**
أين الدور السعودي والدور الأميركي في الأزمة اللبنانية الراهنة؟ بكلام آخر، أين السفير السعودي في بيروت؟ وأين السفير الأميركي في بيروت؟
حتى أسابيع قليلة، كانت أخبار السفير الأميركي، وتصريحاته، تملأ الصحف اللبنانية. فلماذا “اختفى” في ذروة أزمة الرئاسة اللبنانية؟ وهل توارى الدور الأميركي لصالح مبادرة كوشنير فعلاً؟
السفير السعودي تلقّى تهديدات، الأرجح أنها من سوريا، قبل أشهر. ولكن التهديدات لا تكفي لتفسير غيابه، وغياب الدور السعودي عموماً، في أزمة الإستحقاق الرئاسي.
هل هنالك حالة “حَرَد” سعودي إزاء مبادرات وزير خارجية فرنسا، برنار كوشنير، التي ذكرت بعض صحف بيروت أن دولة قطر هي التي أوحت بها. إذا صحّ أن دولة قطر أقنعت الرئيس ساركوزي بهذه المبادرة، فالمؤكد أن ذلك عنصر مؤثّر في الموقف السعودي. وهنالك معلومات مؤكّدة، في باريس، مقادها أن فرنسا وجدت نفسها، منذ حلحلة أزمة الرهائن البلغار في ليبيا (بمساعدة قطر)، في وضع “صعب” بسبب الضغوطات القطرية والليبية، من جهة، والضغوطات السعودية من جهة أخرى.
قبل أيام نشرت جريدة “الحياة” خبراً “عجيباً غريباً” جاء فيه أن: “…..الإدارة الأميركية أكدت للقيادة السعودية ان المعلومات الفرنسية عن التدخل الإيراني في الموضوع اللبناني والعراقي غير دقيقة وان الجانب الفرنسي لا يعبر عن الموقف الأميركي في هذه النقطة ، خصوصاً لجهة الاتهامات التي ساقها ضد طهران بلعب دور مخرب في الأزمتين اللبنانية والعراقية. وتتهم إيران الإدارة الفرنسية بلعب دور سلبي على خط الدور الإيراني في الأزمة اللبنانية وتخريب العلاقة مع الرياض بهدف الحصول على دور لها في حل الأزمة الرئاسية اللبنانية على حساب الأطراف الإقليمية الأخرى..” (راجع المقال في: بعد اجتماعه مع المعلّم: متكي يدعو الاجانب الي عدم التدخل في شوون لبنان
“الحياة”: إيران أكّدت للسعودية إستعدادها للمساعدة!).
القسم الأول من خبر “الحياة” لا يبدو مقنعاً: فلماذا تدافع أميركا عن الموقف الإيراني، ولماذا تكذّب الفرنسيين إذا كانت تنسّق معهم؟ ولكن القسم الثاني “معقول” أكثر حينما يلمح إلى رغبة فرنسا في الحصول على دور لها “على حساب الأطراف الإقليمية الأخرى”! هل السعودية بين هذه الأطراف الأخرى؟
ثم أن مبادرة كوشنير كلها باتت، الآن، موضع شكّ بعد الفشل الذريع الذي حقّقته.
لنقل، أولاً، أن شخصية السيد كوشنير لا توحي بالثقة لمتابعي السياسة الفرنسية. وثانياً، أنه كان متوقّعاً، ومنذ أسابيع، أن السيد كوشنير لن يبقى في منصب وزير الخارجية بعد شهر يناير 2008. وثالثاً، أنه ليس في سجلّ السيد كوشنير ما يجعله مؤهّلاً للعب دور “تاريخي” في الأزمة المصيرية التي يجتازها لبنان. ربما كان ما يجمع الرئيس ساركوزي بوزير خارجيته برنار كوشنير هو أنهما، الإثنان، من دعاة “الخبطات” الإعلامية الباهرة التي تنجح يوماً وتفشل معظم الوقت! ومثل هذه “الخبطات” الإعلامية، التي تشبه “السبق الصحفي”، ربما تصلح في بعض بلدان العالم، ولكنها حتماً لا تصلح للشرق الأوسط.
وللدخول في بعض التفاصيل، فهل كان السيّد كوشنير هو الذي “نَقَلَ” إلى المعارضة، حسب بعض الصحف اللبنانية، أن الأغلبية لن تلجأ إلى خيار “النصف زائد واحد”؟ ولماذا فتح السيّد كوشنير، والرئيس ساركوزي، الأبواب، ولماذا أضفى “شرعية دولية” على إقحام النظام السوري خصوصاً، والنظام الإيراني، في إنتخابات الرئاسة اللبنانية؟
وما هي “الأوراق” التي تملكها فرنسا، سواء “الإغراءات” أو “التهديدات”، من أجل “إقناع” بشّار الأسد؟ وحينما يصرّح كوشنير بأن السوريين “سيرون من هو ساركوزي”، فماذا يعني هذا الكلام…؟
لقد كان السيّد كوشنير هو صاحب تصريح “الحرب” على إيران قبل أسابيع قليلة. وهذا قد يعني أنه ليس الشخص الأكثر أهلية لإقناع الإيرانيين بتسهيل إنتخابات الرئاسة في لبنان! وربما كان هذا السبب في “إصرار” منوشهر متّكي على “وجوب” زيارة كوشنير إلى طهران. وعدا أن مثل هذه الزيارة ستضطر كوشنير للتراجع عن تصريحاته الحربية، فمن المؤكّد أن وزير خارجية إيران يفضّل التعامل مع كوشنير “اللامع” على النقاش مع إختصاصي ممتاز في شؤون المنطقة مثل السيد كوسران.
