تعود بداية الاستيطان اليهودي
في شبه الجزيرة العربيّة، بحسب الأسطورة، إلى التّاريخ اليهودي القديم وإلى جيش موسى الذي حارب وقضى على الأقوام الماضية ممّن يُطلق عليهم اسم العماليق: “وكان ذلك الجيش أوّل سكنى اليهود المدينة، فانتشروا في نواحي المدينة كلها إلى العالية، فاتّخذوا بها الآطام والأموال والمزارع. ولبثُوا بالمدينة زمانًا طويلاً.” (الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني: ج 22، 112). ثمّ تتوالى الأخبار لاحقًا بعد استيلاء الرّوم على مملكة اليهود وخراب الهيكل: “ثم ظهرت الروم على بني إسرائيل جميعًا بالشام، فوطئوهم وقتلوهم ونكحوا نساءهم. فخرج بنو النضير وبنو قريظة وبنو بهدل هاربين منهم إلى مَنْ بالحجاز من بني إسرائيل لمّا غلبتهم الرّوم على الشام.” (الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني: ج 22، 113؛ خلاصة الوفا للسمهودي: ج 1، 72).
وحسبما يذكر ابن كثير، فقد كان الاستيطان اليهودي سابقًا للأنصار في الحجاز وفي المدينة، حيث: “كان بها من أحياء اليهود بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة. وكان نزولهم بالحجاز قبل الأنصار أيّام بختنصر، حين دوّخ بلاد المقدس.” (سيرة ابن كثير: ج 2، 319؛ الروض الأنف للسهيلي: ج 1، 238؛ تاريخ أبي الفدا: ج 1، 145)، إذ يعتبر غزو بختنصر هذا من أعظم الأحداث في التاريخ القديم: “ومن أعظم ما يذكرون فعل بخت نصر ببني إسرائيل بالبيت المقدس.” (تاريخ الإسلام للذهبي: ج 1، 4413؛ الكامل لابن الأثير: ج 5، 304)، حيث “أخذ بخت نصر التوراة، وما كان في الهيكل من كتب الأنبياء، فصيرها في بئر وطرح عليها النار وكبسها… وكان عدة من حمل بخت نصر إلى أرض بابل ثمانية عشر ألفا… فمنهم اليهود الذين بالعراق.” (تاريخ اليعقوبي: ج 1، 24).
لقد كانت يثرب قبل الإسلام بلدًا عامرًا بالقبائل اليهوديّة: “فكان ممن يسكن المدينة، حين نزلها الأوس والخزرج، من قبائل بني إسرائيل: بنو عكرمة وبنو ثعلبة وبنو محمر وبنو زغورا وبنو قينقاع وبنو زيد وبنو النضير وبنو قريظة وبنو بهدل وبنو عوف وبنو الفصيص. فكان يسكن يثرب جماعة من أبناء اليهود فيهم الشرف والثروة والعزّ على سائر اليهود… وكان يقال لبني قريظة وبني النضير خاصة من اليهود الكاهنان. نُسبوا بذلك إلى جدّهم الذي يقال له الكاهن.” (الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني: ج 22، 114). وقد كان الملك والحكم في المدينة لليهود ردحًا من الزّمن: “ولم تزل اليهود ظاهرين على المدينة حتّى كان سيلُ العرم.” (سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي: ج 3، 282؛ خلاصة الوفا للسمهودي: ج 1، 73).
لا يوجد تحديد دقيق لزمن حدوث هذا السّيل بسبب تهدّم السدّ: “والذي يفهم من أقوال الأخباريين أن هذا التصدّع كان قد وقع قبل الإسلام بزمن، وقد بقيت ذكراه عالقة في الذاكرة إلى أيام الإسلام.” (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي: ج 1، 1683). لقد كان هذا التّهدّم هو السّبب الذي أدّى إلى تفرّق قبائل اليمن في البلاد، وهكذا وصلت قبائل الأوس والخزرج إلى يثرب، بل وأكثر من ذلك فقد حالف هؤلاء اليهودَ وصاروا يتشبّهون بهم لعلمهم: “ثمّ لمّا كان سيل العرم وتفرّقتْ شذر مذر، نزلَ الأوسُ والخزرجُ المدينةَ عند اليهود، فحالفوهم وصاروا يتشبّهون بهم، لِمَا يرون لهم عليهم من الفَضْل في العِلْم المأثور عن الأنبياء.” (سيرة ابن كثير: ج 2، 320؛ حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني: ج 3، 337؛ الدر المنثور للسيوطي: ج 6، 689).
