرة بهم: دولة المواطن المدنية الحديثة المحرَّرة من صراعات الطوائف عليها، والتي تحقق الحريات الأساسية للمواطنين، ويسود فيها حكم القانون، ويتحقق مبدأ فصل السلطات وتعاونها ضمن الآليات التي يحددها الدستور، ويستقلُّ فيها القضاء عن السلطة السياسية، وتُبنى الإدارة على قواعد ديمقراطية الجدارة والاستحقاق، ولا يتمكن فيها شخصٌ أو فريقٌ من استعمال المال العام والمرافق العامة لمصالح شخصية أو فئوية.
رابعاً: الدفاع عن حرية اللبنانيين وعن حقهم بالعيش في مجتمع حديث ومنفتح، حيث لا يُستغلّ الدين لتحقيق غايات سياسية أو لخلق هويات منغلقة ومتناحرة تسوغ استخدام العنف باسم المقدس، وحيث يكون احترامُ الإنسان كقيمة لذاته للمرأة كما للرجل، للميسورين كما للمعوزين، للعمال ولأرباب العمل في كل مكان في لبنان.
خامساً: العمل على تعزيز الثقة بالنظام السياسي وتثبيت الاستقرار والأمن لتشجيع الاستثمارات بدل تحوّلها إلى الخارج بسبب الاضطراب وحال عدم الاستقرار السّائد في لبنان منذ عقود وبما يؤكد على احترام قيم الإنتاج والإنتاجية ويسهم في رفع مستوى ونوعية عيش اللبنانيين ويتم في ضوء ذلك التقدم على مسار مكافحة ظاهرة الفقر، ويسهم في خلق فرص العمل الجديدة للشباب اللبناني، ويضع حدّاً لحركة الهجرة النازفة في مجتمعنا، بما يمكن الدولة من التخطيط للمستقبل وحماية حقوقها في ثرواتها الطبيعيّة الوطنية، وإقرار شبكات الحماية الاجتماعية التي تحمي حقوق عمّالنا ومستقبل شيوخنا ومتقاعدينا، وحيث تفرض القوانين احترام الطبيعة، وتمنع الاعتداء على البيئة، وتحمي التراث الوطني مثلما تحمي صحة المواطن، ويتحقق فيها التقدم على مسارات الأمن والاستقرار والنّمو الاقتصادي والتنمية المناطقية المتوازنة والتحسن المستدام في مستويات ونوعية عيش اللبنانيين.
سادساً: الدفاع عن حقّ شباب لبنان في المشاركة برسم ملامح عالمٍ عربي جديد، تعدُّدي، وديمقراطي. عالم عربي محرَّر لا يسكنه العجز أو الطغيان أو التعصُّب أو العنف. عالم عربي قادر على حماية مصالحه الاستراتيجية بالتضامُن والعمل المشترك. عالم عربي قادر بالموقع الكريم واللائق الذي يحتلُّه في النظام الدولي، على أن يفرض حلاًّ عادلاً للقضية الفلسطينية يستعيد الشعب الفلسطيني عبره حقوقه الوطنية وتسقط معه كل مشاريع التوطين والتشتيت التي يجمع اللبنانيون على رفضها.
سابعاً: التأكيد على الدفاع عن العدالة والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتبنّي كل ما يصدر عنها من أجل وقف مسلسل القتل وتحقيق الاستقرار الفعلي في البلاد. هذه المحكمة هي الإنجاز الذي حققه اللبنانيون، وكان لهم أسبقية الفضل في تعميم وإدخال مفهوم العدالة في الحياة الوطنية والعربية.
أيها اللبنانيون،
نلتزم أمامكم بالعمل والدفاع عن كل ما ورد، من خلال النضال السلمي الديمقراطي المدني الواسع في لبنان وبلاد الاغتراب وذلك عبر:
أ- تكتل نواب 14 آذار وحلفائهم.
ب- القوى السياسية الحزبية.
ج- القوى السياسية المستقلة.
د- مؤسسات وهيئات المجتمع المدني.
ويبقى العمل الأساسي معكم أنتم فرداً فرداً من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال ومن بيروت إلى الجبل والبقاع.
أيها اللبنانيون،
ليس هناك قضية أسمى من وجود لبنان وحياة أبنائه المشتركة.
وإنّنا لذلك نؤكّد اليوم أننا متمسّكون بلبنان التّنوّع والحرية والديمقراطية، بدولة الحقّ والقانون، بدولة المؤسسات الشّرعية التي لا نقبل عنها بديلاً.
متمسكون بدعم القضية الفلسطينية لا سيما قيام الدولة المستقلة وحق العودة.
متمسكون بسيادة الدّولة على كلّ أراضيها وبوجوب الإلتفاف حول الدولة للعمل على تحرير ما تبقّى محتلاًّ منها، ومتمسكون بقرارات الشرعية الدولية الداعمة لسيادة لبنان واستقلاله والعدالة فيه.
متمسكون بتعدّد معتقداتنا الدّينيّة والفكريّة والسياسية،
متمسكون بخضوع كلّ اللبنانيين للقانون اللبناني ونرفض قيام دويلات ضمن الدّولة اللبنانية،
متمسكون بعيش مشترك كريم حرّ طوعي ترعاه الدولة اللبنانية.
متمسكون باحترام المواثيق الوطنية واحترام أحكام الدّستور والقوانين وبمبادئ نظامنا الجمهوري الدّيمقراطي البرلماني ونرفض أيّ انقلاب أو التفاف عليه.
متمسكون بِقِيَمِ الجمهورية، ونرفض التّقوقع والتّعصّب والانغلاق، وندين العنف والاغتيال والإرهاب،
متمسكون بالعدالة وبحقّ اللبنانيين بالحياة الآمنة الحرّة الكريمة المزدهرة.
متمسكون بازدهار اقتصادنا ونموه وتنمية ورفاهية شعبنا وتطوّره.
وإنّنا لا نقبل أن يفرض على شعبنا معادلة العيش بأمن وسلام مقابل التّنازل عن الحرية والعدالة والحقيقة.
لأننّا مؤمنون بلبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه وبوحدة شعبه ومؤسّساته، ندعو اللبنانيين، إلى أيّة فئة أو منطقة أو طائفة أو مذهب أو حزب انتموا، إلى الانخراط في مواجهة مخطّط ضرب صيغة لبنان الحضارية وتحطيم أحلام اللبنانيين بدولة الحقّ الآمنة المزدهرة وتقويض مفهوم وجود لبنان كمساحة تاريخية للحوار بين الثقافات والأديان.
وإننا إذ نعلن ميثاقنا هذا، فَلِكَيْ يَعي كلّ الأفرقاء خطورة ما وصلت إليه الحال لكي نشبك خناصرنا في ورشة وطنيّة تحقّق التوّافق حول الثوابت الوطنية وتعيد اللُّحمة إلى شعبنا. فلبنان لكلّ أبنائه وليس لفريق منهم.ومحاولات الغلبة في لبنان مصيرها الزوال. فلنعمل جميعاً من أجل الدّفاع عن لبنان ومن أجل الحفاظ على حرّية أبنائه والدّيمقراطية وبناء الدّولة المدنية.
أيها اللبنانيون،
موعدنا معكم الأحد القادم، الساعة العاشرة صباحاً بالعلم اللبناني وحده، في ساحتكم، ساحة الحرية حيث سيكون صوت الشعب أقوى من صوت السلاح.
أيها اللبنانيون
هذا الميثاق لا مساومة عليه ولا تراجع عنه، رفضاً للفتنة ودفاعاً عن لبنان.