هذا السؤال التلقائي الذي استنتجه الصحفي عكيفا إلدار من “هآرتس” في تغطيته لاجتماع عقد في القدس ، بمناسبة 40 سنة لتأسيس صندوق اسرائيل، ولافتتاح المبنى الجديد للمدرسة المختلطة (ثنائية اللغة) اليهودية العربية في القدس .
يقول الصحفي إلدار ان المشاركين لم يذكروا الكلمات والاصطلاحات المثيرة للخلاف مثل “التهديد الديموغرافي” او “خطر الثنائية القومية” او “ترانسفير العرب في اسرائيل”، ولكن ما سيطر على القاعة كان الاحتلال الاسرائيلي- احتلال اللسان العبري للسان العربي.
المستشرق البروفيسور أمنون كوهين (من الجامعة العبرية)، تساءل اذا كانت “ثنائية اللغة” تختصر الفجوات وتخفي الخلاف بين متكلمي اللغتين، او انها على العكس ، تشكل اداة لابراز خلاف الرأي.
وطرح سؤال: “هل الثنائية اللغوية تهدد الخصوصية الثقافية للمتحدثين باللغة العربية الذين يعيشون داخل بحر يتحدث بالعبرية في اسرائيل؟.. وماذا حققت اللغة القديمة – الجديدة (العبرية) للستة ملايين مواطن يهودي في الدولة الشابة ، للغة(العربية) المتأصلة في افواه 250 مليون شخص”؟
في دولة اسرائيل اليوم، اتقان اللغة العبرية هو شرط اولي لنجاح عربي اسرائيلي في جميع المجالات. ومعرفة اللغة الانجليزية هي شرط للتقدم الاكاديمي، اللغة الام العربية، لغة الوطن الفلسطيني، تنحسر الى المكان الثالث، والهامشي في المجتمع العربي، وخاصة المجتمع القروي.
المؤرخ الدكتور عادل مناع مدير “المركز لابحاث المجتمع العربي” في معهد فان لير في القدس، تحدث باللقاء بان “تجربته الاولى كابن للأقلية كانت في الجامعة، وحتى وصل للاكاديميا، تعلم وتحدث بالعربية، وان الواقع الذي التقى به كان بعيداً عن وعود وثيقة الاستقلال” .- ( جاء في ميثاق استقلال دولة اسرائيل: “تقيم المساواة التامة في الحقوق اجتماعياً وسياسياً بين جميع رعاياها من غير تغيير في الدين والعنصر والجنس وتؤمن حرية الأديان والضمير والكلام والتعليم والثقافة”)
ومع ذلك، اضاف مناع انتقاداً: “ان اتقان اللغة العبرية والنجاح في الدراسة، ليسوا ضمانة لنجاح العربي في الاكاديميا الاسرائيلية”. وواصل يقول انه: “حتى اليوم لم يعين أي عربي لمحاضر كبير في قسم الشرق الاوسط، وحتى في قسم اللغة العربية في الجامعة العبرية”. وأضاف : “ماذا كنتم ستقولون لو انه في قسم تاريخ الشعب اليهودي في برينستون او ييل لا يوجد أي محاضر يهودي؟” .
وقال مناع: “انه يعرف اكثر واكثر اكاديميين عرب، يفكرون بالعبرية حين يتحدثون بالعربية”. وتحدث قائلاً بانه: “كان شاهداً لموقف مخجل عندما حاضر عربي اسرائيلي يعد للدكتوراه امام جمهور عربي، ولم ينجح بأن يلفظ حتى جملة واحدة بالعربية، دون اصطلاحات عبرية”. ورغم ان العريف عاد واكد للمحاضر مرات عدة ان في القاعة مواطنين من المناطق (الفلسطينية) لا يعرفون العبرية، ومع ذلك معد الدكتوراه لم ينجح ان يخرج الكلمات الصحيحة باللغة العربية، واخيراً جمع اوراقه وغادر المنصة”.
واشار الباحث مناع الى ان انتصار العبرية بارز بشكل خاص في المدن المختلطة، وفي اوساط الطائفة الدرزية والبدو .
