دير شبيغل- ترجمة “الشفاف”
كان 3 حرّاس مسلّحين صائمين يرابطون أمام شقته بالفندق في الكويت. لكن إياد علاوي لم يكن صائماً، فقد طلب فنجان “إكسبريسو” أثناء المقابلة. بل إنه لا يسعى لإعطاء إنطباع بأنه يعيش وفق الأحكام الدينية. وذلك أحد الأسباب التي حالت دون وصوله إلى رئاسة الحكومة . فهو أحد الممثلين القلائل لعراق علماني وتعدّدي.
كان إياد علاوي، وهو إبن رجل أعمال شيعي، قد انضم إلى حزب البعث أثناء الدراسة، ولكنه اختلف مع صدام حسين في السبعينات ثم عمل مع أجهزة إستخبارات غربية للإطاحة بالديكتاتور. وفي العام 2004، عيّنته الولايات المتحدة كأول رئيس حكومة عراقية بعد الحرب. وبعد سنة من توليه رئاسة الحكومة، أخفق علاوي في الفوز بالإنتخابات النيابية. ولكن قائمته جاءت الأولى في مارس 2010، بفارق صوتين. ورغم انقضاء 6 أشهر على المفاوضات، فلم يتمكن من تشكيل حكومة جديدة.
ينظر علاوي إلى المنطقة نظرة متشائمة. ويقول أنه في الليلة السابقة للمقابلة تشاور مع عدد من القادة العرب حتى الساعة الواحدة صباحاً. ويضيف أنه، بسبب العدد المتزايد من النزاعات في المنطقة، فإن الوضع قد أصبح أكثر خطورةً من أي وقت مضى. ويقول: “صباح اليوم، سألني أحد القادة العرب الأكثر خبرة: “هل اندلعت الكارثة المقبلة في الشرق الأوسط ؟”
شبيغل: دكتور علاوي، أنت طبيب أمراض عصبية. كيف تصف حالة العراق الحالية بتعابير طبية؟
علاوي: دقيقة للغاية. ويمكن أن تتطّور بأي من الإتجاهين. كل شيء يتوقّف على رعاية الأطباء للمريض. إذا كانت الرعاية جيدة، فإن العراق يمكن أن ينجو. وإلا، لا سمح الله.
شبيغل: إذا، فإن علاجك المتفائل للوضع هو؟
علاوي: حكومة عراقية متوازنة تضم جميع الأطراف، وتكون فوق الطائفية، تبدأ بالمصالحة السياسية، وتبني مؤسسات حكومية سليمة وقوى أمن حقيقية، وتخلق سياسة خارجية مستقلة.
شبيغل: والمتشائم؟
علاوي: أن يستمر العراق في انزلاقه نحو الأسفل ويصبح دولة فاشلة. إذا ما حدث ذلك، فسينفتح باب المجهول ويعود العنف.
شبيغل: ما يعادل العودة إلى الظروف الدموية التي عاشها في العامين 2006 و2007؟
علاوي: نعم، ولكن السقوط في العنف مجدداً سيكون أكثر حدة، لأنه لم يعد في البلد قوى عسكرية متعددة الجنسيات يمكن أن تحتوي الحرب الأهلية.
شبيغل: الإنتشار القتالي للقوات الأميركية ينتهي هذا الأسبوع. هل سيكون ذلك تطوراً مساعداً للعراق أم أنه سيقطع “المصل” عنه؟
علاوي: إنه تطوّر مهم سياسياً. ولكن المشكلة هي أننا لم نؤمن بدائل لمساعدة المريض. فلم نؤمن الأرضية السياسية المناسبة. ولم نبنِ حيشاً قادراً على تحمل المسؤولية.
شبيغل: أعلن رئيس الأركان العراقي، اللواء زيباري، أن الجيش العراقي لن يكون جاهزاً قبل العام 2020 وأنه يجدر بالأميركيين البقاء في البلاد؟
علاوي: أنا أتفق معه. قد يستغرق الأمر 10 سنوات أخرى.
