حبس ناشطين على الإنترنت دون اتصال بالعالم الخارجي وربما كانا “مختفيين”
(نيويورك، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2007) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سوريا أن تطلق فوراً سراح الكُتّاب والنشطاء الذين تحتجزهم فقط لتعبيرهم عن آرائهم أو لنشر معلومات على الإنترنت. وكانت السلطات السورية قد احتجزت رجلين دون اتصال بالعالم الخارجي منذ يونيو/حزيران جرّاء إبداء آراء على الإنترنت تنتقد الحكومة السورية. وقد رفضت السلطات الكشف عن أماكن احتجاز الرجلين لذويهم. وفي 23 سبتمبر/أيلول حكمت محكمة أمن الدولة العليا بالسجن على رجل ثالث لنشره تعليقات على الإنترنت أزعجت السلطات.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “حقيقة أن سوريا تعتقل الأشخاص فقط لأنهم ينتقدون الدولة تكشف الكثير عن تجاهل الحكومة التام لحقوق الإنسان الأساسية، والأسوأ أن للمخابرات السورية عادة سيئة تتمثل في عدم اطلاع عائلات المحتجزين بأماكنهم؛ مما يعني اختفائهم لفترات من الزمن”.
وفي 7 يونيو/حزيران احتجز فرع المنطقة التابع للمخابرات العسكرية كريم عرباجي، 29 عاماً، بزعم إدارة موقع www.akhawia.net، وهو منتدى شهير على الإنترنت للشباب السوري يغطي الموضوعات الاجتماعية والسياسية. وقال أشخاص على اطلاع على القضية لـ هيومن رايتس ووتش إن فرع المنطقة ربما كان قد نقله إلى فرع فلسطين في دمشق، لكن السلطات لم تعلن رسمياً عن أية توضيحات بشأن مكان العرباجي. وفي 30 يونيو/حزيران 2007 اعتقلت المخابرات العسكرية في مدينة طرطوس الساحلية طارق بياسي لأنه “دخل على الإنترنت وأهان الأجهزة الأمنية”، طبقاً لما ذكره شخص ملم بالقضية. وما زال بياسي قيد الاحتجاز دون اتصال بالعالم الخارجي، ومكان احتجازه غير معروف. وفي 23 سبتمبر/أيلول حكمت محكمة أمن الدولة العليا على علي زين العابدين مجعان بالسجن لمدة عامين بتهمة “القيام بأعمال أو كتابات أو خطب لم تجزها الدولة… تفسد علاقاتها بدولة أجنبية” لأنه نشر تعليقات على الإنترنت هاجم فيها السعودية.
وقد أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة “الاختفاء القسري” باعتباره “انتهاك خطير وفاضح” لحقوق الإنسان، وعرّفت الانتهاك على أنه “توقيف أشخاص ثم احتجازهم أو اختطافهم رغماً عنهم أو حرمانهم من حريتهم من قبل مسؤولين من مختلف فروع أو مستويات الحكومة… يتبع هذا رفض الكشف عن مصير أو أماكن الأشخاص المعنيين أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حرياتهم؛ مما يُخرِج هؤلاء الأشخاص من نطاق حماية القانون” وجاء في إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حماية كل الأشخاص من الاختفاء القسري أن الاختفاء القسري ينتهك الحق في عدم التعرض للتعذيب ويشكل تهديداً خطيراً للحق في الحياة.
وكثيراً ما طلبت أجهزة الأمن السورية من أصحاب مقاهي الإنترنت التجسس على الزبائن الذين يدخلون مواقع “حساسة”. وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 2006 اعتقل الأمن السياسي عاهد الهندي، 23 عاماً، وأحد أقاربه، في مقهى إنترنت بدمشق، لأن الهندي كان يرسل تعليقات ومعلومات إلى مواقع للمعارضة خارج سوريا. وقام صاحب مقهى الإنترنت بتصوير الهندي وهو يرسل التعليقات. وتم الإفراج عن الهندي وقريبه في 15 يناير/كانون الثاني 2007.
وقامت السلطات السورية مؤخراً باتخاذ إجراءات تهدف لتقييد استخدام التعليقات الصادرة بتوقيع “مجهول”، وهو الأمر الذي يستند إليه الكثير من الكُتّاب السوريين للهروب من مراقبة الدولة. وفي 25 يوليو/تموز 2007 أصدر وزير الاتصالات والتكنولوجيا عمرو سالم، قراراً يطالب كل أصحاب المواقع بنشر “الاسم والبريد الإلكتروني لكاتب أي مقال أو تعليق [يظهر على مواقعهم]… بشكل واضح وتفصيلاً، تحت تهديد بتحذير صاحب الموقع ثم تقييد الولوج إلى الموقع مؤقتاً ثم وفي حالة تكرر الانتهاك، حظر الموقع تماماً” في أول تطبيق موثق للقرار، قيدت وزارة الاتصالات والتكنولوجيا الولوج إلى موقع www.damaspost.com وهو موقع إخباري سوري يحظى بالشعبية، وتم التقييد لمدة 24 ساعة بعدما قام مُعلق باسم “جمال” بانتقاد رئيس اتحاد الصحفيين وصحيفة البعث بمحاباة الأقارب والمعارف في التعيينات.