للوهلة الاولى يمكن تفسير ذلك بسبب خدمتهم بالجيش الاسرائيلي،ولكن هذه الحجة واهية تماما. لا بد من دراسة هذه الظاهرة بشكل يأخذ أيضا برامج التعليم، وخاصة تعليم اللغة العربية ومستوى هذا التعليم، وجاهزية المعلمين وقدراتهم على التعليم. وأعرف مثلا معلمي لغة عربية في مدارس عربية في المثلث والجليل عملوا معي كمراسلين صحفيين، مستواهم اللغوي مأساوي تماما، وبالكاد يكتبون لغة صحيحة ومفهومة. وكنت شخصيا قد شاركت، قبل أشهر قليلة، بيوم اللغة العربية في مدرسة ابتدائية في الناصرة، ووقع من نصيبي الصف السادس، وتوقعت من الطلاب مستوى معرفة فوق المتوسط. فانا في جيلهم قرأت نجيب محفوظ، واحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم ومحمد عبد الحليم عبدالله وكتابات جبران ونعيمة وبعض كتبات مارون عبود، وأدب سوفياتي وعشرات روايات الهلال المترجمة وصحف عربية مختلفة. وقد فوجئت انهم لا يلمون حتى بقراءة نص واحد بشكل صحيح (مثلا قصة للصغار)، وفهمهم للمقروء يعاني من التباسات حادة، وانهم عدا وظائفهم المدرسية، لا يقرأون شيئا. بعضهم كشف ان مكتبة المدرسة مغلقة. المعلم المتواجد في الصف أصر انها مفتوحة دائما للطلاب، الطلاب تكلموا باندفاع وحماس ان المكتبة لم تفتح ابوابها منذ منتصف السنة الدراسية الماضية. بالطبع المكتبة المدرسية ليست هي الحل للمشكلة. البيت أيضا يفتقر لمضامين هامة في التربية. بيت بلا مكتبة ليس بيتا لأبناء البشر. هذا الجيل سيكون أسوأ من آبائه، ونحن، ممارسي الكتابة نعيش هذه المأساة، وتجعلنا نفقد كل توهج للدخول في ابداع جديد. النشر يكلف ولا يوجد مردود لتجديد قدرتنا على نشر اعمال جديدة، فلمن نكتب؟
كذلك لا يمكن تجاهل ظاهرة الفضائيات العربية التي تضاعف الجهل والغيبية ببرامجها، والانترنت الذي يستعمل في اتجاهات غير تربوية وغير تعليمية بغياب التوجيه وبضحالة ثقافة الوالدين اساسا، وبضعف برامج التعليم والحالة المزرية للعديد من المدارس .وأجد نفسي مضطرا هنا للمصارحة.
حررت خلال سنتين مجلة للطلاب الابتدائيين، كان يشارك بكتابة موادها الأساسية الطلاب انفسهم. وقد انكشف واقع التعليم ومستواه بسهولة أمامي. وتبين لي ان المدارس الأهلية، مدارس الارساليات المسيحية، في الناصرة والى حد ما حيفا، هي الأفضل والأرفع في مستوى الطلاب (وبالطبع مستوى التعليم والاهتمام بالطالب). وبشكل عام مستوى المدارس الحكومية في الناصرة مقبول.. كذلك الوضع في مدارس بعض قرى وبلدات عربية في الجليل والمثلث مثل كفرياسيف والرامة وام الفحم وباقة الغربية وغيرها مع تفاوت كبير في مدارس نفس البلدة ، بعضها ما دون المتوسط وما دون الحد الأدنى المطلوب لمدارس ابتدائية.. طبعا هناك تفاوت بين الطلاب أنفسهم.. نجد طلابا بمستوى عشر نقاط، حتى في مدارس متدنية بمستواها بشكل عام،وبنفس الصفوف نجد طلابا لا يتعدون النقاط الخمسة الأولى.وانا أميل هنا لرؤية تأثير البيت وأهميته في تطوير قدرة الطالب. وهذا ينسحب على اللغة العربية وتأصلها في ذاكرة الطلاب ولسانهم.واكتشفت ان بعض المدارس، جعلت موضوع المطالعة العامة نهجا مكملا للتعليم، وبالفعل كان طلابها الأبرع في الكتابة والتعبير اللغوي والابداع الأدبي وأيضا الابداع العلمي في كافة المواضيع.وبعض المدارس خاضت تجارب فريدة من نوعها، اذ أدخلت موضوع الموسيقى الكلاسيكية والعربية، مع معلمين مستقلين ومنهم المهاجرين الروس الجدد الذي وصلوا الى اسرائيل ويتمتعون بمستويات موسيقية راقية جدا، وباسلوب تعليمي علمي كامل، وكان من الممتع ان تسمع الطلاب في الصفوف الابتدائية المتقدمة يشرحون قطعا موسيقية لكبار الملحنين الكلاسيكيين، وقاد هذا البرنامج الى اكتشاف عشرات الموهوبين موسيقيا، وبعضهم اليوم من الأسماء التي تنطلق الى آفاق حدودها السماء، وأيضا من لم يختار الموسيقى حقق تقدما في سائر المواد التعليمية، ولم تشكل الموسيقى عبئا جديدا على التعليم، بل نافذة ثقافية حضارية، وسعت عالم الطلاب ومداركهم وقدراتهم على التعبير والكتابة والتقدم العلمي والانفتاح على ثقافتهم والثقافات العالمية.
