إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
الذي حدث في الدولة السورية لم يكن ثورة بالمعنى المتعارف بل انتقالا (سلمياً) للسلطة، نتيجة شغور الدولة بسقوط سلطة بشار الاسد التي لم تصبح دولة قط.
هذا الشغور الذي تم بفعل قرار دولي ( آستانة + 4) واقليمي. وتزامن وحلّ الجيش ومؤسسات الدولة بعد تخريبها ونهبها بالتعاون مع اسرائيل وفرار بشار الاسد بتنفيذ روسي.
رغم تدخلات أردوغان العابثة ونشاط دبلوماسيته، الا أن السيد “أحمد الشرع” (الجولاني) تمكن من القبض على مفاتيح الشرعية الرسمية علناً ونصّب شخصه وفصيلَه وَمن في معسكره المتعدد الولاءات والثقافات والتوجهات، شرعياً، المسؤولَ السيادي للجمهورية السورية تحت علم الثورة شرعة.
رغم الصعاب الكثيرة استطاع وتميز الشرع بحيثيات ميدانية وكاريزما شخصية ومرونة سياسية واقعية وتطمينية للجميع في ان الطاغوت سقط والجميع شركاء رغم الشغب الكثير. لكن هذه التصريحات والتسويات لا تخفي النار التي تحت الرماد من قبل الاصدقاء قبل الخصوم.
فالغوغائية الاردوغانية النشطة سياسيا، ووزير خارجيته، وعصاباته المُحتلة للشمال السوري وتتسلل الى دولة الشرع، لن تكفّ عن النفخ في الرماد الى أن تسوّد وجهه. وقوى كتائب حوران التي قدمت مسرعة الى دمشق، ونهضة شعب السويداء باستلام المشغور من رموز السلطة ومؤسسات السلطة وسلاحها، والحضور الى دمشق حيث تعيش الجماعات الدرزية، بوعي ورؤية واقعية. هذا في حين لا نعرف بالضبط موقف قوى “التنف” التابعة لامريكا والاردن.
ترافق كل هذا، والتوسع الاسرائيلي في اراضي الجولان وجبل الشيخ وصولا الى قنيطرة.
تبقى الثغرة المفتوحة هي تلك التي اسمها شمال شرق سوريا او “قسد” او “الادارة الذاتية، او الكرد، هي المجهول المفتوح على كل الاحتمالات والتي يصر اردوغان بانه يملك الشرعية السيادية (الهتلرية) لدفن الكرد مع سلاحهم في التراب إن لم يستسلموا له بسلاحهم. وهذا الموقف المكرر يوميا هو احراج كبير ليس لـ”قسد” وحسب، بل ولأحمد الشرع والسلطة التي يحاول ان يبنيها متفردا في دمشق.
الموقف المبهم: هو لا سياسية سلوك وتصرف ومشروع الكرد كإدارة ذاتية وكـ”قسد” أو مسد او لنقل كقوة ميدانية وازنة كان لها أن تكون بيضة القبان وسند التغييير الايجابي،.ولكن لان قوة شمال شرقي سوريا ليس لديها مشروع لما بعد بشار الاسد او لما استحدث سريعاً مع دولة الشرع، لان قرارها المستقل مجهول المرجعية. وكوادرها تنقصهم الثقافة السياسية لرجال دولة او ادارة دولة وغياب الخبرة الميدانية ما عدا القتالية والسلطوية وعثرة “قنديل” جرثومة عابثة.
مثلا، حين تزامن فرار السلطة الأسدية لم تتجرأ “قسد” ولا القوة العسكرية الكردية ولا “المسد” بكردها وعربها من الحضور بشخصية المستلم لمؤسسات الدولة التي فر أركانها وسلمت مفاتيحها لقسد.
نعم لم تتصرف “قسد” للحظة بمسؤولية شريك في الدولة السورية كأن تقوم بتعيين محافظ للحسكة او الرقة، ولا مدراء مناطق لرأس العين رغم انها محتلة تركياً، ولا القامشلي، ولم تبادر الى التصرف بشرعية ادارة مؤسسات الدولة بدءا من دوائر البريد والمواصلات والزراعة والتربية والصحة الخ بشفافية بما يتجاوز حدود مؤسساتها الموازية لدولة المربعات الامنية.
لقد استجدّ اليوم الموقف الذي اعلنه السيد “عبد أوجلان” كقائد كردي تركي. من سجنه في “امرالي” في الحوار والحل السلمي بين الشعوب التركية وبخاصة الكرد والاتراك. كان يجب أن يترجم لدى “قسد” ومن يمثلها باعلان سياسة ومشروع واضحين وسلوك طريق حماية الدولة السورية من موقع الشريك الايجابي. واعلام ذلك بوضوح لشعب شمال شرق سوريا أولاً، ولكامل الشعب السوري في الساحل وحوران، والسويداء، ودير الزور، والبدء بآليات عمل مسؤولة ونشطة والتوقف عن الاستئثار بالثروة لصالح منظومة الادارة الذاتية الفاشلة كأن تقوم فورا بتسعير جديد يراعي مصالح الجوعى والفقراء والبنية الاجتماعية في منطقتها وخاصة الخبز والماء والكهرباء والتقدم من موقع الشريك الايجابيي لحكومة الشرع، الاستثنائية المؤقتة بدورها، بخطط عمل لانقاذ سوريا الشعب السوري مما تركه فيه بشار الاسد من تخريب بنية تحتية وجوع وغلاء فاحش بفعل النهب المتوحش.
بالمختصر هذه رؤية وافكار، تنتظر من يقبل بها ويتبصر وفق مصالح الشعب السوري بثقافاته وتلاوينه دون اغفال لضرورات مشروعة ومكاشفات العدالة الانتقالية لسلطات انتقالية بغير كيدية وغير انتقام او تهميش او خضوع لتدخلات الدول الاقليمية عربية ومسلمة واسرائيلية. والتقيد بمصالح الشعب السوري كمواطنين متساوين جميعهم من الدرجة الاولى ومعاقبة المجرمين بغير استثناء لكن بشرعة قوانين دستورية عادلة وواجبة.
التاريخ هو الدرس
حين دخل محمد بن عبد الله رسول المسلميين يثرب ( المدينة المنورة) رآها غير مكة. ففي المدينة كانت تعيش متجاورة ثقافات دينية وعشائرية ومللية. ولبناء دولته، دولة الاسلام. اجترح محمد الرسول وراعى سلطة الدولة المحدثة صاغ اول دستور في التاريخ بالتراضي وبغير تهميش او قصاص او استيلاء الا بضرورة المصلحة المجتمعية وامن الدولة الفتية بنص
” ميثاق صحيفة المدينة“:
هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن اتبعهم فلحق بهم وجاهد معهم.
إنهم أمة واحدة من دون الناس.