عاتبت نفسي، حتى اللوم، على مقالتي الاخيرة، وقرعّت سذاجتي المتمادية، وتجددها في 14 آذار 2005، وندبت رهاناتي الخائبة على عودة اللبنانيين الى طليعيتهم في محيطهم، كما كانت حالهم مطلع القرن الفائت، يوم تصدوا لحمل هاجس الديموقراطية.
اعتقدت انهم تحرروا من جراثيم طائفياتهم يوم هتفوا في ساحة الشهداء للحرية والسيادة. حينها، صرخ في داخلي الفتى الحالم بالدولة الديموقراطية، ان هتاف جيلنا من اجلها لم تخنقه دماء التقاتل الذي عرّانا جميعاً، حتى لو لم نشارك فيه.
كشح 14 آذار 2005 قطران الاحقاد، وشق لنور المواطنة كوة ظلت موضع رهان جمهوره، برغم ما نسّمته قيادته من “بَخَر” طائفي لا يعير اي اهتمام أو التفاتة نحو الوطن: ألم يغادر وليد جنبلاط خوفاً على الطائفة وليس على الوطن؟ الم يتحدث سمير جعجع وسامي جميل عن حماية المجتمع المسيحي، وليس عن حماية الدولة؟ فكيف وحفلة الزجل الطائفي لم تتوقف أصلاً مع توقف الحرب، بل تعززت مع “حزب الله” بإسمه وبفعله في قولبة المجتمع الشيعي وعجنه بولاية الفقيه، بعدما كانت “أمل” “راهقت” في مذهبته وغذتها من نسغ الدولة ومؤسساتها؟
“الحفلة” لم تتوقف. كذلك سذاجة امثالي، واعتقادنا أن العطار قد يصلح ما أفسده الدهر: نجح الجنرال السابق في مماشاة حليفه المتفاهم، في لعبة اللغة المزدوجة. أحب شيعة البقاع وسنة عكار لأنهم “خدموا” في الجيش تحت امرته، لكنه أمام الإنتخابات، لم يجد سوى “حق المسيحيين”، ونسي حقهم، وحق البقاعي والعكاري، كمواطنين في دولة لبنان. وهو جر خصومه الى التسابق على تأجيج الإنتماء الديني، بدعم من حليفه الساعي الى احد مكسبين: تعطيل الإنتخابات بعناده، او تمريرها تحت ذقن خصومه، لتحل الجمهورية الثالثة بخطوات وئيدة محل اتفاق الطائف.
لكن لنتذكر انه إتفاق زيْن بميزان “جوهرجي”، وولد من دماء عشرات آلاف الضحايا، وآلاف المعاقين، وخسائر بمليارات الدولارات.
ولنتذكر ان حرب لبنان ولدت تحت عنوان انتخاب رئيس الجمهورية سليمان فرنجية عام 1970 وبفارق صوت، في مواجهة محض داخلية، بين “الحلف الثلاثي” و”جماعة النهج”، غاب عنها العرب والعالم، المنشغلون بمشروع وليم روجرز وما بعد جمال عبد الناصر، وذيول هزيمة 1967 والمواجهات الأردنية – الفلسطينية.
اليوم، ينشغل المحيط الإقليمي والدولي بربيع سوريا، وقضية مالي الإفريقية، والإنتخابات الإسرائيلية، والأزمة الإقتصادية العالمية، وتجديد الإدارة الأميركية، مما يترك موقف رئيس الجمهورية صمام الأمان الوحيد، فهل يكفي؟
أما وأن البكاء على رأس الميْت، فلنتذكر أن اطار 14 آذار راوح مكانه منذ ولد، ولم ترتق قواه الى تفنيد إستراتيجية للعبور الى الدولة، فبقي تحالف لحظة، وغرق اطرافه في البحث عن المكاسب المرحلية: لم يملك قرار ولادته، ولا أحسن تحديد منتهاه ولا نهايته.
m2c2.rf@gmail.com
كاتب لبناني
النهار
لنتذكّرجميل جدًا أن يتخيّل المرء بعضاً من نتائج قانون إيلي رستم غزالي الفرزلي: لنتخيّل مواطنًا مارونيّا يقيم في حاصبيا، أو كاثوليكيًا يقيم في الكورة. إنتخب كلّ منهما نواب طائفته و نام مرتاح البال أنه و بفضل جنرال الهونيك شغلة و قشرة الموز الذي زحّط حكيمنا عليها، قد استرجع حقوق المسيحيين. في اليوم التالي لاستعادة حقوق المسيحيين، استفاق أحدهما على مشكلة في حيّه أو قرب بيته: قناية ماء مقفلة، مجرور مسطوم، حائط دعم على وشك الإنهيار أو ما شابه ذلك من أمور. إتصل الماروني من حاصبيا طالبًا من نائب ماروني من جزين أو المتن أو كسروان أو جبيل أو البترون أو… قراءة المزيد ..