أعتقد أن صلاة يوم الجمعة الموافق 17 يوليو (تموز) كانت حدثا لا ينسى. فقد انتظر الجميع أن تنضج الثمرة، ثم أراد الجميع أن يقطفها. لقد شهدت صلاة الجمعة أكبر حشد من المصلين منذ قيام الثورة. ومع تجمع ما يزيد على مليون شخص في الشوارع، كان من المستحيل التحقق من هوية المشاركين. ومن الواضح أن شبكة الهاتف الجوال بالقرب من جامعة طهران قد تعطلت.
وقبل خطبة هاشمي، ألقى حجة الإسلام تقوي، رئيس أئمة صلوات الجمعة، خطبة. ووضع استراتيجية خطبة الجمعة، وعرّف الدور الذي يقوم به إمام الجمعة ومكانته.
وأنقل بعضا من خطبة تقوي: «يجب أن يلقي (إمام الجمعة) خطبة في الإطار السياسي للنظام. ويجب أن يكون إمام الجمعة تابعا للمرشد الأعلى في خطبته». وكان وجود تقوي غير المتوقع في صلاة الجمعة رسالة واضحة من خامنئي إلى هاشمي تشير ضمنيا إلى أن على هاشمي أن يؤيد خطبة خامنئي الشهيرة في يوم الجمعة الموافق 19 يونيو (حزيران).
ونتيجة لذلك الوضع المعقد للغاية، يظهر سؤال مهم جدا: لماذا تعتبر صلاة الجمعة شديدة الأهمية؟
قال هاشمي رفسنجاني، الرئيس السابق ورئيس مجلس الخبراء الحالي، بصراحة إن إيران تمر بأزمة.
وأود أن أركز على ذلك الحدث السياسي المهم في إيران حاليا.
أولا: لعب هاشمي رفسنجاني دورا مهما في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ ويمكنني أن أقول إن دوره غير قابل للخلاف. وبمعنى آخر، في العقود الثلاثة الماضية من عمر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان في قلب الحكومة. ولعب دورا مؤثرا في السيطرة على العديد من الأزمات والكوارث (على سبيل المثال الحرب بين العراق وإيران وقضية الرهائن الأميركيين).
إنها المرة الأولى التي تواجه فيها إيران أزمة في الانتخابات، وما زالت تلك الأزمة مستمرة، ولكن كان رفسنجاني غائبا. واستغرقت المدة التي تفصل بين آخر صلاة جمعة خطب بها وصلاة الجمعة في الأسبوع الماضي 50 يوما.
ثانيا: لقد قسم خطبتيه إلى ثلاثة أجزاء. فتحدث أولا عن حقوق الشعب وفقا للمعتقدات والفكر الإسلامي.
وذكر حديثا ذكيا رواه السيد ابن طاووس، أحد أشهر مصادر الشيعة وأكثرها ثقة. وتقول الرواية: في أحد الأيام، قال النبي صلى الله عليه وسلم للإمام علي: «إذا رضي الناس بحكمك، اقبل أن تكون لهم حاكما، ولكن إذا لم يقبلوك، يجب أن تحترمهم وتدعهم يفعلون كما يشاءون».
وأشار إلى حكم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي اعتمد على رضا الناس. وقال إن شرعية الحكومة تنبع من رضا الناس.
ثالثا: في الجزء الثاني من الخطبة ذكر أن الثورة الإسلامية الإيرانية قامت بناء على ثقة الشعب ورضاه. وأكد على أن وحدة الأمة وثقتها في الإمام الخميني كانت السبب الأساسي في انتصار الثورة. في ذلك الوقت، كانت أعداد كبيرة من الإيرانيين تحتشد في الشوارع والميادين، وتهتف بأنها لا تريد الشاه، وأسقطت الشاه. ونتيجة لوجود الأمة، انهار نظام الشاه.
رابعا: قال رفسنجاني: «اليوم يوم مرير. فالناس فقدت إيمانها بالنظام وتأثرت ثقتها. ومن الضروري أن نستعيد رضا الناس وثقتهم في النظام».
وكان ذلك هو السطر الأساسي في خطبة هاشمي رفسنجاني. وعندما نقرأ ما بين السطور، ونفكر فيما لم يقله، من الواضح أن هاشمي لعب دورا كبيرا في حياته السياسية من خلال آخر خطبة له.
إنه لم يركز على ولاية الفقيه. ولم يذكر خامنئي. بل على النقيض، كان دور الأمة هو صاحب الجزء الرئيس في خطبة هاشمي.
وقد قال: «نحتاج إلى استعادة ثقة الشعب، نحتاج لأن يكون لدينا مجتمع مفتوح يمكن للناس فيه أن تقول ما تريد. لا يجب أن نعتقل الأفراد، دعوهم يعودون إلى أسرهم».
«نحتاج إلى التعاطف مع الأشخاص الذين يمرون بفترة حداد أو المصابين. لا تتركوا أعداءنا يضحكون علينا بوضع الأفراد في السجون».
وماذا كان رد فعل الحكومة على هاشمي؟
لقد وجدنا ردين قاسيين. الأول من رئيس تحرير صحيفة «كيهان»، حسين شريعتمداري، الممثل عن خامنئي، وأحد المتشددين في إيران.
وكان رد الفعل الثاني صادرا عن وزير الأمن، محسني إيجي. وقد انتقد هاشمي وخاتمي وموسوي وكروبي، وأضاف أن مهاجراني (كاتب هذا المقال!) كان مستشارا لكروبي، وأن كروبي فعل ما نصحه مهاجراني بفعله.
يبدأ ديوان حافظ شيرازي بالسطور التالية:
«ألا أيها الساقي ادر كأسا وناولها كه عشق اسان نمود اول ولي افتاى مشكل ها!»
ويأتي الشطر الثاني من البيت باللغة الفارسية، ومعناه أنه في البداية يبدو العشق سهلا، ولكن بعد ذلك تظهر مشكلات عديدة.
لقد قسم تزوير الانتخابات غير القابل للتصديق إيران إلى قسمين. وقد اتخذ هاشمي رفسنجاني قراره التاريخي. ووقف إلى جانب الأمة.
فهل يتم الاستماع إلى نصيحته؟ لا أعتقد ذلك. لأنه عندما تستخدم الحكومة القوة لفرض الصمت والاعتقال وقتل المتظاهرين، فقد وضعت بالتأكيد قطنا يسدّ آذانها!