أضع بين أيديكم مذكرات فتاة لبنانية قررت يوماً أن تلتحق بالحوزة العلمية في قم. أنا هنا لست أكثر من كاتب، والراوية تمنّت عدم ذكر اسمها، لأسباب يعرفها الجميع.
(ملاحظة: عند الشيعة،
المرأة يحق لها أن تصبح “مجتهدة”ويحق لها إصدار الفتاوى لنفسها
لكن لا يحق لها أن تصبح مرجع تقليد),
….
وصلنا “قم” ظهر يوم قائظ بعد أن تركنا خلفنا، على مسيرة ثلاث ساعات من جنوب طهران، صحراء تتناثر في امتدادها كثبان رملية وجبال صخرية سوداء تنتهي قممها بنتوءات حادة تشبه السيوف. هنا يبدو قرص الشمس أشد أوارا، وهجه الجهنمي يريق لظاه في كل اتجاه. في الهواء سحب كثيفة من الغبار تغلف العيون وتخترق الصدور. المدينة هذه ليست كالمدن، هي عبارة عن بضع أحواش وبيوت طينية وأزقة ضيقة وتاريخ. خصوصيتها متأتية من الزمان لا المكان، أو ربما العكس.
كان في انتظاري في محطة الركاب “شيخ” لبناني وزوجته. أمضيت ليلتي الأولى في “المدينة المقدسة” في ضيافتهما، وأوصلاني صباح اليوم التالي إلى الحوزة العلمية النسائية وسط المدينة.
كنت منهمكة على بوابة “الحوزة” بنقل حقائبي إلى الداخل عندما أتت فتاة تطلب مني أن أتبعها إلى حيث المديرة. فوقفنا أمام غرفة فسيحة تغطي أرضيتها سجادة خمرية اللون عليها كتب وأوراق وأقلام مبعثرة. أومأت أن أخلع حذائي وأجلس. بعد قليل دخلت امرأة متوسطة العمر عامرة البنية تضع نظارتين سميكتين على عينيها. تربعت قبالتي على السجادة. لم تتبسم ولم ترحب بي، ولم تسألني عن اسمي. قالت بضع عبارات مختصرة: “أنت الفتاة اللبنانية”. حينها عرفت أن هذا سوف يصبح لقبي من الآن فصاعدا. ثم نادت على فتاة أخرى تتقن العربية، وخرجت من الغرفة. الفتاة “الأهوازية” شرحت بإسهاب قوانين “الحوزة” وحذرتني من عدم التقيد بها، فالمصير الوحيد هو الطرد. كما أخبرتني أنها اختارت لي إسماً آخر لأن اسمي غير مناسب! “أنت منذ اليوم “إيمان”. ثم نهضت لترشدني إلى غرفتي.
إسترقت وأنا أتبعها النظر إلى ما حولي. المكان قديم جدا، في أرضه وجدرانه شقوق واسعة، كأنها آثار زلزال. وسط الباحة الواسعة شجرة تين يتيمة. إرتقينا أربع درجات حجرية للوصول إلى ممر ضيق تنتشر على طوله غرف متراصة مرقّمة أشبة “ببيوت الحمام”. الغرفة العاشرة كانت من نصيبي، وشريكتي فيها فتاة ريفية من “نجف آباد” كما أشارت مرشدتي.
الغرفة ضيقة من الداخل لا تكاد تتسع لشخص واحد، في أرضها سجادة وعدة بالية للنوم, انشغلت سحابة النهار في ترتيب أغراضي. علقت على الحائط مرآة صغيرة واستعملت المسامير المثبتة فيه مشاجب لتعليق ثيابي. وتركت في الحقائب كتبي وأغراضي الخاصة. بعدها سمعت جلبة في الممر. عرفت أن المديرة تدعونا إلى إجتماع تعارف ولإطلاعنا على برنامج الدراسة لأن العدد اكتمل بحضوري.
