وليد غانم: كلنا شركاء
اعتبر المحامي أنور البني، مدير المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية أن ما يجري في لبنان ضد اللاجئين السوريين جريمة تصب في صالح (حزب الله) اللبناني، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الأدوات الوحيدة لمعالجة المشكلة هي القوى الدولية التي لا تبدي رغبة بوقف تلك الجرائم.
ولفت المحامي البني في حوارٍ مع “كلنا شركاء” إلى ان حزب الله أراد من إثارة هذه القضية لفت أنظار العالم إلى أزمة يفتعلها، فكانت مشكلة اللاجئين لكي يغطي جرائمه وأزمته التي يعيشها مؤخراً، من اتهامه بالإرهاب، والحجز على أمواله. مضيفاً أن الممارسات القمعية التي يمارسها حزب الله على اللاجئين ليست وليدة الساعة، ولكن مشكلة اللاجئين في لبنان تشكل عقبة ومشكلة أمام حزب الله وخصوصاً أن القسم الأكبر من اللاجئين في لبنان هم من سكان المناطق الحدودية التي يتطلع حزب الله إلى السيطرة وفرض هيمنته عليها.
وأشار إلى أن محاربة الإرهاب باتت ستاراً تختبئ وراءه الحكومات والمؤسسات لارتكاب جرائمها، مؤكداً أن التواري خلف عملية مكافحة الإرهاب جريمة بحدّ ذاته.
وعرّج مدير المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية في حديثه لـ “كلنا شركاء” على قضية اللاجئين السوريين في دول الجوار ومختلف بقاع العالم، ودور النظام في تهجير المناطق الموالية والمناطق الثائرة على السواء، وكذلك الدور الإيراني في عملية التهجير والتغيير الديموغرافي.
النص الكامل للحوار :
هل تعد المناطق الآمنة أحد الحلول التي تحد من عملية الهجرة او اللجوء؟
طبعا منذ البداية كانت هناك مطالب بمناطق آمنة تسمح للمواطنين أن تبقى في منازلها، وأن تحفظ تلك المنازل، ولكن للآسف لم تجد تلك المطالب اي استجابة، فعمليا لم تجري أي مناطق آمنة في سورية، المنطقة الآمنة ليست منطقة لا يموت المواطنون بها، وهي حتماً ليست مناطق تحت سيطرة داعش او النصرة او النظام، المنطقة الآمنة هي التي يستطيع المواطن العيش بها بشكل متكامل، المناطق الآمنة ليس آمنة فقط من القصف الجوي والبراميل المتفجرة، بل هي مناطق توجد فيها إدارات محلية تحفظ آمن المواطنين، وتنظم معاشهم، وتساعدهم على العيش، وتؤمن لهم وصول المساعدات الإنسانية، حتى الآن نسمع الكثير، ولكن لغاية الآن لم يتحقق شيء، طبعا اي منطقة آمنة سوف تنعكس إيجاباً على عودة اللاجئين.
هل كان هناك دور للنظام في تسهيل عمليات اللجوء، وما هي أهدافه من تلك المساعي؟
النظام لم يسهل هجرة المواطنين فقط بل دفع المواطنين الى مغادرة الأراضي التي تحت سيطرته عن طريق الازعاجات الأمنية وممارسات أخرى، وبالتالي هو لم يسهل عملية التهجير فقط، بل هو فاعل حقيقي بعملية التهجير القسري، وهي جريمة من جرائم ضد الانسانية.
قبل التدخل الايراني كان يرمي النظام إلى تطهير منطقة غرب العاصي، لكي يضعها تحت السيطرة الكاملة له ولقواته، وبالتالي من اجل ذلك قام بعدة او سلسلة مجازر، هي القبير والتريمسة، والحولة وحمص وحي الوعر لتظهير منطقة غرب العاصي، هذا كان ضمن مخطط تطهير المنطقة للانكفاء في منطقته، ولكن التدخل الايراني غير قواعد اللعبة التي انتهجها النظام في البداية، وأجبره على تغيير المخطط، وإجراء عمليات تهجير ومجازر لتامين سياسة أو تحقيق أهداف تخدم مشروع الهلال الشيعي، وبالتالي شاهدنا حلب وتدمر وحالياً القتال على أشده في التنف، هذا مخطط إيراني وليس أسدي، ولولاه لكان بشار الأسد تقوقع في منطقه ووفر على السوريين كل هذا الدمار، وبالتالي المسؤول عن هذه التطورات هو التدخل الايراني ومن بعده التدخل الروسي.