وهو مشروع بدأه انسان قمة في الذكاء والقدرة على العطاء والدفع ن المهندس والمربي والنشيط في اعداد برامج التثقيف الموسيقي للطلاب والشباب دعيبس عبود أشقر، احد الأصدقاء المقربين للمرحوم ادوارد سعيد، ووالد العازف الذي انطلق الى العالمية، وبات من عازفي البيانو الأكثر شهرة عالميا وأعني سليم عبود أشقر.
****
في اللقاء اياه تحدث الصحفي رفيق حلبي واشتكى من انه لا ينجح بان يدفع ابنيه بقول جملتين بلغة عربية نظيفة من العبرية. وقال ان والده لم يكن يعرف الا خمس كلمات عبرية بسبب علاقته التجارية كصاحب دكان مع بلدة يهودية. واشار الى كلمات عربية دخلت للغة العبرية بلفظ مشوه، أصبحت تستعمل من العرب باللفظ العبري المشوه. الى جانب ان الملمين جيدا بالعربية أصبحوا يستعملون في حديثهم اللغتين، حتى مع زوجاتهم، بجمل نصفها عبري ونصفها عربي.وقال حلبي انه في قرية شركسية، يصلون بالمسجد بالعربية، ولكن يخرجون ويواصلون حياتهم اليومية باللغة العبرية. واشار الى ان أكثر اللافتات على المحلات في القرى العربية مكتوبة بالعبرية، ليس لأن زبائنهم يهود، بل هي صورة عن مأساة العرب في اسرائيل.
واشار حلبي انه “ليست فقط لغة اليهود تسيطر على العرب، وانما الموسيقى أيضا والملابس، والسينما. وقال انه “يرى بالتنازل عن لغة الأم تنازلا عن جزء من الهوية. وان من يفقد هويته، هو انسان ضائع”.
البحث تناول تجارب اخرى من اكاديميين عرب وادباء عرب…
ولكني رأيت ان أسجل بالأساس الموضوع الأكثر اقلاقا. هل هزمت اللغة العربية في اسرائيل؟
بالطبع لست في باب اعطاء الجواب الحاسم. فالأجوبة الحاسمة باتت مقولات لسياسيينا الأفاضل.انما أنوي طرح جوانب مختلفة من هذه الاشكالية المرعبة بكل المقاييسس.
واعترف انا مثلا اني اكتسبت ثقافتي العربية بجهدي الذاتي، وبتشجيع ودفع من والدتي بالأساس، حتى اتقنت القراءة وعشقتها وانا في الصف الثالث، ولكني واصلت دراستي الثانوية بمدرسة عبرية، وزملائي العرب بنفس الصف غير قادرين اليوم على صياغة رسالة بعشرة اسطر بلغة عربية غير مكسرة وبجمل واضحة مكتملة.
