بمناسبة 21 فبراير شباط، اليوم العالمي للغة الام
ترجمه بتصرف واختصار: جابر احمد
ترتبط اللغة بشكل مباشر بالنشاط الاحتماعي الانساني في المجالات المادية والمعنوية، كما انها تتأثر بشكل مباشر وغير مباشر بمنجزات النشاطات الاقتصادية والصناعية والزراعية والفنية والادبية كافة، كما انها لا تنتهي مع انتهاء النظام الاجتماعي – السياسي او وقوع الثورة. فبعد قيام الثورة الفرنسية الكبرى بقيت اللغة الفرنسية هي نفسها اللغة التي يتكلم بها الشعب الفرنسي بعد الثورة. واللغة ايضا لا تتأثر بانقسام المجتمع الى طبقات وفئات وشرائح. على سبيل المثال، “المعلقات السبع” لشعراء الجاهلية ظل يتأثر بها العرب بغض النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية.
ان اللغة شأنها شأن سائر الظواهر الاجتماعية الاخرى تتطور، وان هذا التطور يشمل المصطلحات والمفردات، اما قواعد اللغة فهي ثابتة نسبيا. ومع تطور المجتمع وازدياد حاجاته اليومية، بعض الالفاظ والمصطلحات تموت وتندثر لانها لا تستطيع ان تعبر عن حاجاته الانسانية وتحل محلها مصطلحات ومفردات جديدة. لذلك فاننا نرى على الدوام ظهور قواميس جديدة خصوصا في عصرنا الراهن الذي يشهد ثورة علمية وتقنية عظيمة. وقد دخل في لغة الشعوب وبفعل هذ التطور كمّ هائل من المصطلحات العلمية والفنية الجديدة. كما ان اتساع لغة اي امة وشموليتها من شأنه ان يساعد على التماشي مع التطورات العلمية والتقنية التي تحدث باستمرار.
الفصحى و العامية
قبل ضم اقليم عربستان الى جسم الدولة الايرانية كانت اللغة العربية اللغة الوحيدة المتعامل بها بين اوساط الشعب العربي الاهوازي، وهي لغة الادب والتعامل التجاري والاقتصادي، وهي نفسها اللغة العربية المتداولة بين ابناء الامة العربية. انها لغة القرآن، ولغة الادب والشعر منذ ايام العصر الجاهلي. ولكن هناك مسألة لا بد من الاشارة اليها، وهي ان شعبنا العربي الاهوازي له لهجته المحلية الخاصة به، كما للمصري والموريتاني والمغربي والسعودي والعراقي لهجته الخاصة به. وايضا لا بد من التأكيد ان الشعراء والكتاب والفقهاء العرب في اقليم الاهواز- عربستان – باسثناء الثقافة العامية فانهم جميعا يكتبون ويؤلفون باللغة العربية الفصحى.
ومع الغاء العربية كلغة رسمية في الاقليم، وفي ظل غياب مجمع للغة العربية وفرض اللغة الفارسية قسرا على المواطنين كلغة تعليم وتخاطب، دخلت الكثير من المصطلحات الفارسية الى اللهجة المحلية الاهوازية يمكن الاشارة اليها على النحو التالي.
اولا :الادوات والاجهزة العلمية:
الادوات والاجهزة العلمية الجديدة التي أُوجد لها معادل فارسي بعد استيرادها من الخارج ودخلت باسمائها الفارسية الى اللغة العامية الاهوازية مثل “تيغ” شفرة، “ناخن كير” “مقراضة” “زيرسيكاري” مطفأة، “مسواك” فرشاة اسنان، “جسب” الصمغ، “خودكار” قلم جاف، “مداد تراش” مقطاطة اوبراية، “سنجق” دبوس، “نوار” شريط، “جهار مغز” مكسرات “الشيريني” الحلوى، “ساختمان” البناء، “يخجال” البراد، “خيابان” الشارع، “بيمارستان” المشفى، “نخست وزير” رئيس الوزراء.. الخ.
