تبالغ قناة “المنار” في عرض البرامج التي تتناول سير شهداء المقاومة الإسلامية. ويقسم معدّو هذه البرامج كل حلقة من الحلقات إلى قسمين: قسم يتناول سيرة “الشهيد” الجهادية من تاريخ انخراطه في صفوف المقاومة الإسلامية، والعمليات الحربية التي شارك فيها، والوحدة العسكرية التي انضمّ إليها، ولقبه الحزبي ومكان وتاريخ استشهاده. ويُخصص القسم الآخر من الحلقة لعائلة الشهيد، والديه زوجته وأولاده إذا كان متزوجا، أشقائه وأخوته في الجهاد، فيتحدث كل واحد منهم عن طبائع الشهيد وأخلاقياته ودينه واهتماماته وأحلامه ومشاريعه حين كان حيا بينهم.
ما يدعو للعجب أو الإستغراب، في المقابلات التي تجرى مع أهالي الشهداء، هو كلام الوالدة أولاً ثم كلام الزوجة، بغض النظر عن كلام الآخرين كالأولاد مثلا الذين تم تدريبهم دون أدنى شك، على حفظ عبارات متكلفة، ثقيلة على النطق والسمع، لا تشبه أعمارهم، يتلونها عن ظهر قلب بلهجة أقرب إلى العربية الفصحى منها إلى اللهجة اللبنانية، وتخرج من أفواههم البريئة كما الخطب السياسية لقادة حزب الله.
على سبيل المثال يقول طفل أحد شهداء حرب تموز”أَعِدُ والدي بالسير على نهجه” و”أعرف يا أبي أنك في الجنة بجوار سيدنا الحسين(ع)”.
وتخاطب طفلة والدها “سأتزوج يا والدي مجاهدا مؤمنا بولاية الفقيه مثلك”!
وتقول أخرى: “آخر مرة رأيت فيها والدي كان ذاهبا إلى ساحات الجهاد”.
أما كلام الأشقاء والأخوة فيبدو تكملة للخطاب التعبوي الذي تبثه منابر حزب الله ليل نهار في “مجتمع المقاومة” وتلعب قناة “المنار” الدور الأكبر في نشره وإدخاله إلى كل البيوت المقاومة. وفيما يظهر في كلام آباء الشهداء مزيج من حزن مكتوم على فقدان الإبن وسعادة مستغربة بتقديمه قرباناً على مذبح المقاومة، ترفض الأمهات أن توجَّهَ إليهن كلمات العزاء باستشهاد ابنائهن، بل عبارات التهنئة والتبريك لأنهن سعيدات فعلاً بهذا الحدث العظيم الذي خصهنّ الله به دون غيرهن من الأمهات! بينما تبدي الزوجات افتخارهنّ باللقب الجديد الذي حصلنَ عليه إثر خسارة الزوج وهو “زوجة الشهيد”. وتؤكّد كل واحدة منهن أنها هي التي حثت زوجها على الإنخراط في صفوف المقاومة، متمنية في كل مرة يغيب فيها في واجب جهادي أن يعود إليها شهيدا!
طالما شكّلَ تعبير “اليتامى والثكالى والأرامل” في أدبياتنا الإجتماعية استفزازا إيجابيا لوجداننا ومشاعرنا الإنسانية، خاصة في مناطق الجنوب التي تضاعفت فيها هذه الحالات الإجتماعية بفعل الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة. فكان يُنظَر إلى عائلات الشهداء في القرى الجنوبية بعين القداسة ويعاملون بكثير من التبجيل والإمتنان ويحتلون مكانة خاصة في قلوب الناس بعفوية ريفية، وليس بالإعتماد على جهاز دعائي وأدوات ترويج. ولم تسجّل ذاكرتنا الجنوبية أن والدة “الشهيد” احتفلت يوما بموت ولدها! أو أن زوجته خرجت على الملأ باسمة تتقبل التهاني! كان خبر الموت أو “الإستشهاد”، كما درج لاحقا، يقع على العائلة الجنوبية وقوع الصاعقة، آخذا حاجته من التفجع إلى أقصاها. وتتمادى الثكالى والأرامل في التعبير عن عظم المصاب، دون أن ينتقص ذلك من قيمة التضحية التي بذلنها، كما لا يثنيهن عن تقديم المزيد.