حقا لا أعرف القواعد العربية او قواعد النحو والاعراب، وقدراتي اللغوية الصياغية لا لبس فيها، وأكثر ما أنشره لا يمر على مصحح لغوي، لذلك أواجه أحيانا بانتقادات من بعض التافهين المتحالين بجدول جارتهم. لو كان فيهم بعض العقل لميزوا على الأقل بين الصياغة اللغوية الكاملة والسليمة نصا وفكرا، في طرح الرؤية والموقف الواضح بلغة يسيرة على الفهم، وبين بعض قليل من أخطاء في القواعد، لا تؤثر على المضمون. أعرف ان لغتي ممتازة،وانا لست قلقا من الانتقاد، وليت منتقدي لغتي يلمون ببعض ثراء لغتي كلمات وفكرا وتعبيرا.
ولكن لست انا المشكلة، وليست قدراتي اللغوية هي النقاش المطروح..
في دراسة فريدة من نوعها، للمحاضر في قسم اللغة العربية في جامعة تل أبيب، الناقد الدكتور سليمان جبران، وحملت عنوان “على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربية المعاصرة” طرح العوامل المؤثرة سلبا وايجابا.
يطرح د. سليمان جبران تساؤل زميل مترجم مواد تعليمية من العبرية الى العربية، يسأل: “كيف تطورت اللغة العبرية، في مدة قصيرة نسبيا، من “لغة ميتة” الى لغة عصرية تماما، بينما تعرج لغتنا وراء الحضارة المعاصرة بصعوبة؟”
ويضيف الزميل: “أترجم من العبرية الى العربية فأجد عشرات بل مئات من المصطلحات الحديثة وجدوا لها البديل العبري حتى شاع على الألسن، بينما يصعب وأحيانا يتعذر علي ايجاد البديل العربي المناسب، رغم استعانتي بكل القواميس المتاحة”.
ويكتب الدكتور جبران: “الواقع ان العبرية تعاني أيضا كثيرا في لحاقها بالثورة الفكرية والتكنلوجية المعاصرة، وغالبا ما يدور الجدل هناك أيضا بين المجددين والمحافظين، بين من يتبنى المطلح الأجنبي بعلاته ومن يحافظ على العبرية و”نقائها” دون هوادة”. ويصل للشرح: “علينا الإعتراف بان العبرية تطورت فعلا أكثر من العربية في المئة سنة الأخيرة” ويضيف: “الدليل على ذلك ان الترجمة من اللغات الأجنبية، الانجليزية مثلا، الى العبرية، أسهل بكثير من الترجمة الى العربية، سواء من حيث المصطلحات أو مباني الجمل أيضا”.
ويستنتج: “السبب الأول في رأينا، وليس الأهم بالضرورة، ان العبرية أكثر طواعية من العربية، فالعبرية “تخلصت” منذ عهد بعيد من حركة الآخر وعلامات الاعراب الأخرى، كما حدث في لغتنا المحكية. وعلاماتى الاعراب، كما لا يخفى على كل مهتم باللغة العربية، عبء على الكاتب والقارئ والمترجم. ثم ان نحو العبرية الحديثة سهل طيع، تكاد تصوغ الجملة فيه كما ترغب، دونما خوف من الوقوع في “الممنوع” أو غير المألوف، على الأقل”.
ويقول: “ان نحو لغتنا الفصيحة بقي صارما، تحكمه القواعد التي وضعها سيبويه وأقرانه منذ مئات السنين، فيما عدا تغييرات طفيفة أملتها الحياة المعاصرة، ويعتبرها “الغيورون” خروجا على اللغة طبعا”.
وتساءل: “هل هناك لغة حديثة يحكمها نحو وضعوه قبل مئات السنين، ولم يؤلف فيما بعد – في رأينا- نحو حديث يتناول ضبط اللغة الحديثة؟ كيف يمكن للغتنا ان تخضع لسيبويه والكسائي الى أبد الآبدين”؟
ويواصل د. جبران بحثة الممتاز: ” السبب الثاني، وهو الأهم في نظرنا، هو سبب انساني، فالقائمون على اللغة، والفكر عامة، في اسرائيل، يتصلون بالغرب واللغات والثقافات الأجنبية اتصالا مباشرا، ونقل الحضارة الغربية من تكنلوجيا وثقافات وآداب، يكاد يتزامن مع نشوء هذه الحضارة في مجتمعاتها الأصلية هناك”.
يفسر د. جبران ذلك بسهولة نقل المستحدثات في اللغة العبرية وترويجها ونشاط اكاديمية اللغة العبرية وصوتها المسموع.
