إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
(صورة زران “ضاحكة” مع أنها طلبت مني أن استبدلها بصورة غير ضاحكة، بعد سقوط قتلى في المظاهرات! أمثالها كانوا قلائل في دمشق ممن لم “يهلِّلوا” لحسن نصرالله في حرب 2006. ــــ ب.ع.)
*
قبل أن تبدأ الثورة السورية بأعوام اتصل بي بيار عقل من باريس وأخبرني عن محامية سورية تدعى رزان زيتونة تتابع ملفات المعتقلين لدى النظام، وتقوم بأبحاث تتعلق بوضع الناس وخصوصاً الفقراء وحالتهم الاجتماعية.
قال لي بيار يومها إنه حدثها عني وطلب مني أن أتواصل معها عبر “الميسيج” في منصة فايسبوك، للحديث عن الوضع السوري، وما يرتبط به، بسبب متابعتي كصحفي لهذا الملف.
بدأنا نتواصل من وقت لآخر عبر “الميسيج” في فايسبوك، ولكن حين طلب النظام السوري من السلطات في بيروت اعتقالي بتهمة الانتماء لـ”شهود الزور” مع غيري من إعلاميين وسياسيين لبنانيين، قالت لي “رزان” مازحة عبر “الميسيج”: “سأكون محاميتك في دمشق.. وستخرج من السجن بريئاً”.
عام 2011 انطلقت الثورة في سوريا: تجدد الحديث بنشاطٍ يومي، تخبرني عن “التنسيقيات” والتحركات اليومية ومتابعة ملفات المعتقلين وظروفهم الصعبة، والاختباء من مخابرات النظام والتواصل مع “التنسيقيات” في مناطق سورية أخرى.
كان الأمل يحركها في أن يسقط الأسد، تخبرني عن أغنية “كرمال الأمة الأسدية”، فأرسل لها قطعة صغيرة عمل عليها أحد الأصدقاء في بيروت مستوحاة من أغنية لناظم غزالي، فترسل شكل ضحكة وتقول إنها سترسلها لأصدقائها.
كانت شهور الثورة طويلة، ننتظر الأخبار.
تطلب مني مراجعة نشرة تصدرها في أحد الأماكن السرية، أطبعها في شارع الحمرا في بيروت وأرسل ملاحظاتي. تختفي رزان، لتعود وتظهر من جديد. أخبرها أني أدخل مع المُهربين إلى سوريا لتغطية أخبار التظاهرات، أعبر طرقاً وعرة في “القصير “و”حمص” و”القلمون” وصولاً إلى الريف الغربي لدمشق. وحين أصل للتظاهرات أخبر العاملين في “التنسيقيات” عنها فيفتحون أبواب بيوتهم لاستقبالي.
عام 2014 اختفت “رزان”، انقطع التواصل عبر “الميسيج” ولم يعد بالإمكان الوصول إليها.
اختفت صفحتها، وخرج زهران علوش بتصريح يشبه دوره في قمع القوى المدنية التي أطلقت الثورة السورية. حين سألوه عن “رزان زيتونة” ورفاقها، قال إن هناك آلاف المعتقلين لدى النظام، فلماذا تسألون عنها وعن “سميرة” و”وائل” و”ناظم”.
تعود “رزان” اليوم بصورتها وابتسامتها، وبالمطالبة بالكشف عن أسرار إخفائها ورفاقها وعشرات الآلاف غيرها في سجون النظام والإسلاميين بأنواعهم.
الإخفاء القسري لن يوقف الحكاية، والحديث عن رزان لن ينتهي هنا، فحقها أن نقول للناس ماذا صنعت هذه الرفيقة الرقيقة لحماية شعبها من غدر النظام والميليشيات التابعة أو المعارضة.
***
متظاهرون في دوما يطالبون بمعرفة مصير ناشطين مفقودين منذ 11 عاما
(وكالة الصجافة الفرنسية)
تجمع عشرات المتظاهرين في دوما بريف دمشق الأربعاء، مطالبين بمعرفة مصير أربعة ناشطين فُقدوا قبل 11 عاما في هذه المدينة التي كانت تسيطر عليها فصائل معارضة.
ووقف المتظاهرون بصمت رافعين صورا تحمل كلمة “حرية” وسؤال “أين هم؟”، موجهين إياه إلى السلطات الجديدة، في إشارة إلى الناشطين الأربعة.
ويشكّل مصير عشرات آلاف السجناء والمفقودين أحد أكثر أوجُه المأساة إيلاما، في بلد دمّره نزاع استمرّ أكثر من 13 عاما وخلّف أكثر من نصف مليون قتيل.