وبموجب القانون الدولي فإن الحق في الخصوصية وحرية التعبير يقتضيان توفير الحق التابع في التواصل والاتصال دون الإلزام بذكر الأسماء. والسماح للأشخاص بالتكلم دون ذكر الأسماء ودون الخوف من الانتقام أو الإضرار بالسمعة، وتشجيع كافة أنواع التعبير التي تعتبر ضرورية لحماية الحقوق وحماية المجتمع الديمقراطي، من توزيع المنشورات السياسية، إلى تقديم معلومات مجهولة المصدر للصحفيين، إلى “فضح” فساد المسؤولين أو الشركات. وفيما يعتبر الحق في ضمان أن يبقى الشخص مجهولاً حقاً غير مطلق، فإن القيود التي فرضها القرار السوري تزيله تماماً باسم القمع المزعوم للتعبير “الإجرامي”.
وتمنع الحكومة السورية مواقع إنترنت فيها فئات كثيرة من الصفحات. وتفرض السلطات نظم فلترة بالغة القوة على مواقع تنتقد سياسات الحكومة أو تدعم مجموعات المعارضة السورية. والمواقع الخاضعة للحظر تتضمن أيضاً الصحف العربية خارج سوريا التي تعرض مواداً منشورة تنتقد الحكومة، مثل صحيفة القدس العربي – ومقرها لندن (www.al-quds.co.uk) والشرق الأوسط (www.asharqalawsat.com) والمستقبل (www.almustaqbal.com.lb)، وصحيفة السياسة الكويتية (www.alseyassah.com) وكذلك مواقع تديرها المعارضة السورية أو الأحزاب السياسية الكردية والمواقع الإسلامية. وتقول مبادرة (أوبن نت) OpenNet، وهي شراكة من أربعة جامعات كبرى في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة تراقب رقابة الحكومة للإنترنت، إن فلترة المواقع السياسية في سوريا “سائدة”. ويغطي حظر الحكومة السورية للمواقع أيضاً موقع مدوّنات غوغل www.youtube.com.
وشهدت الأعوام الستة الأخيرة ازدهاراً موسعاً للإنترنت في سوريا، إذ أصبح مليون نسمة من بين تعداد البلاد البالغ 18 مليوناً الآن يدخلون على الإنترنت، مقارنة بعدد 30000 في عام 2000. وتتوقع المجموعة الاستشارية العربية، وهي شركة استشارية مقرها عمّان، أن يتعدى عدد مستخدمي الإنترنت في سوريا 1.7 مليوناً بحلول عام 2009.
ودعت هيومن رايتس ووتش سوريا إلى أن تكف عن حظر المواقع التي تحمل مواداً منشورة يحميها الحق في حرية التعبير وحق الاطلاع على المعلومات، وأن تُطلق سراح كل المحتجزين، فقط لأنهم يمارسون هذه الحقوق على الإنترنت وعبر منابر أخرى.
خلفية
في دراسة موسعة أُجريت عام 2005 عن الرقابة على الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجدت هيومن رايتس ووتش أن “الحكومة السورية تعتمد على جملة من القوانين القمعية والإجراءات غير القانونية التي تقمع حق السوريين في الاطلاع على المعلومات ونشرها بحرية على الإنترنت” ومن بين المحتجزين فيما مضى لنشرهم معلومات على الإنترنت:
عبد الرحمن الشاغوري: في 23 فبراير/شباط 2003 اعتقلت عناصر الشرطة السرية السورية عبد الرحن الشاغوري جراء إرساله مقالات بالبريد الإلكتروني منسوخة من موقع أخبار الشرق، http://www.thisissyria.net. وقالت الحكومة إنها تعتبر أن محتوى الموقع “يسيئ لسمعة وأمن الأمة” و”ممتلئ بالأفكار والآراء المعارضة للنظام في سوريا”. وقام سجانو الشاغوري بضربه وتعذيبه وحبسه دون اتصال بالعالم الخارجي في فرع فلسطين من المخابرات العسكرية في دمشق، قبل نقله إلى سجن صيدنايا العسكري على أطراف المدينة. وفي 20 يونيو/حزيران 2004 أدانته محكمة الأمن بموجب قانون الصحافة، ووجدت أنه مسؤول عن “نشر أكاذيب” والترويج لمقالات “تضر بصورة وأمن سوريا” وحكمت عليه المحكمة بثلاثة أعوام في السجن ثم خففت الحكم إلى عامين ونصف العام. وتم إطلاق سراحه في 31 أغسطس/آب 2005.
