(مثل كل الناس، قرأنا مؤخراً في الصحف العربية عن حالة “البهجة” التي يعيشها الجزائريون عشية التجديد للرئيس بوتفليقة. ولحسن الحظ أن بعض الصحافة الأجنبية تعطي فكرة أدق عن مشاعر مواطني الجزائر، وهي في الغالب تتراوح بين اللامبالاة والإستياء. وكان الشفّاف قد نشر حلقة أولى من ريبورتاج “لوموند” عن العاصمة الجزائر). متى يصبح في العالم العربي صحفيون “غير مدعوين” من السلطات الرسمية، ويكلّفون أنفسهم عناء التجوّل في الأرياف والصحارى والأنحاء البعيدة؟…)
*
لم تفلح إنتخابات الرئاسة الوشيكة في تعبئة سكان هذه المدينة التي تشهد تصاعداً للتوتّر بين سكانها الأصليين والقادمين من شمال البلاد بحثاً عن عمل.
ورقلة- مراسلة “لوموند” Florence Beaugé
حينما تطأ أقدامك أرض “ورقلة”، فسيصعب عليك أن تتصوّر أن هذه المدينة تقع في أغنى أقاليم الجزائر. إن “ورقلة” هي مدينة عسكرية، ومدينة “منامة”، وعاصمة الإقليم الذي تقع فيه. مع ذلك، ورغم أشجار النخيل التي تزيّن جاداتها، فإن منظر هذه المدينة يبعث على الأسى: طرقات في حالة سيئة، وبُرك مياه موحلة.. ويشعر أهل “ورقلة”، الذين يبدون تعلّقاً بمدينتهم، أسفهم إزاء هذا المشهد: “الثدي المغذّي للجزائر هو نحن! كيف يمكن لهم أن يتركونا ف مثل هذه الحالة؟”
تعتبر “ورقلة” (178000 نسمة) نفسها عاصمة الجنوب الجزائري. وتتبع لها “حاسي مسعود” ومواردها النفطية والغازية، التي تبعد عنها 80 كيلومتراً. وإذا كانت الجزائر تفاخر بامتلاكها 180 ملياراً دولار من الإحتياطات النقدية، فالفضل يعود إلى هذه المنطقة التي تبعد 800 كيلومتراً عن العاصمة، والتي تقع في وسط الصحراء الكبرى.
قبل أيام من الإنتخابات الرئاسية التي ستجري في يوم 9 أبريل، فإن “ورقلة”، مثلها مثل العاصمة، لا تشارك بحماس.
مع ذلك، فإن نسبة الإمتناع عن التصويت ينبغي أن تكون، هنا، أقل منها في مدن شمال الجزائر. فالناس هنا يقترعون بحكم العادة، وبحكم التقليد، وأيضاً “من أجل الحصول على الوثائق الرسمية”. فكثير من السكان يخشون أن ترفض السلطات إعطاءهم بطاقات هوية، أو إجازة قيادة سيارة، أو جواز سفر، إذا ما خلت بطاقاتهم الإنتخابية من الدمغة التي تثبت أنهم أدلوا بأصواتهم! يُضاف إلى ذلك أن الناس، هنا في جنوب الجزائر، ما يزالون يكنّون الإحترام لـ”الريّس”، خصوصاً أن جميع وجهاء المنطقة- سواء الوجهاء الدينيون، أو رؤساء القبائل، أو مسؤولو الأجزاب والجمعيات- قد بايعوا الرئيس بوتفليقة علناً. وبطلب من وزير الشؤون الدينية، فإن خطباء المساجد، في الجزائر كلها، يحرصون كل يوم جمعة على تذكير المصلّين بأن “الإقتراع واجب” وأن المقاطعة تعادل “الخيانة”.
والواقع أنه لا يبدو أن “ورقلة” تتوقع الكثير من إنتخابات 9 أبريل. ويقول مهندس في وزارة البريد والإتصالات “ليفعلوا ما يشاؤون، شرط أن يتركوننا نعيش بسلام” قبل الحديث عن “المافيات المحلية”، و”الإدارة السيئة وغياب أية رقابة على الإنفاق الحكومي”. وتلك وجهة نظر منتشرة في المدينة عموماً.
مع ذلك، فهنالك عدد من الورشات الحكومية في المدينة، بما فيها مشروع لتحسين التصرّف بالمياه الجوفية. ولكن حالة اليأس وصلت هنا إلى حد أن السكان، كما تقول مراسلة جريدة “الوطن” (الناطقة بالفرنسية) “حورية عليوي”، لا يعتقدون أن هذه المشروعات ستحسّن حياتهم اليومية.
إن حالة الإحباط تسود “ورقلة” كلها. ويعتقد السكان أنهم “منسيّون” في نظر السلطة المركزية وأنهم يُعاملون معاملة لا يستحقونها. ويقول أستاذ جامعي طلب عدم ذكر إسمه: “قبل بوتفليقة، كان “أهل الشرق” في السلطة. الآن بات “أهل الغرب” في الحكم. أما نحن، فإننا منبوذون (يستخدم أهل المنطقة تعبير ghlass، الذي لم نعرف كيفية ترجمته إلى العربية..). الجزائر تحتقرنا أو تخشانا”.
في أي حال، فالمؤكد هو أن السلطة المركزية لن تسمح بظهور مطالب جِهوية. ولكن، هل تنجح السلطة طويلاً في الحؤول دون ظهور مثل هذه النزعات؟ فقد ظهرت في السنوات الاخيرة حركة بإسم “إبناء الصحراء” تدعو إلى أنواع من العصيان المدني. ويشاهد الناس في كل أنحاء الجنوب الجزائري ملصقات تدعو إلى الإمتناع عن دفع فواتير الغاز والكهرباء بصورة خاصة.
