نصير الأسعد يناقش وليد جنبلاط علناً: هل إنتصار 14 آذار في الإنتخابات يعادل.. خسارة السلم الأهلي؟

0

مقال نصير الأسعد في “المستقبل” اليوم يعكس حالة حقيقية داخل تيار 14 آذار، ناجمة جزئياً عن “هواجس” وليد جنبلاط، وهي “هواجس” شخصية وسياسية. وناجمة، جزئياً، عن صراعات بعض قوى 14 آذار حول “حصصها” في الترشيحات في مختلف الدوائر الإنتخابية.

هذا النقاش من الأفضل أن يخرج إلى العلن، وأن يشارك فيه شعب 14 آذار. فالمعركة، فعلاً، مصيرية. و”هواجس” وليد جنبلاط السياسية لها ما يبرّرها سياسياً إلى حدّ ما، ولو أن الخوف على السلم الأهلي لا يعني بالضرورة الإمتناع عن تحقيق النصر الذي يستحقّه شعب لبنان وشهداؤه الكثر! مع ملاحظة أن “الهواجس” نفسها أدّت، جزئياً على الأقل، إلى “التحالف الرباعي” السيء الذكر في الإنتخابات السابقة.

قد تكون الخيارات صعبة. فالبعض يتخوّف من توتيرات أمنية تقوم بها جماعة 8 آذار للحؤول دون إجراء إنتخابات تعرف أنها ستخسرها! وعلى 14 آذار أن تواجه هذا الإحتمال.. مجتمعة.

وأخيراً، هنالك بدايات إنفصام بين بعض قيادات 14 آذار وجمهورها، وهذا ينطبق على الجمهور التقليدي لوليد جنبلاط، الذي يبدو، هذه المرّة، أكثر ميلاً للمواجهة من زعيمه!

**

عندما يتم “النزول” بـ14 آذار من مستوى “التحالف” الوطني الاستقلالي الموحد إلى مرتبة “الائتلاف” الإنتخابي “المُجمّع”

هل يكون المخرج في “لامركزية” الفريق ومعركته؟

نصير الأسعد

لم تعد “التطمينات” التي يطلقها قادة 14 آذار بشأن الوحدة “السياسية” و”الإنتخابية” للحركة الإستقلالية اللبنانية “تطعمُ خبزاً”.

جنبلاط.. ومقولة 8 حزيران يوم آخر

ولعل ما قاله رئيس “اللقاء الديموقراطي” وليد جنبلاط في مقابلته التلفزيونية الأخيرة مساء الاثنين الماضي، يمثّل التعبير الأبرز عن هذه الحقيقة، إذ “وعد” بأن تذهب قوى 14 آذار موحدة الى الإنتخابات النيابية في 7 حزيران المقبل “لكن بعد 7 حزيران سنرى”، ما يفيد “عملياً” ان 8 حزيران “يوم آخر”. أي أن جنبلاط يعبّر في ذلك عن إقتناع بأن “المدى الزمني” الذي لا يزال قائماً أمام 14 آذار “يقف” مساء 7 حزيران.

“ميزة” ما قاله زعيم “الحزب التقدمي الاشتراكي” انه علنيّ وفي الإعلام. غير أن المتابعين عن كثب لواقع حال 14 آذار يعرفون أن ثمة “تصدعات” سياسية وانتخابية غير معلنة.. إعلامياً. ثمة ـ في أمكنة معيّنة ـ إسقاطٌ للمعيار السياسي في تشكيل بعض اللوائح. وثمة في أمكنة أخرى بحث في تحالفات إنتخابية خارج 14 آذار بمعزل عن 14 آذار وعن المعيار السياسي ولو أدى ذلك الى مشكلة داخل 14 آذار. وثمة في أمكنة ثالثة تغليب لـ”منطق” الحصص والأحجام الذاتية.

