**
باريس ـ محمد بلوط
الملف اللبناني دخل أروقة مفاعل بوشهر النووي الإيراني. الإستنتاج يقفز إلى الخاطر بعد حديث إلى أحد الديبلوماسيين الغربيين ممن واكبوا المفاوضات الإيرانية مع مجموعة الدول الست فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، روسيا، الصين والولايات المتحدة. ويبدو الملف اللبناني بانتظار قرار إيراني بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدةقد يحضر حين تستكمل شروط إستئنافها من وجهة نظر طهران: إدارة أميركية جديدة، وموافقة المفاوض الأميركي الرئيسي على دمج كل الملفات الإقليمية بالملف النووي، بعد أن تعثرت فكرة الفصل بين الملف النووي والملفات الإقليمية، اللبناني والعراقي والفلسطيني، لأن مصالح إيران تملي عليها التفاوض بالجملة، وبما تملك من أوراق، بغية لحصول على اقصى التنازلات، في طريقها لإنتزاع إعتراف دولي بموقعها كقوة إقليمية كاملة الحقوق. وتأمل طهران العودة، في ظل إدارة أميركية جديدة، إلى فرض إدارة متكاملة لكل الملفات، تمهيدا لإجراء صفقة شاملة: تبادل تسهيلات أمنية وسياسية أميركية في العراق، بضمانات في الأمن النووي، وصفقة للحليف السوري حول لبنان.
ويتعزز الإتجاه الإنتظاري بشموله جميع المعنيين على جبهة الملف النووي. ويقول غربي مقرب من الملف إن النتائج التي خلصت إليها عمليات المراقبة والتفتيش التي قامت بها وكالة الطاقة النووية في إيران، وتقاطعها مع معلومات إستخبارية أميركية، قد خلقت نوعا من الإرتياح في تل أبيب، وواشنطن، بسبب ترسخ القناعة، أن المشروع الإيراني النووي يتعثر، وأن مشاعر الإستعجال وضرورة التحرك بسرعة ضد طهران قد تراجعت نسبيا عما كانت عليه الخريف الماضي، دون أن يتراجع القلق. إلا أن حالة الإسترخاء النسبية لا يجب أن تعني إستراحة في ممارسة الضغوط على حلفاء طهران. ففي إطار ما يسمى أميركيا ” المبادرة الإستراتيجية لمكافحة الإنتشار النووي”، قامت السفن الأميركية في المتوسط، باعتراض سفن ترفع أعلام كوريا الشمالية في عرض البحر، وقامت بتفتيشها وهي في طريقها إلى المرافئ السورية، دون الإعلان عن ذلك. وهو ما قد يضيء نسبيا على الحشد الأميركي قبالة السواحل اللبنانية السورية.
وشكك خبراء غربيون، ذهابا في تعزيز أسباب عدم الإستعجال الأميركي والإسرائيلي المستجد، في تحقيق الإيرانيين النقلة النوعية نحو النادي النووي، التي يتحدث عنها الرئيس محمود أحمدي نجاد. ويقول هؤلاء إن الإعلان عن نصب طهران طاردات مركزية جديدة للتخصيب ليس أكيدا، بسبب شح مصادر القطع والأنابيب المعدنية الفائقة التصنيع، وعدم قدرة الإيرانيين على تطويرها بأنفسهم. كما أن نموذج الطاردات من طراز “بي واحد” ليس معدا لإنتاج كميات من اليورانيوم بطريقة صناعية وافية، وهي سريعة العطب، وتتحطم بسبب تشغيلها بما يفوق طاقتها، وهي معدة لعمليات بحث مخبرية حصرا، كما أن الإعلان عن وضع نماذج “بي “2 في الخدمة يقتصر على نماذج قديمة، محسنة، لا تزال في طور الإختبار. وقال إن الإعلان عن نصب طاردات إضافية سياسي بالدرجة الأولى. وقال خبير غربي إنه إذا لم يكن الإيرانيون يعملون على برنامج سري ومعقد، فإن الإستنتاج الذي يفرض نفسه هو أن الإيرانيين باتوا يواجهون تأخرا في برنامجهم النووي. لكنهم يرفضون مع ذلك عرضا غربيا بالإعلان عن تجميد التخصيب،الذي يقتصر على الموافقة، ليس على وقف عمل طارداتهم، وإنما على نصب طاردات جديدة، لقاء مفاوضات تمهيدية، وهو أمر قائم، لأنه لم يكن بوسعهم منذ كانون الأول (ديسمبر) الفائت الماضي، إضافة أي طاردات جديدة، وهو أمر يجعل الإعلان، عن تجميد التخصيب عديم الكلفة. ويفسر الغربيون الإصرار الإيراني على رفض الإقرار بالواقع بأن القرار لا يزال عالقا في اعلى هرم السلطة الإيرانية.