شبيغل: هل انسحب الأميركيون قبل الأوان؟
علاوي: سيكون عليهم الإنسحاب في النهاية. ظلوا في العراق 7 سنوات ولم نحقّق شيئاً. من يضمن أن الأمور ستكون مختلفة لو ظلوا في البلد 7 سنوات أخرى؟
شبيغل: هل لديك إنطباع بأن إدارة أوباما تهمل العراق لصالح أفغانستان؟
علاوي: أنظر إلى ما يحدث في أفغانستان: إنه إخفاق تام. المشكلة ليست في انسحاب أميركا من العراق مقابل إستمرارها بالقتال في أفغانستان. يجدر بأميركا أن تعيد النظر باستراتيجيتها للمنطقة كلها، من آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط. ويجدر ذلك بحلف شمال الأطلسي، وبأوربا أيضاً. إن سياسة الغرب خاطئة. فقط أنظر إلى الوضع: إن الصومال دولة فاشلة كلياً. ويواجه اليمن تحدّيات خطيرة جداً. وفلسطين؟ خطوة إلى الأمام مقابل ثلاثة خطوات إلى الوراء. وبعد ذلك، فإن مصير لبنان سيكون مطروحاً. ليكن الله بعوننا حينما تصدر المحكمة الدولية أحكامها في قضية إغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
شبيغل: هذا تحليل سوداوي جداً- وهو لا يتضمّن عناصر أمل كثيرة للمستقبل؟
علاوي: لست متشائماً جداً، أنا واقعي فحسب. إن أميركا هي الدولة الكبرى الوحيدة الباقية. يجدر بنا أن نقيم علاقات حسنة مع واشنطن. ولكن علينا، بالمقابل، أن نرى أخطاء الإستراتيجية الأميركية. لدينا جنود محترفون ممتازون في العراق اليوم، ولكن- وأنا هنا أستشهد بما قاله رئيس الأركان العراقي- ليس لدينا جيش مستعد لتحمّل الأعباء. ويبدي وزير الداخلية ملاحظات مشابهة. كما أن الميليشيات تخترق قواتنا الأمنية.
شبيغل: قال طارق عزيز، من سجنه، أن أميركا تركت العراق للوحوش المفترسة. ماذا كان يعني؟
علاوي: يعني أن الوحوش المفترسة باتت طليقة في الشرق الأوسط كله، أي الخارجين على القانون والإرهابيين الذين يريدون سفك دماء أكبر عدد من الناس في أكبر عدد ممكن من الأنحاء. إن الحروب الدائرة في أفغانستان، وقرن إفريقيا، وشمال إفريقيا، مترابطة من هذه الزاوية.
شبيغل: سيبدأ زعماء إسرائيل ومصر والأردن والفلسطينيين جولة جديدة من محادثات السلام في واشنطن. هل تعتقد أن للمحادثات الجديدة حظاً في النجاح؟
علاوي: لدي شكوك كثيرة. لا أعتقد أنها ستتوصل إلى شيء. البيئة ليست مناسبة.
شبيغل: بدا في السنتين الأخيرتين أن العراق قد نجح في ترويض وحوشه المفترسة. وبدا أنه ألحقت هزيمة حاسمة بإرهابيي القاعدة؟
علاوي: نعم، ولكن إشارات الإنذار المبكّر تكاثرت في الأشهر الأخيرة. لا ينبغي النظر إلى تزايد العنف، والموجة الجديدة من الإغتيالات والهجمات الإنتحارية، كتطوّر سطحي وعارض. في يوم واحد، وقع 13 هجوماً قُتِل فيها عشرات الأشخاص. هذا تطوّر منهجي. إن أكبر خطأ ارتكبته حكومة العراق والقوة المتعددة الجنسيات هو أنها تخلّت عن قوات “الصحوة”- أي قوات القبائل التي لعبت دوراً حاسماً في إلحاق الهزيمة بـ”القاعدة”. فلم يتم دمجها، بل تم تسريحها وإعادتها إلى حالة اليأس والعوز. وهذا التطوّر ستكون له عواقبه. إن جماعات عنيفة تنشأ الآن في ظل “القاعدة”.
شبيغل: أي أن نجاحات السنوات القليلة الماضية باتت عرضة للخطر؟
علاوي: أنظر إلى ما يحدث في أفغانستان: إن كل الضغوط، وكل القنابل، لم تفلح في القضاء على الطالبان وعلى “القاعدة”. بالعكس، فقد أصبحتا أكثر قوة في باكستان. إن الإستراتيجية الإجمالية المتبعة خاطئة.
شبيغل: يزعم منافسك نوري المالكي أنه بنى عراقياً قوياً، وأنه زعيم قوي؟
علاوي: ليس قوياً. ما هو تعريفك للقوة. أن يفرض سلطته على كيلومتر مربّع واحد في وسط بغداد.
