يتدخل السيد الدكتور مفتي الديار الليبية فى ما لا يعنيه، ويدس أنفه فى شئ لا علاقة له به!
يحتل شاشات التليفزيون على نحو يومي مع شخص (“سنيد” فى لغة السينما) يقدمه بتبجيل واحترام ويمهد له سبيل الكلام ويطرح أمامه الاسئلة، وكأنه وزير يطرح المسائل اليومية أمام حاكم عظيم فيتخذ فيها الاجراء الحاسم الباتّ السريع. ويحتكر لنفسه تفسير الأوامر الإلهية بما يوافق هواه أو غاياته. وكأنما لا يوجد فى ليبيا شخص آخر يفهم فى أمور الدين غيره! ولا يكتفى بذلك، بل يهدد المنتقدين له بمكاليب (يلجام) حين يلقي الله بهم فى الدرك الاسفل من النار لمجرد أنهم عارضوا شيخ الاسلام فى بعض ما يقول، وكأن من أخطأوا في حقه أخطأوا فى حق الله. فحق عليهم عذابه.
والمؤسف أن مولانا الامام يخرج عن مقتضيات وظيفته ويخالف القوانين التى تنظم مهنته. وأهم مادة فيها هى عدم التدخل في الشؤون السياسية. كما يفعل الآن حين يصدر نداءات لتشجيع الليبيين على التسجيل فى الانتخابات والادلاء بأصواتهم لاختيار فئة معينة من سماهم “الصالحين”، ويعلن عن رؤيته الخاصة للإنتخابات، ويعتبرها “شهادة” يراها “واجباً شرعياً يأثم تاركها”. ثم يمضى ليحدد لهم كيف سيكتبون الدستور.
فنحن أولا لا نريد أن نختار “الصالحين” بمقياس الدين، بل “السياسيين” الاكفاء المتحررين البراجماتيين الذين يشغلهم حال الانسان وينظرون إلى النتائج وليس إلى المبادئ، حتى وإن لم يكونوا “صالحين” بمقياسه! بل، حتى لو كانوا فاسقين. فالرجل الصالح سيعود صلاحه لنفسه، أما إن فشل فسيعود فشله علينا. لكن الآخر، إن كان كفؤاً منتجاً، فسيعود عمله علينا وسيعود فسقه عليه.
أما عن إعلانه أن الانتخابات بمفهومها الحالى هى شكل عصري له أصله الاسلامي الذى يقابل “اجتماع السقيفة” و”بيعة أبى بكر”، وتساؤله، فى عجب، عن الفرق بين “المبايعة باليد” و”الانتخاب بالبطاقة”، فالفرق بين الاثنين كثير، أكثر مما يتسع له فهم الشيخ، العلامة! فـ”البيعة” هى إعلان الخضوع لشخص الحاكم وتعهد بعدم الخروج عليه وتبقى أمانة فى عنقه ملزمة له طيلة حياته لايمكن أن يخلعها مهما حدث ومهما فسق الحاكم، بل يرث أبناؤه العهد من بعده. واستشهاده ببيعة أبى بكر ليس صحيحا. وقد يفاجأ الامام حين نكشف عما نعرف وحين ينقلب دليله عليه.
يقول إبن عبد البر (تخلّف عن بيعة أبي بكر علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة، فأمّا علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حيث بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليُخرجهم، وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة، فقالت: يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق علينا دارنا قال نعم…….) ثم اقتادهم عمر مهانين مرغمين ليقدموا بيعتهم مكرهين.) ويمكن لمن يريد أن يتستكمل بقية الرواية فى المرجع التالي. (إبن عبد ربه – العقد الفريد 2/ 205 ط المطبعة الأزهرية ، سنة 1321هجرية) وإن لم يقبل الشيخ بهذا المرجع نستطيع أن نمدّه بعشرات المراجع الاخرى كالبلاذري والذهبي وابن قتيبة. وأخرين لا يُتصور تواطؤهم على الكذب.
أما سعد بن عبادة زعيم “الخزرج”، فلم يبايع وخرج من السقيفة مهاناً، وبقى منبوذا طيلة خلافة أبى بكر ثم هاجر إلى الشام في أول خلافة عمر، فلم يتركوه لحاله بل أرسلوا إليه من أرداه بسهم ثم زعموا أن الجن هي من قتلته وأذاعوا على لسانها شعراً (إبن سعد، الطبقات الكبرى، سعد بن عبادة).
وإليك عن “البيعة” مثل آخر:
قرر الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان أخذ البيعة لابنيه سليمان ثم الوليد، لتولّي الخلافة من بعده.