لم تكن أحوال الأوس والخزرج
في بداية نزولهم المدينة على أفضل حال، إذ أنّهم وجدوا أنفسهم في ضائقة معيشيّة، بخلاف اليهود الّذين كانوا قد أسّسوا ملكهم فيها: “فأقامت الأوس والخزرج في منازلهم التي نزلوها بالمدينة في جهد وضيق في المعاش، ليسوا بأصحاب إبل ولا شاة، لأن المدينة ليست بلاد نعم وليسوا بأصحاب نخل ولا زرع. وليس للرجال منهم إلا الأعذاق اليسيرة والمزرعة يستخرجها من أرض موات، والأموال لليهود. فلبثت الأوس والخزرج بذلك حينًا.” (الأغاني للأصفهاني: ج 22، 115-116)، حيث كانت يثرب مدينة ومملكة يهوديّة عامرة: “وكانت يثرب منازل اليهود، فنازعتهم، وغلبتهم اليهود بكثرتهم، وقهروهم.” (تاريخ اليعقوبي: ج 1، 79). ولمّا كانت هذه هي الحال في يثرب عقد هؤلاء حلفًا مع اليهود: “أنّ الأوس والخزرج وجدوا الأموال والآطام بأيدي يهود والعدد والقوة معهم. فمكثوا ما شاء الله ثم سألوهم أن يعقدوا بينهم جوارًا وحلفًا يأمن به بعضهم من بعض ويمتنعون به ممن سواهم، فتحالفوا وتعاملوا ولم يزالوا كذلك زمانا طويلا. وأثْرَت الأوس والخزرج وصار لهم مال وعدد. فخافت قريظة والنضير أن يغلبوهم على دورهم فتنمّروا لهم، حتى قطعوا الحلف، وقريظة والنضير أعَدُّ وأكثرُ، فأقاموا خائفين أن تجليهم يهود.” (خلاصة الوفا للسمهودي: ج 1، 76).
وهكذا استمرّت الحال،
ثمّ يروي لنا الأخباريون سبب غزو تبّع أسعد، ملك اليمن، ليثرب وما جرى بعدئذ: “قال محمد بن اسحق: كان الأوس والخزرج مستضعفين متهضمين في أيدي اليهود وملكهم القيطون، لا يزف عروس إلا افتضّها. فلما زوّج مالك بن عجلان الخزرجي أخته وأدخلها إلى القيطون، تشبّهَ مالكُ بن عجلان بالنساء وتستّر بثيابهنّ ودخل معهنّ، واختبأ في ناحية من داره. فلما همّ القيطون بأخته، قام إليه مالك بن عجلان فقتله. ثم خرج إلى تبّع فاستصرخه، فجاء حتّى قتل من رؤساء اليهود وأعلامهم ثلثمائة وخمسين رجلا غيلةً بذي حرض… قال وهمّ تبّع بإخراب المدينة فقالت له يهود: إن هذا غير ممكن ولا أنت واصل إليه. قال: ولم؟ قالوا: لأنها مهاجر نبي يخرج من مكة، فقبل تبّع اليهودية ودان بها. وأخذ حبرين من أحبارهم معه إلى اليمن.” (البدء والتاريخ لابن المطهر: ج 1،179؛ انظر أيضًا: سيرة ابن كثير: ج 1، 295؛ البداية والنهاية: ج 2، 379؛ الأنساب للصحاري: ج 1، 186؛ خلاصة الوفا للسمهودي: ج 1، 76؛ الأخبار الطوال للدينوري: ج 1، 41 -حيث يذكر الأخير أنّ القيطون هو ابن عمّ أسعد بن عمرو الحميري وأصله من اليمن.).