وكذلك اسماء مثل “دانشكده” كلية، “دانشكاه” جامعة، “بالايشكاه” تصفية، “مين” لغم، “موشك” صاروخ، “خمباره” هاون، “جاندار مري” الشرطة، “بادكان” معسكر، وكذلك الرتب العسكرية او في مجالات اخرى مثل “جوان” شاب، “زرنك” شاطر، “كردن كلفت” شقي، “باكسازي” تطهير، “كوشه ” زاوية، او مثل اسماء بعض الدول مثل “اتريش” النمسا، “لهستان” هنغارية، والكثير من الامكنة الجغرافية.
ولكن لا ندري لماذا بعض المصطلحات الاخرى والتي كان لها حضور مادي قبل الضم والسيطرة الايرانية قد ابتليت هي الاخرى بهذا البلاء مثل”ميوه” ” فاكهة، و”يخ” الثلج.
ثانيا : تأثر اللغة العربية من ناحية القواعد:
لقد اثرت اللغة الفارسية على لغة ابناء الشعب العربي الاهوازي من ناحية القواعد ايضا. فاننا نشاهد اليوم أنه بين الغالبية العظمى من المواطنيين وخاصة من ابناء المدن، وخلافا لقواعد اللغة العربية التي تقوم مصطلحاتها على الاشتقاق، اخذت الافعال العربية شكل أفعال اللغة الفارسية التركيبية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
الفعل التركيبي للمصطلح
في لهجة ابناء المنطقة المعادل الفارسي الفعل العربي الصحيح
انطك قدم قدم مي زنيم نتمشى
طك بذوقي توي ذوقم زد ازعجني
ايطك جوش جوش مي زند يلحم
ايكض كشتي كشتي ميكيرد يصارع
صار شروع شروع شد بدأ
صار جبير ” كبير” بزرك شد كبر
سوى كنترل كنترل كرد راقب
سويت شغل كار(ي ) كردم عملت
سوى اعلام اعلام كرد اعلن
سوى ديكته ديكته كرد املاء
سوى تصفية تصفيه كرد صفى
سوى توجيه توجيه كرد برر
سوى ياداشت ياداشت كرد سجل ملاحظة
سوى تبرئة تبرئه كرد برأ
ثالثا : المصطلحات العربية التي اخذت جنسية فارسية:
هناك بعض المصطلحات التي هي بالاساس عربية الا انها اخذت جنسية اللغة الفارسية، وهي تختلف مع معناها العربي الحقيقي وبقيت في اللهجة العربية الاهوازية تستخدم بنفس المعنى بحيث اذا سمعها عربي غير ابناء عربستان لا يفهم قصد قائلها مثل:
الاستخدام المحلي الفارسي العربي الفصيح
افتضاح افتضاح فضيحة
لوازم البيت لوازم خاته اثاث البيت
بين المللي بين المللي دولي
تأسيسات صنعتيه تأسيسات صنعتي المنشآت الصناعية
محقق محقق باحث
نقاشي نقاشي رسم
عكس عكس صورة
جلد الكتاب جلد كتاب غلاف الكتاب
برق برق كهرباء
تعمير تعمير تصليح
بحران بحران ازمة
رابعا : الكلمات الاجنبية التي لها مقابل عربي:
هناك بعض التسميات الاجنبية التي لها ما يعادلها في اللغة العربية دخلت اللغة الاهوازية كما هي باللغة الفارسية مثل: “فوتبال” كرة القدم، “واليبال” “كرة الطائرة، “بسكت بال”، كرة السلة، “تئاتر”، مسرح، “اسيد سولفوريك” حامض الكبريتيك، “آجار” كماشة، “جك” رافعة، وسائر اجزاء السيارة وآلات اخرى وكذلك مصطلحات الفيزياء والكيمياء.
خامسا: المصطلحات الاجنبية:
هناك عدد من المصطلحات دخلت بشكل مباشر من اللغة الانجليزية الى اللهجة المحلية الاهوازية مثل “ريل” قطار، “كلاص” وعاء او كأس، و”كلاس” صف، و”موتكار” سيارة، “فنش” انتهى، وغيرها من المصطلحات.
