طهران-
تناولت صحيفة “بهار” الاصلاحية الناطقة باللغة الفارسية في عددها الصادر يوم أمس السبت الموافق 03/04/2010 مقالاً تحت عنوان “سوق الطاقة الايراني يمرّ بمرحلة عصيبة” جاء فيه ” إنّ إنخفاض معدل تصدير الطاقة الإيرانية للصين بنحو 40% وتجميدها لعقود نفطية موقعة مع طهران في الأونة السابقة وذلك إثر إنضمامها للمحادثات الدولية لفرض عقوبات ضد طهران، كذلك قيام شركة “روليانس” الهندية بوقف الإستثمار في الطاقة الإيرانية، ومواصلة باکستان التي تواجه مشكلة في الطاقة ورغم حاجتها الماسة للكهرباء بإبداء تحفّظها على توريد الکهرباء من إيران الى عدم رغبتها بالسوق الإيراني؛ وفي خطوة مشابهة قيام شركة “لوك أويل “الروسية بوقف تطويرمشاريع حقول “أناران” النفطية، تضيف الصحيفة، لهو دليل على أنّ السنة القادمة التي سمّيت بسنة الهمّة المضاعفة والجهد المضاعف تتطلب جهوداً إضافية لإجتياز المرحلة العصيبة القادمة والتي سيمرّ بها الاقتصاد الايراني في العام الحالي إثر فرض عقوبات جديدة على الطاقة”.
وتستطرد الصحيفة نقلاً عن مصدر مقرب جداً من شركة “رليانس ” الهندية ذكر لها بأنّ الشركة خفّضت خلال العام المنصرم من إستيرادها للطاقة الايرانية مما أوقفت هذا الاستيراد خلال الشهرين الماضيين بشكل نهائي. وتعتبر شركة ” رليانس” من اكبر الشركات الهندية العاملة في مجال الطاقة ويرى البعض بأن الضغوط الامريكية على الشركات العاملة في مجال الطاقة هو السبب الرئيس لقطع علاقاتها مع إيران.
وتشير تقارير أوردتها وكالة رويترز للأنباء نقلاً عن مسؤولين في الجمارك الصينية قولها أنّ إستيراد الطاقة من إيران شهد إنخفاضاً بنحو40% مقارنة بالعام الماضي.في حين شهدت الصين زيادة في إستيرادها للطاقة من السعودية وأنغولا وروسيا مقارنة بالعام المنصرم.
وفي سياق متصل أشار “خورشيد أحمد”، وهو عضو في مجلس الشيوخ الباكستاني أن باكستان وتحت الضغط الامريكي خفّضت إستيرادها من الطاقة الكهربائية الايرانية. وتحت ضغط اللوبي الامريكي، شهد مشروع أنبوب الطاقة الى باكستان والذي بات يعرف بأنبوب السلام عقبات كبيرة في إنجازه ولم يعرف مصيره لحدّ الأن.
وفي هذا الاطار، يذكر التقرير بأن شركات نفط عملاقة مثل “شل” وشركات ألمانية قطعت علاقاتها مع إيران بشكل نهائي خوفاً من نتائج تخطي الحظر المفروض على إيران وما سيتسبب على ذلك من أضرار قد تواجهها هذه الشركات مع أمريكا. ولحق بمجال الطاقة الروسي أضرار مشابهة حيث وصل مستوى الضرر الى نسبة 63 مليون دولار من الخسائر بسبب قطع العلاقات الاقتصادية وخاصة الطاقة مع إيران. وقامت شركة “لوك أويل” وهي من الشركات الروسية العملاقة في مجال الطاقة بتحمل الخسائر مفضلة رغم ذلك قطع علاقاتها مع إيران.
ويرى الخبراء بأن ناقوس الخطر أوشك أن يقرع في قطاع الطاقة الايراني وفي تنمية هذا المجال في حال إستمرار الضغوط والعقوبات الاقتصادية على إيران. وسوف يمر القطاع المذكور في هالة من الضبابية وإنعدام الرؤية المستقبلية لو بقيت هذه القضايا على حالها.
يأتي كل ذلك في حين تمرّ حكومة نجاد بظروف لا تحسد عليها إثر خلافه مع البرلمان حيال تمرير قانون ترشيد الدعم الحكومي والذي لم يلق ترحيباً جماهيرياً واسعاً مما زاد من تخبّط الحكومة، ووقوف المحافظين من نواب في البرلمان في وجه نجاد لإرغامه على تطبيق القانون بعد أن أقرّه البرلمان وتحت ضغط حكومي ولكن بعد أن عارض النواب فكرة ضمّ مبالغ فائض ترشيد الدعم الى الموازنة العامة والتي يصل مبلغها الى 4 مليارات دولار.
تحدّى نجاد البرلمان وظلّ يصر على تنفيذ المشروع شريطة أن تدرج المبالغ في الوازنة العامة ليتصرف بها كما يشاء. وأكثر من ذلك ظلّ أحمدي نجاد يطالب البرلمان بإقرار مشروع الإستفتاء الشعبي حول ترشيد الدعم الحكومي. حيث أعرب عن أسفه لتخويف الناس حيال قانون ترشيد الدعم من قبل البعض لم يسمهم بالاسم، لكن يبدو كلامه موجّه لمنتقدي قانون ترشيد الدعم وطالب بإجراء إستفتاء شعبي على القانون قبل تنفيذه من قبل الحكومة. وصرّح نجاد في برنامج تلفزيوني مباشر حرصه على تنفيذ قانون الترشيد وقال إنّ هذا القانون سيسير بالاقتصاد نحو التنمية والاصلاح. وإعتبر الاستفتاء الشعبي مخرجاً وحيداً للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وما يعتري القانون من مشاكل معقدة.
