ورقة مقدمة الى مركز الحوار للثقافة (تنوير)
باحتفالية “التنوير ارث المستقبل” – الكويت 15-16 ديسمبر 2008
*
ملخص:
تستهدف هذه الورقة عرض واقع الحراك التنويري في المملكة العربية السعودية. وهي تبدأ باقتراح تعريف لحركة التنوير يضم المبادرات الفردية والاجتماعية التي تنطوي على فعل تنويري. ثم تعرض خلفية تاريخية مختصرة عن مسيرة التنوير في المملكة، بهدف التوصل الى تفسير لبطئها، حيث تقترح الورقة سببين، هما عدم التراكم الناتج عن تطاول المرحلة الانتقالية من عصر التقاليد الى الحداثة، والتعامل المزدوج مع فكرة التحديث من جانب الدولة. وضمن التعريف بتيار التنوير في المملكة تقترح الورقة تصنيفا خماسيا للمشاركين فيه، يعتمد خلفيتهم العملية كمرجع للتصنيف. ثم تعرض الورقة اشكالات التنوير وتفترض انها مشابهة لتلك القائمة في بقية العالم العربي، مع انها تبدو اكثر حدة في المملكة بسبب طبيعة النظام السياسي والاجتماعي، حيث تقدم عرضا مختصرا للعامل الديني في جدل التنوير. اخيرا تعرض الورقة القضايا التي تشغل التيار التنويري السعودي حاليا، ثم بعض الاقتراحات التي نظنها مفيدة في اثراء ودعم تيار التنوير.
تمهيد
يمكن تعريف التنوير على وجهين: 1- الاعمال الفكرية الناقدة للوضع السائد والداعية الى التجديد. 2- النشاطات الفردية والاجتماعية التي تنطوي على، او تؤدي الى تسويد قيم الحداثة والتجديد.
سوف اقترح تعريفا ينحو الى الوجه الثاني: اي اعتبار التنوير حالة ثقافية – اجتماعية محورها الارتقاء بقيمة العقل والعلم واعتبارهما مصدرا اول للسلطة والمعرفة وقواعد العمل في المجال العام.
تبلورت فكرة التنوير في القرن 18 في سياق الصراع ضد السلطات الاجتماعية القسرية، وكان همها الرئيس هو تحرير الانسان الفرد من هيمنة الاخرين على عقله وجسده.
نعرف اليوم ان معظم ما حققته البشرية من تقدم في مختلف المجالات هو ثمرة لانتشار فكرة التنوير، اي الرجوع الى العقل واحترام الفرد. تقدم العلم والاختراع وتحقيق الحرية والمشاركة في صناعة المستقبل، كلها جاءت ثمرة لتحرر العقل وتحرر الجسد. لولا هذه الفكرة العظيمة لكنا الى اليوم سجناء عصور الظلام من دون كهربا ء ومن دون كتاب ومن دون حرية ومن دون تواصل.
التنوير والثقافة
نتحدث عن الثقافة ضمن مفهومين: الثقافة العامة ونقصد بها مكونات الذهنية العامة اوالعقل الجمعي وهو الذي يتحكم الى حد كبير في السلوك العفوي، اي الافعال التي يقوم بها الناس بصورة اعتيادية ومن دون تفكير معمق في كل موقف على حدة. وتشكل شريحة الافعال العفوية اكثر من 90 بالمائة من السلوك اليومي للفرد. فعل الجماعة ورد فعلها العفوي هو انعكاس للذهنية الجمعية او الثقافة العامة، التي تميز – اضافة الى ذلك – شخصيتها، همومها، اهتماماتها، تطلعاتها ومواقفها.
الثقافة الخاصة، التي تسمى ايضا بالعالمة او المكتوبة التي يتداولها – عادة – النخبة من مثقفين محترفين وسياسيين وكتاب ودعاة وامثالهم. وتتمايز عن سابقتها في جوانب عديدة، من حيث الشكل والموضوع، ولعل ابرز ميزاتها هو اتساع جانب التفكير المقصود (غير العفوي) في التطبيقات والسلوك اليومي، والتركيز على حساب نتائج الفعل، كما تتمايز في استعمال لغة اكثر رسمية.
من المتوقع دائما ان يتفاعل النوعان. مستوى الثقافة العالمة يؤثر في العامة والعكس صحيح. لكن قد يحدث تفارق بسبب اتساع الهوة بين النخبة والعامة. وهو اتساع سببه في الاساس عوائق سياسية مثل الرقابة على حرية التعبير او تبني الدولة لمنهج ثقافي معارض لميول النخبة واهتماماتها.