في الغرفة الفسيحة الوحيدة في “الحوزة”، إجتمعت حوالي مئة فتاة. جلسن إلى الأرض قبالة المديرة، فتلت علينا أسماء الكتب التي سوف ندرسها في الفقه والمنطق والحديث واللغة العربية و”المشايخ” الذين سوف يكونون أساتذتنا. ثم وزّعت علينا نظام “الحوزة” الداخلي، وأخبرتنا أن العام الدراسي لمرحلة “المقدمات” سوف يبدأ غدا بعد صلاة الظهر، وسوف نتوزع إلى أربع حلقات، كل حلقة مؤلفة من 25 فتاة. الحلقة الأولى تدخل الغرفة المخصصة لدروس الفقه وتتوزع الحلقات الثلاثة الأخرى على باقي الدروس, وكلما انتهت حلقة من درسها، تدخل غرفة درس أخرى، وهكذا حتى موعد صلاة المغرب.
ثم قامت الفتاة “الأهوازية” بإطلاعنا على جغرافية المكان. الغرف الأربعة إلى ناحية الشرق هي غرف الدروس لطالبات مرحلة “المقدمات”. بجانبها غرفة الإدارة. قبالتها لناحية الغرب غرف المنامات. تحت غرف المنامات سرداب واسع هو “المطعم”. على يسارنا، قاعة حديثة البناء مخصصة لطالبات مرحلة “السطوح”. تحت قاعة “السطوح”، سرداب آخر هو “المصلى”. كل منزل في “قم” يحتوي على “سرداب” يقي سكانه حر الصيف وبرد الشتاء. مدينة تتلطى بأكملها تحت الأرض، حبيسة عتمة مستديمة. ربما كان هذا سببا في انغلاقها وابتعادها عن مساحات النور وفضاءات الحرية الفكرية والثقافية. في الجهة الأخيرة تقبع بوابة خضراء صدئة، هي مدخل “الحوزة”. على بعد ذراع من البوابة، لجهة الباحة الداخلية، تتدلى ستارة سميكة سوداء عرفت فيما بعد أنها تقليد يتبعه أهل المدينة. فهي تسمح للنساء بمخاطبة الزائرين من الرجال من وراء الحجب حفاظا على حدود الفصل الشرعية بين العالمين. على مقربة من المدخل عدد من “الحمامات”، أمامها حوض طويل أعلاه صنابير مياه تستعمل للوضوء وغسل اليدين.
تعلمت في ساعاتي الأولى في الحوزة أن أنادي المديرة “الأخت الكبيرة” ومساعداتها “المرشدات” أما زميلاتي فجميعهن “أخوات”. الفتاة الريفية السمراء جدا شريكتي في الغرفة هي الأخت “سبيدا” أي البيضاء. حدثتها قليلا عن قريتي في جنوب لبنان وحدثتني كثيرا عن بلدتها “نجف آباد”، مسقط رأس آية الله منتظري، الشهيرة بأشجار الرمان وزراعة البصل، فلم أستغرب للرائحة الغريبة التي تفوح من أعطافها!
قطع حديثنا دخول”المرشدة” تأمرنا بالنزول إلى “سرداب المطعم” لرؤية برنامج إعداد الطعام الذي يقضي أن تقوم كل مرة فرقة من عشر “أخوات” بعد أداء صلاة الصبح بإعداد الفطور للجميع. كان العسل والبيض والقشطة والحليب الطازج يحمله إلينا في الصباح الباكر فلاحون من الأرياف المجاورة كجزء من “خُمس” تجارتهم: حيث تتولى “مرشدة” غليظة الصوت تقف خلف الستارة السوداء مهمة استلام البضاعة. وفهمت لاحقا عندما أُرسل بطلبي إلى الإدارة لماذا حدجتني”المرشدة” بنظرة مريبة! هناك صبت”الأخت الكبيرة” علي جام غضبها واتهمتني بأنني أتشبه “بالطواغيت” لأنني وضعت مرآة في غرفتي، ولم أراع حرمة المكان بارتدائي”البيجاما”، وأن ألوان ثيابي المعلقة في الغرفة “غير شرعية”. ونبهتني أن حجاب المرأة المسلمة يبدأ من منزلها، لذا علي بالإحتشام، فالحوزة ليست دار أزياء.
صادرت الإدارة مرآتي وثيابي واستبدلتها بثياب سوداء تناسب “المكان المقدس”. كان هذا الدرس الأول لي في الحوزة.