وكما يُروى فإنّ هذين الحبرين هما اللّذان دفعاه إلى اعتناق اليهوديّة: “وكان تبّع تبان لما قدم من المدينة صحبه حبران من اليهود، وهما اللذان هَوّداه.” (البلدان لياقوت: ج 2، 373)، فقد رافقه الحبران في عودته من المدينة إلى اليمن: “ثم خرج منها متوجها إلى اليمن، بمن معه من جنوده وبالحبرين، حتى إذا دخل اليمن دعا قومه إلى الدخول فيما دخل فيه… فأصفقت عند ذلك حمير على دينه. فمن هنالك وعن ذلك كان أصلُ اليهودية باليمن.” (سيرة ابن هشام: ج 1، 26؛ تاريخ الطبري: ج 1، 305؛ البداية والنهاية: ج 2، 202-203). وتُبّع هذا هو أبو ذي نواس ملك اليمن اليهودي الّذي أحرق نصارى نجران، إذ بعد أن تولّى ابنه، يوسف ذو نواس، الملك في اليمن غزا نصارى نجران، حيث دعاهم إلى اعتناق اليهودية. فلما أبوا خدّ لهم الأخدود وأحرقهم بالنار: “ولم ينج منهم سوى رجل واحد يقال له دوس ذو ثعلبان، ذهب فارسًا، وطردوا وراءه فلم يُقدر عليه، فذهب إلى قيصر ملك الشام، فكتب إلى النجاشي ملك الحبشة، فأرسل معه جيشًا من نصارى الحبشة يقدمهم أرياط وأبرهة، فاستنقذوا اليمن من أيدي اليهود.” (تفسير ابن كثير: ج 8، 369-370؛ الرحيق المختوم للمباركفوري: ج 1، 23). أي أنّ دخول اليهودية إلى اليمن كان على يدي هذين الحبرين القادمين مع تبّع من يثرب: “فكان تهوّد من تهوّد من أهل اليمن على يديهما.” (تفسير ابن كثير: ج 8، 369). ومن بين أشهر رجالهم نذكر كعب الأحبار الّذي أسلم وكان له تأثير بالغ في بداية الإسلام: “ويقولون إنّ علم كعب الأحبار كان من بقية ما أورثت تلك الأحبار. وكان كعب الأحبار رجلاً من حمير.” (تاريخ الطبري: ج 1، 524).
وعلى مرّ الزّمن، على ما يبدو، فقد تعاظمت قوّة الأوس والخزرج في المدينة وبدأت تتضعضع سيطرة اليهود، فتفرّق اليهود وصاروا أحزابًا متناحرة تبني أحلافًا مع تلك القبائل: “وكانت بنو قينقاع أعداء قريظة، وكانت الأوس حلفاء بني قينقاع، والخزرج حلفاء بني قريظة. والنضير والأوس والخزرج إخوان، وقريظة والنضير أيضًا إخوان. ثم افترقوا فكانوا يقتتلون، ثم يرتفع الحرب فيَفْدُون أساراهم”. (تفسير القرطبي: ج 2، 20).
كذا كانت حال اليهود في جزيرة العرب عشيّة ظهور محمّد ورسالته الجديدة.