بعد إقدام حزب الله على اغتيال تاريخ التنظيمات والأحزاب الوطنية في المقاومة، وقطع الطريق على مناضليها وإقصائهم من الجنوب، و تمكن “المقاومة الإسلامية”، وهي الجناح العسكري التابع له، من التفرّد بالعمليات العسكرية ضد إسرائيل، كان لا بد من إيجاد خطط أخرى مساندة لتعويم العمل العسكري تمثلت بالتعبئة الدينية-المذهبية ومن ثم التعويضات المادية. فأصبح الشهيد إضافة إلى نيله الجنة حسب المفهوم الديني، ينال أجرا آخر ماديا تقدمه “مؤسسة الشهيد” إلى أهله. و ليس سرا أن أغلب شهداء المقاومة الإسلامية، كما أغلب مجاهديها، ينتمون إلى أسر فقيرة أدت التضحية بأرواحهم إلى إنعاش أسرهم إقتصاديا، فاعتصموا بحبل حزب الله، تجمعهم الغريزة المذهبية والحاجة المادية.
وقد تكفّلت الجمهورية الإسلامية بتغطية نفقات “الشهادة “، في حين تكفلت “الحسينيات” المنتشرة في مناطق الجنوب بانتاج ثقافة حزبية ذات بُعد مذهبي تعمل على إعداد كل أفراد المجتمع الشيعي ليصبحوا شهداء. ونتيجة لتضافر المال والتعبئة ظهر ما يمكن وصفه “صناعة الشهداء”، وبدأت ثقافة الإقبال على الموت والإعراض عن الحياة تنمو وتنتشر في الأوساط الشيعية، دعمها في ذلك إعلام حزب الله التقليدي وغير التقليدي. وينطبق على الإعلام غير التقليدي الدروس الدينية اليومية والإحتفالات الحزبية الخاصة وإحياء المناسبات المذهبية والمنشورات و الشعارات واللافتات والصور التي تحتل أجواء المناطق الشيعية.
على أرض الواقع… روت لي سيدة جنوبية استشهد إبنها البكر في حرب تموز 2006، أنه حين وصلها خبر استشهاد كبير عائلتها، كانت وحدها في المنزل ففعلت كما تفعل أي ثكلى: شقت ثوبها ولطمت خديها ووصل عويلها إلى مسامع الجيران. بعد قليل، حضر إلى المنزل وفد من “الهيئات النسائية” في حزب الله: عشر نساء يرتدين العباءات السوداء، اختلين بها بعد أن أغلقن أبواب المنزل، وراحت كل واحدة منهن تفلسف لها معنى “الإستشهاد” وثوابه عند الله، وما ينتظر ابنها من نعيم في الجنة إلى جوار الأنبياء والصالحين!
تقول السيدة:ما زال في قلبي حرقة إلى الآن: “لقد منعنني من البكاء، سرقن مني الشعور بالحزن وطلبن مني أن أخرج على الناس سعيدة! لقّنني عبارات دينية لم أفقه حتى هذا اليوم معانيها”!
وتقول سيدة أخرى يعمل زوجها بائعا للخضار: “مصيبتي كانت عظيمة بفقدان ولديّ في معارك حرب تموز. لقد أسكتوني بالتعويض، لكن متى كان المال يشفي قلب أم مفجوعة؟”
بينما تحدّثنا أرملة شابة عن مأساة من نوع آخر.
تقول: كنت في الرابعة عشرة من عمري حين تقدم لخطبتي شاب “متفرغ” في حزب الله. لم تتردد عائلتي بالموافقة عليه. فأنا البنت الثالثة لأسرة فقيرة جدا تتألف من تسع بنات وذكر واحد. يوم زفافي، بكى والدي كثيرا وقال لي “أعرف أنك ستعودين إلي أرملة”. وفعلا”، عدت أرملة بعد مرور سنة إلى منزل أهلي وفي أحشائي جنين وضعته بعد شهرين من استشهاد والده. بعد أقل من سنة قررت “حماتي” أن تزوجني من شقيق زوجي كي يتربى ابني في حضن عائلته. قاسيت ما قاسيته من الشعور بالذنب لزواجي من شقيقين خلال أقل من سنتين. وشاء القدر أن تبدأ حرب تموز ويشارك فيها زوجي الثاني ويستشهد تاركا لي ابنتين ثمرة زواجنا. وجدت نفسي بعد حرب تموز أرملة للمرة الثانية وأماً لثلاثة أطفال لا يعرفون أباً، وأنا ما زلت صبية في اوائل العشرينات. هذا ليس آخر القصة. فبعد أربعين زوجي، طردتني والدته من المنزل واتهمتني أنني أحمل لعنة في جسدي تسببت في مقتل ولديها، وصارت تعمّم هذه الفكرة على سكان قريتنا، وعشت منذ ذلك الحين منبوذة، كمخلوق ممسوس!