وتأمل طهران الحفاظ على الوضع الإنتظاري القائم، وتلافي المزيد من التصعيد، حتى إنقضاء الإستحقاق الرئاسي الأميركي. ولكن صعوبات لا تزال تواجه العودة إلى الطاولة، رغم إعلان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي إستعداد لإيران للتفاوض مجددا مع الشركاء الستة، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا. ورغم تصريح المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية أن المفاوضات مع الولايات المتحدة، لم تعد محرما، إلا أن أطرافا أوروبية تعتقد أن المفاوضات الفعلية، يحين موعدها، ستجري مباشرة مع واشنطن، دون الأوروبيين الذي يلعبون دور المُسًّهل. ويرجح الأوروبيون صعوبات “وجودية” في إيران حول مبدأ التفاوض بحد ذاته، الذي تحول إلى نقطة صراع بين أجنحة نظام الثورة الإسلامية،لآن العداء للولايات المتحدة هو آخر ما تبقى من عدة الثورة، ولآن تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، يعني تطبيع النظام، والدولة، وهو ما سيخلف نتائج على التوازنات الداخلية الإيرانية، يصعب التكهن منذ الآن بعمقها. كما أن صعوبة تضاف إلى ما سبقها، كما يقول ديبلوماسيون غربيون، في ذلك العجز البنيوي الإيراني، الملازم للنظام السياسي في إيران، وشله الإدارة عن إتخاذ قرارات ضرورية مؤلمة، مثل تأخر الإقرار بضرورة وقف الحرب مع العراق، الذي إستغرق التوصل إلى الإقتناع بضرورته سنوات، مع الإدراك مبكرا، ومنذ البداية بأنه لا مفر من اتخاذه.
وقالت مصادر غربية أن دول الإتحاد الأوروبي تتجه إلى تجميد ودائع أحد المصرفين الإيرانيين، “ملي” أو “صادرات إيران”، كما أن القول بأن الإيرانيين لا يأبهون بالعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في أربع قرارات متتالية،هو غير صحيح على الإطلاق. وقد أدت الضغوط الأميركية على المصارف العالمية والغربية إلى تجفيف شبكات تمويل التجارة الإيرانية، ولم يعد هناك أي مصرف غربي كبير يجرؤ على العمل والإستثمار في إيران. ولن تستطيع المصارف الصينية والروسية الحلول محلها، لأنها لا تقارن بخدمات شبكة المصارف الغربية،وبسبب إرتفاع ثمن خدماتها. ولا ينبغي تأويل تكاثر التوقيع على عقود خيالية مع الصين وروسيا، إلا في إطار محاولة التظاهر، وإقناع الإيرانيين أن شيئا لم يتغير في ظل العقوبات. كما أن التطبيق العملي للإتفاقات يظهر أنه لم يعد هناك أي إستثمار جوهري كبير في إيران. خصوصا في قطاع النفط، حيث لا تتوفر سوى للشركات الغربية تقنيات تسييل الغاز التي تحتاج إليها و لا يملكها لا الصينيون، ولا الروس. كما أن توقيع بعض الشركات الألمانية والنمساوية على عقود نفطية كبيرة، وطويلة المدى، هو من قبيل الحفاظ على مواقع مستقبلية في النفط الإيراني. وقد أدت الوقائع الجديدة إلى تحويل إيران، وهي منتج نفطي رئيسي، إلى أول مستورد في العالم للمشتقات النفطية، بسبب عجزها عن تجديد منشآتها النفطية. ويلعب إرتفاع أسعار النفط، وعائداته، دور”مخدة” مالية تخفف آثر العقوبات. ويشعر الغربيون أن الإيرانيين الذين فوجئوا، مرة أخرى، بتوافق مجلس الأمن على قرار العقوبات 1803 الأخير، قد أوحوا أنهم لم يكونوا يتوقعون التوصل إليه. وكان عنصر المفاجأة مضاعفا، بحسب إعتقاد غربي، بسبب مشاركة ليبيا، رئيسة الدرة الحالية، لمجلس الأمن، في تسهيل التصويت على القرار ضد إيران، بعد أن قام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بالإتصال هاتفيا بالرئيس الليبي معمر القذافي، لإقناعه بتسهيل القرار. كما تولى إقناع الرئيس الجنوب إفريقي ثابو مبيكي، في جوهاسبورغ، بالإنضمام إلى إجماع في مجلس الأمن ضد إيران، نقضه إمتناع الصوت الإندونيسي.