***
مصير بني قينقاع:
لقد استمرّ محمّد وأصحابه في بذل الجهود الحثيثة للتّقرُّب من اليهود في يثرب – المدينة -، وواصل إرسال موفدين إلى اليهود لدعوتهم إلى الإسلام: “كتب النبي صلعم مع أبي بكر رض إلى يهود بني قينقاع يدعوهم إلى الإسلام… فدخل أبو بكر رض ذاتَ يوم بيتَ-مدراسهم، فوجد ناسًا كثيرًا من اليهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص بن عازوراء وكان من علمائهم، ومعه حبرٌ آخر يقال له أشيع. فقال أبو بكر لفنحاص: اتّقِ اللهَ وأسلمْ، فوالله إنك لتعلم أن محمّدًا رسول الله قد جاءكم بالحق من عند الله تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة، فآمنْ وصَدّقْ وأقرض اللهَ قرضًا حسنًا يُدْخلك الجنةَ ويضاعف لك الثواب…” (تفسير البغوي: ج 2، 143؛ أسباب النزول للواحدي: ج 1، 46؛ سيرة ابن هشام: ج 1، 558؛ تفسير السراج المنير للشربيني: ج 1، 595). إلاّ أنّ هؤلاء قد رفضوا بغالبيّتهم الدخول في الإسلام وقبول نبوّته، ما عدا أحد أحبارهم وهو عبد الله بن سلام من بني قينقاع: “وبادرَ حبرُهم وعالمُهم عبد الله بن سلام فدخل في الإسلام وأبى عامّتهم إلاّ الكفر.” (زاد المعاد لابن قيم الجوزية: ج 3، 58). وهكذا، وبعد أن يئس محمّد من قبول أهل الكتاب بنبوّته الأمّيّة، طفق يبحث عن قبلة أخرى غير قبلة اليهود، فحوّل القبلة نحو الكعبة رغبة منه في استمالة العرب إلى الإسلام، كما أسلفنا من قبل.
ليس هذا فحسب، بل يبدو أنّ محمّدًا نفسه توجّه إلى اليهود، وبعد انتصاراته على قريش يوم بدر، محاولاً تهديدهم بأن يكون مصيرهم مشابهًا لمصير قريش، ما يشير إلى هذا التحوّل من مرحلة استجدائهم للاعتراف به إلى مرحلة العداء ومحاولة فرض الإسلام عليهم وقبول نبوّته بالقوّة: “عن ابن إسحاق قال: كان من أمر بني قينقاع أنّ رسول الله صلعم جمعهم بسوق بني قينقاع، ثم قال: يا معشر اليهود، احذروا من الله مثلَ ما نزلَ بقريش من النقمة، وأسْلِمُوا. فإنّكم قد عرفتم أنّي نبيّ مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم.” (سيرة ابن هشام: ج 2، 46. وانظر أيضًا: تفسير الطبري: ج 6، 228؛ تاريخ الطبري: ج 2، 172؛ تفسير القرطبي: ج 4، 24؛ تفسير النيسابوري: ج 2، 218؛ السنن الكبرى للبيهقي: ج 9، 183؛ العجاب في بيان الأسباب لابن حجر العسقلاني: ج 2، 665).
أمّا بخصوص الفتيل الذي أشعل الحرب
بين المسلمين وبين بني قينقاع، فهنالك روايات تذكر أنّ ذلك العداء قد تسبّبت به امرأة من العرب: “كان من أمر بني قينقاع أنّ امرأة من العرب قدمت بجلب لها، فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ بها. فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت. فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلمّا قامت انكشفت سَوْأتُها، فضحكوا بها، فصاحت. فوثبَ رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديًّا، وشدّت اليهودُ على المسلم فقتلوه. فاستصرخ أهلُ المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون فوقع الشرّ بينهم وبين بني قينقاع.” (سيرة ابن هشام: ج 2، 47؛ تاريخ الإسلام للذهبي: ج 1، 196؛ عيون الأثر لابن سيد الناس: ج 1، 385-386؛ سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي: ج 4، 179).
