الاخ حازم، أنا اتابع جميع مقالاتك واتفق مع الكثير منها بالرأي لكن اسمح لي ان لا اتفق معك في هذا المقال فتأويلك خاطئ. المعارضة المصرية لم تلجأ للحل العسكري كما تقول بل لجأت للحل الشعبي الذي هو حق من الحقوق الديمقراطية. لم يتحدث أحد عن حل عسكري إن كان من المعارضة الرئيسية جبهة الإنقاذ او من حركة تمرد التي اكتسبت حملتها تأييدا مليونيا في المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ورحيل مرسي، وخرج الملايين بناء على دعوتها للتظاهر في 30 يونيو. دور العسكر جاء لاحقاً كتنفيذ للإرادة الشعبية الواسعة حسب الدور الذي وضع العسكر فيه أنفسهم بالتلاؤم مع العصر الجديد على مستوى مصر والعالم، بدأوه بشكل واضح في الانحياز للشعب مما ادى لرحيل مبارك. في ذلك الحين لم يقل أحد، وخاصة الإخوان الذين التحقوا بالثورة الشعبية بعد أن أطلقتها القوى وقطاعات المجتمع التي أطلقت الثورة الثانية، لم يقل أحد ان ذلك كان انقلاباً عسكريا ولا اظنك قلت ذلك ايضاً.
أما تصويرك ان حكم الإخوان كان يتصدع بوتيرة يومية فذلك فيه بعض الصحة ولكن مبالغ به وخاصة انهم عملوا بكل قواهم للهيمنة على المفاصل الرئيسية للسلطة، حتى السلطة القضائية المفترض ان تكون حيادية سعوا لاتباعها بسلطتهم التنفيذية، من كان يستطيع ان يضمن نجاح اي تغيير بسهولة بعد تمكنهم؟ لقد تمكن رجال الدين من السلطة في إيران بعد أن اتوا بداية عن طريق الانتخاب ثم حسنوا من هيمنتهم على الآلة الانتخابية لكيلا يطيح بهم أحد عن طريقها وهذا أسهل طريق لنظام مثل سلطة الملالي وسلطة الإخوان، لا يؤمن بالديمقراطية إلا كقطار انتخابي يركبه ثم ينزل منه على اقل تقدير إلى محطة “ديمقراطية موجهة!”. بدأوا في مصر بتصنيف 12 مليون صوتوا لشفيق بأنهم فلول، اي انهم مواطنين من الدرجة الثانية، وكانت ستتدرج في تخوين أية معارضة وتكفيرها لأن العلمانية كفر حسب القرضاوي موجههم الفكري، والسماح “بالديمقراطية!” لأحزاب إسلامية فقط إلى ان تنتقل لحزب واحد إسلامي وبقية الأحزاب هي احزاب الشيطان. هذا المنهج هو الاقرب لفهم الإخوان.
الكتلة الأساسية للمعارضة المصرية، وحركة تمرد لم تستنجد بالعسكر كما تقول، عدا اصوات ضئيلة جداً امام الغالبية العظمى التي استنجدت بالشعب مصدر جميع السلطات ومصدر اية شرعية. حركة العسكر لكي يكتمل توصيفها بانقلاب، يستلم العسكر الحكم بعد اسقاط السلطة القائمة وهذا لم يحدث، وحتى لو رغب العسكر في اخذ السلطة بيدهم فذلك سيكون خياراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً في وجه الهبة الشعبية المليونية. الجيش الآن في مصر لم يعد مميزاً كما في ايام عبد الناصر فهو لا يطمح للسلطة، مرتبط بالشعب لأنه فئة من فئاته ويتأثر بالتيارات التي تعمل ضمنه، حفظ الدرس جيداً انه في خدمة الشعب المصري وليس قائداً له، مهمته أمنية للدفاع عن الشعب والبلد.
