بشرى الزين
رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.شفيق الغبرا ان الشعوب العربية دخلت مرحلة الاستقلال الثاني، واصفا اياه بأنه الاستقلال الحقيقي الذي أعلنت فيه عن ميلادها الجديد لتصبح هي مصدر القوة والسلطة. وقال الغبرا في حديث لـ «الأنباء» ان الانظمة العربية التي هوت بشكل سريع فقدت عمرها وصلاحيتها وشرعيتها لأنها سيطرت عليها المصالح الشخصية وأضاعت ثروات البلاد، مشيرا الى ان النخب السياسية والاحزاب فشلت في انجاز ما يجب انجازه ما دفع الشعب الى اخذ المبادرة في التغيير واعادة ولادة واقع عربي جديد. وإذ اعتبر أن وسائل التواصل الاجتماعي سمحت للجيل الصاعد بأن يقرأ ويفكر ويطلع على تجارب اخرى سلحته بأسلحة ساعدته على استعادة حقوقه، اكد قناعته بأن هذه الثورات كانت قادمة حتى دون هذه الوسائل، لأن الشعوب أيقنت أن الأنظمة أصبحت السبب الرئيسي في تأخرها وانكسارها وشعورها بأنها خارج البشرية. وذكر الغبرا ان الدول العربية التي سادت فيها انظمة جمهورية وقعت فريسة لتحكم الجيش، ما افرز آليات امنية في التعامل مع الشعب والمعارضة، وعزل فئات كاملة، لهذا انفجرت الثورات، لافتا الى ان الدول الملكية كانت لديها آليات سياسية أكثر نضجا، وساعد النمط العشائري والقبلي في تخفيف الاحتكاك بين الدولة والمجتمع. وفيما أوضح ان هذه النظم اكثر هدوءا الا ان ذلك لا يعني انها ليست مكشوفة بآليات من الحراك التي ستطالب بمزيد من الحريات وقبول رمزي لها وتداول السلطة في ظل ملكية دستورية وليس خارجها، مبينا رغم ان النفط اشترى الوقت وخلق الرفاهية إلا أنه خبأ المشاكل تحت السجاد، متوقعا أن الكويت مقبلة على اصلاحات جوهرية بظهور حركة شبابية تخرج السلطتين التشريعية والتنفيذية من حالة الاختناق السياسي.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
بدأت في تونس وبعدها مصر والآن الثورة في اليمن وليبيا، برأيكم الى أين تتجه الشعوب العربية؟
الشعوب العربية دخلت في مرحلة الاستقلال الثاني، لأن الاستقلال الأول كان ضد الدول الاستعمارية أما الآن فهو استقلال حقيقي للشعوب التي تعلن فيه عن ميلادها، وهذا يعكس وجودها كأمة تسعى لأن تحكم نفسها بنفسها ويكون صوتها مسموعا وتعلن انها تحقق ما تريده لأن المعادلة اختلفت عما كانت عليه في السابق من ان الأنظمة هي مصدر السلطات لتصبح الشعوب هي مصدر القوة وما نشاهده اليوم هو تعبير عن هذه الحقيقة.
هل هذا يعني ان الشعب الآن قد أدرك حقيقة ان هناك «عقدا اجتماعيا» بينه وبين من يمثله بالسلطة؟
ليس شرطا ان يكون هناك فهم لـ «عقد اجتماعي»، هناك بداية لمرحلة جديدة الآن فيها تأسيس جديد وهو ان الشعب هو مصدر السلطات وبعد ان نقبل بهذا نبدأ نفكر في العقد الاجتماعي وكيف يمكن ان يكون هذا العقد الجديد، وبالتالي فإنه في التحولات الكبرى التي ترافق الثورة والتغيير لا توجد هناك حلول وسط وانما سيكون التفكير أساسا في إجراء التحول وبعدها يمكن التفكير في العقد الاجتماعي وواجبات كل طرف وحدوده، عندما تأسس هذا في اوروبا واميركا اللاتينية ودول اخرى لأن التخلي عن السلطة المركزية ليس امرا سهلا.