.. معادلات مواجهة التوترات المذهبية عنده

بطبيعة الحال، كثيرة هي الإشكاليات التي يحاول وليد جنبلاط مقاربتها ومواجهتها ومعالجتها. ولا شك أن له ميزة التفكير، بصوت أعلى مما يجب ربما، في الإشكاليات.

فغني عن القول مثلاً إن جنبلاط الذي “يلاحظ” تصاعد التوترات المذهبية، أي التوترات ضمن كل المذاهب وفيما بينها، يسعى الى سحب هذا “الفتيل”، وصولاً الى حدّ أن قيادياً بارزاً من “الاشتراكي” في معرض “تفسير” ما يقوله جنبلاط، سأل: ماذا ينفعنا لو كسبنا الإنتخابات وخسرنا السلم الأهلي؟

الآن، وبصرف النظر عن تلك “المعادلة الصعبة” التي يطرحها القيادي الاشتراكي البارز، أو الأصح “المعادلة المستحيلة” بما أن ضمان السلم الأهلي لا يستدعي خسارة 14 آذار للإنتخابات أو تخسير 14 آذار نفسها الإنتخابات.. فإن جنبلاط في محاولة لسحب فتيل التوترات المذهبية وفي مسعى الى الخروج من دائرة الإستقطابات والإصطفافات المذهبية والطائفية، أعاد استحضار هوية عربية ـ فلسطينية ـ “يسارية”. أي ان وليد جنبلاط، في سياق مقاربة الإشكاليات ومواجهتها، يحاول “تمييز” نفسه “عربياً ـ فلسطينياً ـ يسارياً” من جهة لكنه يصل الى حد “تعليق” 14 آذار أو التوجه الى “حلها” بعد 7 حزيران من جهة ثانية. وذلك، فيما ليس ثمة ما يؤكد أن ما يطرحه يمثل “خيارات مؤكّدة” في مواجهة الإشكاليات المنوّه عنها.. خاصة أن “التجربة اليسارية” في لبنان لم تكن هي نفسها خارج التوترات الأهلية والحروب الأهلية.

طبعاً إن النقاش مع وليد جنبلاط وما يطرحه، يطول ويجب أن يُقال سلفاً إن هذا النقاش ليس مع “برمة” ما لوليد جنبلاط أو مع “إنقلاب سياسي” يقوم به، لأن ما يطرحه يندرج في سياق “محاولة” البحث عن إخراج البلد من خطر التوترات المذهبية، من خطر “التطرفات” الطائفية، ومن دون إعادة نظر في “ثوابت” رئيسية راكمها خلال السنوات الماضية.

إذا سقطت في السياسة.. ماذا تعني إنتخابياً؟

ومع ذلك، فإن لإعتبار 14 آذار قائمة “حتّى” 7 حزيران وبعده لكل حادث حديث، تداعيات كبرى على 14 آذار.
النتيجة الأولى هي “النزول” بـ14 آذار من مستوى “التحالف” السياسي ـ الوطني ـ الإستقلالي الى مرتبة “الإئتلاف” الإنتخابي. والحال أن 14 آذار ليست “افضل” عندما تصنّف إئتلافاً إنتخابياً، لأن الرهان كان منعقداً دائماً على أن تُحل التناقضات الإنتخابية بـ”السياسة”.

والنتيجة الثانية هي توصيف محبط لحال 14 آذار. ذلك انه “حتى الآن” كان ثمة اعتقاد ان 14 آذار بما هي “تحالف” سياسي ـ وطني ـ إستقلالي، تتشكل من “حساسيات” طائفية مؤتلفة ومتجاورة من جهة ومن رأي عام مدني غير “مقولب” طائفياً من جهة ثانية، ما يشكل مصدر غنى للحركة الإستقلالية. أي ان ما يُطرح وما يحصل يفيدان ان 14 آذار عبارة عن “حساسيات” متجاورة.. ومتنافرة.