يميل الناس – بصورة عفوية في الغالب – الى ربط التنوير بالثقافة المكتوبة، او اعتبار الثقافة المكتوبة موضوعا وحيدا للتنوير. ينبغي القول ايضا ان حالة المجتمع هي التي تحدد اولويات الاتجاه التنويري وهمومه الكبرى. في المجتمعات المسكونة بالتقاليد الموروثة، ينشغل الاتجاه التنويري بنقد وتفكيك الموروث الثقافي، بينما ينشغل بالابداع العلمي ونقد مناهج التفكير في المجتمعات التي تجاوزت عصر التقليد. من هنا ايضا فان موضوعات الانشغال ومحاور التركيز هي علامة على مستوى حركة التنوير في مجتمع معين.
اجد من المهم الدعوة الى فهم التنوير باعتباره حالة اجتماعية، وذلك بتوسيع تعريفنا لفكرة التنوير وجعله مرادفا لفكرة الحداثة، ذلك لان التنوير يستهدف – من زاوية وظيفية – اخراج المجتمع من زمن التقاليد واعادة ربط الانسان بعصره وما فيه من تطورات، وهذا هو جوهر فكرة الحداثة. من الناحية التاريخية فان فكرة التنوير كانت العتبة التي تفصل بين عصر التقاليد وعصر الحداثة، في الادب كما في الفنون والعلوم.
تباطؤ التنوير السعودي: محاولة تفسير
لا يوجد مجتمع واحد في العالم كله يغيب عنه الاتجاه التنويري بشكل كامل. حتى في اشد حالات التماثل العفوي او القسري، فهناك دائما مبادرات وافعال ناقدة للمالوف والسائد او معارضة له. من الافضل اذن التفكير في سعة اتجاه التنوير وعمق اهتماماته، وليس في وجوده او غيابه. قياس السعة والعمق يركز بالضرورة على المقارنة بين مستويات في ازمان مختلفة او المقارنة بينه وبين الاتجاه المضاد.
يصعب وضع تواريخ محددة لظهور اتجاه التنوير في الثقافة السعودية المكتوبة. خاصة مع هيمنة انطباع عام يربط التنوير بالانفتاح على منتجات الحضارة الغربية المعاصرة، الثقافية والمادية. لكني اجد من المناسب الاشارة الى ان اواخر القرن التاسع عشر قد شهد بداية انفتاح المجتمع المحلي على النظم الحديثة في التعليم والصحافة المعروفة في العالم. وهذا يقتصر على الحجاز الذي كان يومئذ مركزا سياسيا واقتصاديا قائما بذاته. في 1875م تاسست “الصولتية” كاول مدرسة على النمط الحديث في مكة. ثم انشئت اول مطبعة في 1882 وصدرت اول صحيفة في اواخر 1908.
اردت الاشارة الى هذه البدايات المبكرة نسبيا في الانفتاح على منتجات الحضارة الحديثة ووسائل الاتصال الجمعي لبيان المفارقة التي ينطوي عليها الوضع الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، والتي اظنها حالة فريدة في الشرق الاوسط بالمقارنة مع دول مثل مصر وايران والعراق، بل وحتى بالمقارنة مع الدول الخلجية المجاورة. في جميع هذه الاقطار بدا الاتصال بالعالم في وقت مقارب، لكن الفارق اليوم شاسع جدا بينها وبين المملكة. الفوارق جلية في نوعية ومستوى النقاشات الدائرة في المجتمع، وفي مستوى الحياة السياسية ومشاركة الجمهور، وفي مستوى حرية التفكير والتعبير. نتائج تاخرنا في جميع هذه المجالات واضحة جدا ولا تحتاج الى اي دليل.
لم يغب الحراك التنويري عن مجتمع المملكة في اي وقت، لكن فعاليته بقيت محدودة في جميع الاوقات. وسوف استعين هنا بنظرية المفكر الايراني هما كاتوزيان حول اشكالات التحديث في ايران، وهو يرجع تباطؤ حركة التحديث الى كثرة التقلبات السياسية وغير السياسية في المجتمع الامر الذي اعاق التراكم الضروري لتحويل عملية التحديث من مبادرة الى حركة واسعة ومتصاعدة (1) . واظن ان هذا يشكل عاملا هاما في تاخر حركة التنوير والتحديث في المملكة. رغم ظاهر الاستقرار السياسي الذي تنعم به البلاد الا ان مبادرات الاصلاح والتجديد كانت متقطعة ومنفصلة عن بعضها البعض، وفي بعض الاحيان متعارضة مع مسارات اقوى. الدولة بالشكل الحديث الذي نعرفه لم تقم الا في بداية النصف الثاني من القرن العشرين، فقد اتاح غياب الملك المؤسس فرصة انفتاح غير مسبوق اثمرت عن حركة ثقافية واعدة. بين 1953 – 1960 صدرت 20 صحيفة ومجلة اهلية. كما بدأ في هذه المرحلة التعليم الرسمي للبنات وافتتحت اول كلية جامعية وشكل للمرة الاولى مجلس وزراء لادارة البلاد التي بقيت زمنا طويلا تدار من جانب شخص الملك وعدد من ابنائه ومساعديه الشخصيين.