وبات مؤكدا أن الدور الذي لعبه “اوللي هاينونن”المساعد الفنلندي لمحمد البرادعي، كان حاسما في التطورات التي أدت إلى فرض العقوبات على إيران، والإنقلاب على إتجاهات التقرير الذي كان البرادعي، سيعلن فيه تعاونا إيرانيا “وشبهة بوجود برنامج عسكري إيراني لم تتضح معالمه”. وقدمت المخابرات الأميركية الوثائق والصور في الخامس والعشرين من الشهر الماضي ليعرض “هاينونن” في فيينا على مندوبي الدول في الوكالة مشاهد عن بئر بعمق 400 متر يحتوى على نظام تفجير يجري تنشيطه من موقع يبعد عشرة كيلومترات، وقال الإيرانيون، إنه يستخدم لاختبار أسلحة تقليدية. لكن “هاينونن” قال إن الإستخدام الوحيد الممكنهو نووي. كما ان الإيرانيين أخفوا وجود هذا الموقع عن مفتشي الوكالة. وبات مؤكدا أن خلافا كبيرا يعتمل في أوساط الوكالة بين المفتشين على الأرض، وبين مديرها محمد البرادعي، الذي كثيرا ما عانى في الماضي من أكاذيب الإدارة الأميركية في ملف أسلحة الدمار الشامل في العراق.
ويعتقد خبراء غربيون أن “إكتشاف هاينونن”أبقى مسائل كثيرة معلقة مع إيران، بسبب تمسكها بالقول إن الوثائق الأميركية مزورة. لكن العقوبات الجديدة تمثل إصرار الأسرة الدولية على إرسال إشارات سياسية إلى طهران. وتحتوي العقوبات إجراءات لشل مصرفي “ملي” و”صادرات”، ومنع التعامل معها غربيا. كما يمنع من السفر شخصيات تعمل في البرنامج النووي، ويحظر إستيراد معدات مزدوجة الإستخدام، وهو بالتحديد، ما حطم في الماضي البنى التحتية والإقتصاد العراقي، وكذلك تفتيش الشحنات المتجهة إلى شركتين إيرانيتين تشرفان على هذا البرنامج.
ويغلب تشاؤم على إمكانية تجديد عرض الحوافز الذي كانت مجموعة الستة قد قدمته لإيران، لقاء تخليها عن تخصيب اليورانيوم. ويقول خبراء غربيون أن المدراء السياسيين في خارجيات الدول الست سيعكفون في الأسابيع المقبلة، على تظهير عرض جديد للحوافز، مطابق لخطة العمل الجديدة، التي تدعو إلى تطويرها، بموازة العقوبات، وفق الإتفاق مع روسيا والصين. وتتضمن رزمة الحوافز الماضية عرضا اوروبيا ببناء مفاعلات جديدة تعمل بالماء الخفيف في ايران من خلال مشروعات دولية مشتركة: إقامة مخزون على أسس تجارية لاحتفاظ ايران بإمدادات من الوقود النووي تكفي لمدة تصل الى خمس سنوات تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ تحسين فرص ايران في الاستفادة من الأسواق العالمية من خلال دعمها في منظمة التجارة العالمية والتجمعات الأخرى؛ إمكان رفع القيود على بيع طائرات مدنية أميركية وأوروبية الصنع الى ايران.