الحصار:
وهكذا، وبعد مضيّ فترة قصيرة من تحويل القبلة إلى الكعبة، أي في شوّال من السنة الثانية للهجرة، تحوّل محمّد إلى حصار يهود بني قينقاع حتّى استسلموا، وكان محمّد مصرًّا على قتلهم كما يذكر الطبري: “حاصرهم رسول الله صلعم خمس عشرة ليلة، لا يطلع منهم أحد. ثم نزلوا على حكم رسول الله صلعم، فكُتفوا وهو يريد قتلهم.” (تاريخ الطبري: ج 2، 173؛ الكامل في التاريخ لابن الأثير: ج 1، 289؛ تاريخ أبي الفدا: ج 1، 194)، غير أنّ عبد الله بن أبيّ ابن سلول أمسك بجيب محمّد وهدّده ألاّ يفعل ذلك قائلاً له: “يا محمد! أحسن في مواليّ، وكانوا حلفاء الخزرج، فأبطأ عليه النبي صلعم، فقال: يا محمد أحسن في مواليّ، فأعرض عنه النبي صلعم. قال، فأدخلَ يده في جيب رسول الله صلعم، فقال رسول الله صلعم: أرسلني، وغضب رسول الله صلعم حتى رأوا في وجهه ظلالاً، يعنى تلوّنًا، ثم قال: ويحك أرسلني! قال: لا والله لا أرسلك حتى تُحْسنَ إلى مواليّ. أربعمائة حاسر وثلثمائة دارع قد منعوني من الأسود والأحمر، تحصدُهم في غداةٍ واحدة؟ وإنّي والله لا آمنُ، وأخشَى الدوائر. فقال رسول الله صلعم: هُمْ لكَ.” (تاريخ الطبري: ج 2، 173؛ سيرة ابن اسحاق: ج 1، 294؛ سيرة ابن هشام: ج 2، 48؛ البداية والنهاية لابن كثير: ج 4، 5؛ الكامل في التاريخ لابن الأثير: ج 1، 298؛ تاريخ الإسلام للذهبي: ج 1، 197؛ تفسير الثعالبي: ج 1، 468)، أو أنّه قال برواية أخرى: “خلّوهم لعنهم الله ولعنه معهم! وتركهم من القتل، وأمر بهم أن يجلو من المدينة.” (الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 2، 29). ولأنّ بني قينقاع لم يكونوا ممّن يمتلكون أراضي فقد نهب محمّد أسلحتهم وحليّهم ومجوهراتهم، كما تذكر الرواية: “ولم تكن لهم أرضون إنّما كانوا صاغةً. فأخذ رسول الله صلعم لهم سلاحًا كثيرًا وآلةَ صياغتهم.” (تاريخ الطبري: ج 2، 173).
وهكذا نجا يهود بني قينقاع
بعد تهديد عبد الله بن أبيّ لمحمّد شخصيًّا. وهذه الحادثة كما يذكر بعض المفسّرين هي السّبب من وراء نزول الآية من سورة المائدة: “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم” (الدر المنثور للسيوطي: ج 3، 98؛ تفسير الطبري: ج 4، 615؛ تفسير ابن كثير: ج 2، 94؛ تفسير القرطبي: ج 6، 203؛ )، حيث تمسّك عبد الله بن أبيّ بأوليائه من اليهود، وأنقذهم من موت محتوم كان ينوي محمّد إنزاله بهم، كما لو أنّ الله في عليائه ينتظر مكالمة هاتفيّة من رسول أمّي لينزل آياته حسبما تقتضيه الضّرورة، وبحسب الطلب. أليس كذلك؟
والعقل وليّ التوفيق.
في المقالة القادمة سنتطرق إلى إكسودوس بني النّضير.
***
مقالات هذه السلسلة:
المقالة الأولى: “هل القدس حقًّا هي أولى القبلتين؟”
المقالة الثانية: “لماذا استقبال بيت المقدس في الصّلاة؟”
المقالة الثالثة: “لماذا استقبال قبلة اليهود بالذّات؟”
المقالة الرابعة: “من هو النّبي الأمّي؟”
المقالة الخامسة: “لماذا حُوّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؟”
المصير الذي آل إليه يهود جزيرة العربهل يمكن لرأس المنافقين ان يمسك محمدا من جيبة ويجبره على تغيير رأيه خشية من العواقب؟ هل كان الرسول وحده آنئذ؟ من السياق أن الرسول كان ينوي قتلهم، وانهم كانوا اسرى بالمئات. اذن لا بدّ انّ من أسروهم هم المسلمين الذين كانوا اكثر عددا وقوة. فكيف يتركون ابن سلول يستفرد بمحمد؟ أشكك بالرواية. أما سياقها فيبدو ان لمحمد ثأرا معهم. فتكذيب اليهود لرسالة محمد هو تكذيب انتمائه لسلسة الرسالات السماويه التوحيدية المنزلة بوحي من الله. من هنا حقد محمد عليهم. المقال يعتمد على النصوص التاريخية المنثورة شذرات في مراجع الكتب القديمة. وهي لا ترقى… قراءة المزيد ..