بين عام 1964-1975 تعرضت النشاطات الاهلية والمثقفون لتضييق شديد وتوقفت جميع الصحف الاهلية والنشاطات الاجتماعية. بينما جرى التركيز على اعادة بناء الادارة الحكومية على اسس اقرب الى الحداثة. يمكن القول بصورة عامة ان المملكة قد اعادت اكتشاف نفسها في بداية السبعينات واتخذت برنامج التنمية الاقتصادية وسيلة للالتحاق بالسوق العالمية. ركز هذا البرنامج على ضخ سيولة كبيرة في السوق كوسيلة لتحسين مستوى المعيشة، واثمر بطبيعة الحال عن تطورات ملموسة في الثقافة العامة ومستوى الحياة في شتى مناحيها. لكن التعبيرات الثقافية المكتوبة عن هذه المرحلة، ولا سيما تلك التي تحمل طابعا نقديا للنظام الاجتماعي والتقاليد بقيت محدودة جدا بسبب التشدد الرسمي.
ظهرت ابرز انعكاسات التغيير المذكور بعد وفاة الملك فيصل في 1975 حيث قررت الحكومة ضم المئات من السعوديين الذين تلقوا تعليما جامعيا في الخارج الى جهازها الاداري وعين 6 وزراء يحملون شهادات عليا من جامعات اجنبية فيما يمكن اعتباره اول اعتراف رسمي بقيمة التعليم الحديث او كونه سبيلا للارتقاء السياسي. في الحقيقة فان هذه الخطوة قد رسخت مبدأ جديدا يقوم على تصور الادارة الحكومية كمكان للتكنوقراط، اي الاشخاص الذين يتمتعون بكفاءة علمية تمكنهم من تحديث نظم العمل والادارة، بعدما بقيت لفترة طويلة تشغل على اساس الولاء السياسي والاجتماعي بغض النظر عن كفاءة المرشح للوظيفة. اتخاذ الكفاءة معيارا وطريقا للصعود الوظيفي والاجتماعي هو واحد من سمات العصر الجديد.
في هذه الحقبة ايضا كان محور اهتمام الدولة هو تعزيز انفرادها بالحياة العامة، وقد اتخذت من قدرتها الهائلة على التمويل وسيلة لتطوير مصادر جديدة للشرعية السياسية بديلة عن التفويض الشعبي.
خلال هذه الحقبة كانت فكرة التحديث والتطور تدور حول الاقتصاد والادارة الحكومية، وحين تضرب امثلة على الاستهدافات والانجازات تعرض صور الطرق الحديثة والمطارات والموانيء والبنايات الفاخرة كدليل على الشوط الذي قطعناه في طريق التحديث. يبغي القول ايضا ان المجتمع السعودي قد قبل بهذه الفكرة، فقد اعتبر الجميع ان التقدم يعني تصاعد حركية الاقتصاد ونشاط السوق وتحسن الخدمات العامة. استمر الامر على هذا النحو حتى 1979 حين اثار انتصار الثورة الايرانية بعض الشكوك في سلامة النمط الديني المتبع وكفاءته في توليد شرعية سياسية كاملة. اتخذت الحكومة استراتيجية جديدة تتلخص في دعم التيار الديني التقليدي وتمكينه من الاستيلاء التام على جميع الساحات الاجتماعية. وكمثال على ذلك فقد شهدت البلاد في 1982 جدالات حول الحداثة، وكان موقف الحكومة خلالها متفرجا حين صدرت مقالات وكتب تتضمن تكفير عدد من الادباء والكتاب الحداثيين، لكن عددا من هؤلاء تعرض للاعتقال او الفصل من الوظيفة حين رد على تلك الكتابات. وبذلك اوضحت الحكومة للجميع طبيعة الخيارات التي تتبناها ووسائلها في حماية تلك الخيارات.
منذ اوائل 1991 ظهر تمايز بين التيار الديني الحركي الذي ولد في رحم المؤسسات الحكومية او المدعومة وبين الحكومة نفسها حيث وقع 400 من الناشطين في الحقل الدعوي على “مذكرة النصيحة” الموجهة للملك، وهي اشبه ببرنامج سياسي يدعو الحكومة الى تبني خياراته بصورة كاملة كي تحافظ على شرعيتها.
هذه الواقعة كشفت للدولة عن مصادر غير متوقعة للتهديد، الامر الذي خفف الضغط عن التيار التنويري الذي بدا في هذه الفترة يستعيد بعض حيويته. بعد 1993 ساد شعور بان الحكومة تتجه الى تعامل متسامح مع المختلفين، لكن ذلك لم يات في صيغ محددة او قانونية، كان كالعادة من نوع غض النظر. تعرض كثير من الموقعين على مذكرة النصيحة للاعتقال والتضييق، وساد البلاد بمجملها حالة من عدم اليقين، فخيارات الدولة غير واضحة واستراتيجياتها غير معلنة. ثمة مبادرات تشير الى رغبة في الاصلاح واخرى تشدد على ابقاء ما كان على ما كان.