في اليوم التالي التحقت متأخرة بصفي,حملت كتاب “شرح ألفية السيوطي” وهممت بالدخول بعد أن خلعت حذائي قرب الباب. وهناك وقعت عيناي على مشهد لا يتوقعه إنسان. الأستاذ “الشيخ” يجلس في زاوية الصف ووجهه للحائط، و”الأخوات” يجلسن وظهورهن إليه، وقد التحفن بعباءاتهن وأرخينها كأنهن خيام منصوبة. كانت “المرشدة” قد نبهتني قبل دخول الصف أن لا أرفع صوتي بأي سؤال أو استفسار وأن أكتب ما لا أفهمه من الشرح على ورقة ليجيب عليها الأستاذ لاحقا.
المناخ الصحراوي يجعل الوضوء في الباحة المكشوفة عند الفجر في الصيف عقاباً. كان الصقيع يعطل انسياب الماء في”الحنفيات”. وفي الشتاء كنا نرى مخروطا جليديا يتدلى منها يتصل بكومة جليد تربعت في الحوض. كانت “الأخوات” يعتبرن أن الصقيع الصباحي إمتحان لصدق إيمانهن، فيغالبن إرادة أجسادهن بالإرتجاف ويهجمن على الحوض مستدفئات بحرارة التقوى، تحت أعين “المرشدة” التي تراقب من بعيد وتنقل مشاهداتها إلى الإدارة. وكان لزاما علينا تأدية صلواتنا الخمس جماعة في المصلى، تؤمّنا “أخت” حصلت على ثقة الإدارة وليس ثقتنا. وكنا نجتمع فيه أيضا لإحياء المناسبات الدينية وقراءة الأدعية والإبتهالات الأسبوعية. ليلة الأربعاء مخصصة لقراءة دعاء “التوسل”، وليلة الجمعة لدعاء”كميل”. وفي ليالي شهر رمضان نقرأ دعاء “الإفتتاح”، عدا عن الأعمال الخاصة بليالي القدر، وليلة الخامس عشر من شعبان، يوم ولادة الإمام المهدي المنتظر.
في ليلة الجمعة الأولى في “الحوزة”، وبعد فراغنا من صلاتي المغرب والعشاء، بقينا جاثيات فوق”مصلياتنا” متجهات صوب “القبلة” لأن “إمامتنا” أعلنت أنها ستقرأ دعاء “كميل”. بدأت التلاوة، وشيئا فشيئا صار صوتها يتهدج ويميل إلى الندب ثم إلى البكاء، وصارت تختنق، تتنهد، ثم تعود للتلاوة مجددا. وفجأة انفجر المكان بالنشيج والعويل، وأخذت “الأخوات” يتهاوين الواحدة تلو الأخرى إلى الأرض شبه غائبات عن الوعي. وأخريات يضربن صدورهن ويلطمن وجوههن ندما وأسفا. نظرت حولي مفجوعة، فما الذي جرى لهن حتى ينهرن فجأة! ماذا اقترفن من خطايا لتكسرهنّ كلمات الدعاء ومعانيه؟ منذ قليل، كن تقيات ومتيقنات من أنهن سوف يدخلن الجنة، فمتى تكدست ذنوبهن؟ وهل دقت ساعة الحساب الآن ولم يعد لديهن متسع من الوقت للتوبة وإعلان الندامة؟
غصت داخل عباءتي ,بعد أن تملكتني نوبة من الضحك الهستيري، وصار جسدي يهتز ودموعي تسيح على خدي، لا أدري حقيقة شعوري، وتورمت عيناي. في اليوم التالي، ظننّ أنني “بكاءة” مثلهن.
كان الصوم في حوزتنا لا يقتصر على أيام شهر رمضان فقط. كنا نصوم “الليالي البيض” من كل شهر، وهي الليالي التي يكون فيها القمر مكتملا، ويوم “الغدير”، وهو يوم عودة الرسول من مكة في آخر حجة له، ونصوم في اليوم الأول من شهر محرم، وستة أيام من شهر شوال، والأيام الثلاثة الأولى من شهر رجب. وكنا نصل شهر شعبان بشهر رمضان صياما، ويومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، ويوم ولادة الإمام المهدي المنتظر في الخامس عشر من شعبان.