ومصدر التشاؤم،كما يتوقع الخبراء، هو صعوبة الحصول إلى تحسينات في الشق الأمني من رزمة الحوافز، وهو ملف لم يتم طرقه، في العرض الأول عام 2006، الذي رفضته إيران، بسبب التحفظات الأميركية. ويتساءل الروس خلال الإجتماعات، لماذا لا يتم منح إيران،”الضمانات الأمنية السلبية” التي تطالب بها، أي أن تتعهد الولايات المتحدة ة بعدم إستخدام أسلحة نووية ضد طهران في أي نزاع مقبل، وهو يوازي تقديم ضمانات بعدم المساس أو تهديد النظام الإسلامي، وهي ضمانات كانت فرنسا، قد قدمتها لأوكرانيا، عندما قامت بتدمير مخزونها من الأسلحة النووية. ومن الصعب أن تقدم واشنطن على خطوة من هذا النوع بسبب تورط إيران في دعم مجموعات إرهابية، كما يتوقع الخبراء، هذا من جهة، ولأن القرار يطال، من جهة أخرى، مصالح دول مجلس التعاون الخليج، التي ستجد في ذلك إعترافا أميركيا بهيمنة إيران على المنطقة. وترفض دول الخليج العربي إنخراط طهران في أي نظام إقليمي أمني ستميل، بديهيا، كفته بقوة لمصلحة إيران. ومنذ أن نشرت المخابرات الأميركية تقريرها عن تجميد الإيرانيين برنامجهم العسكري النووي، إلتقطت الدبلوماسيات الخليجية، الإشارة وفسرتها رسالة، بضرورة التأقلم خلال عام، وحتى إنتهاء ولاية الرئيس بوش، مع الصعود الإيراني. وبنظر الخبراء الغربيين،استخلصت دول الخليج، بواقعية شديدة رجحان كفة ميزان القوى لمصلحة إيران، وتندرج كل المبادرات العربية، تجاه طهران، في إطار التعايش مؤقتا مع هذا الخلل.كما أن فكرة التعايش في غرفة مغلقة، ونظام أمني إقليمي واحد مع إيران، يشكل معضلة بنيوية مستعصية لدول الخليج، التي سترى نفسها، وقد عادت إلى عهد المحميات… ولكن الإيرانية هذه المرة.
(السفير)
ملف لبنان مرهون بإيران… إلى ما بعد بوشديانات العصر -خالص جلبي أطلق اليهودي كارل ماركس، على الديانة في القرن التاسع عشر صفة أفيون الشعوب، وتحول أتباعه مع الوقت إلى عبيد لديانته إذ صاروا من أشد المتعصبين؛ فقتلوا في قرن واحد مائتي مليون من الأنام، كما جاء ذلك في “الكتاب الأسود” بقلم الشيوعي المخضرم “ستيفان كورتوا”. وذبح الزعيم الصيني ماوتسي دونغ خصومه، وبعضهم كانوا شيوعيين بدعوى التطهير العقائدي، ومات في المسغبة والثورة الثقافية ثلاثين مليون شخص، كما كتبت ذلك الشيوعية المرتدة “تشانغ يونغ” في كتابيها “البجعات البرية” و”ماو”، وأصبح قرآنهم كتاب “رأس المال”، وربهم كارل، ونبيهم لينين، وبولس الرسول ستالين، وبطرس… قراءة المزيد ..
ملف لبنان مرهون بإيران… إلى ما بعد بوشمليشيا حزب الله الطائفي دمرت لبنان وجعلها لقمة صائغة للنظامين الايراني المليشي والسوري المخابراتي ويبدو الملف اللبناني بانتظار قرار إيراني قبل السوري. لأن مصالح إيران تملي عليها التفاوض بالجملة كي تسنعمر المنطقة وتستعبدها، أوراق تلعب بها ايران لتفترس المنطقة، وبغية لحصول على اقصى التنازلات من امريكا واسرائيل،وفي طريقها لإنتزاع إعتراف دولي بموقعها كقوة إقليمية كاملة الحقوق كما كانت في عهد الامبرطوريات الفارسية ولكن هذه المرة باسم المليشيات الايرانية. وايضا تبادل تسهيلات أمنية وسياسية أميركية في العراق لضم نصف العراق لها كمرحلة اولى، وصفقة للحليف السوري حول لبنان لاعادة استعماره للشعب اللبناني وتحويله الى… قراءة المزيد ..