من جانب آخر عانى النظام من عملية الفرار والهجرة في حواضنه الشعبية، لذلك نجد الكثير من الموالين هربوا من صفوف النظام، وحاليا هم في أوربا ونسبة كبيرة منهم، ربما أكثر من نصف الواصلين إلى أوريا كانوا شبه موالين للنظام قبل مغادرتهم، لذلك من الطبيعي أن تكون عمليات الفرار أو الهروب هذه من بيئة النظم أمراً مزعجاً لهم.
التهجير القسري إلى أي مدى سينعكس على التغيير الديمغرافي؟
عملياً التهجير القسري رافقه تغيير ديمغرافي، وهذه المسألة تعتمد على كيف سوف تنتهي المسألة السورية، وهل سوف يستمر عملية التغيير الديمغرافي، وهل سيجري حسم عسكري حاسم، لذلك العملية تعتمد على عدة ظروف.
هل كان هناك موقف دولي سهل عملية الهجرة؟
أوربا كان لها موقف سهل في عملية التهجير، ولكن الدول الأوربية آثرت صرف الاموال على نصف مليون لاجئ، وعدم التدخل لإيقاف أو تخفيف المعاناة، كانت الدول الاوربية تستطيع التدخل لحل المسألة، وايقاف القتل والدمار، ولكن استقبالها للاجئين شجع تلك الهجرات، أما دول الجوار، فلم يكن لها حول ولا قوة، وانتقل السوريون إلى تركيا من لبنان ومصر والأردن، وهنا نعود الى التأكيد على ان سياسة النظام وقمعه وتدميره كانت الأساس في عملية التهجير.
بالنسبة للأحداث الأخيرة في لبنان، هل عمليات التهجير العكسي هناك جريمة؟
طبعاً ما يجري في لبنان على اللاجئين السوريين جريمة، ومشكلة لبنان أنها ليست موقعة على اتفاقية اللاجئين، وبالتالي يعتبر أن له الحق في طردهم ويعتبرهم ضيوف وزائرين وليس لاجئين وبالتالي لا يتمتعوا بالحقوق المنصوص عليها باتفاقيات اللاجئين ويمنع المنظمات الدولية من تقديم المساعدات لهم.
وباتت قضية محاربة الارهاب الشعار الذي تستخدمه أي حكومة أو مؤسسة لترتكب جرائم ومن ثم تقول إنها تحارب الإرهاب.
ما يجري في لبنان هل هو لمصلحة النظام ام حزب الله؟
النظام لا يسعى إلى إعادة اللاجئين، وله مصلحة في اعتقالهم، وليس له مصلحة في إعادتهم إلى سورية، أما المصلحة فهي لحزب الله.
حزب الله اراد من إثارة هذه القضية لفت أنظار العالم إلى أزمة يفتعلها لشد الأنظار إليها فكانت مشكلة اللاجئين لكي يغطي جرائمه وأزمته التي يعيشها مؤخراً، من اتهامه بالإرهاب، والحجز على أمواله. كما أنه يريد الإشارة للعالم أنه يحارب الإرهاب لتخفيف هذا الضغط عليه
على الرغم أن الممارسات القمعية التي يمارسها حزب الله على اللاجئين ليست وليدة الساعة، ولكن مشكلة اللاجئين في لبنان تشكل عقبة ومشكلة أمام حزب الله وخصوصاً أن القسم الأكبر من اللاجئين في لبنان هم من سكان المناطق الحدودية التي يتطلع حزب الله إلى السيطرة وفرض هيمنته عليها.
هل هناك وسائل ضغط على المؤسسات اللبنانية لإيقاف تلك الممارسات على السوريين؟
لا ابداً لا توجد أدوات ضغط حالية، والأدوات الوحيدة هي القوى الدولية، وإذا كان حزب الله هو المسيطر على لبنان لا توجد أي وسيلة ضغط عليه، المشكلة أن القرار الدولي لا يبدي رغبة بوقف تلك الجرائم،
السلطات اللبنانية لا حول لها ولا قوة، وليست لديها قدره على ايقاف جرائم حزب الله، والأمم المتحدة لا تستطيع التدخل لأنها لا تستطيع العمل في لبنان لأن الحكومة اللبنانية ليست موقعة على اتفاقية اللاجئين، ولا توجد هناك اتفاقية دولية تلزم لبنان بشيء.
هل تتوقع انفجاراً في حال تكرار هذه الجرائم؟
ممكن في أي لحظة أن تفلت الأمور من تحت السيطرة، وسوف ينفجر الوضع على العالم في لبنان، وفي تركيا، وفي كل دولة استثمروا بها قضية اللاجئين وحتى في دول الخليج، الكل يلعب بقضية الشعب السوري، وممكن في اي وقت أن تفلت الامور.
