ينشط رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط من اجل منع حصول مواجهة بين اهالي السويداء ومحيطها في حوران ودرعا، ويستخدم رصيده لدى مختلف فصائل المعارضة السورية، وعلاقاته الاقليمية والدولية لهذا الهدف. وزيارته الاخيرة الى الاردن وايفاد مندوبين عن حزبه الى تركيا كذلك من اجل منع المحظور الذي تدفع اليه السويداء ومحيطها.
في مقابل الجهد الجنبلاطي قامت بعض المجموعات الدرزية داخل اسرائيل بقتل جريحين من المعارضة السورية، كانت تقلهما سيارة عسكرية مخصصة لنقل الجرحى. جريمة لا يمكن ان تكون اسرائيل بعيدة منها، بل الارجح انها اعدت لها، لا سيما ان كانت هذه الجريمة مسبوقة قبل ساعات برمي مجموعة، في المنطقة نفسها، حجارة على سيارة اسعاف عسكرية اسرائيلية كانت تنقل جرحى من المعارضة السورية الى احدى المستشفيات الاسرائيلية.
هي بالتأكيد رسالة اسرائيلية دموية ببصمة درزية في اسرائيل.
هناك جريمة ثانية وفي التوقيت نفسه نفذتها مجموعة درزية في السويداء، أعدمت اثنين من البدو الذين يقيمون وينتشرون في محيط السويداء. الجريمة مفاجئة لأن منفذيها قاموا بعملية اعدام علني. لم تتدخل السلطات السورية في المنطقة، وتهمة الضحايا انهم كانوا من الذين اطلقوا قذائف الهاون على السويداء وادت الى سقوط ضحية.
النظام السوري ليس منزعجاً، علما ان هذه الجريمة التي نفذها بعض الدروز في السويداء، من دون ان تجري اي محاكمة، وفي ظل صمت مريب لاجهزة النظام، تشير الى زيادة الشرخ بين السويداء ومحيطها، في استراتيجية تستجيب لخطط النظام القائمة على الاحتماء بالفتن للحد من تمدد التغيير نحوه.
الجريمتان في الجولان وفي السويداء اثارتا استياء جنبلاط وقلقه. فهو يعتبر ان اسرائيل والنظام السوري يتناغمان في مقاربة ملف الجنوب السوري والدروز تحديدا. جنبلاط يسعى الى تحييد الدروز من المواجهة بعدما فشلت دعواته الى رموز دروز السويداء للانخراط في الثورة ضد نظام الاسد.
التحييد لا يبدو مقنعا للنظام السوري ولا حتى اسرائيل. ثمة تقاطع في نظام المصالح الاستراتيجي بين نظام الاسد واسرائيل، قد تقوضه السويداء كما يطمح وليد جنبلاط. فانخراط السويداء مع خيار الثورة السورية، بغلبتها السنيّة حاضرا، هو ضربة كبرى لمشروع الاقليات الذي تتقاطع عليه اسرائيل مع النظام السوري. وليد جنبلاط يقف في وجه جرّ الدروز الى المنطق الأقلوي وحساباته السياسية التي تشكل اسرائيل فيه قطب الرحى.
نجح جنبلاط في استخدام رصيده الكبير لدى مختلف اطراف المعارضة السورية، لمنع وقوع المواجهة بين دروز السويداء واهالي حوران ودرعا. نجح جنبلاط لكن ثمة من يزعجه تحييد السويداء. ومنع المواجهة يتطلب جهودا تتفوق على خطوات الساعين للفتنة او الدافعين باتجاهها. النظام السوري اوفد اللواء علي المملوك الى السويداء للقاء وجهائها، ودائما في سياق المواجهة مع جبهة النصرة وغيرها من قوى المعارضة. وتندرج عملية القتل المشبوهة لجرحى سوريين في الجولان من قبل شبان دروز، في السياق المريب نفسه، بسبب ما يمكن ان يوصف بأنه تسهيل اسرائيلي للعملية. والهدف هو زيادة التوتر واستدراج ردّ فعل مشابه من قبل فصائل المعارضة ضد السويداء وغيرها من القرى الدرزية القريبة من جبل الشيخ من الناحية السورية.
جنبلاط في مواجهة مع محور النظام السوري وحلفائه من الاقليات. وفي مواجهة مع اسرائيل التي تعرض خدماتها لحماية الدروز في سورية بطرق مباشرة وغير مباشرة. رهان جنبلاط على الخيار التاريخي والاجتماعي للدروز، اي الابتعاد عن الخيار الاقلوي والاندماج بالاكثرية وخياراتها. موقف وليد جنبلاط وثقل زعامته يصب في مجرى الوحدة السورية ووحدة العرب. هكذا يصبح وليد جنبلاط، من بين اقرانه زعماء الطوائف والمذاهب، منحازا الى الاكثرية، نابذا الأقلية ومنطقها. ودائما على ما وصف الامام محمد مهدي شمس الدين منطقتنا العربية، بأنها تحمل، بالمعنى الحضار،ي أكثريتان، عربية فيها مسلمون ومسيحيون وغيرهم، وإسلامية فيها عرب وكرد وغيرهم.
الأقلية في المنطقة هي إسرائيل، التي تبحث عن اشباهها في التفكير والسلوك.