في العام 2003 اعلن تيار التنوير عن نفسه في صيغة وثيقة مطالب سياسية اطلق عليها اسم “رؤية لحاضر الوطن ومستقبله”. وخلافا للعادة لم يتعرض الموقعون على هذه الوثيقة للاعتقال، الامر الذي اثار الامل في ان البلاد تتحرك في خط مختلف عن الماضي. منذ هذا الوقت تشهد المملكة تعبيرات متنوعة يصب مجملها في اتجاه التنوير. من المحطات البارزة التي يشار اليها في هذه المرحلة هو صدور صحيفة الوطن في ابها جنوب المملكة في اكتوبر 2000 فقد اتخذت الصحيفة خطا نقديا متمايزا عن جميع الصحف السعودية الاخرى التي اعتادت الكتابة عن الشؤون المحلية بصيغة تطابق البيانات الرسمية. سلطت الجريدة الجديدة الضوء على كثير من القضايا المسكوت عنها وكانت اول من فتح باب النقد العلني للمؤسسات الرسمية والدينية وشجعت الصحف الاخرى على السير في هذا الطريق.
بموازة ذلك ظهر من وسط التيار الديني السلفي اشخاص ناقدون لمنهج التشدد المعروف عن هذا التيار. في الحقيقة فان هؤلاء الاشخاص على قلتهم قد ساهموا في اثارة نقاشات واسعة وسط التيار الديني، مهدت لاتجاه بعض رموزه نحو الاعتدال وتبني منهج يقر – ولو ضمن حدود معينة – بقيمة التسامح والتعدد.
للمرة الاولى اصبح في الامكان رؤية اتجاهات ثقافية واجتماعية متعددة في الصحافة المحلية. هذا بالطبع عزز من قيمة التعدد والتنوع الثقافي وحول فكرة التنوير من دعوة خاصة بالنخبة الى قضية عامة متداولة في الصحافة والنقاشات الاهلية.
يتضح من العرض السابق ان فكرة التنوير كانت موجودة على الدوام في المجتمع السعودي، لكنها لم تنجح في توليد تراكم يستفيد من حركة الزمن في التوسع وتعميق الممارسة واقامة تقاليد جديدة. ويمكن الاشارة الى سببين رئيسيين وراء هذا الفشل:
اولهما: غياب التواصل في الحركة الاجتماعية ذاتها، الامر الذي ترك المجتمع في حالة انتقال مزمن، فلا هو مستقر على نظامه التقليدي السابق ولا هو تبنى بشكل تام الحداثة واعاد انتاج تقاليد متناغمة مع مبادئها. في الحقيقة فان التقلبات الكثيرة ومحافظة الدولة على انفرادها بالعمل العام قد عطل كافة المبادرات التي كان يمكن ان تتحول الى حركة تنوير.
الثاني: التعامل المزدوج مع فكرة التحديث: تتبنى الدولة ايديولوجيا سياسية مضادة للمباديء الفلسفية للحداثة، لكنها متوائمة او متسامحة مع التطبيقات الاقتصادية وبعض التطبيقات الادارية. هموم الدولة عملية في المقام الاول، اما الثقافة فتعتبر عندها (كلاما) اي قليل القيمة. وهذا ميل معروف في البيروقراطية التي تميل الى التقنيات التي تقدم حلولا لمشكلات فعلية، بخلاف الفكر الذي لا يقدم حلولا محددة بقدر ما يقدم فهما اعمق للمشكلة. اهتمام الدولة بتحديث الادارة والاقتصاد يوحي بميل للحداثة. لكنها حداثة براغماتية منفعية لا تستند الى توجه اصلاحي او تحديثي متين قدر ما تستند الى تعريف مؤقت للمكاسب. ادت هذه الازدواجية الى تعميق النزاع في الوسط الاجتماعي بين التيار الداعي للحداثة والتيار التقليدي، حيث ان كلا منهما يستطيع – في حالات محددة على الاقل – الاستناد الى قوة الدولة واستمداد الشرعية منها. هذه الحالة ادت ايضا الى جعل حركة التنوير متاثرة قسرا بالوضع السياسي وتقلباته.
لا ينبغي التهوين من قدرة الدولة على التاثير الثقافي، فهي تسيطر على شبكة الاتصال الاوسع في اي بلد، اي المدرسة والاذاعة والتلفزيون والمساجد. كما لا يجب اغفال الميل العام في المجتمع للانسجام مع الثقافة الرسمية سواء بسبب ما تحمله من زخم المشروعية، او لحقيقة ان المسائل التي يسمح بتداولها في وسائل الاتصال الجمعي تكسب نوعا من المشروعية والعمومية.