سيكون لاستمرار أزمة اللاجئين تداعيات كبيرة على الدول، فإذا كانت عملية تهجير فلسطين أقل من مليون شخص شغلت المنظمات الدولية والمجتمع الدولي، وحتى الآن تعاني تداعيات تلك المسألة، فماذا يتوقع العالم أن يشاهد مع أزمة أكثر من 8 ملايين.
ما يتوقع ان يشهده العالم نتيجة سكوته عن الجرائم التي جرت أكبر بكثير عما يتخيله العالم.
انتهى الحوار.
*
وأصدر المركز الذي يديره المحامي البني قبل أيام دراسةً أعدتها المحامية سحر حويجة بعنوان “بين مطرقة القوانين وسندان السياسة ما مصير اللاجئين السوريين”، تناولت الدراسة قضية اللاجئين السوريين في دول الجوار و أوروبا، بعد أن وصل عدد اللاجئين في العالم إلى مستويات غير مسبوقة، منذ الحرب العالمية الثانية نتيجة انتشار العنف والاضطهاد، غير أن اللاجئين السوريون يشكلون الكتلة الأكبر بينهم، وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من ثلث اللاجئين في العالم سوريين، ومازال اللجوء السوري مستمراً ما دام الاقتتال والعنف قائمين على الأراضي السورية.
وأشارت الدراسة إلى أن اللاجئين يتعرضون في رحلة اللجوء بحراً وبراً وأينما حلوا إلى مختلف أشكال الضغوط والانتهاكات بحقهم، تجعلهم في حالة من الخوف الدائم وعدم الاستقرار وتدفعهم إلى البحث عن أماكن لجوء بديلة لهم، فيما يعيش اللاجئون في شروط استثنائية ذات تأثير عليهم وعلى المجتمع المضيف المحيط بهم، كما يواجهون عقبات قانونية وصعوبات عديدة في سبيل الحصول على عمل، لذلك أغلبهم يعيش تحت خط الفقر ويزداد وضعهم سوء سنة بعد أخرى.
وسلطت المحامية حويجة الضوء في دراستها على القوانين التي تحكم عملية اللجوء في الدول المضيفة، والقيود التي تفرضها عليهم وتحرمهم من حقوقهم كلاجئين، مقابل السياسة التي تقوم عليها هذه الدولة أو تلك، وحساباتها الآنية أو المستقبلية تجاه الأوضاع في سوريا من زاوية مصالحها الخاصة.
وقدمت الدراسة إحصاءات حول توزيع اللاجئين وأعدادهم في دول الجوار:
استناداً إلى وثائق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أعداد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية في الدول المختلفة حتى عام 2016 جاءت على الشكل التالي :
بلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا 2.8 مليون سوري.
وبلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين في مصر والأردن ولبنان والعراق مليونين و25 ألف لاجئ.
وبلغت أعداد اللاجئين المسجلين في دول شمال أفريقيا أكثر من 24 ألف لاجئ.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين في الدول الأوربية 438 ألف و540 ألف لاجئ.
وكانت الحكومة السورية المؤقتة قد نشرت على موقعها الإلكتروني في عام 2016، إحصاءات مفصّلة لأعداد اللاجئين السوريين في دول الجوار والعالم، حيث تجاوز عددهم الخمسة ملايين لاجئ على الشكل التالي:
بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى الحكومة التركية حوالي مليونين و407 ألف منهم 276 ألف لاجئ موجودين داخل المخيمات موزعين على 25 مخيم، والجزء الآخر حوالي مليونين و131 ألف لاجئ خارج المخيمات.
أما في لبنان، بلغ إجمالي عدد السوريين مليون و70 ألف، يعيش منهم 100 ألف داخل المخيمات بالإضافة إلى أكثر من 970 ألف آخرين موزعين خارج المخيمات، فيما وصل عدد اللاجئين في الأردن إلى 633 ألف و466 لاجئ، 120 ألف منهم داخل المخيمات، و509 ألف لاجئ خارج المخيمات.
وعلى الرغم من المعارك التي تشهدها غالبية المناطق العراقية ضد تنظيم (داعش)، إلا إن أعدادا كبيرة من السوريين اتجهوا إلى العراق خاصة إلى مناطق كردستان العراقية، اذ بلغ أجمالي عدد اللاجئين في العراق 244 ألف و527 لاجئ، 94 ألف منهم داخل المخيمات.
ويوجد في مصر 123 ألف و600 لاجئ سوري، أما عدد السوريين في باقي الدول العربية فقد بلغ 26 ألف و800 سوري.
وفي أوروبا بلغ عدد اللاجئين 550 ألف لاجئ وفق هذه الإحصائية.
للاطلاع على الدراسة: