مروان طاهر بيروت الشفاف خاص
اثار كلام العماد عون الاخير بشأن عدم رغبته في لقاء قائد القوات اللبنانية سمير جعجع تساؤلات في الشارع المسيحي خاصة واللبناني عموما بشأن السبب الذي يقف ورار تعثر المصالحات المسيحية المسيحية. خصوصا وان المصالحات على الجانب الآخر تسير على قدم وساق وقطعت اشواطا بمبادرة من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي اوغل بعيدا في تصالحاته لتشمل النائب عون والنائب والوزير السابق سليمان فرنجية.
وتزامناً، تصاعدت حدة التساؤلات المسيحية عن الغاية من وراء استعجال الرئيس نبيه بري طرح مشروعه للاعلان عن تأسيس “الهيئة العليا لالغاء الطائفية السياسية”، وإصراره على المضي قدما في هذا المشروع مستندا الى بند في اتفاق الطائف يشير صراحة الى ضرورة تأسيس هذه الهيئة.
مصادر مطلعة مسيحية اعتبرت ان أوآن المصالحات المسيحية المسيحية لم يحن بعد. وعزت الامر الى اكثر من سبب، اولها فلسفة التسوية التي حصلت في الطائف واثمرت اتفاق انهاء الحرب والمطالب المسيحية والسعي السوري الى إبقاء الساحة المسيحية عرضة لتجاذبات الداخل المسيحي وإعطاء الفرص لحلفائها المسيحيين منهم والمسلمين لتعويم انفسهم على حساب الثوابت التي حكمت التسوية في الطائف.
وتعود المصادر الى شرح أواليات التسوية في الطائف بالقول انها نتجت عن اتفاق إسلامي كان تعبيرا عن زمن الوصاية بقدر ما لم يكن تعبيرا عن إرادة القيادات الاسلامية حينها مع المسيحيين ينص على قبول المسيحيين باصلاحات سياسية للنظام مقابل انسحاب سوري منظم من لبنان وإنشاء مجلس للشيوخ على ان يعقب كل ذلك إنشاء الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية.
وفي المقابل ايضا يريد المسيحيون تطبيق اللامركزية الادارية على نطاق واسع وتعديل قانون الانتخابات بعد إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية الى محافظات.
المصادر المسيحية اعتبرت ان اي شيء من اتفاق الطائف لم ينفّذ، مستغربة استعجال الرئيس بري وقفزه فوق التسوية متسائلة عن جدوى طرح موضوع الغاء الطائفية السياسية في هذه المرحلة ومشيرة الى انه كلام حق يراد به باطل.
وتضيف المصادر ان الرئيس نبيه بري يتربع على عرش المجلس النيابي منذ عقدين على الاقل، وهو لم يبادر يوما الى طرح اي مشروع على المجلس يسبق الاعلان عن تأسيس الهيئة التي ستلغي الطائفية السياسية. فلا اللامركزية الادارية تحققت، ولا قانون الانتخابات يرضي احدا حتى الرئيس بري نفسه، معتبرة ان الوقت لم يحن بعد لالغاء الطائفية السياسية ومشيرة الى زمن الوصاية حيث كان يرتفع هذا المطلب ويخبو كلما بدأ الحديث عن ضرورة سحب الجيش السوري من لبنان.
وقارنت المصادر المسيحية بين موقف الرئيس بري الحالي ومواقف سابقة في عهد الوصاية حيث كانت المطالبة بالغاء الطائفية السياسية تقترن بطلب انسحاب او اعادة تموضع الجيش السوري في محاولة لتذكير المسيحيين بانهم لم يعودوا يمثلون اكثرية ديموغرافية، وتاليا من الافضل لهم تناسي مسألة سحب الجيش السوري حينها والاكتفاء بحماية زمن الوصاية وفتات الموائد.