المكون الاجتماعي لتيار التنوير
سلف القول بان البلاد تفتقر الى حركة تنويرية بالمعنى الدقيق. لكن ثمة عديد من النشاطات الثقافية والاجتماعية التطوعية التي يقوم بها اشخاص او جماعات صغيرة، تصب بمجملها في هذا الاتجاه. في الحقيقة فقد اصبح بالامكان الان الاشارة الى مفكرين وناشطين باعتبارهم رموزا لتيار التنوير في المملكة، وهو امر لم يكن سهلا قبل بداية العقد الجاري. يتكون تيار التنوير من افراد يمكن تصنيفهم – اعتمادا على خلفيتهم الوظيفية – الى خمسة اصناف. وهو تصنيف يستهدف فهم نوعية همومهم ونطاق فاعليتهم:
1- اشخاص ينحدرون من جماعات سياسية، مثل د. تركي الحمد، محمد العلي، على الدميني، عبد الله عبد الباقي، محمد سعيد طيب، نجيب الخنيزي.
2- اشخاص ينحدرون من تيارات دينية، مثل منصور النقيدان، حسن الصفار، د. محمد الاحمري، محمد محفوظ، محمد المحمود، د. عبد الله الحامد.
3- اشخاص خلفيتهم اكاديمية، مثل د. خالد الدخيل، د. عبد الله الغذامي، د. سعد البازعي، د. حمزة المزيني.
4- اشخاص خلفيتهم بيروقراطية، مثل ابراهيم البليهي، نجيب الزامل، د. غازي القصيي.
5- اشخاص تطور منحاهم التنويري من خلال العمل في الصحافة، مثل احمد عايل فقيهي، محمود تراوري، د. سعيد السريحي، يحي الامير.
هناك العديد من الاسماء الاخرى التي يمكن ادراجها، لكني اقتصرت على عدد قليل الاشخاص على سبيل التمثيل، ويتميز هؤلاء بانتاج ثقافي متواصل يدور في مجمله في فلك التنوير او يخدم بشكل مباشر اغراض التنوير.
القضايا الساخنة حاليا
يمكن الاشارة الى خمس قضايا تشغل المثقفين السعوديين، خصوصا اولئك المصنفين ضمن تيار التنوير:
1- العقلانية في سلوك الافراد والمؤسسات الرسمية. ويتوجه النقد القائم على هذا الاساس الى المؤسسة الدينية ومؤسسات الدولة والمجتمع على حد سواء. ويجري في العادة التنديد بسلوك هيئات العمل الميداني الدينية ولا سيما هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبارها غير عقلانية او ضارة بالمصالح العامة.
2- الحريات الشخصية: مثل حرية التعبير والاعتقاد، ويتوجه النقد القائم على ارضيتها الى الدولة والمؤسسة الدينية بشكل متواز، لكن الاخيرة تحظى بنصيب اكبر من النقد لان الاولى اكثر سطوة. وتجد هذا النوع من النقد في الصحافة والمنتديات بقدر واسع نسبيا.
3- الشفافية وحاكمية القانون: ويتجه النقد القائم على هذا الاساس الى سلوك المؤسسات الحكومية، وتجده بصورة محدودة في الصحافة، لكن المنتديات الاهلية ومواقع الانترنت الخاصة هي ميدانه الاول.
4- مقاومة الخصوصية القسرية: فكرة الخصوصية السعودية هي نوع من التنميط تعبر عنه الثقافة الرسمية وخلاصته ان المجتمع السعودي مختلف عن غيره، وانه خال من التنوع والاخطاء. وان كل ما يحصل هو تصدير من الخارج. وعلى هذا الاساس يتهم الداعون لحرية الراي او التنوع الثقافي بانهم خونة او متاثرون بالخارج او علمانيون معادون للدين. يتجه النقد القائم على هذه الارضية الى الدولة والمؤسسة الدينية والمجتمع معا. وبين ابرز المبادرات في هذا الجانب نشير الى عدد من الروايات التي استهدفت تصوير المجتمع كما هو ومن دون رتوش او صور تجميلية.
5- الدعوة للمساواة والتسامح ونبذ التعصب المذهبي والقبلي.
6- الهوية الوطنية ولا سيما التاكيد على التنوع والتعدد الثقافي والحاجة الى الاعترف به وحمايته قانونيا.
يجري التعبير عن القضايا المذكورة بدرجة محدودة في الصحافة المحلية، لكن ميدانها الابرز هو المنتديات الاهلية ومواقع الانترنت. وخلال السنوات الاخيرة انتشرت المنتديات الاهلية وتحولت الى ظاهرة تشبه ظاهرة الديوانية في الكويت. وثمة عدد من المنتديات تحولت الى منابر هامة للنقاش الثقافي والسياسي والتعبير عن الهموم الوطنية. الى جوار ذلك تلعب مواقع الانترنت، سواء المتخصصة في الاخبار او منتديات النقاش دورا هاما في الوقت الحاضر. على رغم نشاط الدولة في حجب مواقع الانترنت الا ان مئات الالاف من الشباب يعبرون عن رايهم من خلالها كما يطلعون على القضايا والجدالات الدائرة في البلاد. ويتعاظم دور الانترنت مع تكاثر القضايا موضع الجدل وتخلف الصحافة المحلية عن متابعتها او تغطيتها بصورة مناسبة.
اشكالات التنوير في المملكة
اشكالات التنوير في المملكة العربية السعودية هي ذاتها اشكالات التنوير في العالم العربي، لكنها اكثر تركيزا وحدة في المملكة، بسبب النظام الاجتماعي والسياسي الخاص في هذا البلد.تنطوي الاعتراضات على فكرة التنوير تحت اربعة عناوين رئيسية:
** اشكال ذو خلفية دينية: اعتبار العقل مصدرا وحيدا للسلطة والمعرفة يتعارض مع الفهم الديني الذي يعتبر الوحي مصدرا لهما. بعض التشريعات تؤسس على ارضية روحية او ميتافيزيقية لا علمية او عقلية.
** اشكال ذو خلفية معرفية: يعرف العقل والعقلانية في الثقافة الغربية على نحو مختلف عن تعريفه السائد في الثقافة الشرقية ومنها العربية. من ذلك مثلا التركيز على تبرير الفعل رجوعا الى قيم مادية (احد مفاهيم الـ Rationality ) او اعتبار المكسب والخسارة المادية مقياسا للقيمة. ومنها اعتبار التجربة (اي العلم الموضوعي) معيارا شبه وحيد للصحة والفساد. بينما تميل الثقافة الشرقية ومنها الاسلامية الى اضافة مصادر اخرى مثل العرفان والحدس.
** اشكال ذو خلفية اجتماعية: التنوير يعني الاقلاع من عصر التقاليد الى عصر الحداثة، وهو امر مكلف للافراد والنظام الاجتماعي معا.
** اشكال ذو خلفية سياسية: ترتبط فكرة التنوير بالمجال المعرفي الاوربي، وتؤدي بالضرورة الى انفتاح على المعرفة الاوربية، وهذا يثير مخاوف مما يسمى بالانكشاف او العودة طوعا الى احضان القوة العالمية الغالبة. سبب هذا الاشكال هو شعور العرب بالضعف ازاء العالم.
العامل الديني
اشرت سابقا الى ان الاشكالات التي يواجهها تيار التنوير في المملكة العربية السعودية هي ذاتها الاشكالات القائمة في معظم دول العالم العربي الاخرى. الا انها تبدو في المملكة اكثر حدة بسبب بعض خصوصيات المجتمع السعودي، الدينية والسياسية.
يعتبر الدين واحدا من ابرز العوامل التي تسهم في تشكيل الحياة العامة والسياسة الداخلية في المملكة. خلافا لجميع دول العالم الاخرى فان الحكومة تعتبر الدين مصدرا شبه وحيد للشرعية السياسية. وتحافظ على علاقة وطيدة مع المؤسسة الدينية التي تلعب دور الوسيط بين المجتمع والدولة، على الاقل في نجد، البيئة الاجتماعية الحاضنة للنظام السياسي.
نعرف طبعا ان المؤسسة الدينية الرسمية تمثل جزءا من جميع الحكومات العربية الاخرى. لكنها في السعودية تتميز بقوة تتجاوز اي جهاز حكومي اخر، وهي فاعلة في كل ادارة او جهاز حكومي كما في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية. تتبنى الحكومة مذهب الشيخ محمد عبد الوهاب الذي يتبع ميولا اخبارية اكثر تطرفا من المذهب الحنبلي الذي قام على ارضيته. تتمايز المذاهب الاخبارية عن نظيرتها الاصولية بانكار دور العقل في التشريع وتحصره في النص. ولهذا فهو ينكر الحاجة الى الفلسفة ويحرم تعليمها. ولعل المملكة هي البلد الوحيد في العالم الذي يحضر تداول كتب الفلسفة او بيعها. يتميز المذهب الوهابي ايضا بالتشديد على الربط بين العقيدة والعمل، لذلك شاع بين اتباعه التساهل في تكفير المخالفين حتى في المسائل الفرعية او الثانوية.
تدير المؤسسة الدينية عددا كبيرا من المؤسسات التعليمية من بينها جامعة الامام محمد بن سعود التي يزيدعدد طلابها عن 20 الفا، اضافة الى الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة التي تلعب دورا ثانويا في هذا المجال. وتبدو قوة المؤسسة الدينية الرسمية واضحة في الاعلام الرسمي حيث تشكل البرامج الدينية 40% من ساعات البث في الاذاعة والتلفزيون، ترتفع الى 60% في موسمي رمضان والحج. هذا اضافة الى عدد من القنوات التلفزيونية الخاصة التي يمولها رجال دين او انصار لهم.