المغامرة بخسارة الانتخابات ـ الاستفتاء

والنتيجة الثالثة هي أن الانتخابات المقبلة تفقد والحالة هذه، كونها استفتاءً على حجم التيّار الشعبي الاستقلالي في البلاد، وكونها “مصيرية” بهذا المعنى.

والنتيجة الرابعة هي أن “عصب” معركة 14 آذار “مسحوب”. ليس فقط تفترق الرؤى داخل 14 آذار الى “معنى” الانتخابات، بل يُقال لـ”الجمهور الـ14 آذاري” إن بقاء 14 آذار بعد 7 حزيران غير مضمون، وإن ما ستحصل عليه، حتى لو كان الأكثرية لن يكون قابلاً للصرف السياسي، لأن ثمة خلط أوراق اعتباراً من 8 حزيران.

والنتيجة الخامسة، وهي أمّ النتائج، فيلخّصها السؤال الآتي: كيف تستطيع 14 آذار في “حالة” من هذا “النوع” أن تذهب “موحّدة” الى الانتخابات أولاً ثم أن تربحها ثانياً؟

.. لأن المرحلة التاريخية لم تنته

من نافل القول، من وجهة نظر 14 آذارية، أي من وجهة نظر “الرأي العام الـ14 آذاري” إن وضع “مصير” 14 آذار قيد البحث قبل الانتخابات خاطئ لأنه سابق لوقته إذا كان لا بد من دراسته بعد الانتخابات. وهو سابق لأوانه بمقياس أن 14 آذار لم تنجز “البرنامج الاستقلالي” الذي نهضت عليه أصلاً. وبمقياس أن “المرحلة التاريخية” لم تنته بعد.

والأهم ـ أي الأخطر ـ أن في ذلك، في وضع مصير 14 آذار قيد البحث “منذ الآن” وفي الابتعاد من جانب فاعليات 14 آذار عن المعايير السياسية ـ الوطنية في تشكيل اللوائح، إحباطاً لـ”الجمهور الـ14 آذاري”. إذ كيف يُدعى هذا الجمهور الى المشاركة بكثافة في الاقتراع ويُقال له إن جهدك لن يثمر بالضرورة؟ وهل يمكن ربح الانتخابات أصلاً في مثل هذه “الشروط”؟

خلوةٌ قيادية داهمة.. و”لامركزية” بالتراضي؟

قد لا يكون الاستنتاج الذي سيلي “متناسباً” مع المقدّمات الآنفة.

بيدَ أن ما لا مفرّ من قوله هو إن الوضع الراهن داخل 14 آذار بـ”أفق” الانتخابات ليس مدعاةً للارتياح.. والتفاؤل.
من أبسط حقوق “الرأي العام الـ14 آذاري” على قيادات 14 آذار أن يطالبها بتحمّل المسؤولية. ومن واجب هذه القيادات أن تعقد خلوة سياسية ـ إنتخابية، لتناقش معاً ما الممكن تنحيته من قضايا وما المطلوب التركيز عليه وكيف يتحقّق الفوز وبأي أفق يُعتبر الفوز ضرورياً. خلوٌة يشكّل عقدها مطلباً “داهماً”. و”قد” لا يكون من الخطأ أن تُسفر الخلوة عن نوع من “الاتفاق بالتراضي” على “لا مركزية” المعركة الانتخابية لـ14 آذار، أي على أن تخاض في كل “بيئة” بـ”ظروف” كل “بيئة”. فإذا كان “المصير” سيتبلور بعد 7 حزيران، فماذا يمنع من أن يُبحث “المصير” عندئذ في ظل نصر إنتخابي؟

حقّ الـ14 آذاريين على قياداتهم أن يجنّبوهم هزيمةً لا مجال لها إلاّ في حالة واحدة هي عدم التوحّد القيادي. وحقّ البلد على قيادات 14 آذار أن تكون له فرصة استكمال استقلاله وإقامة دولته. وواجب هذه القيادات أن تحول دون إجهاض المشروع الوطني الكبير.

“المستقبل”

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading