في 30 ساعة من التسجيلات الصوتية السرّية، يروي الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الصيني، “جاو جيانغ”، أحداث ساحة “تيين آن مينغ” والمجزرة التي تعرّض لها الطلاب في 4 يونيو من العام 1989 (ترافقت مع زيارة غورباتشوف للصين)، ومسيرة حركة الإصلاح، الإقتصادي بالدرجة الأولى، التي شرع بها الحزب الشيوعي الصيني في عهده. المذكّرات نُشِرت بالإنكليزية في هونغ كونغ قبل يومين، بعنوان: “سجين الدولة: المذكرات السرية لجاو جيانغ” Prisoner of the State: the Secret Journal of Zhao Ziyang. وسيبدأ بيعها في أنحاء العالم في 19 مايو الحالي.
حسب الباحث الفرنسي “جان-فيليب بيجا” (في جريدة “لوموند”)، فهذه المذكرات تمثل “أول مرة تصلنا فيها الرواية المباشرة لمشارك أساسي في الأحداث. لم يسبق أن شهدنا مسؤولاً صينياً يروي بصورة مباشرة ما حدث ضمن السلطة الحاكمة، أو يتحدّث بكل حرّية عن زملائه”. وتلقي المذكرات ضوءاً جديداً على دور “دينغ سياو بينغ” (الذي حكم الصين من 1976 إلى 1997) الذي كان يُعتَبَر حتى الآن “مهندس الإصلاحات” في الصين. كما يتعرّض “جاو جيانغ” لجُبن وعدم كفاءة كل من “لي بينغ” و”جيانغ زيمين”، اللذين خلفا “بينغ سياو بينغ”، قبل أن يختم مذكراته بالدعوة إلى إقامة نظام “ديمقراطية برلمانية” في الصين.
بالنسبة لأحداث “تيين آن مين”، يروي “جاو جيانغ”، الذي كان من دعاة الحوار مع الطلاب لأنه اعتبر مطالبهم مشروعة، كيف تلقّى، في يوم 17 مايو، دعوة للحضور إلى منزل “دينغ سياو بينغ”، حيث فوجئ بأن اللجنة الدائمة للمكتب السياسي قرّرت فرض الأحكام العرفية: “كانت مهمّتي التاريخية قد انتهت.. وقلت لنفسي أنني، مهما حصل، لن أكون السكرتير العام الذي يعطي الأمر للجيش بشن هجوم على الطلاب”.
بعد عزله من منصبه، عاش “جاو جيانغ” تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في العام 2005.
هذه المذكرات تلقي ضوءاً من الداخل على محاولات الإصلاح، الناجحة جزئياً، التي حقّقتها الصين وسمحت لها بالتحوّل إلى قوة إقتصادية من الدرجة الأولى. ولكنها، في الأزمة الإقتصادية التي تجتاح العالم والصين حالياً، تشير إلى نواقص الإصلاح الصيني، وخصوصاً إلى غياب جانبه السياسي. فليس أمراً يسيراً أن السكرتير العام لأكبر حزب شيوعي في العالم يدعو إلى اعتماد “الديمقراطية البرلمانية”، أي نفس النظام الذي كان الشيوعيون يعتبرونه “ديمقراطية شكلية” أو “ديمقراطية برجوازية”.
وهذا التسليم بتفوّق النموذج السياسي الغربي هو نفس التسليم الذي استندت إليها “شرعة 08” التي أصدرها قبل أشهر قليلة مثقفون صينيون بينهم عدد من موظفي الحكومة الصينية. وقد نشر “الشفّاف” ترجمة لـ“شرعة 08” التي تمثّل واحداً من أجمل النصوص السياسية التي طالعناها في السنوات الأخيرة.
مهمة الإصلاح السياسي الديمقراطي ما تزال مطروحة على الصين حالياً، كما تثبت مذكرات “جاو جيانغ” و”شرعة 08″. خصوصاً مع الأزمة الإقتصادية الحادة، ونشوء “جيوش” من العاطلين عن العمل (20 مليون صيني فقدوا عملهم في الأيام الأولى للأزمة)، وبوادر العنف الإجتماعي على نطاق واسع.
إطلبوا العلم ولو في الصين.. والإصلاح الإقتصادي والسياسي كذلك.
“الشفّاف”
*
في ما يلي ترجمة بعض المقتطفات كما نشرتها “الواشنطن بوست” بالإنلكيزية.
مقتطف 1: المأساة
(من الجزء 1: مجزرة تيين آن مين، الفصل 4: القمع)
“في ليلة 3 يونيو، كنت أجلس في باحة المنزل مع عائلتي حينما سمعت إطلاق نار كثيفاً. لقد تعذّر تجنّب المأساة التي ستهزّ العالم، وها هي تحدث رغم كل شيء.
قمت بإعداد هذه المواد المكتوبة بعد مرور ثلاث سنوات على مأساة الرابع من يونيو. لقد انقضت سنوات طويلة منذ تلك المأساة. إن معظم الناشطين الذين شاركوا في تلك الحادثة، باستثناء حفنة نجحت في الفرار إلى خارج البلاد، قد تمّ اعتقالهم، ومحاكمتهم، وتعرّضوا لاستجوابات عديدة. أفترض أنه تم التوصّل إلى الحقيقة كاملة الآن. ومن المؤكّد أنه تمّت الإجابة على الأسئلة الثلاثة التالية.
أولاً، لقد تقرّر أن الحركة الطلابية كانت “مؤامرة مخطّطة” قامت بها عناصر مناوئة للحزب، ومناوئة للإشتراكية، وتخضع لقيادة محددة. وبناءً عليه ينبغي لنا أن نسأل: من هم أولئك القادة؟ وماذا كانت خطّتهم؟ وما هي الأدلّة التي تدعم ذلك؟ كذلك قيل أنه كانت هنالك “أيادٍ سوداء” ضمن الحزب الشيوعي. فمن هم؟
ثانياً، قيل أن هدف ذلك الحدث كان الإطاحة بالجمهورية الشعبية وبالحزب الشيوعي. ما هو الإثبات؟ لقد قلت في حينه أن جلّ ما طالبنا الناس به كان تصحيح هفواتنا، وأن أحداً لم يسعى للإطاحة بالنظام السياسي. بعد مرور كل هذه السنوات، ما هي الأدلة التي تم الحصول عليها عبر الإستجوابات؟ هل ثبت أنني كنت على حقّ، أم هل ثبت أنهم، هم، كانوا على حق؟
الكثير من ناشطي الديمقراطية في المنفى يقولون أنهم، حتى الرابع من يونيو، كانوا ما يزالون يؤمنون بأن الحزب قادر على تحسين نفسه. لكنهم بعد الرابع من يونيو اعتبروا أنهم لا أمل في الحزب، وبعد ذلك التاريخ فقط قرّروا أن يعارضوا الحزب. وقد رفع الطلاب شعارات ومطالب عديدة أثناء التظاهرات، ولكن يلفت النظر أن مشكلة التضخّم كانت غائبة، مع أن التضخّم كان موضوعاً ساخناً وقادراً على خلق أصداء وعلى إشعال المجتمع كله. لو كان الطلاب ينوون مقاومة الحزب الشيوعي في ذلك الحين، فلماذا لم يستخدموا ذلك الموضوع الحسّاس؟ ولو كانوا ينوون تعبئة الجماهير، أفلم يكن سهلاً عليهم أن يطرحوا مثل هذه المواضيع؟ بعد مرور كل هذه السنوات، من الواضح الآن أن السبب الذي حال دون إثارة الطلاب لمسألة التضخّم (إرتفاع الأسعار) هو معرفتهم بأن تلك القضية ترتبط ببرنامج الإصلاح، وأن الإلحاح على إبرازها من أجل تعبئة الجماهير كان سيؤدي إلى عرقلة العملية الإصلاحية.
ثالثاً، هل يمكن إثبات أن حركة الرابع من يونيو كانت “إضطراباً مضاداً للثورة”، وفقاً للتسمية الرسمية التي أطِلقَت عليه؟ لقد تحلّى الطلاب بالإنضباط. وتفيد تقارير عديدة أنه حينما تعرّّض جيش التحرير الشعبي للهجوم، فإن الطلاب، في حالات عدة، هم الذين دافعوا عنه. لقد قامت أعداد كبيرة من سكان المدن باعتراض “جيش التحرير الشعبي” لمنعه من دخول المدينة. لماذا؟ هل كان هؤلاء يرغبون في الإطاحة بالجمهورية؟
طبعاً، حيثما يحتشد عدد كبير من الناس، فستكون هنالك أقلية صغيرة بين الجموع راغبة في مهاجمة “جيش التحرير الشعبي”. ومن الممكن جداً أن بعض المشاغبين استفادوا من الوضع لخلق إضطرابات، ولكن كيف يمكننا أن ننسب هذه الأعمال إلى أغلبية المواطنين والطلاب؟ بعد مرور كل هذه السنوات، ينبغي أن يكون الجواب على هذا السؤال قد أصبح واضحاً.
المقتطف 2: العقوبة
(من الجزء الرابع: حرب في المكتب السياسي، الفصل 2: جاو يجتاز الخط الفاصل)
كانت هنالك قضية أخرى وهي كيفية التعامل مع الناس المتورّطين في ذلك كله. فـ”الحملة المناوئة للتحرير” (أي المناوئة للإتجاه “الليبرالي” داخل الحزب الشيوعي) لم تكن مجرّد قضية نظرية. فبين أكبر المشاكل التي واجهتها كانت قضايا من نوع ما إذا كان ينبغي معاقبة الناس، وكيفية تقليل الضرر اللاحق بالناس، وكيفية حصر دائرة الناس الذين يتم إلحاق ضرر بهم. ومنذ بدء الحملة، كان بعض قياديي الحزب الأكبر سنّاً توّاقين جداً لمعاقبة عدد كبير من الناس. وكان “دينغ هسياو بينغ” يؤمن على الدوام بأن الذين أطلقوا التيار الليبرالي داخل الحزب ينبغي أن يخضعوا لعقوبة شديدة. وكان يشاركه في ذلك “وانغ زن” وقيادات قديمة أخرى. بل وكان “دينغ ليكون” و”هو كياومو” أكثر حماسا لاغتنام الفرصة من أجل تدمير أشخاص معيّنين والتمتّع بذلك.
وسط هذه الظروف، كان صعباً توفير الحماية لأشخاص معينين، أو الحدّ من عدد الذين سيتعرضّون لأذى أو حتى الحدّ من درجة الأذى الحاصل. بناءً عليه، فلدى صياغتها وضعت “الوثيقة رقم أربعة” حدوداً صارمة للعقوبة التي ستطال من اعتبرت الحملة أنهم ارتكبوا أخطاء. وتضمّنت الوثيقة التعريف التالي: “إن العقوبات التي سيتمّ الإعلان عنها، وكذلك العقوبات الإدارية، ينبغي أن تخضع أولاً لموافقة اللجنة المركزية للحزب، وهي ستُفرَض على القلّة من أعضاء الحزب الذين يروّجون الليبرالية البرجوازية، ويرفضون تصحيح سلوكهم رغم التوبيخات المتكررة، ويملكون تأثيراً واسعاً. كما جاء في الوثيقة أنه “بالنسبة لأولئك الذين يحملون وجهات نظر خاطئة، يمكن أن يُوجّه لهم النقد من جانب رفاقهم في الحزب داخل الإجتماعات الإدارية للمجموعات الحزبية. وينبغي إتاحة المجال لهم للتمسّك بوجهات نظر، كما ينبغي أن تتّسم عملية توجيه النقد لهم بالهدو”.
كذلك تحدّثت في اجتماع قادة “دائرة الدعاية” القومية وفي مناسبات أخرى حول كيفية كسب معظم الناس في الميادين النظرية والثقافية. بل واقترحت أن نتعاون حتى مع الذين يحملون أفكاراً متحيّزة أو خاطئة. وقد أشرت إلى أنه “بين أعضاء الحزب العاملين في الحقول النظرية والثقافية، هنالك البعض الذين يتمسّكون بوضوع بـ”المبادئ الأساسية الأربعة” ولكنهم محافظون وجامدون إلى حدّ ما؛ وهنالك بعض المتحمّسين للإصلاح، سوى أنهم أطلقوا تصريحات غير مناسبة. لا نستطيع أن نصف الأوائل بأنهم دوغمائيين أو أن نصف الآخرين بأنهم من أنصار الليبرالية. ينبغي أن نقوم بتثقيفهم وبالتعاون معهم جميعا”.
ولدى مباشرة “حملة مناوأة الليبرالية”، كنت قد تعمّدت الإلحاج على أنه يتوجّب علينا أن نصنّف الذين قاموا بأعمال ليبرالية خاطئة والذين أثبتوا أنهم محافظون وجامدون جداً ضمن جماعة واحدة تتّسم بالمبالغة في التحيّز. وكان قصدي من ذلك تجنّب الضرر الذي سيلحق بهم، أو الحدّ منه.
المقتطف 3: الإشتراكية
(من الجزء 4: حرب في المكتب السياسي: التمهيد للحدث الكبير)
مع ذلك، كنّا قد طبّقنا الإشتراكية ما يزيد على ثلاثين عاما. وإزاء أولئك الذين يتشدّدون في التمسّك بالمبادئ الإشتراكية الأصلية (“الأرثوذكسية”)، كيف كان بوسعنا أن نفسّر ذلك؟ كان أحد التفسيرات الممكنة هو أنه تم تطبيق الإشتراكية قبل أوانها، وأننا بحاجة إلى إعادة ترسيخ الديمقراطية وإعادة تأهيلها. وكان هنالك تفسير آخر وهو أن الصين طبّقت الإشتراكية بدون أن تعيش تجربة الرأسمالية، وبناءً عليه كان ضرورياً إدخال جرعة من الرأسمالية.