“كلنا فدا السيد حسن”!
بالعودة إلى برامج “الشهادة” على قناة “المنار”، استوقفتني حلقة كان يديرها ممثل لبناني معروف استضاف خلالها أم شهيد لبنانية وأخرى فلسطينية، وترك الحديث في بداية الحلقة للأم اللبنانية المجللة بالسواد.
أجادت هذه الأم الحديث عن الواعز الديني الذي دفع بابنها إلى الإستشهاد وأضافت أنه لو لم يختر ابنها هذا الطريق لطلبت منه ذلك. و ختمت حديثها بالطبع بعبارة “كلنا فدا السيد حسن”!
!الأم الفلسطينية: لا أستطيع كأم أن أدفع ابني إلى الموت مهما كان السبب
الأم الفلسطينية غير المحجبة، وهي أم لأسير في السجون الإسرائلية أيضا، انتفضت بعد سماعها الحديث، وقالت: “أنا أنجبت أولادي كي يعيشوا كغيرهم من الأولاد في العالم، ولا أستطيع كأم أن أدفع ابني إلى الموت مهما كان السبب. إني أفضل ألف مرة لو أن ابني ما يزال حيا على أن يُدفن شابا تحت التراب، لكنه قدر الفلسطينيين.”
ربما يحاول حزب الله أن يثبت من خلال هذه البرامج أنه يستمد قوته واستمراره من إرادة “الإستشهاد” المتأصلة في نفوس أتباعه. لكن الأصح من خلال ما يجري على الأرض أن الخطاب التعبوي والمال يقفان خلف هذه الإرادة، وهذا يدفعنا إلى سؤال وجيه: كيف سيحافظ حزب الله على هذه الإرادة في حال انسدت “مزاريب المال”؟ هل ستتحول “الشهادة” إلى موت عبثي؟ وعن هذا سئل الفيلسوف البريطاني “برتراند راسل” ما إذا كان على استعداد ليموت من أجل أفكاره فكان جوابه :”لا، فقد أكون مخطئا، فأموت عبثا”!
كاتب لبناني
” الفرح ليس مهنتي”!: صناعة الإقبال على الموت في قناة “المنار”
كان بودي ان اصدق الاخ محمد عن استنتاجه بخصوص المقاومة ولست هنا في وارد الدفاع عن السلفية لانها سلفيتان سنية وشيعية وكلاهما اخس من الاخرى لكن يبدو انك تتناسى تاريخ الشيعية الدينية تجده مليء بخرافات الحزن والمآسي على علي وابناؤه وهم بالاساس من خذلهم عند المحن ويعوضون ذلك التقصير باتعذيب انفسهم لتطهيرها كما يزعمون لذلك لايعرفون الفرح!
” الفرح ليس مهنتي”!: صناعة الإقبال على الموت في قناة “المنار”
•
أولا ً لو لم يدفع السيّد نصرالله المال بعد حرب تموز لكانت اللعنة نزلت عليه من أولائك الذين يقولون “فدا السيد حسن” ثانيا ً من بعد إنتهاء الحرب وترمل النساء لقد تكفل الحزب بتمتيع أرامل الشهداء فأصبحت المتعة عند الحزب موضة وواجب ديني كما يحصل في بلدتي بالجنوب أعرف 4 أرامل أستشهد أزواجهن في حرب تموز الآن يتمتعون من رجال تابعين لحزب الله. كل إمرأة ترملت تنسى زوجها وهي تتمتع، فنصيحة لأفراد حزب الله لا ترملوا فُرُجِ نسائكم حتى لا تصبح فدا أعضاء حزبكم!
” الفرح ليس مهنتي”!: صناعة الإقبال على الموت في قناة “المنار”
تاثرت المقاومه الشيعيه ببساطه بالسلفيه، فهي من تحرم الفرح وتشيع ثقافه النكد في كل ما حولها.