نعم هناك انتقال سريع من شعار “يسقط حكم العسكر” إلى “ان الشعب والجيش في خندق واحد” ضد اية سلطة لا تعمل لمصلحة الناس. تغيير سريع لا يمكن لمثقفين استيعابه ولكنه لدى الشارع أمر طبيعي بهذه البساطة ولا يحتاج إلى تنظير: ضد العسكر إذا اراد الاستفراد بالسلطة، أو تحية للعسكر إذا وقف مع الشعب. السيناريو الذي تقدمه “انتظاري” لا يسمح بتغييرات سريعة، أي انتظروا ثمرة الإخوان حتى تسقط وحدها عن الشجرة، لا تسعوا لقطفها، دعوا مسافة طويلة كافية بين “يسقط حكم العسكر” و”تحية للعسكر”. هذا السيناريو الانتظاري يصلح ما قبل الثورة للمثقفين المعارضين للأنظمة الديكتاتورية الذين ينصحوا بعدم “التهور” ولكنه منطق غير صالح في زمن الثورات وانت أكثر من يفهم ذلك. نعم الثقافة الديمقراطية ما زالت هشة ولكن الشعب يتعلمها الآن في الشارع وليس في الدعوات الانتظارية.
أما الاستشهاد بما حدث في الجزائر بعد نجاح جبهة الإنقاذ الإسلامية فهو مختلف عن الحالة المصرية الراهنة، كان انقلاباً فعلاً غير مرافق على الإطلاق بثورة شعبية تسبقه او ترافقه. عندها كان رأينا مثلك الآن: انتظاري اتركوا الإخوان في الجزائر يحكمون حتى يجربهم الشعب. في مصر الشعب جربهم سنة كاملة في الحكم كانت كافية في الظروف والمزاج الثوري السائد حالياً، والذي لم يكن هناك مثيل له في الجزائر عندما قال عباسي مدني بعد نجاح جبهته في الانتخابات: “الآن انتهت الديمقراطية وبدأ حكم الإسلام”، اي نظرية الديمقراطية في جانبها الانتخابي قطار. أما ذكر تجربة غزة فهي مختلفة كلياً، علما بأن حماس التي انتخبت هي التي قامت بالانقلاب العسكري على الرئاسة الفلسطينية في غزة.
ثورة الشعب المصري لم تزود الإخوان بثوب المظلومية إلا في نظرهم هم، وليس في نظر غالبية الشعب المصري وسنتأكد من ذلك إذا كان صحيحا في اية انتخابات قادمة. المواجهة الاشد حدة التي تتحدث عنها امر لا بد منه إن عاجلا او آجلا بحكم ان ما يقدمه الإخوان من منهج سيلقى معارضة واسعة من الناس فلم يعد ينفع تسترهم بالدين لتسويق سياساتهم. اما عن أن المهللين للانقلاب يتصورون ان العسكر يسلم السلطة بسهولة فذلك اصلا غير وارد، فالعسكر لم يستلم السلطة ليعيد تسليمها او ليتمسك بها بل انتقلت مؤقتاً حسب الدستور لرئيس المحكمة الدستورية الذي سيكلف رئيس وزراء مؤقت إلى أن تجرى انتخابات رئاسية ونيابية قريبة ولن يستطيع أحد تسريح الحركة الشعبية الباهرة، لم يستطع مبارك، لم يستطع مرسي، لن يستطيع العسكر كما نتصور، ونأمل الا نكون مخطئين.
ahmarw6@gmail.com
ثورة شعبية أم انقلاب عسكري؟
بقي حازم صاغية وفيا لمبادىء الديمقراطية الليبرالية واعيا لمعاني انتكاس التجربةعلى المدى الطويل ، بينما عبّر جورج كتن الكاتب السوري عن نزعة صارت مفهومة عند ألأقليات وهي النزعة المسؤولة عن فشل قيام المواطنة في هذا الهلال الخصيب بالأقلويات . صاغية جزء من نسيج المنطقة و جورج كتن …
ثورة شعبية أم انقلاب عسكري؟
ﺭﺍﺑﻂ ﻣﻘﺎﻝ ﺻﺎﻏﻴﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻄﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ .. ﺍﺿﻐﻂ ﻋﻠﻰ “ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ”
ثورة شعبية أم انقلاب عسكري؟
اين مقال حازم صاغيه؟
اليس من الطبيعي أن ينشر مقاله او يوضع رابط له لنعرف ماذا كتب ونفهم الرد ضمن السياق؟