سادسا: الجمع العربي المحلي لبعض الاسماء الفارسية:
ومن بعض الظواهر الاخرى التي تأثرت بها اللغة واللهجة المحلية الاهوازية هو كيفية الصرف والنحو لبعض المصطلحات الفارسية والتي تذكيرها الجمع العربي للمصطلحات الفارسية او “تأنيثها” والتي لا وجود لها في اللغة الفارسية:
المصطلح الفارسي الجمع العربي الاهوازي
“سنكر” متراس سناكر على وزن فعلل فعالل
“كوجه”، زقاق اكواج
“جوان” ، شاب جوانية
“خيابون” ، شارع خيابونات
“بادكان” ، معسكر بادكانات
“نوار”، شريط نوارات
وفي مجال جمع التأنيث “دهاتي” و”دهاتيه” قروي، قروية، “دستماله دساميل” فوطة، فوط.
سابعا: اسماء فارسية:
هناك بعض الاسماء الفارسية امتزجت باللغة المحكية الاهوازية مثل “تفكه” تفنك” بالفارسية وبندقية بالعربية او بارودة، و”بركش” زورق كبير، وشبل او “شاه بيل” مسحاه عريضة، وغيرها.
ثامنا: امتزاج
هناك بعض الامتزاج اللغوي وحصيلته مصطلحات ليس بالفارسية ولا العربية مثل فعل “بند” بفتح البا وشد النون على وزن “فعل” فتح الفاء وشد العين مصدرها فارسي “بستن”. وكذلك مصطلح “تكزر” ومصدرها فارسي “كذشتن” تمر على وزن “تفعل” بكسر التاء وفتح العين. وكذلك كلمة “يجرخ” وهي فارسية “جرخ كردن” معادلها العربي الفصيح يطحن.
ان هذه المصطلحات لا يفهمها اي عربي او فارسي الا ابناء عربستان انفسهم.
تاسعا:
يلفظ ابناء الشعب العربي الاهوازي كلمة “اعطيني” باللهجة المحلية “اطيني”، وهذ لا ينحصر بالشعب العربي الاهوازي وحده بل نشاهد ذلك بالهجات المحلية في جنوب العراق وكذلك الكويت.
عاشرا:
يلفظ ابناء الشعب العربي الاهوازي وخاصة فئة المتعلمين منهم وابناء المدن وبسبب احتكاكهم بالفرس حرف “غ” بصوت “ق”.
ان صدور حكم عام حول استخدام الالفاظ الدخلية على اللغة العربية المحلية من قبل عموم ابناء الشعب العربي امر غير جائز على الاطلاق.
ورغم وجود العلاقات الاجتماعية والاقتصادية الواسعة بين الريف والمدينة الا ان سكان الريف من ابناء الشعب العربي الاهوازي يتكلمون افصح من سكان المدن، وان القليل من المصلحات الفارسية قد تسربت الى لهجتهم، كما ان المسنين منهم يتحدثون العربية افضل من الشباب. ومن الناحية الجغرافية، فان ابناء المحمرة قياسا بسائر المناطق الاهوازية لا يخلطون بين الفارسية والعربية، وان الأكثر ضعفا في هذا المجال هو الجيل الشاب من ابناء عبادان ولكن ابناء القرى مستثنون من هذه القاعدة.
ان جماهير الشعب العربي الاهوازي قياسا بالطبقات العليا للمجتمع كالتكنوقراطيين وبيروقراطيي الشركات والادارات وأولئك الذي وقعوا بهذا الشكل او ذاك تحت تأثير الثقافة العنصرية الشاهنشاهية، فانهم يشعرون بمركب النقص من عروبتهم بقوا بعيدين عن اصالتهم ولغتهم العربية.
ان اللغة العربية بين اوساط الشعب العربي الاهوازي رغم ما يعتريها من ضعف ونقصان الا أنها متميزة وواسعة وعميقة الجذور، وهي تتكئ على ارضية قوية وصلبة اساسها قواعد اللغة العربية والشعر والادب بشقيه القديم والحديث. وهي سوف تواجه التحديات وتتطور بشكل افضل. وفي هذا المجال بامكان الشعراء والادباء والمثقفين والكتاب والمبدعين الاهوازيين ان يلعبوا دورا هاما وحيويا للغاية.
*المصدر: نسيم كارون، الكتاب الاول 1994