حيى الأوس والأخوين قطيش: في سبتمبر/أيلول زُعم أن عاملا بناء قد قُتلا أثناء حفر نفق في دمشق. وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية تم اعتقال هيثم قطيش وشقيقه مهند، وأيضاً يحيى الأوس؛ لإرسال رسائل بريد إلكتروني لصحيفة مقرها الخليج عن الحادث. وكان قد سبق لهم إرسال مقالات تنتقد السياسات الاقتصادية والسياسية والحقوقية للحكومة السورية وكذلك عن الفساد الحكومي. واحتجزتهم المخابرات العسكرية السورية في سجن صيدنايا قرابة العامين قبل أن تدين محكمة أمن الدولة العليا الثلاثة، في 25 يوليو/تموز 2004، بـ”تلقي معلومات سرية لصالح دولة أجنبية تهدد أمن سوريا” واستخدام الإنترنت في نشر “أخبار كاذبة خارج سوريا” تحت طائلة قانون الصحافة. وأدانت المحكمة الأخوين قطيش بـ”تشجيع نقل معلومات سرية”. كما أدانت المحكمة هيثم قطيش بـ”كتابة مقالات تهدد أمن سوريا وتضر بعلاقاتها مع دول أجنبية”. وحكمت المحكمة على هيثم قطيش وشقيقه مهند بأربعة وثلاثة أعوام في السجن على التوالي. وتم إطلاق سراحهما في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. أما الأوس فقد قضي عامين في السجن قبل إطلاق سراحه.
مسعود حامد: في 25 يونيو/حزيران 2003، فرّقت الشرطة بعنف مظاهرة من الأطفال السوريين الأكراد أمام مكتب دمشق لليونيسيف. ونشر مسعود حامد – وهو طالب صحافة كردي سوري – صوراً فوتوغرافية للحدث على الإنترنت، بما في ذلك على موقع كردي مقره ألمانيا هو www.amude.com. وبعد شهر في 24 يوليو/تموز 2003، اعتقل مسؤولو الأمن العام حامد وهو في اختبار. وقال شهود لمراسلين بلا حدود إن أسلوب اعتقاله، حيث قُيدت يداه أمام حجرة مليئة بالطلبة، كان مقصوداً به تهديد صحفيي المستقبل وتخويفهم. واحتجزته السلطات في الحبس الانفرادي في سجن عدرا لمدة عام قبل أن تسمح بزيارات شهرية له من محاميه وأسرته. وقيل إن المحققون عذبوه مرات عديدة وضربوه بسوط مشغولٌ بالعُقد على أخمص قدميه. وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2004 حكمت محكمة أمن الدولة العليا على حامد بثلاثة أعوام في السجن بعد أن أدانته بـ”العضوية في منظمة سرية” و”محاولة ضم جزء من الأراضي السورية إلى دولة أخرى”… وهي اتهامات تُثار عادة ضد المحتجزين من السوريين الأكراد. وأُطلق سراح حامد من سجن عدرا في 24 يوليو/تموز 2006.
حبيب صالح: في 29 مايو/أيار 2005 اعتقل مسؤولو المخابرات العسكرية حبيب صالح في طرطوس، الواقعة على مسافة حواليّ مائة ميل (130 كيلومتراً) شماليّ دمشق، جرّاء نشره مجموعة من الخطابات المفتوحة على موقعين يخاطب فيها الوفود الحاضرة مؤتمر حزب البعث لعام 2005 وذكر فيها تفصيلاً خبراته في السجن. وفي الشهور التالية على إطلاق سراحه كتب أيضاً مقالات انتقادية لصحيفة النهار اللبنانية والموقع المحظور www.elaph.com. وحُكم عليه بالسجن ثلاثة أعوام في 15 أغسطس/أب 2006 من قِبل محكمة طرطوس الجنائية بتهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة” وتم إطلاق سراحه في 12 سبتمبر/أيلول 2007.
براءة اختراع الطرافة والدعابة للمخابرات السورية
أقترح منح براءة اختراح للمخابرات السورية وذلك بإدخالها أساليب الدعابة والطرافة في عمليات الاعتقال والاتهام لأول مرة في التاريخ الحديث وثاني مرة في التاريخ بعد قراقوش الشهير.
فالذي هاجم السعودية وأثر على علاقاتها هم مسؤولو النظام السوري من رئيس الدولة إلى نائبه إلى وزير خارجيته فماذنب علي زين العابدين مجعان هنا إذا كان يكرر ما يقوله رؤساؤه؟
وإنه لأمر مضحك أن يتم التجسس على رواد مقاهي الانترنت وربما حصل لأول مرة في التاريخ.