ويقارن ذلك مع وضع اللغة العربية المختلف.: “عالم مترامي الأطراف. اذاعات وفضائيات وصحف لا تعد ولا تحصى، ومجامع لغوية بدل مجمع واحد مشترك. وصوتها لا يكاد يسمع”.ويستنتج ان اللغة العربية لا تتطور بمساعدة المؤسسات والهيئات، بل يمكن القول انها تتطور رغم المؤسسات ورغم ” اللغويين ” الذين يعترضون على كل تجديد في المعجم أو النحو، كانما التجديد عمل منكر”.
اذا كانت هذه هي حال اللغة العربية في موطنها، فماذا تنتظرون ممن واجه سياسة تجهيل مريعة في السنوات الاولى للدولة يوم كان يفصل كل معلم وطني أو لا يتماثل مع السلطة؟
ومع ذلك كان مستوى التعليم، رغم الارهاب المسلط فوق رؤوس المعلمين، خاصة في اللغة العربية،أرقى من مستواه اليوم.
وكان النشاط الثقافي الحزبي (الشيوعي في وقته) واسعا ومربيا ومعوضا على نقص وشح المصادر الأدبية العربية، وجعل من الثقافة الوطنية مهمة سياسية اجتماعية حضارية لها اولوية عظمى، فأصدر أفضل مجلة ثقافية عربية،مجلة ” الجديد ” ربما الأفضل عربيا حتى اليوم (كمان أبرز محرريها المؤرخ والناقد والقائد الشيوعي اميل توما، الباحث والمفكر جبرا نقولا،الشاعروالكاتب عيسى لوباني الشاعر محمود درويش، الشاعر والمفكر سالم جبران وباقة كبيرة من الأدباء والمفكرين البارزين من العرب في اسرائيل، وتوقفت مع تضعضع أوضاع الحزب) وكانت صحيفة “الاتحاد” (الشيوعية أيضا) مدرسة ثقافية أدبية سياسية فكرية نقدية، ظل منها اليوم اسمها فقط. وكانت منظمة الشبيبة الشيوعية، مدرسة نضالية وتعليمية للغة العربية والثقافة والفكر والمجتمع للشباب الطلائعيين. ومن يقرأ كتاب “عرب طيبون” للباحث هيلل كوهين من الجامعة العبرية، يكتشف الدور المذهل في أهميته الذي لعبه الشيوعيون في الأنقاذ الوطني والثقافي للأقلية العربية في اسرائيل من براثن سياسة التجهيل والعدمية القومية والترحيل ومصادرة الأرض.
انا اشتغلت مضطرا، بعد دراستي للفلسفة والعلوم الاجتماعية، حدادا،لأني استبعدت من الوظائف الرسمية بسبب قناعاتي السياسية (الشيوعية في وقته) وتقدمت مهنيا لأصبح مديرا لنوعية الانتاج ، وبعدها مديرا للعمل بالصناعات الثقيلة، ومديرا للانتاج في أكبر مصانع الفولاذ في اسرائيل، وما زلت مستشارا للكثير من المقاولين الذين يطلبون مساعدتي وخبرتي المهنية في الانتاج والتركيب.
الذي اريد ان أقوله اني لم استطع استعمال اللغة العربية في مهنتي، لم أجد التعابير التي يمكن ان انقل فيها معارفي التكنلوجية والمهنية، وأكثر من ذلك لا اعرف كيف اشرح خارطة أو خطة عمل باللغة العربية للمهنيين، أجد نفسي، انا عاشق اللغة العربية والغيور عليها.. مضطرا للخلط.. نتفاهم عموما بالعربية ونستعمل المصطلحات المهنية العبرية لشرح العمل وطرق تنفيذه، وكم أجهدت نفسي في محاولات ايجاد تعابير مهنية عربية، وقد وجدت ان كل مجموعة سكانية عربية تستعمل تعابير مختلفة عن الآخرين، وغير مفهومة لي أو للآخرين (مثلا الأردنيين والفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية الذين عملوا معي، كانوا يستعملون تسميات عربية لم أجدها قابلة للفهم وللتطبيق).