أمر واليه على المدينة، هشام بن إسماعيل، أن يبدأ بسعيد بن المسيب، أعظم علماء المدينة شأنا فى ذلك الحين. سلت هشام السيفَ على رقبته وقال له: “تبايع على إنك قن (عبد) لأمير المؤمنين، إن شاء أمسك، وان شاء أعتق، قال سعيد لا أبايع لا حرا ولا عبدا. فربطه تحت الشمس كل ساعات النهار ثم ألبسه المسوح وطوف به أرجاء المدينة والصبية تهتف من حوله هذا يوم العار (كتاب شيخ الازهر الدكتور عبد الحليم محمود عن سعيد بن المسيب.).
اما الانتخابات فليست “شهادة”! إنها شيء آخر. هي نتاج لنظام ديمقراطى ليبرالي، يقوم على اختيار حر بين مجموعة مختلفة من البشر ومن الاراء، وهى ثمرة الفكر والفلسفة الغربية، ولا أثر يشابهها فى التاريخ الاسلامي أو في الأديان الأخرى، ولا مساهمة من علماء المسلمين فيها.
وبرغم أن الامام يعمل فى دولة ديمقراطية، فإنه يكشف دون حرّج عن رفضه للديمقراطية وحق المواطن فى اختيار من يحكمه.
وسبب الرفض كما قاله فى إحدى الصحف (“لأن الشعوب تنخدع بمعسول القول”)، أى انها ساذجة ومغفلة. لكنه لا يرى عيبا ولا تناقضاَ فى أن يدعو الناس إليها الآن، ولمرة واحدة! لان السبيل الوحيد للقضاء على الديمقراطية هو المشاركة فيها بالشكل الذى يمكّنه من السيطرة على مقاليد الحكم بأكبر عدد ممكن من “الصالحين” الذين سيفوزون بعضوية “المجلس الانتقالى الجديد”. وسيكتبون الدستور الجديد للدولة الجديدة، وأول مواده “ليبيا دولة دينها الاسلام والشريعة الاسلامية هى المصدر
الوحيد
للتشريع وكل قانون يخالف الشريعة الاسلامية هو قانون باطل”. فإذا ما تحقق له ما يريد، فعلينا أن نضع بعدها الفكر الديمقراطى والاختيار الحر فى سلة الماضي، ثم ندعو الله ألا يعيد المعاصي!
في زمن الحرية والتحرر، تُطرَح الافكار كلها بدرجة متساوية، ومن حق شيخ الاسلام أن يطرح ما يعنّ له من رأي، ومن حقه أن ينتقد آراء الاخرين، لكن بصفته مواطنا عادياً يتساوى مع الجميع فى الحقوق والواجبات. وليس له أن يستغل وظيفته لانه يخالف القانون الذى ينظم سلطاته، والذي يمنعه من التدخل فى السياسة. والانتخابات عمل من أعمال السياسة. وإن شاء العمل بالسياسة، فعليه الاستقالة من وظيفته، ثم تكوين حزبٍ خاص به أو الانضمام إلى الحزب الذى يوافق مبادئه.
والاحراح الذى يواجهه الامام لو كان صادقا مع نفسه هو أن جميع الاحزاب وجميع المرشحين يؤمنون بالاسلام وبالشريعة، برغم أنهم ينظرون إليها من نواحي مختلفة لكنها لا تخرج بهم عن إطار الاسلام. فلا يستطيع مولانا الامام أن يحكم بكفرهم، ولذلك فهو ملزم بألا ينحاز لمسلمٍ دون الآخر، وإلا فليحكم بكفر الجميع ويحدد لنا “الفرقة الناجية” ويريحنا من هم الاختيار. كما يمكنه أن يفتي بتكفير أمير الكويت الذى يرفض أن يحكم بما أنزل الله حين رفض طلب مجلس الامة الكويتى بتعديل المادة 79 من الدستور الكويتى لتكون الشريعة الاسلامية هى المصدر الوحيد للتشريع والقوانين، عملا بقوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. المائدة 44).
وبودى لو إستطاع أن يقرأ وثيقة الازهر، ويدلى برأيه فيها ثم له أن يقرر لنا فى شأنها ما يشاء، فنصحنا واجب عليه. وربما اتسعت دائرة الكافرين واستلزم الأمر كثيرا من فرمانات الحرمان وصكوك الغفران، وقررنا بناءا على نصيحته مغادرة زماننا الحالى والعودة إلى القرن الخامس عشر لنعيش مع السلف فى ظلام القرون الوسطى حين كانت الكنيسة وبطاركتها يفعلون بالناس ما يحاول أئمة هذا الزمان أن يفعلوه الآن بنا.