وتشير الى ان الرئيس بري طالب اربع مرات بالغاء الطائفية السياسية: المرة الاولى عام 1992 حين قاطع المسيحيون الانتخابات استجابة لنداء البطريرك الماروني واحتجاجا على نفي وسجن قادتهم. فكانت الدعوة حينها لارغامهم على القبول بالواقع السياسي الجديد. والمرة الثانية التي اطل فيها بري على اللبنانيين مطالبا بالغاء الطائفية السياسية تزامنت مع الزيارة البابوية الى لبنان حيث اقتصرت الزيارة على لبنان من دون سوريا واعادت للمسيحيين بعضا من بريق فقدوه، فكان لا بد للرئيس بري من تذكيرهم بان عددهم يتناقص بالهجرة وقلة الانجاب. اما المرة الثالثة فتزامنت مع نداء المطارنة الشهير عام الفين، والذي اعقب خروج الجيش الاسرائيلي من لبنان وطالب بخروج الجيش السوري من لبنان، فاستعمل الرئيس بري فانوسه السحري ليطلق دعوته لالغاء الطائفية السياسية من جديد.
واليوم، تعتبر المصادر المسيحية ان السيناريو عينه يتكرر. فارتفع صوت الرئيس بري مقابل ارتفاع اصوات الوزراء المسيحيين في الحكومة مطالبين بمعالجة مسألة سلاح المقاومة. وفي كل مرة ترتفع الاصوات المسيحية او من الصرح البطريركي حرصا على سيادة لبنان وحريته وكرمة ابنائه، يخرج عليهم الرئيس بري مزمجرا بالغاء الطائفية السياسية.
وتقول ان المسيحيين يتوجسون من سلاح حزب الله وهم يريدون تكريس ما جاء في اتفاق الطائف لجهة تسليم سلاح جميع الميليشيات للدولة اللبنانية وكانوا هم من اول المبادرين مع ان ميليشاتهم كانت من الاكبر لبنانيا عددا وتسليحا وعدة وعتادا ويريدون العودة الى اتفاق الهدنة للعام 1948 كما نص اتفاق الطائف.
وتضيف ان الانتخابات البلدية المقبلة تمثل فرصة لاختبار النوايا لدى الرئيس بري لجهة بدء العمل على إقرار قانون اللامركزية الإدارية كخطوة اولى على طريق تنفيذ ما لم ينفذ من اتفاق الطائف والعمل على إستكمال تنفيذ بنوده وصولا الى قانون الانتخابات الذي يريده المسيحيون في دوائر محافظات متوسطة تضم على الاكثر ثمانية نواب بحيث لا تصبح الاقليات هنودا حمر في محادل اصوات التكتلات الطائفية، ليصار في ما بعد الى الشروع في الاعلان عن تأسيس الهيئة العليا لالغاء الطائفية السياسية.
مصادر نيابية اعتبرت ان الرئيس بري غير جاد في طرحه وهو سيتراجع عنه بعد ان تخبت اصوات الاعتراض على البيان الوزاري، مشيرة الى انه يكتفي يتنفيذ ما تم تنفيذه في اتفاق الطائف وهو لا يريد رئيسا رابعا في البلاد، هو رئيس مجلس الشيوخ، الذي نص الطائف على إنشائه ايضا ولم يقارب موضوعه الرئيس بري من بعيد او قريب.
وعلى الخط الآخر تشير المصادر الى ان ارضية المصالحة بين رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع والنائب سليمان فرنجية اصبحت جاهزة وتنتظر الضوء الاخضر الخارجي لاتمامها. وتتساءل كيف يمكن لرئيس الجمهورية ان ينجح في جمع فرنجية وجنبلاط، وعون وجنبلاط، وهو غير قادر على الجمع بين فرنجية وجعجع او حتى بين عون وجعجع تحصينا للوضع الداخلي بشكل عام والوضع المسيحسي بشكل خاص.
وتضيف المصادر ان المصالحات المسيحية المسيحية تتطلب تفاهمات سياسية اولا هي بعيدة عن التحقق في المرحلة الراهنة. وهذا ما عبر عنه صراحة العماد عون في كلامه الاخير في حين ان النائب فرنجية يلتزم التهدئة السياسية والميدانية مع القوات اللبنانية بعد ان انجز مصالحته مع حزب الكتائب.