احتكار هذه السلطة نلاحظه اليوم يتهاوى بشكل سريع هل ضعفها في قوة قبضتها أم ماذا؟
احتكار السلطة هوى بشكل سريع لأننا نتحدث عن ولادة وكأنك تشاهد خروجا لجنين من قشرة فقدت من سمكها وهذا الجنين في أحشاء القشرة بلغ واكتمل نموه وبالتالي فإن هذا التحول يحاكي الولادة ولهذا تسقط أنظمة في أيام وهذا هو التطور الطبيعي لأن هذه الأنظمة مع الوقت فقدت عمرها وصلاحياتها وإمكانياتها ضعفت وشاخت ولم تتجدد لأنها سيطرت عليها المصالح الضيقة والاعتبارات الثانوية والمحدودة وأضاعت ثروات البلاد وعشعشت فيها حالة الفساد والتداخل بين رجال الأعمال والسلطة.
هذه الثورات التي انطلقت كانت شعبية ولم تؤطر بأحزاب أو نخب سياسية.. هل يمكن القول اننا لم نعد بحاجة الى هذه الأحزاب؟
نحن بحاجة الى أحزاب ونخب سياسية وقادة ومثقفين ولكن هذه الثورات جاءت بعد ان فشلت النخب السياسية في إنجاز ما يجب إنجازه في القضايا التي تتعلق بحقوق المواطن وحريته وكرامته ومشاركته في وضع القرار ولذلك فإن فشل النخب الحاكمة والمعارضة دفع الشعب الى ان يأخذ المبادرة على كل المستويات بولادة واقع عربي وثقافة جديدة فنحن في الطريق الى عالم عربي فيه كل شيء جديد.
هل تعتقدون ان قيام الشعوب بهذه الثورات قد تأخر كثيرا؟
بالنسبة لي كنت أتوقع حدوث هذه الثورات قبل هذا الوقت، وفي الكثير من كتاباتي كنت أتنبأ بهذا الواقع منذ سنوات خاصة في كتاباتي في جريدة «الحياة» سيلاحظ النفس الذي يبشر بتغيير كبير ويحذر من تآكل الشرعية العربية ومن طول مدد احتكار السلطة وأزمة المحسوبيات واختفاء الطبقة الوسطى، وكنت أتوقع ان تكون أولى الثورات في مصر.
ومن أين لكم هذا الاستشعار بأن تكون هناك ثورة في مصر؟
سمحت لي الفرصة بان أزور مصر عدة مرات في السنوات القليلة الماضية وبما انني لدي حس في التغيرات وكوني ابنا لجيل مر عليه الكثير من الأحداث والتحول شعرت بتغير يطرأ على المصريين مع كل زيارة وكان الشعور الأقوى في يناير 2010 بأن مصر مقبلة على حدث كبير، وتعمق هذا الشعور في أواخر العام الماضي وكنت اتحدث خلال زيارتي مع كل اطياف المصريين وكان هناك اجماع على الضيق من النظام، وبطريقة لا وسطية فيها كنت أرى أن هناك غضبا يتراكم فكان السؤال متى سينفجر؟ والمفاجأة لي كانت أنه انفجر في تونس وبمجرد ما حدث هناك ايقنت أنه سينتقل إلى مصر.
الكثيرون يرجعون السبب الاساسي في قيام هذه الثورات الى وسائل التواصل الاجتماعي ما رأيكم في ذلك؟
لا شك أن دور هذه الوسائل كبير لكن يمكن القول إنها سمحت للجيل الصاعد بأن يقرأ ويفكر ويتساءل ويتشكك ويطلع على تجارب أخرى فأعطته صورة أوسع على العالم الذي نعيش فيه وسلحته بأسلحة تساعده على استعادة حقوقه وتحريك المياه الراكدة في الحياة السياسية العربية وبالتالي فإن الثورة في العالم العربي كانت قادمة حتى من دون وسائل تواصل اجتماعي، بل عندما اقتنع الشعب بأن النظام أصبح السبب الرئيسي في تدميره وتأخره ومعاناته وانكساره وشعوره بانه خارج عن البشرية هنا حدث التناقض الكبير بين المجتمع من جهة والطبقة السياسية الحاكمة.
هل هذه الأنظمة العربية التي تتساقط ربما كانت فترة سلطتها تحتمي بثنائية القطبية، وتجاذب المعسكرين الشرقي والغربي والآن وفي ظل نظام عالمي جديد بدأت تتهاوى؟
الأنظمة العربية لم تحتم بالثنائية القطبية، إنما احتمت بمرحلة معينة من الثنائية القطبية، لكنها في السنوات العشر الماضية احتمت نسبة أكبر بالمخابرات والقمع وتقليص الحريات وتقديم الخدمات للولايات المتحدة بحجة مواجهة الارهاب، فقد كانت تواجه قوى التغيير باسم الارهاب إذن هي خلطت الأوراق بين مواجهة الإرهاب الفعلية ومواجهة المعارضة. وبالتالي فإنها اعتمدت على أجهزة الدولة الامنية باعتبارها الحل الأمني للمشكلات، فانفجر الحل الأمني في وجهها عندما زاد ضيق المجتمع واستعداده للثورة لاستعادة سلطته الحقيقية.