ويرى المتابعون للشأن الاقتصادي الايراني بأنّ كرة الإستفتاء على ترشيد الدعم الحكومي باتت الأن في ملعب البرلمان، الخلافات بين السلطات التنفيذية والتشريعية حيال قانون الترشيد ووصولها الى مرحلة عصيبة. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار بأنّ الحكومة تطالب بإستفتاء شعبي ورئيس البرلمان يؤكد على عدم إمكانية إجراء تعديلات في القانون المذكور. وكان لاريجاني قد أكد بأن أولئك الذين يتنصّلون عن تنفيذ القوانين يجب أن يعودوا عن قراراتهم وينفذوا القانون بحذافيره لتستعد البلاد للمضي قدماً في الخطة الخمسية للتنمية. وأضاف لاريجاني مؤكداً بأن البرلمان سوف لن يعيد النظر في قانون ترشيد الدعم الحكومي يمكننا معرفة الوضع الإقتصادي المتدهور أكثر من ذي قبل. ومن ناحية أخرى تأكد المسؤولين الايرانيين وتنصّلهم عن الإعلان عنمعدّل البطالة وخط الفقر وما شابه ذلك لهو دليل على صعوبة الوضع الراهن. حيث قال وزير العمل في حكومة نجاد “عبد الرضا شيخ الاسلامي”بأنّه لا علم له بالتحديد فيما يتعلّق بمعدّل خط الفقر في البلاد. واضاف الوزير في معرض رده على سؤال طرح عليه من قبل مراسل وكالة “العمّال” الايرانية حول نسبة خط الفقر وأدنى مستوى رواتب العمال وعلاقة الأمرين ببعضهما الأخر قوله: “لا علم لدي حول نسبة خط الفقر في البلاد وعلاقته بأدنى مستوى رواتب العمال في إيران ولكن يمكن معرفة ذلك عبر تحديد نسبة خط الفقر وشطب ذلك من أدنى معدّلات رواتب العمال.
ويشار الى أنّ إرتفاع كتلة النقد في إيران تجاوزت نسبة 27% في نفس الفترة من العام الماضي. حيث وصل مستوى النقد في البلاد الى 217 الف و192 مليار تومان نهاية العام الايراني المنصرم وذلك خلال 9 اشهر فقط مايعني إرتفاعاً بنسبة 27 % مقارنة بالعام الماضي في البلاد. وارتفع معدّل البطالة في إيران خلال الفترة القليلة الماضية ليصل الى مستوى %2/13. أضف الى ذلك المشاكل الكبيرة التي تواجهها حكومة نجاد من عدم الإعتراف بشرعيتها من قبل الكثير من الإيرانيين وعلى رأسهم زعماء الحركة الخضراء ومؤيديهم وأيضاً الصراع الدائر بين الحكومة و المحافظين حول عدة قضايا سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية.
كل ذلك يبرهن على نجاح مشروع الحصار الاقتصادي المتّبع من قبل دوائر القرار الغربي والمساند من قبل البعض من الدول مثل روسيا والى حد ما الصين ودول عربية، وهذه نقطة البداية لتوجيه ضربة الى هذا الاقتصاد الذي يعاني اصلاً من مشاكل الفساد والبيوقراطية ـ الثيوقراطية ـ منذ ثلاثة عقود من الزمن. إنّ تبجّح المسؤولين في إيران على عدم تأثّر الإقتصاد بالعقوبات ماهو إلّا دليل يثبت تاثير العقوبات على الاقتصاد الايراني رغم رفضهم الشديد لهذا الامر. ويجب أن نرى كيف تسير الأمور في ظلّ العقوبات الاقتصادية وما ستؤدّي اليه من تغيير في سلوك حكومة نجاد إذا أضفنا الى أنّ هنالك سبباً لمثل هذا التراجع أمام الضغط الاقتصادي وهو تزلزل شرعية حكومة نجاد ويليه النظام ووجود معارضة تضمّ عدة أطياف في الداخل تتربص بضعف النظام للإنقضاض عليه، وعدم رضى الشارع الايراني من الحالة السياسية والإقتصادية خاصة في ظلّ البطالة والتقشّف المتّبع من قبل الحكومة والتضخّم وحالة النقد التي تدلل على عدم ثقة الايرانيين بالنظام المصرفي يليه الحكومة القائمة على هذا النظام المتزلزل. وأهم من ذلك التضخّم الذي أثقل كاهل الفرد في إيران وعدم تناسقه مع مردود الفرد من أجور ودخل؛ إضافة الى ذلك فإنّ هذا التراجع سيصبح وارداً إذا ما نظرنا الى تصريحات “سعيد جليلي” أمين مجلس الامن القومي في زيارته الأخيرة لبكين والتي أكد فيها “إمكانية بدء المفاوضات بين إيران والدول 5 زائد واحد شريطة عدم التهديد بفرض عقوبات جديدة ضد طهران”.