تظاهرة 14 شباط أثبتت ان “ثورة الارز” موجودة والثورات المضادة فشلت
معركة الانتخابات هي معركة إجرائها وليس كسبها فالنتيجة محسومة لـ “41 آذار”
اعلن النائب سمير فرنجية ان تظاهرة 14 شباط “حسمت بالمعنى السياسي الصراع المستمر في لبنان منذ اربعة اعوام والمحاولات التي لم تتوقف بمختلف الوسائل للعودة بالبلاد الى الوضع الذي كان سائداً قبل 14 آذار 2005″، لافتاً الى انه بعد 14 شباط 2009 “طويت صفحة سياسية، بعدما ثبت ان “ثورة الارز” موجودة ومستمرة وان الثورات المضادة فشلت”.
ورأى فرنجية في حديث الى صحيفة “الرأي” الكويتية يُنشر غداً ان تظاهرة 14 شباط “حمت، في المعنى السياسي، المحكمة الدولية وأعادت تأكيد مشروعيتها لبنانياً، اضافة الى مشروعيتها العربية والدولية، كما اكدت تمسك اللبنانيين بمبدأ العدالة والعقاب”، لافتاً الى ان هذه المناسبة “كانت واضحة في حسم الخيارات اللبنانية، وانا متفائل بأن أزمتنا أصبحت على نهايتها”.
واعتبر “ان معركة الانتخابات هي معركة اجرائها وليس معركة كسبها باعتبار ان النتيجة محسومة لمصلحة “14 آذار”. واذ أعرب عن ثقته بان الانتخابات ستحصل قال “الظاهرة العونية انتهت، وما بقي منها جهاز حزبي ضيّق، وانا من الذين يقولون ان العماد عون لن يكون مرشحاً للانتخابات في حزيران، اذ ما من قوة تستطيع ان تعيد إنتاج كتلته اذا أخذنا في الاعتبار تراجُع الناس من حوله وبروز الكتلة الوسطية والموقف الحاسم للبطريرك (مار نصرالله بطرس) صفير”.
اضاف: “هذا يعني ان “حزب الله” في حال موافقته على المضي قدماً في الانتخابات سيجد نفسه أقلية اكثر مما هو عليه حالياً في البرلمان ومن دون ان يتمتع بهذا الغطاء المسيحي الذي جعله في لحظة من اللحظات يتصرف وكأنه يشكل اكثرية اللبنانيين، وتالياً قد لا تكون له مصلحة في ان تتم الانتخابات”.
ورأى “ان الاشارة التي اعطيت عبر الاعتداءات على المشاركين في تظاهرة 14 شباط أرادت القول ان في امكاننا استخدام القوة مهما كان حجم الفريق الآخر، رغم ان هذا الفريق (14 آذار) هو من طبيعة مدنية سلمية وليست عسكرية”. وقال: “ما حدث اشبه بعملية تذكير بأن هناك ميليشيات جاهزة لاستخدام الاساليب العنيفة لمنع التحول الذي من المتوقع ان ينجم عن الانتخابات النيابية”.
اضاف: “الأمر الأخطر في رأيي في ما خصّ “حزب الله” يتمثل في ان النظام السوري متجه نحو مصالحة عربية وانفتاح على الاميركيين وعودة المفاوضات مع اسرائيل. وهذه العناوين الثلاثة مرتبطة بقرار مطلوب من سورية بأن يحصل “قطْع” مع ايران. وتالياً الخطر الفعلي اليوم على “حزب الله” لا يتأتى من حركة 14 آذار” بل من التحولات التي تحصل في المنطقة، في لحظة تعيش ايران وضعاً صعباً نتيجة ازمتها الاقتصادية، ودخولها المرحلة الانتخابية. وأمام هذا المعطى، هناك احتمالان، إما ان يعتمد “حزب الله” سياسة هروب الى الامام، سواء في تجديد الصراع الداخلي في لبنان او فتح معركة مع اسرائيل يمكن ان تغيّر في المعطى الاقليمي. اما الاحتمال الثاني فهو ان يتلقف حزب الله الكلام الذي يتم توجيهه من قادة “ 14 آذار” ويعود الى لبنان لان حمايته الفعلية لم تعد تتآتى في رأيي من اي مكان غير الداخل اللبناني”.
واكد رداً على سؤال انه “في الرابع عشر من آذار 2009 سيكون هناك برنامج انتخابي لـ ” 14 آذار” وسيبدأ اعلان اللوائح الانتخابية، اي سيتم اعلان الترشيحات تباعاً ابتداءً من يوم 14 مارس، ولكن في اطار “لائحة 14 مارس” في كل مناطق لبنان وليس على قاعدة لوائح حزبية”.