ولماذا في العالم العربي إذا ما أرادت الشعوب الوصول إلى مصدر السلطة الحقيقية عليها ان تدفع ثمنا غاليا؟
لان هناك وهم السلطة والقوة الذي يعشعش في عقول الزعماء العرب وان الشعوب وجدت لتخدم حكامها وليس أن الرؤساء والحكام هم الذين وجدوا لخدمة شعوبهم، وعندما تصحو هذه الشعوب وتريد استعادة سلطتها وإرادتها فإنها تقوم على «شكل زلزال» وليس بصورة هادئة.
وحتى عند قيام الشعوب بعد «الزلزال» فإن القيادات تقوم بإصلاحات وكأنها «منحة» وليست حقا وتقدمها ببطء لماذا؟
اعتقد اننا سنشهد اصلاحات مختلفة بعد هذا «الزلزال» سنرى عالما عربيا يفكر بصورة أعمق في علاقة السلطة بالمجتمع وبتداول السلطة، نحن الآن في وسط عاصفة وتضرب في كل مكان واتجاه ونحاول ان نكتشف الطريق وبرؤية معدومة لم تتضح بشكل جلي وسريع، لكن سيكون هناك طريق جديد بالتأكيد وسنكون مختلفين.
رأينا ما حدث في تونس ومصر الآن وما يجري في ليبيا واليمن. ومع ذلك تتبعنا كيف للزعيم العربي ان يتمسك بكرسيه ويتأخر في استيعاب ما يحدث حوله لماذا برأيكم؟
ليس سهلا على من عاش في السلطة لعقود ان يتفهم موقف ورأي من هم خارج السلطة، أو أن يستوعب ما حدث وما قد يحدث وحتى في أميركا اللاتينية فالقلة هم الذين يعون ويتأقلمون ليس كل زعيم مثل خُوان كارلوس ملك اسبانيا ويأتي ليقول لا أريد أن أحكم ولا عودة إلى فترة «فرانكو» وسأبقى رمزا لكم ولبلدكم اسبانيا أو مثل غورباتشوف الذي ساهم في التغيير الذي حدث في اوروبا الشرقية وبثمن أقل.
رأينا كيف لزعماء النظم العربية التي اسقطت يتحدثون في خطاباتهم ان بلدهم ليس كالثاني وأنه بعيد عن اي تغيير، كيف يمكن تفسير هذا الاعتقاد؟
لأن كل رئيس يعتبر نفسه معبود الشعب، وصوره تملأ المكان ويصاب بصدمة عندما يرى شعبه يمزق صوره، وما نلاحظه من خلال هذا التقليد ان هناك عبادة الفرد في الدول العربية، فتجد صوره في كل مؤسسة أو مكتب أو مدرسة. وتجدها تسقط في يوم واحد وتأتي الفئة المحيطة بالملك او الرئيس تؤكد هذه السلطة ولتشعره بأنه فوق اي انتقاد او تقييم وانه منزه ويكاد يكون نبيا وان الشعب يريد صورا ليتبارك بها لأن من يحيطون به يكذبون عليه ويخشونه، ما ينتج حالة غير صحية، وبالتالي عندما تنهار فإن ذلك يكون بسرعة فائقة، لأنه لا يوجد صدق وصراحة وشفافية، وكذلك فيها كثير من التلميع وعبادة الشخصية.
نلاحظ أن الشعوب تتنكر لثورة شعب سبقها في الثورة وأنه كان ملهما للثاني، لماذا؟
بشكل عام، كل بلد يدفع شعبه الى الثورة، وشعب تونس بالتحديد الشاب «البوعزيزي» سيكون له تمثال في كل دولة عربية لأنه فجّر في الروح العربية شيئا مقموعا ومكبوتا، هو حب الحياة والحرية وتمكين النفس، ولهذا اصبح رمزا للإنسان العربي الذي انتج حركة احتجاجية سادت ولاتزال كل البلدان العربية على تناقضاتها.