ان مساحة اللغة العربية في حياتنا داخل اسرائيل لا تتعدى 20% من ساعات يومنا، وعلى الأقل 50% من وقتنا نفكر ونتحدث بالعبرية مع بعض الخلط لكلمات عربية. هذا عدا اعتمادنا على الأخبار والتقارير الاخبارية الراقية والمثيرة بالعبرية، حيث النقد وعدم الصمت على تجاوزات المسؤولين الرسميين او غير الرسميين، ولا أظن ان له مثيلا حتى في الغرب الدمقراطي.
والسؤال الرهيب أكثر: هل حال اللغة العربية في مواطنها العربية أفضل من حال اللغة العربية في اسرائيل؟
كم من المواطنين العرب ملمين بلغة عربية سليمة؟
وما هي نسبة المواطنين العرب الذين يعرفون لغة الاعلام (اللغة العربية الفصحى السهلة) ويفهونها؟
عندما يكون 80% من سكان العالم العربي فقراء أو تحت خط الفقر، فهل يحتاجون الى تعلم لغة ما، عربية أو غيرها؟
وعندم تصل نسبة الأمية في القرن الواحد والعشرين، قرن الحضارات المنطلقة للفضاء الكوني بكل اتساعه الى 70% في العالم العربي (النسبة أعظم بين النساء)، فأي قيمة تبقى للغة، حتى بالنسبة لمن يفكون الحرف ويحسبون مع غير الأميين..؟
وماذا نسمي اكاديميين لا شيء يربطهم بلغتهم وثقافتهم؟
من هنا أيضا أفهم خوف العرب من التطبيع… الثقافة الدخيلة واللغة الدخيلة، أكثر جاهزية للتقدم والحياة من الثقافة العربية المنغلقة فكريا ولغويا. وحالة العرب في اسرائيل، حيث نسبة الأمية تكاد تقترب من الصفر، ونسبة التعليم الجامعي مرتفعة، الا ان لغتهم لا تشكل تحديا حضاريا للغة العبرية، للأسباب التي ذكرتها. وما زلنا نبحث عن المصادر الممتازة بالعبرية، ليس فقط لعدم وجودها بالعربية، انما لأن العبرية أكثر دقة في الترجمة وسهولة الفهم، وكنت قد كتبت سابقا عن حالة واجهتني مع كتاب الاستشراق لادوارد سعيد، ترجمه بروفسور عربي للغة العربية، لم انجح بفهم طروحات سعيد ولغة الكتاب العربية المعقدة، فقرأته بالعبرية بلغة رائعة سهلة وواضحة. الى جانب حقيقة ان أجمل ابداعات الأدب والفكر والأبحاث والعلوم تصدر بالعبرية فورا بعد ظهورها في اللغات الأجنبية. واذا صدرت متأخرة باللغة العربية، فهي تكون بلغة مقعرة او مفككة، متعبة للقراءة.
ان اندثار اللغة العربية مسألة وقت اذا لم يتغير الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعالم العربي، نحو نهضة اقتصادية اجتماعية علمية و ثقافية ولغوية.
* كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
هل سيطرت اللغة العبرية على لسان العرب في إسرائيل؟
لاداعي للخوف على اللغة العربية بين العرب في اسرائيل. ان اللغة العبرية كانت قد انقرضت ولكنهم احيوها مرة أخرى. فما بالك بالعربية التي يتكلمها 300 مليون. المهم ان يتثقفوا باستعمال العبرية او من الافضل الانكليزية وفي المستقبل لكل حادث حديث.
you don’t used you loose’tوهذا يقاس في علمي الاحياء والانترنيت ولقد مررت التجربتين فكيف واللغتان العربيى والعبرية من جذور واحدة واحيانا اقرب في مفردات منها في علم اللهجات الى بعض القبائل الاعراعبرية من لهجة قريش حيث لا جيم قبطوعبرية فيها قطعاً اما آية (لي اللسان) فابعدها تماما من هذا المبحث ولنا في اشوريات الجذور ما يكفي حتى الامس اذ اانكر (الدي إن ايه) تركية طفل سعودي لاستبداله خطأ في المستشفى السعودي مع طفل لعائلة تركية وها هي واجهة رافمي خسرت العديد من معرفات لم استعملها من برامج و محفوظات ووضعت تحت عنوان واحد (مواد لم تستعمل) وهنا لا بد من… قراءة المزيد ..