وفي نفس السياق، فقد مارس السيد كوشنير ضغوطاً متواصلة على البطريرك الماروني لإعداد قائمة بأسماء مرشّحين مقبولين. فما هي الضمانات الحقيقية التي حصل عليها قبل الإعلان عن القائمة، وفقاً لاتفاقه مع البطريرك؟
يبدي معلّق “الدايلي ستار” الممتاز، مايكل يونغ، في تعليق أعدنا نشره على صفحة “الشفّاف” الإنكليزية، “ندمه” لأنه كان بين رحّبوا بتعيين كوشنير وزيراً للخارجية الفرنسية، ويدعو إلى تسريع التحقيق والمحكمة الخاصة بقضية إغتيال الرئيس الحريري، التي تفيد معلوماته أن الفرنسيين ناقشوا موضوعها مع بشّار الأسد! فهل هذا صحيح؟ وهل يملك الفرنسيون تحليلاً دقيقاً لوضع النظام السوري، ولاستعداداته لتسهيل الإنتخابات، ولحالة “الذعر” التي يشعر بها؟
وهذا كله، لا يعفي من السؤال عن الموقف الأميركي في الأزمة الحالية. فأن “يدعو” الرئيس بوش، والسيدة وزيرة خارجيته (التي لا نذكر لها “إنجازاً” واحداً في السياسة الخارجية) إلى رفع التدخّل الأجنبي عن الإنتخابات اللبنانية، فهذا حسن. ولكن، ماذا ستفعل أميركا إذا لم تلبِّ دمشق وطهران تمنّياتها؟ وهل يعني تواري السفير الأميركي وبروز كوشنير أن الولايات المتحدة لا تملك سياسة حقيقية في هذه الأزمة اللبنانية؟ خصوصاً أن الكلام الإسرائيلي “الإيجابي” تجاه نظام دمشق يوحي بأن إسرائيل ما تزال تفضّل التعامل مع نظام الأسد، المجرّب، على ركوب مركب “الديمقراطية” و”التغيير” الذي لا تعرف ماذا سيسفر عنه! ببساطة، وهذا هو السؤال الذي يطرحه بشّار الأسد وأحمدي نجاد، ماذا سيفعل الرئيس بوش لمواجهة التدخلات السورية والإيرانية؟
أخيراً، وبعيداً عما يعتقده لبنانيون وأميركيون كُثُر، فالإدارة الأميركية كانت تشعر بالإحباط في الأيام التي سبقت مظاهرة 14 آذار التاريخية. وكان البيت الأبيض متشائماً في الأيام التي تلت مظاهرة 8 آذار التي نظّمها حزب الله وحلفاؤه الصغار! لقد كانت مظاهرة 14 آذار التاريخية “اللبنانية” مفاجأة للبيت الأبيض مثلما كانت مفاجأة للبنانيين أنفسهم، بما فيهم قياداتهم السياسية!
إن السيد وليد جنبلاط على حق حينما يدعو إلى التوافق وإلى الإبتعاد عن كل ما يتسبب بقطرة دم واحدة في لبنان. هذا موقف سليم، وهذا موقف “إستقلالي” في ذكرى الإستقلال وصانعيه.
لكن، قد يكون مناسباً أن تطرح حركة 14 آذار بعض الإسئلة على أصدقائها في الغرب (فرنسا وأميركا تحديداً)، وأن تصارح جمهورها بالصعوبات وأن تعمل على تعبئة اللبنانيين للدفاع عن الإستقلال الوطني وعن الديمقراطية. الديمقراطية في لبنان وفي سوريا أيضاً.
التعبئة المدنية مقابل ميليشيات السيد حسن نصرالله، وصواريخه، ودعمه المالي الذي قال نائب رئيس جمهورية إيران أنه يبلغ 1 مليار دولار سنوياً. في النهاية، المدنيون، أي الشعوب، يربحون الجولة الأخيرة.
حول الإداء “غير المُقنِع” للسيّد كوشنير، وحول الغياب المريب للرياض وواشنطن في أزمة لبنان
Dear Mr. Pierre Akel,
Thanks for your article on the performance of the French Foreign Minister. Actually you have expressed what I usually feel when I see this man talking, he is not convincing at all.
Kind regards,
Zinab Moussa
zinabmousa@hotmail.com
حول الإداء “غير المُقنِع” للسيّد كوشنير، وحول الغياب المريب للرياض وواشنطن في أزمة لبنان
مع احترامي للسيد بيار عقل واحترامي للكثير من الاصدقاء اليساريين ولكن…
أنا شخصيا لم أعرف أن اشتراكيا واحدا كانت له ايادي بيضاء ( واضحة ) في حل أي قضية دولية!!!
فما بالك بالقضية اللبنانية التي تتشابك بها العديد من الاطراف والمصالح العربية والدولية؟؟ السياسية والدينية والمذهبية ؟ لو كنت اشتراكيا فسأقف مناديا بالديمقراطية علنا وأدعم النظام القمعي السوري وحلفاءة ومريدية بكل طاقتي!
هذا ما تعلمناه من الاشتراكية!
حول الإداء “غير المُقنِع” للسيّد كوشنير، وحول الغياب المريب للرياض وواشنطن في أزمة لبنان
السؤال مهم ومشروع
ولكن الجواب وخصوصا حشر أسماء قطر وليبيا غريب جدا