إن أيّا من التفسيرين لم يكن بعيداً كلياً عن الصحة، ولكن التفسيرين كان يمكن أن يثيرا نقاشات نظرية كبرى، الأمر الذي سيؤدي إلى تبلبل الأفكار. ثم أن تفسيرات من هذا النوع لا يمكن أن تحصل على موافقة سياسية. وفي السيناريو الأسوأ، فإنها كانت ستتسبّب بقتل الإصلاح في المهد.
أثناء التخطيط للمؤتمر الثالث للحزب في ربيع 1987، خصّصت وقتاً طويلاً للتأمل في كيفية حلّ هذه المشكلة. وتوصّلت إلى قناعة بأن تعبير “المرحلة الأولية من الإشتراكية” كان يمثّل المنحى الأفضل، وذلك ليس ففط لأنه يبرّر ويلقي ضوءاً إيجابياً على تطبيقنا الواقعي للإشتراكية خلال عدة عقود؛ فهذا التعبير، الذي يعتبر أننا منا زلنا في “مرحلة أولية”، يحرّرنا كلياً في الوقت نفسه من قيود مبادئ الأرثوذكسية الإشتراكية. وتبعاً
المقتطف 4: الإصلاح الإقتصادي
(من الجزء 3: جذور النهوض الإقتصادي الصيني: العثور على منحى جديد)
كان السبب في إهتمامي العميق بالإصلاح الإقتصادي وتكرّسي للعثور على طرق للقيام بهذا الإصلاح هو أنني كنت مصمّماً على إستئصال مرض النظام الإقتصادي الصيني من جذوره. وبدون فهم علل ونواقص نظام الصين الإقتصادي، فإنني ربما لم أكن لأصل إلى مثل هذا الحافز القوي للإصلاح.
طبيعي أن فهمي لكيفية المباشرة بالإصلاح كان ضحلاً ومبهماً في البداية. فالعديد من الأساليب التي اقترحتها كانت ستقتصر على تخفيف العوارض؛ ولكنها لم تكن مؤهّلة للتصدّي للمشكلات الأساسية.
وكان أعمق إدراك توصّلت له حول إستئصال علل الإقتصاد الصيني ونواقصه هو أنه ينبغي تحويل النظام إلى إقتصاد سوق، وأنه ينبغي حلّ مشكلة حقوق الملكية. وقد توصّلت إلى ذلك عبر التجربة العملية، وفقط بعد سلسلة طويلة من المحاولات ذهاباً وإياباً.
ولكن، ماذا كانت المشكلة الأساسية؟ في البداية، لم يكن الجواب واضحاً بالنسبة لي. فكان إحساسي العام يقتصر على أنه ينبغي تحسين الكفاءة. وبعد وصولي إلى بكين، لم يكن المبدأ الموجّه لي، بالنسبة السياسة الإقتصادية، هو التفرّغ لمتابعة أرقام الإنتاج وحدها، ولا وتيرة التنمية الإقتصادية وحدها، وإنما بالأحرى كيفية إيجاد طرق تتيح لشعب الصين أن يجني ثمار عمله بصورة محسوسة. كانت تلك هي نقطة البداية بالنسبة لي. إن معدلات نمو مثل 2 أو 3 بالمئة كان يُمكن أن تُعتبر أمراً رائعاً في الأمم الرأسمالية المتقدمة، ولكن إقتصادنا كان ينمو بمعدّل 10 بالمئة ومع ذلك لم يتحسّن مستوى معيشة شعبنا.
أما بالنسبة لكيفية تعريف هذا المسار الجديد، فلم يكن لدى نموذج مُسبَق أو فكرة منهجية. فقد انطلقت فحسب من الرغبة في تحسين كفاءة الإقتصاد. وكانت تلك القناعة مهمة جداً. كانت نقطة البداية هي زيادة الكفاءة، وحصول الناس على منافع عملية. وإذ اعتبرنا ذلك هدفنا، فقد توصلنا إلى طريقة مناسبة في النهاية، وبعد بجث مديد. وبالتدريج، قمنا بخلق المسار الصحيح.