خلال السنوات الاخيرة اتخذت المؤسسة الدينية الرسمية موقفا متشددا من محاولات اصلاح مناهج التعليم والقضاء وتطوير الاعلام، كما انها تفرض رقابة على الصحف المحلية وتمارس ضغوطا مستمرة على تلك الصحف التي تنشر موضوعات او افكارا تعتبرها غير مرضية. ولهذا ينظر المثقفون السعوديون الى تلك المؤسسة باعتبارها العائق الابرز امام الحراك التنويري. في حقيقة الامر فان الضغط المعيق للحراك التنويري لا ياتي فقط من المؤسسة الرسمية، فهناك ايضا عدد كبير من رجال الدين يقومون بادوار مماثلة، ويستند هؤلاء واولئك على دعم الدولة العلني او تسامحها مع مبادراتهم وسياساتهم. ومن هذه الناحية فان الدولة تتحمل مسؤولية كبيرة لانحيازها الى هذا الفريق من جهة، ولتهاونها – من جهة اخرى – في حماية الفرقاء الاخرين الذين يعانون من ضغوطها.
اشير ايضا الى ان صراع التيار الديني السلفي مع التيار التنويري ليس فقط رد فعل على مبادرات هذا التيار، بل جرى في بعض الاحيان افتعال صراعات بغرض تدريب الاتباع واثارة حماستهم. يعتبر التنويريون هدفا سهلا للتدريب، فاراؤهم وطريقة حياتهم تتعارض حديا مع التيار السلفي خاصة، وينتمي كثير منهم الى اطياف اجتماعية او مذهبية مخالفة، كما انهم يفتقرون الى الحماية. ولذلك يسهل التجييش ضدهم والدخول في احتكاكات لفظية ومادية. ونلاحظ ان الصراع ضد التنويريين يتصاعد كلما بردت القضايا الاخرى او فرض حظر على النقاش فيها، وهو يتراجع كلما برزت مسائل اكثر اثارة، داخلية او خارجية.
لهذا السبب وذاك فان التيار التنويري متورط في صراع مفتوح مع التيار الديني السلفي ورموزه، سواء المؤسسة الدينية الرسمية او المجموعات المستقلة. ويشكل هذا الصراع جانبا كبيرا من العمل الثقافي لتيار التنوير. وفي ظني ان انخراط التيار في هذا الصراع قد اكسبه مواقع قليلة،لا سيما بين المتمردين على النظام الاجتماعي والمقهورين، لكنه من جانب اخر ترك انعكاسات سلبية على مسيرته، من ابرزها: أ- انه اظهر هذا التيار كعدو للدين مما اضعف قدرته على اختراق النطاق الاوسع من المجتمع. ب- اعاقه عن اكتشاف التحولات الهامة في اطار الحركة الدينية وهي تحولات تخدم التيار التنويري اذا اجيد استخدامها. ج – حرف بعض الجهود التنويرية عن اغرضها المفترضة وحولها الى ردود فعل ذات طابع سياسي. ونشير هنا مثلا الى تساهل التنويريين في خرق الدولة للقانون وحرية التعبير اذا كان المستهدف به هو التيار الديني، بينما يفترض ان يمثل هذا هدفا ثابتا ومبدئيا لاي منتم لتيار التنوير.
شهدت السنوات القليلة الماضية تطورا هاما يتمثل في تحول عدد من ناشطي التيار الديني نحو اتجاه اكثر اعتدالا وتبني بعضهم لقيم او مفاهيم حداثية او قريبة من مفاهيم الحداثة. وتندرج في هذا الاطار كتابات محمد المحمود وهو محاضر في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية. وخلال الاسابيع القليلة الماضية، ولمناسبة فوز باراك اوباما شهد التيار الديني نقاشات واسعة، كشفت في احد وجوهها عن سقوط بعض المسلمات الايديولوجية حول دور المجتمع في اقرار العدالة والمساواة وقدرة النظام الديمقراطي على تجديد نفسه. ويمثل ما كتبه د. محمد الاحمري اكثر التعبيرات مباشرة عن هذا التغيير يقول الاحمري في مقال اثار كثيرا من الجل: ” المثال الأعلى للحكم هو الحكم الديمقراطي وأن ما عداه من أنظمة لا تستحق أن تذكر في الأخبار أي أخبار إلا أخبار المقهورين، أو المغلوبين على أمرهم، من أهل الهوامش الفاشلة أو المتخلفة”. وهو ينظر الى الديمقراطية كطريق للخلاص الديني: “ابن مسلم أسود يحكم أمريكا، إنها الأمم العملية التي تجردت من الوثنيات المتخلفة… [والوثنية] من علامات الفشل المقيم في قلوب وعقول بعض المسلمين، الذي أسلمت كلماتهم، ولكن الوثنية تحتل قلوبهم، والعالم الإسلامي تضعه هذه الوثنية خلف الأمم، وتمسك به جاهلا تابعا خائفا، وتدمر روحه “.