شبيغل: تعني “المنطقة الخضراء” حيث تتمركز الحكومة والسفارات الأجنبية على ضفة نهر دجلة؟
علاوي: من البصرة في الجنوب إلى الموصل في الشمال، هنالك مظاهرات كل يوم. إن الخدمات العامة (مثل الكهرباء، والمياه، وجمع القمامة) شبه متوقّفة. وحتى “المنطقة الخضراء” تتعرّض للقصف يومياً. لدينا جيش لا يملك طائرات ولا يملك دبابات. أين هي القوة التي يتحدث عنها؟
لدينا مشكلة دستورية في العراق
شبيغل: ولكن العراقيين لا يلومون المالكي وحده على ما يعانون. فهم يلومون السياسيين، وأنت منهم. لقد خاطر الناس بحياتهم للإدلاء بأصواتهم، ولكن حتى بعد 5 أشهر من المفاوضات فلم تنجح في تشكيل حكومة؟
علاوي: تلك هي الديمقراطية. ولأن التحالفات الإنتخابية تحصل في العر اق حتى بعد الإنتخابات، ولأن قائمة المالكي نجحت في فرض إعادة عدّ الأصوات، فقد خسرنا 3 أشهر.
شبيغل: تضغط أميركا الآن باتجاه إتفاقية مشاركة في سلطة بين قائمتك وقائمة المالكي، وباتجاه تقاسم المناصب الوزارية المهمة بين القائمتين؟
علاوي: ليست أميركا هي التي تضغط. أنا الذي أقنعت أميركا والأمم المتحدة بأن يطرحوا فكرة تقاسم السلطة.
شبيغل: ماذا يعني ذلك؟ تصبح أنت رئيس حكومة والمالكي رئيساً للجمهورية؟ أو العكس؟
علاوي: كلا. لدينا مشكلة دستورية في العراق. إن السلطات كلها تتركز في مكتب رئيس الحكومة، سواءً كان رئيس الحكومة هو المالكي ام أنا. لقد اقترحت قائمة “العراقية” تقاسمَ السلطة. والفكرة هي وضع آلية يمكن بموجبها أن أقبل أنا منصباً قد لا يكون منصب رئيس الحكومة، وأن يقبل هو منصباً قد لا يكون منصب رئيس الحكومة، لأن كلينا سيكون جزءاً من موقع إتخاذ القرارات وسيملك مفاتيح قوية في يده.
شبيغل: لكنك، قبل 3 سنوات، قلت لنا أن العراق بحاجة إلى زعيم قوي. وقلت أنه لا سبيل آخر لحكم العراق؟
علاوي: نعم، وأنا أتمسك بما قلته. ولكن نتائج الإنتخابات كانت متقاربة إلى درجة أنه يتعذّر التمسك بكلامي السابق. لم نحقق بعد الإنتقال نحو الديمقراطية. وحتى في العام 2007 كنا نعتقد اننا أحرزنا تقدماً يفوق ما وصلنا إليه اليوم. لقد وصلنا الآن نقطةً لا يثقف فيها أحد بأحد، ومصير البلد كله، ومصير المنطقة كلها، مفتوح على المجهول.
شبيغل: وفي هذه النقطة الحاسمة قرّرت أن تقطع المفاوضات مع المالكي لأنه أطلق على كتلتك نعت كتلة “سنّية”؟ هل كان سلوكك سلوكاً مسؤولاً؟
علاوي: نعم، بدون شك على الإطلاق. لو لم نعترض على تلك الكذبة، لكنّا فقدنا ثقة قاعدتنا. إن قاعدتنا الإنتخابية، أي القسم العلماني القوي من الشعب العراقي، يتّخذ موقفاً حازماً بالنسبة لقضية الطائفية. أن النائب السنّي في كتلتنا لا يريد أن ينظر إليه الناس كـ”سُنّي”، ولا يرغب النائب الشيعي في أن ينظر الناس إليه كـ”شيعي”.
شبيغل: لماذا يظهر وكأن الطبقة السياسية التي عادت من المنفى بمساعدة الدبابات الأميركية، بما فيها أنت، غير قادرة على التوصّل حتى إلى تفاهمات الحد الأدنى؟
علاوي: لأن المسار السياسي الذي شهدناه في السنوات الأخيرة كان يعتوره الفساد وكان عرضة للإرهاب والعنف. ذلك المسار لم يكن عراقيا صرفاً. فأميركا كانت تحرسه، بل وتكفله. وبعد مسار كهذا، من أين ستأتي الحلول الوسط والإستقرار؟ كان ينبغي أن نربط “إتفاقية وضع القوات” مع الولايات المتحدة بالإصلاح السياسي.
