“خور عبدالله”، هو اسم ممر مائي يقع بين الحدود الشمالية للكويت مع العراق، وهو مرتبط باسم الحاكم الثاني للكويت الشيخ عبدالله الصباح ويعود إلى القرن الثامن عشر. وهو يبدأ من الجزء الشمالي الشرقي لجزيرة “بوبيان” الكويتية ويمر شمالي جزيرة “وربة” الكويتية حتى يلتقي بـ”خور الزبير” في الجانب العراقي.
وحسب الوثائق العثمانية والبريطانية، فإنها لم تُشر يوما إلى “الخور” باعتباره جزءا من ولاية البصرة، بل ظل اسمه مرتبطا بالكويت.
وهو لم يكن مجرّد مجرى مائي يفصل بين اليابسة والبحر، بل كان ولا يزال جزءا لا يتجزّأ من السيادة الكويتية. فالجزء الأكبر من مياه “خور عبدالله”، وفق الجغرافيا، يقع ضمن السيادة الكويتية، وفق الخطوط المرسومة بقرارات مجلس الأمن، وتحديداً القرار 833، الذي وضع النقاط النهائية للحدود بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990.
ووقّعت الكويت اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية مع العراق في “خور عبدالله” عام 2012، بهدف تسهيل حركة السفن التجارية وضمان حقوق الطرفين في الاستخدام المشترك للممر المائي، وفقاً للحدود المرسومة دولياً.
وقد صادق البرلمان العراقي على الاتفاقية التي تم توقيعها في بغداد، كما صَادَقَ عليها مجلس الأمة الكويتي عام 2013، وجرى تسجيلها في الأمم المتحدة كاتفاقية مُلزمة للطرفين، بعد أن مرَّت بكُل القنوات الشرعية، وحتى المحكمة الاتحادية العليا العراقية أقرَّت بشرعيتها في 2014، قبل أن يعودَ بعضُ الساسة العراقيين اليوم للتشكيك فيها، “مدفوعين إما بأجندات داخلية أو شعبوية، أو بإيعازات خارجية” حسب بعض المراقبين.
ففي 4 سبتمبر 2023 أعلنت المحكمة الاتحادية العليا العراقية، قرارها بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في “خور عبدالله”، وذُكر في بيان المحكمة أنه “قررت في جلستها المنعقدة هذا اليوم، الحكم بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق، وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله رقم (42) لسنة 2013، المحكمة أصدرت قرارها، لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعًا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن تنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسَّن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”.
وتعالت في الفترة الأخيرة الأصوات داخل العراق تطالب بإلغاء الاتفاقية والتراجع عن تنفيذ بنودها، عقب قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتها.
وبما أن الاتفاقية تحتاج إلى التصديق عليها من جانب مجلس النواب العراقي، حتى يبدأ في تنفيذها، إلا أن فُرصَ إقرارها في حال عُرضت الآن للتصويت ضعيفة جدا، كونها تحتاج إلى موافقة ثُلثَي أعضاء المجلس، أي 220 صوتاً من أصل 329. كما أن عقد جلسة بالوقت الراهن والتصويت على الاتفاقية قبل الانتخابات المقررة نهاية العام الحالي، يشكِّل ضغطا على النواب، وسيكون من الصعوبة تمريرها، فضلا عن أن مجلس النواب العراقي لا يملك حق التعديل عليها، إما قبولها كما هي، أو رفضها كما هي.
وكان “مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية” في الكويت نظّم ندوة في مايو الماضي بعنوان “خور عبدالله: تاريخ ووقائع”، أكد خلالها المشاركون، من أكاديميين وناشطين ودبلوماسيين، أن القانون الدولي والاتفاقيات المُبرمة مُلزمة للعراق بشأن الاتفاقية، مؤكدين أن قرار المحكمة الاتحادية العراقية بشأن إلغاء اتفاقية “خور عبدالله” هو شأن داخلي عراقي، وأن ما يُثيره بعض العراقيين بشأن “خور عبدالله” هو للتسويق الانتخابي.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. غانم النجار إن انتخابات ستُعقد بالعراق في نوفمبر المقبل، وكُل مَنْ يريد أن يبرز في هذه الانتخابات يُثير ملف الكويت، للتسويق، فالخلاف بين البلدين ليس حدوديا ولا وجوديا، بل إنه سياسي، داعياً إلى ضرورة عقد منتدى حواري بين الجانبين العراقي والكويتي.
وقال نائب وزير الخارجية الكويتي السابق، السفير منصور العتيبي، إن “ما يُضايقنا هو تنصُّل العراق من الاتفاقيات الثنائية، منها اتفاقية الصيد”، لافتاً إلى أنه كان شاهدا على إيداع اتفاقية خور عبدالله في الأمم المتحدة من الجانب العراقي، مما يؤكد اعترافهم بها.


يجب ان يبقى السلام في منطقة الخليج