من المهم ان ينفتح التيار التنويري على هذه التحولات مهما كان تقييمه لاهميتها او سعتها، وان يسعى الى تطويرها. وفي ظني ان بعضها على الاقل يعد بتجديد في التيار الديني سوف يسهم في توسيع القاعدة الاجتماعية المؤمنة بالتنوير والحداثة.
مهمات تيار التنوير في المملكة
سبق القول انه لا يوجد شيء يمكن وصفه بمشروع تنويري في المملكة. هناك من فكر في مشروعات لكن الناتج الفعلي لا يصل الى مستوى مشروع بالمعنى المتعارف. ثمة مبادرات بحاجة الى تطوير وتوسيع قبل ان تستحق وصف المشروع. اذا فكرنا في تطوير مشروع تنوير، فان النقاط التالية تبدو جديرة بالتركيز والمعالجة:
1- تحديد الاشكالات: لكل مجتمع اشكالاته الخاصة، قد تتشابه مجتمعات عديدة في اشكال واحد، لكنها تتفاوت من حيث الاهمية والاولوية او من حيث طرق المعالجة، ولهذا فاننا بحاجة الى تحديد الاشكالات الخاصة بالمجتمع السعودي وتطوير معالجات مناسبة. في ظني ان ابرز القضايا الاشكالية في المملكة هي حرية التفكير وحرية التعبير. وهو مطلب يتزايد القبول به حتى بين القوى التي تصنف ضمن الفريق المعارض للتنوير.
2- الانتقال من الاحتجاج على السائد الى المشروع البديل: تبدا حركة التنوير كنقد للواقع السائد. لكنها لا تستطيع الاستمرار اذا لم تقدم بدائل قابلة للتطبيق ضمن معطيات وحدود الواقع. تقديم البدائل هو الكفيل بتطوير الحراك التنويري من ممارسة نخبوية الى مسار اجتماعي- ثقافي عام.
3- تشجيع الجدل الضروري لدعم التراكم المعرفي وتفصيح الاسئلة وتجاوز القضايا المنتهية وتوسيع مفهوم التنوير. ثمة شكوى جدية من ضعف التواصل الناتج عن تباين الخلفيات الاجتماعية والوظيفية وهو تباين يؤدي في بعض الاحيان الى تنافر وعجز عن التفاهم.
4- تخليص حركة التنوير من هيمنة السياسة. مثل معظم البلدان ارتبط تيار التنوير بالصراع ضد هيمنة المؤسسة الدينية – ولا حقا الحركة الدينية – على المجال الاجتماعي. وقد تطور هذا في بعض الحالات الى موقف معاد للدين او للتيار الديني دون تمييز، الامر الذي اعاق امكانية اكتشاف مبادرات تنويرية داخل التيار الديني. ينبغي التركيز – في المقابل – على ان حركة التنوير مبادرة اهلية، تنظر الى المجتمع كله كموضوع عمل وكحليف طبيعي من دون تصنيف متكلف او قسري. لا ينبغي الظن في امكانية التحرر الكامل من تاثير السياسة. ستبقى حركة التنوير متاثرة شئنا ام ابينا بالوضع السياسي. الاتجاه التنويري ينطوي بالضرورة على مفارقة للتقاليد والقيم السائدة او تمرد على حدودها، فان الكلام عن التنوير في مجتمع ما ينطوي بالضرورة على نوع من التصنيف للقوى الاجتماعية من حيث موقفها من خطاب التنوير. وهذا يجعلنا ازاء تفكير في توازن قوى اجتماعية، اي تفكير في السياسة. المقصود اذن ليس التحرر الكلي من السياسة لانه غير ممكن، بل عدم افتعال تصنيف للحلفاء والاعداء بناء على تنميط نظري منقطع عن الواقع كما هو.
5- التركيز على التطور الاجتماعي الداخلي للتنوير: يتضح من العرض التاريخي السابق ان الحراك التنويري في المملكة قد تاثر دائما بعاملين: موقف الدولة والتغيرات السياسية في المحيط الاقليمي او الدولي. لا يمكننا على اي حال التنكر للوقائع واهميتها، فهي ستؤثر شئنا ام ابينا. ما ينبغي ان نتجه اليه هو التركيز على الدوافع والعوامل الداخلية للتنوير، والاهتمام بتطوير صيغ محلية واسئلة تتناول قضايا المجتمع المحلي وهمومه، وعدم انتظار الاشكالات المثارة بفعل تحولات خارجية.
(1) Katouzian, Homa, ‘The Aridiosolatic Society: A Model of Long-Term Social and Economic Development in Iran’, International Journal of Middle East Studies, vol. 15, no. 2 (May 1983), 259-281, p. 265.