«ماذا تتذكر من عصر الكويت الذهبي؟» سؤال بسيط طرحته على موقع تويتر، فانهالت عليّ الردود بالعشرات من كويتيين ووافدين وعرب، كلهم يتحسرون على عروس الخليج عندما كان يختم على أظرفها الرسمية: الكويت.. بلاد العرب.
كتب المغردون عن ذاك العصر: كان الصغير يحترم الكبير، كان للعسكري قدر واحترام، وللعضو وجاهة وهيبة، كان الجار يسأل عن جاره، كان الشيعي يبني مسجد السني والسني يبني حسينية الشيعي، كان الحب بعيون الناس، والسلام شارتهم، كان التعليم بأفضل حالاته في زمن الإثراء الفكري والثقافي لدولة الكويت، حينما كان العرب ينتظرون بفارغ الصبر إصدارات الكويت الثقافية، كمجلة العربي وعالم المعرفة وغيرهما من المطبوعات التي أثرت المكتبات العربية.
كانت الكويت الأولى فنياً بمسرحياتها الراقية وحفلات الطرب والترويح السياحي، كل المطربين العرب غنوا على خشبة مسرح سينما الأندلس الذي تحول الآن إلى مجمع استهلاكي. عصر الكويت الفني كان أيام عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج، عندما تم إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية وفرقة التلفزيون ومعهد الموسيقى. أيام «افتح يا سمسم» والأعياد الوطنية وعروضها على شارع الخليج، وأغاني سناء الخراز وشادي الخليج.
كانت الكويت لؤلؤة الخليج عندما كانت تعتبر هي «الخارج» عندما كان المرضى من الدول المجاورة يفدون إلى مستشفياتها للعلاج، وعندما كانت الكويت ترسل الكتب والأدوية وتبني المدارس والمشافي في دول الخليج. حين كانت شركة الطيران الكويتية الأفضل أداء في منطقة الشرق الأوسط، وحين كان فريق كرة القدم الكويتي الأفضل عربياً أيام جاسم يعقوب وفيصل الدخيل وكأس آسيا 80 وكأس الخليج مرات ومرات.
كانت ملونة، وقت كان غيرها ما زال بالأبيض والأسود. عندما كان المواطن يعامل الوافد كأخ في الإنسانية، وكان باسل وحمود ومدحت وفادي أصحاب وربع وخلان. حين كانت أكبر مشاركة في الجيوش العربية للجيش الكويتي، وكان في أغلبيته يتكون من «البدون» الذين أقصوا، الآن، ولم يعد عليهم طلب.
ذاك العصر الذهبي للكويت كان قبل انكسار المشروع التنويري النهضوي الثقافي والسياسي، أمام المشروع التكفيري، وقبل أن يصبح مجلس الأمة ساحة حرب تتبادل فيه أكثر الكلمات سوقية. وقبل أن يصبح نواب الأمة ضد الأمة، وقبل أن تكون أولوياتهم هدم الكنائس ومنع الاختلاط، وقبل أن يصبح علم الكويت بالنسبة لنائب مجرد «خرقة»، وقبل أن يمتنع آخر عن الوقوف للنشيد الوطني.
الكويت كانت في أوجها عندما كان النواب قامات شامخة همهم الأول والأخير هو الوطن، كالخطيب، المنيس، الربعي، المرشد، النصار، الصقر والقطامي. وقتها كتب الراحل غسان تويني يشدو بالديموقراطية الكويتية: «أعتقد أن برلمان الكويت أعطى أمثولة في الديموقراطية في زمن تعز الديموقراطية، ويعز فيه احترام القوانين».
باختصار، العصر الذهبي للكويت عندما كان «حمد» يحمل قلماً، وليس ملعقة ليأكل ويشرب..!
dalaa@fasttelco.com
كاتبة كويتية