وهل “14 آذار” امام مأزق تحديد شعار المعركة الانتخابية بعدما سُحب ملف سلاح “حزب الله” الى طاولة الحوار وسلك موضوع العلاقة مع سورية طريق التطبيع عبر مجلس الوزراء وبموافقة الاكثرية؟ اجاب: “المعركة الاساسية هي على “مفهوم لبنان”. هل لبنان دولة طبيعية ام مجرد ساحة لقتال الآخرين على ارضه؟ هذه هي نقطة التمايز بيننا وبين الفريق الآخر. نحن نطلب أن يكون للبنان الحقوق عينها لأي دولة اخرى في العالم وليس اكثر، وتالياً فان البلد الطبيعي هو بلد الدولة الواحدة والجيش الواحد والقرار الواحد، بلد لا يتدخل احد في شؤونه الداخلية، ودولته تتخذ قرار الحرب والسلم”. اضاف: “عندما نتحدث في العلاقة مع سورية او ايران او اي دولة اخرى، فهذا يفترض ان يكون محكوماً بالعلاقة من بلد الى بلد، فنحن لا نتدخل في شؤون سورية الداخلية او شؤون ايران الداخلية او اي بلد آخر، والمطلوب ان يعاملونا بالمثل (…)”.
وعن تشديد “حزب الله” على هوية “لبنان المقاوم” في مقابل لبنان “قوتنا في ضعفنا”، قال: “ينطوي كلام “حزب الله” على امر غريب، فهم يطلبون من لبنان ما لا يتجرأون على طلبه من اقرب الناس اليهم، وبالتحديد من سورية وايران. عندما تريد ايران محاربة الاستكبار العالمي فهي تفعل ذلك في لبنان وغزة، فيما ينتشر على حدودها الشرقية والغربية جنود اميركيون، فلماذا لا نراها تقاتل الا عبر اللبنانيين والفلسطينيين؟ لماذا لم تقدم اي دعم فعلي للمقاومة الاسلامية في غزة ابان الحرب الاخيرة وهي مقاومة تتبعها؟ وهل يعقل ان جل ما صدر عن ايران خلال الحرب على غزة موقفان، الاول من السيد علي خامنئي يمنع المجاهدين من الالتحاق بالمقاومة في غزة وآخر للرئيس محمود احمدي نجاد يطالب الجيش الاسرائيلي بالتمرد على قيادته؟”. اضاف: “اما بالنسبة الى سورية فالأمر اكثر غرابة. فالجولان المحتل مساحته 1050 كيلومتراً مربعاً يعيش فيه 150 ألف نسمة ويؤمن 33 في المئة من مياه اسرائيل. هذا الجولان تنتشر عليه قوات دولية ويسوده هدوء استثنائي منذ العام 1973 وحتى اليوم، وتالياً اين هو النظام المقاوم والممانع في سورية؟ هذه الكذبة بلغت نهايتها”. وتابع: “نعم هناك خلاف على الهوية لكن في مكان آخر… نحن هويتنا عربية ونحن ملتزمون بالتوجه العربي والاجماع العربي. ومشكلة الهوية مطروحة على “حزب الله”، وعليه هو الاجابة على هذا السؤال”.
وعن “الكتلة الوسطية” ووصْفها من العماد ميشال عون بأنها “الاسم الحركي لـ 14 آذار”، قال: “اذا كان العماد عون مقتنعاً بأنه يمثل مسيحيي لبنان ومعهم مسيحيي
الشرق فما همّه مَن يحاربه وتحت اي عنوان… “14 آذار” او الكتلة الوسطية او المستقلون او غيرهم. فاذا كان واثقاً من دعم الناس له ومن صوابية خياراته يجب ان لا يكون خائفاً. وفي رأيي ان حملته على الكتلة الوسطية تدل على شعوره بأن لا امل له في ان يشكل كتلة نيابية”.