لماذا نلاحظ ان هذه الثورات قامت بالتحديد في دول يوجد على رأسها رؤساء لهم تاريخ عسكري؟
الدول العربية الجمهورية وقعت فريسة لحكم الجيش ما افرز مع الوقت آلية وصيغا أمنية للتعامل مع الشعب والمعارضة والتنوع والاختلاف، وبهذه الطريقة تم عزل فئات كاملة واحتكرت السلطة وألغي الحراك والحريات ولهذا انفجرت الثورات في دول من هذا النمط.
والدول الأخرى الملكية يختلف الوضع فيها وهذا لا يعني انها ليست معرضة للانفجار، والآليات ذاتها وفي بعضها تضع حلولا امنية قاسية واخرى مرنة، لأن هناك دولا ملكية غنية واخرى فقيرة، وبالتالي تختلف المعادلة ولكن الدول الملكية كانت لديها آليات للسياسة اكثر نضجا نسبة للنظم الجمهورية.
كيف ذلك؟
هناك عائلات ملكية تحكم لمئات السنين وهناك مجتمعات عشائرية وقبلية ساعدت في تخفيف الاحتكاك بين الدولة والمجتمع والشعور لدى الحاكم بأنه موجود لأن العشائر والقبائل موافقة على حكمه ومبايعة له، وظلت هذه الميكانيكيات التقليدية احدى القضايا التي ساعدت حتى الآن الدول ذات الطابع الملكي على ان تكون اكثر هدوءا واقل صخبا، ولكن لا يعني ان هذه الدول ليست مكشوفة بآليات من الحراك ستطالب بمزيد من الحريات وشراكة حقيقية وتداول السلطة، لكن في ظل الملكية وليس خارجها، بمعنى ان هناك قبولا بشخصية الملك ووجود اسرة وتاريخ من الحكم، لكن الشعوب ستريد اصلاح النظام بعمق وجدية، وهذا هو الاتجاه نحو اسر ملكية رمزية لا تحكم، وبالتالي ستدخل في خارطة طريق في الدول الملكية سواء بحركات شعبية أو بمبادرات من ملك او امير، لأننا مع نهاية هذا العقد سنجدها قد اصلحت اصلاحا عميقا في حياتها السياسية يضمن تداولا للسلطة وملكيات دستورية، ومن لم ينجح في هذا فلن يصمد في الامتحان والامتحان القادم عسير.
هل هذا يعني ان الدول الملكية الريعية وذات الثروات اكثر استقرارا من الملكيات في الدول الفقيرة؟
الثروة النفطية لعبت دورها بلا شك، لكنها في الوقت ذاته خبأت المشاكل ووضعتها تحت الطاولة، رغم ان النفط اشترى الوقت وخلق رفاهية، لكنه خزن كثيرا من المشكلات تحت السجاد وهي غير مرئية.
ما طبيعة هذه المشاكل المخبأة؟
مثلا هناك بطالة مهولة بين الشباب في الدول النفطية، خاصة في القطاع الحكومي فيتخرج ويوظف لكنه لا ينتج، مما ادى الى تكدس اعداد كبيرة في العمل الحكومي، وخلق تناقضات كبيرة في حصول الفرد على وظيفة وحاجته الى التعبير عن رأيه وتفجير ابداعاته.
لكن في حالة الفرد في الانظمة الريعية هو يشعر بحياة مرفهة وبالتالي لا يكون لديه الرغبة في الانتاج او الابداع؟
هو لديه رغبة، ولذلك نجد كثيرا من المبدعين يعيشون حالة احباط في الكثير من الانظمة الريعية ويتحولون الى معارضين والى حركات سياسية لهذا ما اراه عندما لا نتبع نظاما تعليميا وصحيا ومهنيا وتوازنا في دورة الاقتصاد والمجتمع فأنت تهيئ لاحباط واخطره احباط الاذكياء والمبدعين والمتفوقين، ما يخلق مشاكل عميقة تتطلب اصلاحات.
