عادل عيدان – خاص الشفاف
طار محمد باقر الفالى(رجل الدين الشيعي) إلى طهران وبقيت الأزمة التي تسبب بها هو والتيار السلفي في البرلمان، تعصف بالكويت , فهذه القضية تحولت من شقها السياسي لترتدي الثوب الطائفي و”الوطني” في اعتبار ان التوقيت غير المناسب يعطى ذريعة بحل البرلمان وربما تعليق الدستور أو حتى تكليف رئيس الوزراء بعد تقديم استجواب بحقه بتشكيل الوزارة، وهو أمر يعني ببساطة تفريغا لمحتوى الدستور(عدم إمكان إسناد المهمة لمن تهرب منها) حسب بيان المستجوبين , أو حتى عدم إعطاء الشرف للبرلمان باستجواب رئيس الحكومة.
ويمكن القول إن العلة في كل ماجرى تكمن في عدم التحفظ على خروج الفالى من الكويت حتى موعد النظر في القضية من قبل المحكمة في الخامس عشر من ديسمبر،على أساس أن الأصح هو أن يبقي المتهم في الكويت حتى صدور قرار المحكمة إما ببراءته أو إثبات التهمة عليه فينال عقابه. لكن المستجوبين تشددوا بطلبهم ووعيدهم، فقايضوا ترحيل الفالي باستجواب رئيس الوزراء..
ومع الأسف الشديد نقول إن هذا الأمر يحدث في بلد ما زال أبناؤه يتغنون بدستور عام 1962 “الكافل لحرية الرأي والرأي الأخر”!.. وأن ما يحدث في الكويت عملية اختطاف لإرادة الأمة من قبل نوابها!.
أحد النواب المستجوبين وهو رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية ومعه نائبان من التيار الإسلامي قرروا أن يكونوا هم الخصم والحكم في هذه القضية بدلا من الدفاع عن وافد مازلت قضيته مفتوحة أمام العدالة.
إن إصدار احد المستجوبين (محمد هايف – نائب سلفي) حكمه الخاص على الفالي بأنه “زنديق” (وتلك تهمه كفيلة بإراقة دم الفالى لمن يريد فتوى تجيز له تطبيق شرع الله على هواه وهم كثر هذه الأيام) يعد استباقا لحكم المحكمة أو تجييرا لرأيها، مع ملاحظة أن هذا النائب السلفي، عرف بمراقبة لكل ناشط شيعي من زاوية المناهض له فهو من دعا الي مراقبة الحسينيات وخطبائها.
ونشير هنا أيضا الى أن الخلاف حول قضايا تمس الشيعة، ليس ببعيد عن الإطار الحكومي، لأن ما نسب إلى النائب المستجوب وليد الطبطبائي من أن وزير الداخلية أُجبر على إدخال الفالى بأوامر عليا ويُقصد بها رئيس الوزراء، هو ما دفعه الي التصعيد حسب زعم النائب الطبطبائي.
هذا الخلاف لم يكن الأول فالارتباك الحكومي بدا واضحا خلال تأبين عماد مغنية وموقف مجلس الوزراء والذي تباين في بيانين لم يفصل بينهما سوى نصف ساعة تحول بموجبه مغنية من شخص تدور حوله الشبهات إلى خاطف طائرة الجابرية. ولا يخفى موقف وزير الداخلية المتشدد حيال المؤبنين وكان نقيضه موقف رئيس الوزراء الذي شهد لهم بالوطنية.
على الطرف الأخر نجد الكثير من الشيعة لم يتبنوا موقفا واضح المعالم فنفوا الاتهام عن الفالى رغم وجود تسجيل للفالى بسب بعض الصحابة. فإذا كان ما قاله الفالى موجودا بين صفحات الكتب من أن الصحابة قاموا بشتم بعضهم (موقفه هنا انه ناقل للمعلومة) وناقل الكفر ليس بكافر، لكن إذا تبين أنه أخطأ، فالمطلوب من الجميع أن يرضوا بفكرة إدانته من قبل القضاء.
