انطلقت شهرة الأديب علاء الأسواني مع روايته “عمارة يعقوبيان”، ووصلت إلي حد النجومية بعد ترجمتها إلي الانجليزية عن دار “فورث إستيت” ـ مطبوعا على غلافها جملة “الأكثر مبيعا في العالم” ـ اللندنية التي حظيت بنجاح كبير بين النقاد والقراء.
وأشارت الناقدة الانجليزية “راشيل أسبدن” إلى أن علاء الأسواني مؤلف الرواية نجح في استقطاب الكثير من القراء بمعالجته الجريئة لكل شيء في عالم وسط القاهرة، وجاذبية الرواية نجحت في كسر حاجز اللامبالاة التقليدية التي يعامل بها الناشرون بالإنجليزية الأدب العربي، وهي لامبالاة لم ينج منها كثير من مشاهير الكتاب العرب.
في إبريل الماضي استقبله معرض “كتاب لندن” لتوقيع النسخة الانجليزية من روايته “عمارة يعقوبيان” باعتباره أديبا عالميا، وأكد معظم الكتاب أنه فتح الباب لمرحلة جديدة لا يمكن تجاهلها، وهدم فكرة التقسيم على أساس الجيل تماما.
من الواضح أنه يوجد اهتمام عالمي بعلاء الأسواني، ولا ينحصر هذا الاهتمام فقط في إجراء حوارات معه في صحف أجنبية أو عروض لرواياته، بل تتسابق دور النشر على ترجمة أعماله و ارتفاع نسبة توزيع هذه الأعمال.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي جعل الصحف العالمية تهتم بأدب علاء الأسواني؟ وكما تساءلت أيضا صحيفة “نيويورك تايمز”: من أين يستمد علاء الأسواني كتاباته؟
التقارير تشير إلى أن رواية “عمارة يعقوبيان” حققت طفرة في حركة مبيعات النشر العربي منذ نشرها عام 2002، ثم صدور الترجمة الإنجليزية لها عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية عام 2006. ثم تعددت اللغات التي ترجمت إليها، وتحقيقها مبيعات بلغت مائة وستين ألف نسخة في فرنسا وحدها خلال عام دليل قوي علي براعة الأسواني، وهو الأمر الذي حث صحيفة “لوموند” الفرنسية لإبراز تقرير عن روايته التالية “شيكاغو” فور صدورها وحققت نفس النجاح الذي حققته الرواية الأولى.
لعل الإجابة تكمن في مقالات المفكر جلال أمين الذي قال إن روايات الأسواني بها حس إنساني عال وعدم تكلف أو تقعر اللغة، بالاضافة إلى جمال أسلوبه، وخلو لغته من البذاءات، فالبذاءات لا تصنع أديبا، قد تلفت النظر إليه ولكنها لا تصنعه.
هناك مظاهر عديدة للاهتمام العالمي بأدب علاء الأسواني، الذي تحول بدوره إلى الاهتمام بآرائه السياسية عن مصر. آخر هذه المظاهر حوار جريدة “الجارديان” البريطانية مع الأسواني والذي تحدث فيه عن مشاكل مصر ورؤيته للحل، مؤكدا أن هناك قضيتين رئيسيتين بمصر، تتعلق كل منهما بالأخرى، الأولى هى الديموقراطية والعدالة، أما الثانية فهى الصراع بين ثقافة التسامح والوهابية.
واهتمت جامعة آليكانتي في إسبانيا بإقامة ندوة عن الأسواني، وقدم فيها الدكتور شكري طه شوكت رئيس قسم اللغة الاسبانية بجامعة الأزهر دراسة تحت عنوان “البطل الجماعي عند “كاميلو خوسيه ثيلا” وعلاء الأسواني، وهي دراسة مقارنة بين روايتي “خلية النحل” و”عمارة يعقوبيان”.
وهو أول مصري يحصل على جائزة “برونو كرايسكى” التي فاز بها المناضل الافريقى “نيلسون مانديلا” وتلاه الناشط الفلسطيني الراحل “فيصل الحسيني، وهي جائزة عالمية تمنح كل عامين لكاتب وكاتب سياسي ذا توجه لحقوق. في عام 2007 أقيم احتفال كبير في مدينة “تورينو” الإيطالية بالدورة السادسة والعشرين لجوائز “جرينزاني كافور” التي شهدت حصول علاء الأسواني للعام الثاني على التوالي، على الجائزة. وكان الكاتب جمال الغيطاني حصل على نفس الجائزة، كما فاز بالجائزة المتوسطة عن رواية “عمارة يعقوبيان” بمعرض نابولى جلاسيا جوتنبرج، وفي مايو الماضي حصل على جائزة “روكرت” في مدينة “كوبورج” الألمانية في مهرجان أدبي كبير.
ووصفته جريدة الأوبزرفر البريطانية بأنه من أندر أصناف الأدباء، فهو مؤلف تتمتع أعماله برواج مدهش وفي نفس الوقت طبيب أسنان ممارس، مرضاه يشكلون له ضرورة لازمة لإبداعه.
أصبح المؤلف الأكثر رواجا على الإطلاق في العالم العربي بسنة 2002 (كانت الرواية الأكثر مبيعا باللغة العربية إلى حين تفوق روايته الجديدة – شيكاغو) وتمت ترجمتها إلى 17 لغة، تحدثت عنه صحيفة “التايمز” البريطانية قائلة بأنه “جورج أورويل” مصر وروايته “عمارة يعقوبيان” إحياء جديد لـ”مزرعة الحيوان”، وفي العام الماضي أختارت صحيفة “لوموند” الفرنسية كأبرز روائي عربي في مؤتمر عقدته عن الرواية العالمية.
ولا ينتهي الاهتمام العالمي بذلك بل أقامت له المراكز الثقافية الأجنبية في مصر الندوات، وفور صدور الطبعة الانجليزية لروايته الأخيرة “شيكاغو عن دار النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة نظمت الجامعة احتفالا كبيرا في قاعة “إيوارت” القاعة الرئيسية بالجامعة، حضره عالم الاقتصاد الدكتور جلال أمين الأستاذ بالجامعة، ومارك لينز مدير الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
ويسافر الأسواني كثيرا إلي لبلاد الأوربية للتعريف برواياته والترويج لها، وكانت أكبر هذه الجولات جولته في ألمانيا، بعد صدور الترجمة الألمانية لروايته “شيكاغو”، وناقشها في مهرجان كولونيا للأدب أكبر مهرجان أدبي في أوربا.
الاهتمام العالمي بالأديب الدكتور علاء الأسواني يشكل ظاهرة-تؤكدها كثرة ترجمات رواياته إضافة للعديد من الحوارات الصحفية معه كما تدل مواقع البحث الاليكترونية، والتي يجب دراستها للتعرف على أسبابها وكيفية استغلالها لتسويق الأدب المصري في الخارج، فمعروف أن الاهتمام العالمي وترجمة أعمال أي أديب دليل على أن هذا الأديب في طريقه للحصول على أكبر الجوائز فضلا عن حصوله على جائزة قراءة أعماله المترجمة.
الملفت للنظر أن الاهتمام العالمي بعلاء الأسواني لم يأت لحصوله على جائزة نوبل في الآداب مثل معظم الأدباء، بل جاء بعد ترجمة روايته “عمارة يعقوبيان”.
samhssamy@yahoo.com
* القاهرة