وسنناقش هنا وضع قنوات الاتصال الجماهيري من ناحية مهنية بحتة. فحين تمكّنه القناة الوطنية من احتلال الشاشة بالمساحة الزمنية الى يريدها دون أن يتناوب على البرنامج شيوخ وعلماء آخرون ودون أن يكون هناك فكر مقابل للرد عليه، وحين تقدم شيخا آخر يقدم برنامجا دينيا فى إذاعة محلية
(FM 90. 30)
يخصص بكامله للهجوم على الديمقراطية وتسفيه فكرها، ويستقبل إتصالات معدة مسبقا من مستمعين معينين للحديث عن مسالب الديمقراطية وبذور فسادها، فإن مؤسسة الدولة الاعلامية تكون قد فقد حياديتها وخالفت النظام العام للدولة وعملت على تسفيهه.
وخالفت لائحة الدعاية الانتخابية للمرشحين والكيانات السياسية.
وسأقتبس جزءا من المادة الخامسة منها (يجب أن تتم التغطية الاعلامية فى وسائل الاعلام الرسمي على أساس الحيادية والنزاهة وعدم الانحياز……).
أود أن أقول لمن يملك ملف الاعلام فى هذا البلد أن مؤسسات الدولة ملك لليبيين جميعا لا ينبغى أن يستأثر بها شخص واحد أو رأي واحد يملك ناصية الكلام والظهور فيها على نحو مستمر. ولا ينبغي لشيخ مهما كان علو مركزه أن يقوم على محطات الدولة بتسفيه النظام الديمقراطي الذى أقرته والذى تمكن بفضله من الوقوف أمام الميكروفون.
أما مولانا المبجل شيخ الاسلام فأود أن أقول له إن الليبراليين والعلمانيين مسلمون مثل غيرهم، وما كان له أن يتسرع باتهامهم بالكفر دون أن يقرأ عن الليبرالية أو العلمانية حرفا واحدا. و النظام الديمقراطي، وبرغم كل ما فيه من أخطاءـ فإنه النظام الوحيد للحكم، ولا علاقة له بالدين. لذلك، دعِ السياسة لاأهل السياسة، فقد قالوا قديما السياسة خساسة. وأنا أجلّك عن هذا الأمر. ولنعمل بقول المسيح “إعطِ ما لقيصر لقيصر وما لله لله”. إسلك طريق الله يا سيدي، فسيقودك إلى حيث يحب ويرضى، ودع غيرك يسلك طريق قيصر المليء بالمدنس والموصوم بالخطيئة.
magedswehli@gmail.com
رجل أعمال وكاتب ليبي – طرابلس
بين الدين والسياسة (في ليبيا) بسم الله الرحمن الرحيم ونعوذ بالله من كل ضال تشبع بزبالات الغرب و اتكست فطرته فاصبح يرى الباطل حق و الحق باطل و يظن انه بوسعه الخروج من شريعة الرحمن الى زبالة الانسان بحجة انني حر في الاختيار نعم انت حر في ان تسلك مسالك الضالين و لا تلومن الا نفسك يوم الحساب اما ان تزين للناس ضلالك و تدعوا اليه فهذه مصيبة تسترعي الانتباه و امثالك لفضتهم مجتمعاتهم التي تلحفت عباءت طاععة الله و ان كان فيها بعض التقصير فانتهى بك الامر في احضان الغرب الكافر فملؤ لك جوفك باطعمة فاسده و ملؤ جيبوبك… قراءة المزيد ..
بين الدين والسياسة (في ليبيا)
بارك الله فيك…يا استاذ..السويحلي…لكن المتخلفيين الظلميين عبدة الكهنوت و ولاية الفقيه…مش حيعجبهم الكلام و حيصموا اذنهم عن الحقيقة…وطبعا على ليبيا السلام من حكم خيمة القذافي المتخلفة للحي المقملة
ابن تيميّة: لا للخلط بين العلم والسياسةكمُهتمٍّ بتاريخ المنطق وأصوله في التراث العلميّ العربي، لا أُخفي أنّني – على غرار الكثيرين - أتألّم عندما أصادف من يتطاول بصورةٍ غير موضوعيّة على فيلسوفٍ أو عالِمٍ من هذا التراث، وخاصّةً عندما تُنتهك الأصول العلميّة المتعارف عليها في البحث العلميّ والمعرفيّ، وبغضّ النظر، أكان التطاول المذكور عن جهلٍ، أو قصدٍ أو ادّعاء. من المعروف أنّه على الرغم من المضمون الديني لكتابات ابن تيميّة وتضاربها مع مذاهب مختلفة، فقد اشتهر هذا “الفيلسوف” بدقّة وصرامة الأساليب الاستدلالية المنطقيّة في كتاباته. ووفق الكثيرين من مؤرّخي العلوم، يكاد يكون بلا نظيرٍ في تمكّنه من أساليب المنطق… قراءة المزيد ..
بين الدين والسياسة (في ليبيا)
بالله وين كنت يا نكرة لماكان الشيخ يهيج في طرابلس كلها ضدالقذافي ..بالله ريح روحك واعرف مقامك زين .. صقع عليك ياولدي صقع ..