عموما.إن التوقيت لم يخدم الفالى في دخوله الكويت كما لم يخدم أهداف الذين أرادوا الإطاحة برئيس الوزراء، لأن القضية تحولت إلى قضية طائفية وتعالت أصوات السنة قبل الشيعة في أن ذلك يزعزع الوحدة الوطنية التي هي في أسوأ حالاتها فالاحتقان الطائفي على أشده نظرا لمتغيرات تشهدها المنطقة، وربما يهدد مرة أخرى بحل البرلمان وتعليق العمل بالدستور كما حدث عام 1986 استنادا الى الأوضاع الأمنية ومحاولات زعزعه الوحدة الوطنية إضافة لعدم تعاون السلطتين وانحراف العمل البرلماني عن مساره وهو ما ساقته الحكومة كسبب لتقديم استقالتها.
كما يجب أن نذكر أنه وفي أقل من خمسة وثلاثين يوما على بدء دورة الانعقاد الثاني،لوح نواب باستجواب رئيس الوزراء ثلاث مرات: الأولى من قبل كتلة العمل الشعبي على خلفية تجاوزات بمشروع مصفاة النفط الرابعة وتجاوبت الحكومة مع مطالبهم فأحالت المشروع إلى ديوان المحاسبة. والمرة الثانية عندما تصدى لتقديم الاستجواب النائب احمد المليفي بعد مزاعم بتجاوزات في مصروفات ديوان رئيس الوزراء وسوء إدارة الدولة (وعقدت صفقة بتأجيل الاستجواب ثلاثة أشهر) لتصحيح الأخطاء ومراقبة أداء الحكومة..وهنا تجدر الإشارة إلى أن الصفقة التي تمت بعد أن سحبت الحكومة الجنسية من عدد من مستحقيها الأمر الذي دفع العديد من النواب باتهام الحكومة ورئيسها بالخضوع لمنطق الابتزاز السياسي.
وأما ثالثا فهو الاستجواب الذي قدم على اثر دخول الفالى الكويت وضخمت حشوته على عجل لإبعاد الصبغة الطائفية عن الاستجواب فأضيفت محاور تردي الخدمات التعليمية والصحية وغيرها.
وبين تلك الاستجوابات لم يسلم الوزراء كما رئيسهم من التهديد بمسائلتهم من قبل نواب الأمة.
ولعل الأسئلة التي تدور في المخيلة هي الجواب الشافي لحل أحجية من يدفع باتجاه التأزم.
أهو صراع النفوذ داخل الأسرة الحاكمة؟ أم الصراع بين السلطتين ؟ أم أن اللعبة السياسية وملعبها في البرلمان قاعه عبد اللة السالم قد ضاقت على أعضاء مجلس الأمة.
ونسأل: ما هو المطلوب ترتيبا لبيت الحكم ؟!. هل إسناد مهمة تشكيل الحكومة لشخص آخر من أبناء الأسرة هو الحل، أم توسيع المشاركة الشعبية وإشهار الأحزاب.
الإجابة على هذه التساؤلات ستعطى بالتأكيد تفصيلا للمشهد السياسي الكويتي ولما يحدث في الكويت..
أم أن ما في الفخ أكبر من العصفور؟؟!!!
adel-edam@hotmail.com
* الكويت
ازمة الحياة السياسية في الكويت: ما في الفخ اكبر من العصفور
يا جماعة انا من انصار الديموقراطية لذا لا تفهموا رأيي خطأ..لكن نحن لا بالاحزاب سنفلح ولا بالملكية الدستورية استقامت امورنا…
يبدو ان لنا العرب عقولا تحتاج لوقت طويل و مزيد من الدماء لنصل الى الخلاصة التي وصل اليها غيرنا…(ان استطعنا)…
ديموقراطيتنا صارت وبالا علينا..والديكتاتورية وبال اكبر!!