شبيغل: كانت أخبار لقائك مع مقتدى الصدر في صدارة الصحف مؤخراً، علماً بأنك كنت اتهمت مقتدى بمحاولة إغتيالك في ديسمبر 2005 في النجف؟
علاوي: حدث ذلك اللقاء بالصدفة تقريباً، في دمشق. لقد كنت دائماً ضد الميليشيات ولن أغيّر موقفي. ولأكون صادقاً، فإنني أعتبر الرحل نزيهاً جداً، ومستقيماً، وغير معقّد. لقد عرفنا عائلته التي تضم علماء دين منذ أجيال عدة، ولذا فقد سألته: لم يكن أي من أقاربك ينادي بالطائفية، فكيف أصبحت أنت جزءاً من التركيبة الطائفية؟ فأجابني: أنا بكل قواي ضد الطائفية. أنا مع حل عراقي لمشاكلنا، وليس مع حلّ شيعي.
شبيغل: يعتقد بعض الخبراء أن إنسحابه الغامض كان السبب الحقيقي وراء تحسّن وضع العراق في العام 2008. وكان كثير من العراقيين يعتقدون بأنه، كما تصفه أميركا، “أخطر رجل في العراق”؟
علاوي: لو كان ذلك التقييم صحيحاً، فإننا كلنا سنكون خطرين. الرجل لديه 40 مقعداً في البرلمان وتؤازره حركة شعبية في البلاد.
شبيغل: هل تتوقع أن يعود إلى العراق وإلى السياسة؟
علاوي: يجدر به أن يعود. ستكون عودته في صالح العراق، ولصالح جماعته.
شبيغل: أية دولة تمارس أكبر نفوذ في العراق الآن؟
علاوي: إيران.
شبيغل: هل يمكن أن تفسّر جوابك.
علاوي: كلا.
شبيغل: لمَ لا؟ دول كثيرة تشعر الآن بالقلق تجاه إيران بسبب برنامجها النووي؟
علاوي: بالنسبة لي، فإن نفوذ إيران ليس إيجابياً. وأنا، بالتأكيد، لست من دعاة السياسات الإيرانية. بل إنني متأكد أنهم يضعون “فيتو” وخطّاً أحمر في ما يتعلق بي. ولكنني مع ذلك أعتقد أن على العالم أن يتفاوض مع إيران وأن يسعى لمعرفة أسباب مخاوف إيران. الإيرانيون شعب منطقي. وعلينا أن نسعى لإقناعهم بأن انتشار الأسلحة النووية لا يخدم أغراضهم في نهاية المطاف.
شبيغل: أنت تتنقل من عاصمة عربية إلى أخرى، وتعرف كل الزعماء العرب، وتعرف أنّهم يقومون بزيادة تسلّحهم؟
علاوي: الكل مذعورون. كل زاوية في المنطقة تشعر بالذعر. وحتى أميركا مذعورة، وحتى إيران مذعورة. نحن نتّجه إلى وضع ربما يمكن تشبيهه بأزمة الصواريخ الكوبية في العام 1962. ثمة مظلة رعب تنفتح فوقنا. على كل طرف أن يبذل أقصى ما بوسعه للحؤول دون التوترات. أنا أدعو إلى مؤتمر دولي حول قضية الإنتشار النووي.
شبيغل: هل يمكن أن يعيش العراق إلى جانب إيران نووية؟
علاوي: لا أعتقد ذلك.
شبيغل: هل تعتقد أن حرباً ستنشب بسبب برنامج إيران النووي؟
علاوي: إنه إحتمال كبير جداً.
إياد علاوي: الذعر يعم الشرق الأوسط والحرب محتملة جداً
توني بلير يجني “اموالا مغموسة بالدم” من كتاب مذكراته.ن قدرة على الكذب على الشعب البريطاني يوما بعد يوم، والان يكسب مالا من هذا الكذب ايضا .انضم المئات الى مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي على الانترنت، فيسبوك، تطالب بعرض كتاب توني بلير في قسم الجريمة بالمكتبات.