في حين يستعد البابا فرانسيس لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوم ٢٥ نوفمبر، فإن الحبر الاعظم البابا فرنسيس، ولجنة “الثمانية كرادلة”، يواصل اتخاذ التدابير والاجراءات من اجل تجديد آليات عمل الكنيسة، بما ينسجم مع سمعته كـ”بابا الفقراء”!
ومع أن الصورة لم تتّضح بعد، وقد لا تتّضح قبل منتصف كانون الأول/ديسمبر، فهنالك ما يشير إلى أن الفاتيكان، عبر هيئة “الكرادلة الثمانية” الذين يديرون الكنيسة حالياً، سيتخذ إجراءات للحدّ من سلطة رئيس مجمع الكنائس الشرقية، الكاردينال ساندري، الأمر الذي سينعكس سلباً على وضعية البطريرك “الراعي”!
كما برزت مؤشّرات على أن زيارة بوتين “الإستطلاعية” للفاتيكان قد تكون على صلة وثيقة جداً بملف “الكنائس الشرقية”، وملف “المسيحيين الشرقيين” الذي طُرح بحدة بعد اندلاع الثورة السورية والذي يُقال أن روسيا تسعى للإستفادة منه لإقامة نوع من “حماية روسية” للمسيحيين الشرقيين!!
تدابير الحبر الاعظم شملت حتى الآن إقالة رئيس حكومة الفاتيكان الكاردينال “برتوني، وتعيين الكاردينال “بارولين” خلفا له، في حين احتفظ وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال مومبرتي بمنصبه.
وتشير معلومات الى أن ترتيبات قداسة الحبر الاعظم ستطال رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، المعروف بتأييده لنظرية “حلف الاقليات”، في الشرق الاوسط، وخصوصاً بـ”حلف الأقليات مع أنظمة الإستبداد، مثل النظام السوري تحديداص. وهو يرتبط بعلاقات متينة مع مسؤولين إيرانيين وسوريين ومن حزب الله اللبناني. وليس سرّاً أن “اليسوعيين” عموماً لا يحبّون الكاردينال ساندري، كما أن الكاردينال مومبرتي لا يكن له تقديراً كبيراً..
ويُقال ان ساندري كان وراء دفع البطريرك الماروني مار نصرالله صفير للاستقالة من منصبه، كما انه يقف وراء إنتخاب البطريرك الراعي على رأس الكنيسة المارونية، لما للراعي من مواقف مؤيدة لنظريات ساندري في حلق الاقليات دعم النظام السوري والايراني.
وتشير المعلومات الى ان الكاردينال “ساندري” معروف في بعض الاوساط الفاتيكانية بـ”بائع الاوسمة البابوية” لكثرة ما قدم من أوسمة حبرية لمسؤولين من بينهم رجل الاعمال اللبناني سركيس سركيس، الذي وضع طائرته الخاصة بتصرف الكاردينال ساندري، لتقله من الفاتيكان الى لبنان.
وتقول المعلومات إن ابواب الكاردينال ساندري مفتوحة لرجال الاعمال من بينهم اللبنانيين “جيلبير الشاغوري“، هون من “مزيارة”، ويسهم في تمويل حملات النائب والوزير سليمان فرنجية الانتخابية، إضافة الى سركيس سركيس، فضلا عن النائب عباس هاشم الذي يطلق عليه في الفاتيكان لقب “الابونا عباس”!
وتشير المعلومات الى انه في حال نجح قداسة البابا في إقصاء الكاردينال ليوناردي ساندري من منصبه على رأس مجمع الكنائس الشرقية، أو في خلق “هيئة موازية” لمجمع الكنائس الشرقية، فإن هذا الامر سيرخي بثقله على مجمل السياسيات التي سعى ساندري لتسويقها في الشرق الاوسط عبر رجال الدين الذين يلتزمون توجيهاته.
ماذا يريد بوتين من الفاتيكان؟
طلب اللقاء مع فرانسيس تقدّم به ديبلوماسيون روس في روما في مطلع الشهر الحالي، واستجاب له الفاتيكان على الفور كما يفيد موقع “فاتيكان إنسايدر”، الذي تنشره “لا ستامبا” الإيطالية، الذي يضيف:
“من المؤكد أن تقلبات أحوال الطوائف المسيحية القديمة في الشرق الأوسط ستكون المحور الرئيسي لاجتماع بوتين مع البابا. فالقلق المشترك على كنائس المنطقة كان نقطة أخرى جمعت بين الكرسي الرسولي والكرملين في الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعد زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي لموسكو ومشاركته مع عدد من الأساقفة والبطاركة من الشرق الأوسط في احتفالات الذكرى الـ١٠٢٥ لاعتناق القبائل السلافية الشرقية للمسيحية.
خط “يسوعي” بين الربيع العربي وحلف الأقليات مع المستبدين!
“وتسعى الإدارة الروسية منذ بعض الوقت لإقامة “محمية” جديدة على مسيحيين الشرق الأوسط. ومن جهته، فلم يعطِ البابا فرانسيس أية ذخيرة للدوائر الغربية- وكذلك الروسية- التي تسعى لاستغلال مصائب مسيحيي الشرق الأوسط والإضطهاد الذي يتعرضون له، لإثارة مشاعر العداء للإسلام. وظل البابا فرانسيس، في رسائله، بعيداً عن الدعاية الإحتفالية إزاء ما يسمى “الربيع العربي”، كما ظل بالمقابل بعيداً عن دعوات الحنين إلى أنظمة الإستبداد التي “تحمي” المسيحيين التي عبّر عنها عدد من كبار ممثلي الكنائس في الشرق الأوسط.”
ويضيف “فاتيكان إنسايدر”:
“ليس هنالك في الأفق تحالف مقدس بين روسيا والفاتيكان… فبصفته عضواً في “السلك اليسوعي”، يدرك فرانسيس جيداً أن روسيا- مثلها مثل الصين- تشكل لاعباً تاريخياً رئيسياً في المسرح العالمي وأنه لا يمكن إهمالها.. وعلاوة على ذلك، يبدو أن اختيار الكرادلة لهذا البابا “من المقلب الآخر للعالم” قد وضع حداً لفكرة خاطئة انتشرت في العقود الأخيرة، وكان مفادها أن الكاثوليكية هي الملحق الديني لحلف شمال الأطلسي!
” وبقيادة فرانسيس، فإن الكنيسة تبتعد عن فكرة توجيه الأحداث التاريخية. وهذا يعني أنها جاهزة للتعامل مع الديناميات الجغرافية السياسية، وأنها ستضع جانباً المواقف المنحازة التي نجمت عن الصراعات بين الحضارات”.