كان لمناسبة ولادة الإمام المهدي طقوس خاصة تبدأ ليلة النصف من شعبان وتنتهي مساء اليوم التالي. واجتمعنا ليلتها لإحياء المناسبة في سرداب المصلى بعد أن أضأنا كمية كبيرة من الشموع وضعناها على سور الحوزة وعند بوابتها. وأطفئت الأضواء في السرداب بعد الصلاة، وقامت “الأخت الكبيرة” برفع الإبتهالات والأدعية، وصرنا نردد خلفها متوسلات “يا وجيهاً عند الله، إشفع لنا عند الله”، ونكرر ونعيد. كنا جميعا ننظر إلى مساحة غير مرئية في عتمة المصلى، ننتظر أن يظهر علينا إمامنا “المهدي” لنكون من أوائل الملتحقات بجيشه. كانت “الأخت الكبيرة” تشير إلينا أن ننظر إلى هذه الزاوية أو تلك، فقد يظهر “المهدي” الآن، وتنادي: “حضِّرنَ أنفسكنّ لاستقباله”، وصارت “الأخوات” تتدافعن في كل الإتجاهات، يتعلقن بأهداب الظلمة علها ترشدهن إلى مبتغاهن.
ونستكمل إحتفالية “النصف من شعبان” بزيارة مسجد “جمكران” جنوب “قم”، الذي يقال أن بانيه هو الإمام “المهدي”ذاته. هناك يزاحم البشر الملائكة في التوافد إلى المكان، حيث نكمل الأدعية التي بدأناها ليلة المناسبة، ونستعجل إمامنا الظهور، ونصلي صلاتي الظهر والعصر، وأربع ركعات للتحية وركعتين نُهديهما لإمام الزمان. ثم نعود إلى “الحوزة” لتناول إفطار متواضع يلائم المناسبة العظيمة.
يتبع
…
يوميات فتاة لبنانية في “الحوزة العلمية” في “قُم” (1)
أنا خادمكم الصغير جداً محمد المنصوري المنصوري طالب حوزوي في المرحله الثالثه في معهد اﻹمام الحسن ( الممهدون) أتمنى أكمل دراستي الحوزويه في الدولة اﻹسلامية اﻹيرانية…
يوميات فتاة لبنانية في “الحوزة العلمية” في “قُم” (1)
السلام عليكم بارك الله بيكم وتقبل الله أعمالكم ووفقكم دائماً لخدمة الدين والمذهب أمير المؤمنين عليه السلام. أنا طالب حوزوي في المرحله الثالثه في معهد اﻹمام الحسن ( الممهدون) في العراق أتمنى أكمل دراستي الحوزويه وربما اﻷكادميه في الدولة اﻹسلامية اﻹيرانية…
يوميات فتاة لبنانية في “الحوزة العلمية” في “قُم” (1)
هذه دجالة شيوعية ذهبت الى قم لتتسلى وتبحث عم القشور العفنة كرأسها النتن.
يوميات فتاة لبنانية في “الحوزة العلمية” في “قُم” (1)
أنا فتاة يمنيه عمري ٢٥ عاماً انهيت تعليمي الجامعي واخذت شهادة البكلريوس في مجال طب وجراحه الأسنان
واتمنى ان التحق بالحوزه ألعلميه في قم المقدسه
فأسئل الله تعلى ان يفقني الى هذا
بحق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين
يوميات فتاة لبنانية في “الحوزة العلمية” في “قُم” (1)
هذا هراء واختلاق
يوميات فتاة لبنانية في “الحوزة العلمية” في “قُم”
لقد أصبح تكريس الجهل والنخلف وإغلاق العقول والتعلق بالشيوخ والملالي صـنــاعــه قائمه في الدول الأسلامويه،هذه الصناعه يلجأ إلى الولوج فيها كل الفاشلين في التحصيل العلمي ، وتساعدهم في هذه الصناعه الكارثيه أنظمه ديكتاتوريه قمعيه ظلاميه ، تقهر الحريات وتستهين بالعقول وتمسح الأرض بكرامات المواطنين وتأكل عليهم حقوقهم ، إن وجود الحوزات ومدارس التجهيل هي أخطر بكثير من مفاعل تشيرنوبل والمفاعلات اليابانيه المنهاره