بمعدّل مرة كل شهرين أو ثلاثة، فإن أعمال الشغب تندلع في “ورقلة” والمدن المجاورة لها. وتخرج إلى الشوارع زُمر من الشبان الذين يهتفون: “أين تذهب أموال النفط؟” ويقوم هؤلاء بقطع الطرقات، ويحرقون السيّارات، وإطارات السيارات، وينهبون الإدارات الحكومية. إن ثقافة الشغب، التي ظت طويلة محصورة في شمال الجزائر، وخصوصاً منطقة “القبائل”، قد وصلت أخيراً إلى الجنوب الجزائري.
وكانت “ورقلة” هي أعطت الإشارة الأولى في العام 2003. ثم تبعتها “حاسي مسعود”، و”الغولية”، و”جنة”، و”غردايا”. وفي الأسبوع الماضي، وغداة زيارة الرئيس بوتفليقة للمنطقة، فإن مقتل عابر دهسته سيارة كان مناسبة للتعبير عن الغضب. فقد أفلت السائق، وهو من العسكريين، بصعوبة من الناس الذين كانوا يريدون سحله، واستمرت أعمال الشغب لمدة 3 أيام.
يسمع المرء تعابير “جنوبيين” و”شماليين” بكثرة في “ورقلة” وفي “حاسي مسعود”. فهنالك حرب غير معلنة بين الجانبين. فأهل البلاد- أي “الجنوبيون”، ومعظمهم سود البشرة- يتّهمون القادمين من الجزائر العاصمة، ومنطقة “القبائل”، وحتى “عنّابة” و”وهران” بأنه “يسرقون لقمة عيشهم” وأنهم “يتصرّفون كمستعمِرين”.
لقد ظهرت حالة التمييز هذه منذ عشرين عاماً. ففي حينه، لم تكن “ورقلة” أكثر من مدينة صغيرة لا يزيد عدد سكانها على 100 ألف نسمة. ولكن، مع أعمال العنف التي تخلّلت “سنوات العنف العشر”، فإن بعضاً من أهل الشمال لجأوا إلى الجنوب الذي لم يصل الإرهاب إليه. ومع الوقت، ومع ارتفاع أسعار النفط، فإن “حاسي مسعود” تحوّلت إلى منطقة جاذبة للباحثين عن حياة أفضل.
إن ولاية “ورقلة” تضم حالياً 630 ألف نسمة. ولكن “الورقليين” لا يحلمون بالهجرة إلى أوروبا بـ”حاسي مسعود” ودولاراتها النفطية. ومع أن ظروف الحياة صعبة في “حاسي مسعود”، فالجميع يحلم بالثروة التي قد يصادفها فيها. ويزداد شعور الناس بالإحباط لأن المواطن الجزائري بحاجة إلى “رخصة” للدخول إلى هذه المنطقة التي تعتبرها السلطة حسّاسة جداً.
ويقول أحد المحامين في “ورقلة”: “الناس في الجنوب مسالمون بطبعهم. ولكن الشبّان يدركون أنهم يثيرون ذعر السلطات المحلية. ولا يكفي أن تقوم السلطات ببادرات صغيرة بأمل إطفاء الحرائق المندلعة هنا أو هناك. إن ورقلة تعاني من نفس المشكلة التي تعانيها العاصمة: وهي، ببساطة، أنه لا توجد فيها إدارة صالحة”.
إٌقرأ أيضاً:
بوتفليقة سيكتسح إنتخابات 9 أبريل.. و”عاشت فرنسا إذا قبلت أن تعود”!
في “ورقلة”، عاصمة الجنوب الجزائري، “ثقافة الشغب” تتّسع كل يوم
نورة — nouranoura231@yahoo.fr
انا ورقلية الاصل واتدمر كل يوم من حالة العيش التي اعيشها في ولايتي والله العضيم ادا وجت المساندة لاعلاء كلمة ورقلة وإثباث وجود الورقليين والتمتع بثرواتنا انا اول من يضحي بحياته ، لان الحقرة والتهميش والاستفزاز من بعض الاشخاص من الشمال زروعوا ذلك في قلوب الورقليين
في “ورقلة”، عاصمة الجنوب الجزائري، “ثقافة الشغب” تتّسع كل يوم
السسلام عليكم
أقول لكل مهتم بقضايا التمييزواللاعدل والحقرةوالتهميش ان يسجل أرقاما قياسية عن مايحدث في ورقلة من هده السياسات المقصودة وغير المقصودةفي هدا المجتمع المسالم بطبعه ماقيمة التحدث عن الإستعماروالإستعمار واقع علينا من إخواننا
ارجو العودة إلى الرشد فإن التاريخ لايرحم. والسلام
في “ورقلة”، عاصمة الجنوب الجزائري، “ثقافة الشغب” تتّسع كل يوم
موضوع جيد درس معظم المشاكل لكن نسيتم ان مدينة ورقلة لا تكتفي على الثروة النفطية فقط فهناك الثروة المائية و الزراعية فنحن في ورقلة نعاني من مشاكل كثيرةمنها نقص المياه الكهرباء الغاز عدم وجود طرق معبدة فلاحظ الفرق بين مثلا بين دبي في الامارات و ورقلة في الجزائر فهناك نفس الثروات النفطية المهم اعان الله الجميع وان تاخذوا هذا الموضوع بعين الاعتبار شكرا