على صعيد الوضع في الكويت كيف تتوقعون ان يكون هذا الحراك في المرحلة المقبلة؟
اتوقع انه سيكون هناك ضغط أكبر من مجلس الامة والسقف السياسي سيكون اعلى لان التونسيين والمصريين والليبيين رفعوا السقف، ولن يكون ممكنا دفع الشعب الى الوراء وسيتحدث بجرأة وحرية اكبر ويطالب بقانون مطبوعات افضل واجراءات اوضح لمساءلة الحكومة والدولة وآلية اقوى لمساءلة رئيس الوزراء وسيكون من الصعب ألا تحدث تعديلات حكومية جوهرية في الكويت فهي مقبلة على هذه التعديلات وبالتالي لا يمكن الحفاظ على الوضع كما كان عليه قبل هذه الاحداث وذلك لحماية الكويت من اي اهتزازات، وهذا لا يلغي ان الكويت معرضة لحركة شبابية وآخرها كانت «بروفة» نبيها خمس التي فرضت نفسها على الارادة الحكومية كما مجلس الامة وهذا في ساحة الارادة، اتوقع ان تخرج حركة شبابية كويتية لتخرج السلطتين من حالة الاختناق السياسي فيما بين الحكومة ومجلس الامة وتفرض مطالبها الجديدة على الطرفين وهنا ستطالب بالاحزاب وانتخابات اوضح ودور اكبر لمجلس الامة.
لاحظنا ان من دفعوا بالثورات في الدول العربية شباب وانضم اليهم باقي فئات الشعب التي لم يكن لها تأثير سياسي سابق، كيف تفسر هذا الوعي بعيدا عن مشاركة سياسية حقيقية؟
هذه من سمات العصر الجديد عصر الانترنت والقراءة المفتوحة والفيسبوك وتويتر، وما بدا بأنه جيل غير مسيس اكد عكس ذلك بمطالبه ومعرفته بتغيير حياته التي خربتها العقلية الخشبية التقليدية للانظمة العربية التي لا تواكب التطور.
هل هذه المرحلة الجديدة تحضر لشرق اوسط جديد؟
شرق أوسط جديد لا يوجد فيه تناقض كبير بين الشرق والغرب ويقترب من تصور طه حسين لحوض البحر المتوسط وثقافة الروم والغرب، حينما قال «نحن اقرب الى الغرب من ان نكون اقرب الى الصين وآسيا» وبالتالي عندما تتحول المنطقة الى الديموقراطية ستنهل من الثقافة العالمية من اوسع الابواب دون اغفال الخصوصية الاسلامية.
وهل هذا ما يفسر الموقف الأميركي والغربي وما يشوبه من حذر وتردد؟
هذا التغيير الشامل سيأتي بحكومات لن يجدها الغرب منسجمة مع مصالحه، فمثلا الحكومة المصرية المقبلة ستكون اكثر عروبة واستقلالية ولن تحاصر غزة ولن تقبل بالاملاءات الاميركية وستتصدى للاستيطان الاسرائيلي ولن تضغط على الفلسطينيين للقبول بما لا يرضونه لمصلحتهم الوطنية هذا لا يعني العودة الى الحرب او نهاية لكامب ديفيد، لكن على الاقل سنجد موقفا في قضايا الحق والباطل.
وموقف جامعة الدول العربية أين؟
جامعة الدولة العربية ستمر بهزة كبيرة لان السؤال من الذين سيظلون ومن هم الآتون، ومن هو الأمين العام وهل سيتحول الى ناد للدول الديموقراطية؟ هي الآن في مرحلة انتقالية.
غياب الدين في هذه الثورات لاستنهاض همم الشعوب في احتجاجاتها بماذا تفسره؟
لا استطيع القول ان الدين غائب، لكن الشعارات إنسانية تتعلق بالكرامة والعدالة الاجتماعية وهي آتية من الواقع والدين بصفته محركا باتجاه الكرامة الانسانية والمساواة ومواجهة الفساد وبهذه الصفة فالدين الإسلامي موجود في تجليات كثيرة وهو جزء من المكون ويصعب ان تفصله عن الحراك الشعبي لهذه المجتمعات ذات الطابع الإسلامي، وأصبح درعا في مواجهة الظلم وبناء حالة جديدة والأمل ألا نأتي بعد هذه الثورات ونريد اقامة دولة تقمع الناس باسم الدين، وهنا تأتي أهمية الدولة المدنية.
وهل كنا نعيش في دولة غير مدنية؟
نعم هو كذلك، فالمقصود بالدولة المدنية هي ان تتسع للجميع ويشعر المواطن انه مهما كانت عقيدته وطائفته ففيها مساحة تحترم الجميع والدين في المجتمع.