المقتطف 5: نُظُم السوق
(من الجزء 3: جذور النهوض الإقتصادي الصيني: خطوة واحدة في وقت واحد)
لكي أوجز، كان هنالك وجهان: من جهة، قطاع إقتصاد السوق الخارج عن نظام التخطيط، ومن جهة أخرى القطاع الإقتصادي الخاضع للتخطيط. ومع توسيع قطاع السوق، فقد قمنا بتقليص القطاع الخاضع للتخطيط. ومع بقاء كلا القطاع الخاضع للتخطيط وقطاع السوق، فقد كان محتّماً أن يتقلّص أحدهما مع تنامي الآخر. وهكذا اتسع قطاع السوق وتعزّز مقابل تقليص القطاع الآخر ووهنه.
في ذلك الحين، كانت المكوّنات الرئيسية لقطاع السوق هي الزراعة، والمنتجات الزراعية، والصناعات الخفيفة، وصناعات الغزل والنسيج، وسلع الإستهلاك. أما المنتجات التي تتعلق بوسائل الإنتاج فقد ظلّت بمعظمها خاضعة للشركات التي تملكها الدولة.
ولو لم يتم إضعاف الشركات التي تسيطر على وسائل الإنتاج أو تقليصها، ولو لم نأخذ قسماً منها لتغذية قطاع السوق، فإنه كان سيتعذّر تـأمين إستمرار نمو قطاع السوق الناشئ. وإذا لم يتم السماح ببيع قسم من وسائل الإنتاج مباشرة في السوق الحرة؛ مثلاً، إذا كانت الشركات الصغيرة التي تنتج الفحم أو الإسمنت خاضعة جميعاً للسيطرة المركزية؛ عندها، كان إقتصاد السوق الجديد والناشء سيتعرّض لصعوبات جمّة بسبب عدم توفّر المواد الخام. بناءً عليه، طوال ما يزيد على عشرة أعوام، ومع أنه لم يطرأ تغيير أساسي في النظام الإقتصادي الخاضع للتخطيط وفي نظام الشركات المملوكة من الدولة، فإن التغييرات التراكمية في الإنتقال من الإقتصاد الخاضع للتخطيط إلى إقتصاديات السوق كانت لها آثار إيجابية لا مجال لإنكارها.
.
مقتطف 6: الديمقراطية
(الجزء 6: كيف ينبغي للصين أن تتغيّر، الفصل 5: الطريق نحو التقدّم)
بالطبع، يمكن في المستقبل أن ينشأ نظام سياسي يكون أكثر تقدّماً من نظام الديمقراطية البرلمانية. ولكن ذلك يظل طيّ المستقبل. حالياً، لا يوجد نظام آخر أفضل منه.
بناءً عليه، يمكننا أن نقول أنه إذا أراد بلد ما أن يحدّث نفسه، فلا يتوجّب عليه أن يطبّق نظام السوق فحسب، بل وعليه أن يتبنّى الديمقراطية البرلمانية كنظامٍ سياسي. وإلا، فإن مثل هذا البلد لن يتمكن من خلق إقتصاد سوق يكون صحّياً وحديثاً، كما ولن ينجح في التحوّل إلى مجتمع حديث وخاضع لحكم القانون. بالعكس، فإنه سيتعرّض للأوضاع التي عاشتها العديد من البلدان النامية، بما فيها الصين: المتاجرة بالسلطة، والفساد المستشري، ومجتمع مُستَقطَب بين الأغنياء والفقراء.
المقتطف 7: الأجانب
(من الجزء 3: جذور الإصلاح الإقتصادي في الصين، الفصل 3: الإنفتاح الصعب على العالم)
مع مرور الزمن يمكننا أن نقول أنه لم يكن سهلاً على الصين أن تنفّذ “سياسة الإصلاح والباب المفتوح”. فحيثما كانت هنالك قضايا تشمل العلاقات مع الأجانب، كان الناس يشعرون بلخوف، وتمّ توجيه إتهامات كثيرة ضد الإصلاحيين: فالناس كانوا يخشون أن نتعرّض للإستغلال، أو أن تتعرّض سيادتنا للإنتقاص، أو أن تتعرّض أمّتنا للمهانة.
لكنني قلت أنه حينما يقوم الأجانب بتوظيف أموالهم في الصين، فإنهم يخشون أن تتغيّر سياسات الصين في المستقبل. أما نحن، فما الذي نخاف منه؟
نقلاً عن “الواشنطن بوست” (ترجمة: بيار عقل)
المقتطفات بالإنكليزية على “الشفاف”
“شرعة 08”: 300 مثقف صيني يطالبون بحكم ديمقراطي ودستوري وبإنهاء هيمنة الحزب الشيوعي