وعن تبني البطريرك صفير “الكتلة الوسطية” وتحذيره من ان فوز قوى 8 آذار سيرتب “اخطاراً لها وزن تاريخي على المصير الوطني”، قال: “لا شك ان البطريرك ليس في وارد ترجيح كفة كتلة على اخرى في المعنى السياسي للكلمة. ما يقوله البطريرك ان الخيارات التي تعتمدها قوى 8 آذار تضرب جوهر لبنان ومفهومه الاساسي. فليس امراً طبيعياً ان يضع مسؤول سياسي مسيحي المسيحيين في حال عداء مع العالمين العربي والغربي لمصلحة الثورة الاسلامية في ايران، التي أرى انها تواجه مشكلات فعلية داخل ايران عينها، وهذه ظاهرة خطيرة على البلد”. اضاف: “المشكلة ليست مع دولة ايران، بل هناك موقف من القيادة الحالية في ايران بسبب تدخلها في لبنان. وأن يأتي زعيم مسيحي لبناني يدّعي تمثيل مسيحيي الشرق ويعرّض هؤلاء لمخاطر اكيدة بإخراجهم من محيطهم العربي وقطع علاقاتهم مع العالم ككل لجعلهم ورقة تُستخدم في سبيل البرنامج النووي الايراني، فهذه جريمة ترتكب بحق البلد، وأعتقد ان هذا ما يعارضه البطريرك”.
وشدد على ان “14 آذار” ليست بوارد منح “الثلث المعطل” في اي حكومة تشكّلها بعد الانتخابات “لاننا لسنا بوارد انهاء الدولة اللبنانية وتعطيل آليات اتخاذ القرار في مجلس الوزراء”.
وعن كلام السيّد حسن نصر الله عن “الثلث المعطل”، قال”: ان كلام السيد نصر الله في المقاربة بالثلث المعطّل مهما كانت نتائج الانتخابات هو أمر خطير لانه يفتح الباب لضرب مفهوم الدولة والدليل ان الدولة مشلولة ومجلس الوزراء معطّل منذ تمتعت المعارضة بالثلث المعطّل”.
ورداً على سؤال حول الانفتاح السعودي على سوريا وتداعياته على لبنان والمحكمة الدولية، لفت الى “محاولة عربية على خطين، على خط سوريا وتتولاه السعودية، وعلى خط غزة وتتولاه مصر في اطار مسعى لتجميع الصف العربي في لحظة تغير حاصل في كل المنطقة ولا سيما مع وصول ادارة اميركية جديدة”.
وقال: “اذا نجح هذا المسعى فمن شأنه ان يوفر على المنطقة المزيد من المآسي، كما انه سيترك اثراً كبيراً على الداخل اللبناني. فاذا عادت سوريا الى الصف العربي لا يعود في امكانها القيام بالكثير من الامور التي تقوم بها حالياً كالتدخل السافر في الشؤون الداخلية اللبنانية، كما ان لهذه العودة السورية الى الصف العربي انعكاساً فورياً على “حزب الله”. وكما ان “حماس” بدأت تتجه نحو العودة الى العالم العربي عبر البوابة المصرية. فنحن نقول لأخواننا في “حزب الله” عودوا الى العالم العربي عبر البوابة اللبنانية التي انتم شركاء فيها”.
اضاف: “ولى زمن ان يكون اي انفتاح على سوريا على حساب لبنان. وفي رأيي ان خروج سورية من المحور الايراني سيكون إنجازاً عربياً يجب عدم الاستهانة بنتائجه ليس على المستوى اللبناني فقط بل على صعيد المنطقة. ومن شأن انهاء هذه الصفحة ان يوفر متاعب اكيدة. ويجب عدم اغفال ان المحور المصري ـ السعودي ـ السوري تاريخي. ولا يمنع ان تستعيد سورية دورها العربي، وشعارنا هو الشعار عينه الذي كان السوريون يواجهوننا به قبل 14 آذار 2005، اذ كانوا يبررون وجودهم في لبنان باعادة تأكيد عروبة لبنان. واليوم هناك سؤال مطروح حول عروبة سورية”. تابع: “اما المحكمة الدولية فلا علاقة لها بمجريات الأمور السياسية، ولها استقلالية كاملة، و”14آذار” لا تعرف كيف ستسير ومتى تُصدر احكامها ولا طبيعة هذه الاحكام. مع العلم ان استفادتنا من المحكمة قد تكون في امر واحد هو تأكيد مبدأ العدالة لنستند اليه في مطالبتنا بدولة العدالة والقانون”.
وأوضح انه “عندما تعود سوريا الى صوابها فلا مشكلة بيننا وبينها، والمشكلة في علاقة سورية مع لبنان تكمن في طريقة تعاطيها فهي اقرت التبادل الديبلوماسي ولم تعين سفيراً حتى الساعة فلماذا هذا التأخير؟ وماذا عن ترسيم الحدود حيث يخرجون كل يوم بنظرية جديدة؟”، وقال: “مشكلة النظام في سوريا انه لا يعرف كيف يضع نفسه على سكة المستقبل، فهو يعطي لكنه في الوقت عينه يحاول ان يرى ماذا يمكن ان يسحب من هذا العطاء”.