كيف ترقبون علاقة الولايات المتحدة مع الدول العربية التي جرت فيها الثورات مستقبلا؟
ربما لأول مرة تبدأ الولايات المتحدة باحترام الشعوب وان يكون هناك قادة عرب منتخبون ويمثلون شعوبهم وليس أنفسهم او ارادات اجنبية وستجد انهم أصعب في التعامل بمواقف أقوى وثوابت صلبة.
وهل ستنعكس هذه العلاقة إيجابا على القضية الفلسطينية؟
نعم هو كذلك وستنعكس على السلطة الفلسطينية والحراك الشبابي الفلسطيني وعلى الأردن ومواقفه لهذا فإن اسرائيل أكثر المتضررين لأنها تشاهد حراكا شعبيا بينما هي في الغرب تبيع بضاعة فاسدة بانها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، في حين ستكون هناك ديموقراطيات متعددة الى جانبها وستصبح اسرائيل من أسوأ الديموقراطيات لأنها تقوم على العنصرية ويهودية الدولة وتضليل الاسرائيليين بما هو حاصل من قمع على الشعب الفلسطيني.
ما توقعاتكم لنظام القذافي هل سيسقط أم يصمد أمام ثورة الشعب الليبي؟
أصبح الرئيس القذافي زعيم ميليشيا في منطقة الآن وسيواجه الشعب ولن يعود الى السلطة، الواضح ان النظام انهار ولم يعد حاكما لليبيا ويسعى الى تقسيمها الى آخر قطعة يتحصن فيها ولا أدري كم سيصمد فيها، ويسير في اتجاه اشعال حرب أهلية لكن لم يعد زعيما لليبيا بعدما قام به مثل أي نظام عربي ارتكب جرائم ضد شعبه، فلن يستطيع ان يبقى ويقبل بها حتى ربع الشعب، لأن ارتكاب هذه الجرائم على هذا المستوى هو بداية النهاية والمتظاهرون الذين أوصلوه الى حد قيامه بهذه الأعمال الاجرامية كانوا أذكى منه وهزموه في نقطة قوته الأساسية الأمنية والبوليسية التي استند عليها سنوات وهذه رسالة لكل نظام بأن الشعب بصدره العاري بمجرد اطلاق النار عليه سيفقد النظام شرعيته وعليه الرحيل.
وماذا عن اليمن، هل تنبئ الثورة هناك بسقوط النظام أيضا؟
النظام في اليمن يفقد شرعيته كل يوم، هناك حراك بطيء وسيأخذ مدى فنرى ان اليمنيين الجنوبيين قالوا انهم ينشقون، الآن انضموا الى الثورة ويرغبون في الانشقاق عن نظام علي عبدالله صالح وليس عن اليمن، وكما هو الحال في السودان، فالشعب انشق عن أسلوب الحكم وبالتالي اليمن يتحرك وإن كان ذلك بصورة بطيئة.
أقول ان هذه الأنظمة استهلكت نفسها في السلطة لعقود فأصبح الشعب يشعر بحال من «القرف» وتطلع الى التغيير الشامل.
مخاوف على الثورة
قال استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.شفيق الغبرا ان هناك مخاوف من سرقة وهج هذه الثورات، كما حدث في ايران حيث تحكم في مفاصلها لون واحد واكلت الثورة ابناءها في المرحلة الاولى ونتج عن ذلك ان تيارا واحدا هو المسيطر على السلطة ولا يوجد تداول للسلطة ولهذا يستمر الحراك في ايران الى ان يتفق الايرانيون مثل بقية الشعوب العربية.
إيران.. حراك ملكي
توقع د.شفيق الغبرا ان تشهد ايران حراكا على نمط الدول الملكية وسيكون جوهره تقليص صلاحيات المرشد واعطاءها لرئيس الجمهورية والوصول بإيران إلى انتخابات حرة ونزيهة بين كل التيارات، اي اصلاح النظام وليس اسقاطه.
بالصوت: مقابلة د. شفيق الغبرا مع إذاعة ميدي 1 الدولية
الغبرا: بعض الأنظمة شاخت وضَعُفت وعشعش فيها الفساد ففقدت شرعيتها
أدا تم شيء بدا نقصه ترقب زوال ادا قيل تم فجميع الأنظمة العربية سواسية والعقلية واحدة والفساد واحد والنهاية هاوية لمادا لأ يأخد العبرة من بعظهم بعض, فدور سوريا أت بحول الله ومن بعده بلأد فارس والبقية تأتي,