وقال ياسين حاج صالح وهو زوج سميرة خليل الناشطة في دوما: “نحن هنا لأننا نريد أن نعرف الحقيقة كاملة عن امرأتين ورجلَين غُيّبوا من هذا المكان قبل 11 سنة و22 يوما”.
وكانت سميرة خليل قد اختُطفت مع رزان زيتوني ووائل حمادة وناظم الحمادي في كانون الأول/ديسمبر 2013، من قبل مجهولين، أثناء وجودهم في مكاتب منظمتهم لحقوق الإنسان في دوما.
وأدى هؤلاء الناشطون دورا رئيسيا في انتفاضة العام 2011 التي أشعل قمعها من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، نزاعا استمرّ أكثر من 13 عاما.
وكان الناشطون الأربعة يعملون أيضا على توثيق الفظائع التي كانت ترتكبها جماعة جيش الإسلام في المدينة التي سيطر عليها مسلّحو المعارضة في العام 2012.
– “نغلق جراحنا” –
وأضاف ياسين حاج صالح “لدينا قرائن كافية لتوجيه التهمة لتشكيل جيش الإسلام، ولدينا أسماء أشخاص مشتبه بهم، ونودّ أن نراهم موضع تحقيق من جهة مخوّلة”.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اختطافهم، كما لم تظهر أي معلومات عنهم منذ ذلك الحين.
من جانبها، قالت آلاء المرعي ابنة شقيقة سميرة خليل لفرانس برس من أمام مكاتب منظمتها غير الحكومية التي تحوّلت إلى متجر للأدوات المنزلية: “نحن موجودون هنا لأننا نريد الحقيقة وحقيقة مصيرهم والعدالة لهم، حتى نستطيع أن نغلق جراحنا”.
وقبل شهر، لم يكن من الممكن تصوّر خروج تظاهرة في دوما، معقل فصائل المعارضة.
وتبدو آثار النزاع واضحة في كلّ مكان في هذه المدينة، بمبانيها المدمّرة وفقرها المدقع.
وشهدت الحرب في سوريا مواجهة بين العديد من الأطراف المتحاربة، التي اتُهمت جميعها بارتكاب عمليات خطف، سواء النظام السابق أو مسلّحو الفصائل المعارضة أو جهاديو تنظيم الدولة الإسلامية.
المحامي يعقوب عبد العزيز.. رجلٌ تسامى في عالمٍ متهالك ولد عام 1910 في الأعظمية, تعلم في حلقة دينية اللغة العبرية ثم التحق بالمدارس الحكومية, درس المحاماة وتخرج في منتصف الثلاثينيات, وفي هذا الأثناء كان يعمل نهاراً مدرساً للغة العربية في مدرسة منشي صالح ويدرس المحاماة مساءً. تزوج عام 1949م من إيلين إبراهام شماشا أنجبا ولدين وبنتين ليندا – كمال – فؤاد – وفيفيان, عام 1965م قتل ابنهُ كمال وهو في الخامس عشر من عمره في حادث باص مدرسة فرنك عيني. زاول المحاماة ومن الشخصيات البغدادية التي كان موكلاً عنها كل من : شركة سيارات شفروليت، سارة خاتون الأرمنية، ماري… قراءة المزيد ..
فهمت من تعليق “ليندا” أن والدها العراقي، المحامي يعقوب عبد العزيز، “اختفى” في عهد الطاغية صدّام حسين، وأن عائلته لا تعرف شيئاً عن مصيره. قصة فظيعة من مسلسل الإجرام البعثي في العراق وسوريا. أفهم ألم ليندا وعائلتها، وأرجو منها أن تعرض ما حصل لوالدها، وسوف ينشره “الشفاف” بدون تحفّظ. يهود العراق كانوا مواطنين عراقيين، ويهود لبنان كانوا مواطنين لبنانيين، ومثلهم يهود سوريا كانوا مواطنين سوريين. تسأل ليندا: ما الذي يجنيه النظام من اخفاء هذه المعلومات عن المغيبين؟ سؤال مؤلم. والسؤال ينطبق أيضاً على مئات الألوف من الكُرد؟ ومن الشيعة، ومن السُنّة أيضاً، الذين “غيّبَهم” صدام حسين وحافظ الأسد وبشار الأسد.… قراءة المزيد ..
كل الاحترام على القاء الضوء على هذه الناشطة التي تتحدث عن موضوع مؤلم وشائع في السجون العربية! تم تغييب والدي المحامي يعقوب عبد العزيز في العراق في 1972 بعد ان هربنا لا لسبب بل لكونه يهودي. وعلى الرغم من محاولاتنا الوصول الى معلومات عن مصيره فلم نتوصل الى اي نتيجة.. فما الذي يجنيه النظام من اخفاء هذه المعلومات عن المغيبين؟