إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
بالرغم من القصف المتكرر من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، لا يزال المتمردون الحوثيون الموالون لإيران قادرين على ضرب إسرائيل وتعطيل الملاحة في البحر الأحمر.
في ليلة الأحد إلى الاثنين، اهتزت جدران شقة سهيل مجددًا في صنعاء. «حوالي الساعة الثالثة صباحًا، خاف أطفالي، واستيقظنا جميعًا بسبب القصف»، قال صباح الاثنين هذا المواطن من العاصمة اليمنية، التي استهدفتها الطائرات الأمريكية.
قبل 24 ساعة فقط، أثار الحوثيون الذعر بعد تبنيهم لهجوم غير مسبوق على مطار بن غوريون في تل أبيب بإسرائيل. «لأول مرة، أصاب صاروخ محيط المطار مباشرة»، صرح بذلك متحدث عسكري إسرائيلي لوكالة الأنباء الفرنسية.
«ستهب علينا عاصفة»، قال سهيل مازحًا مساء الأحد عبر الهاتف. ومثل كثير من اليمنيين، اعتاد هذا الناشط المدني على العنف الذي يضرب هذا البلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية، والممزق بحرب أهلية منذ أكثر من عشر سنوات. بلد منقسم بين سلطتين: واحدة في صنعاء موالية لإيران، تهاجم إسرائيل وتطلق صواريخ على السفن التجارية في البحر الأحمر تضامنًا مع الفلسطينيين، والأخرى في عدن جنوبًا، مدعومة من السعودية والدول الغربية، لكنها عاجزة إلى حد كبير.
في غضون شهرين من القصف الأمريكي شبه اليومي ضد الحوثيين، تم استهداف أكثر من ألف موقع، «ما أسفر عن مقتل مقاتلين وقادة حوثيين (…) وتدهور قدراتهم»، بحسب البنتاغون.
وبحسب سهيل، «الغارات الأمريكية أكثر إيلامًا من الغارات الإسرائيلية السابقة، فهي أكثر دقة. والأهم أن الولايات المتحدة تستهدف البنية التحتية المدنية الاستراتيجية، مثل ميناء رأس عيسى النفطي (في 18 أبريل) ومؤخرًا مركزًا لتوفير الكهرباء في صنعاء».
صباح الاثنين، كانت شوارع العاصمة شبه خالية. «وزارة النفط تطمئن الناس وتقول إن هناك مخزونات من الوقود، لكن من الواضح أن استهداف رأس عيسى تسبب في مشكلات في التزويد»، يقول سهيل.
رغم الضربات على منشآتهم العسكرية، يواصل الحوثيون تحدي إسرائيل وتعطيل الملاحة في البحر الأحمر (320 هجومًا على سفن تجارية منذ نهاية 2023). خلال شهرين، فقدت الولايات المتحدة سبع طائرات مسيّرة من نوع MQ-9 ريبر، وسقطت طائرة مقاتلة من نوع F/A-18 E من على متن حاملة الطائرات هاري إس. ترومان في البحر الأحمر، في حادث أصيب فيه أحد البحارة.
«غالبًا ما تُطلق صواريخهم من منصات متنقلة، مما يسمح لهم بالاختباء بعد الإطلاق»، يحلل محمد الباشا، الباحث اليمني في الولايات المتحدة. وبحسبه، فإن «تحركهم المستمر، إلى جانب معرفتهم الممتازة بالأرض، يجعل استهدافهم صعبًا، خصوصًا بعد تراجع قدرات الاستطلاع الغربية إثر خسارة طائراتهم المسيّرة». وهذا ما يدفع البعض إلى التفكير في خيار عملية برية ضد المتمردين الموالين لإيران، تنفذها قوات التحالف السعودي الإماراتي.
تعبئة قسرية
منذ بداية الحرب في 2015 ضد التحالف الموالي للسعودية والمدعوم من الولايات المتحدة، «أتيح للحوثيين الوقت الكافي لتفريق مستودعات أسلحتهم، واحتياطيات الوقود، والمقاتلين»، يوضح محمد الباشا. «استخدموا الجبال لبناء شبكة واسعة من الخنادق، ونظام قيادتهم وتحكمهم لا مركزي إلى حد بعيد»، يضيف.
في معقلهم التاريخي بصعدة شمالًا، حيث أطلقوا أول تمرد لهم عام 2004 ضد الدولة التي كانت تهمّشهم، يختلط المتمردون بالسكان. «وهذا يحدث أيضًا في صنعاء»، يقول سهيل، «حيث يتحرك المقاتلون بملابس مدنية دون ارتداء الزي العسكري».
وتُنذر الحملة الأمريكية بـ«تكلفة بشرية مرتفعة قد تؤدي إلى زيادة في تعبئة وتجنيد الحوثيين»، بحسب محمد الباشا. وفي أواخر أبريل، اتهم الحوثيون الولايات المتحدة بقصف سجن في صعدة، ما أسفر عن مقتل 68 مهاجرًا إفريقيًا كانوا محتجزين فيه. وأعلنت واشنطن عن فتح تحقيق حول هذه الضربة.
ويستفيد المتمردون، الذين يسيطرون على أجزاء واسعة من البلاد ويسعون إلى السيطرة الكاملة على اليمن، من هذه الهجمات «لأغراض دعائية»، بحسب توماس جونو من جامعة أوتاوا. تبث آلة الإعلام الخاصة بهم بانتظام مقاطع تُظهر تدريب قواتهم الخاصة وهي تدوس العلم الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، عززوا سيطرتهم على السكان، ومنعوا، على سبيل المثال، نشرَ معلومات حول المواقع المستهدفة. «يُقدّمون أنفسهم كأبطال المقاومة ضد الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين»، يشرح الباحث الكندي.
بعد ضربتهم على مطار تل أبيب، دعا الحوثيون شركات الطيران الدولية إلى «إلغاء رحلاتها نحو مطارات العدو» الإسرائيلي. وقد أوقفت لوفتهانزا وطيران الهند بالفعل رحلاتهما لبضعة أيام.
ويتلقى الحوثيون دعمًا لوجستيًا من مُدربين إيرانيين ومن حزب الله اللبناني، ويقومون بتجنيد المقاتلين بالقوة. «يطالبون زعماء القبائل بتقديم أفراد من عشائرهم، ومن يرفض، يمكن أن يُسجن»، يلاحظ عامل إنساني مطلع على الأوضاع في اليمن. من جهتها، نددت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بتجنيد الأطفال كمقاتلين.
بعد سنوات من الحروب المتكررة، يشعر كثير من اليمنيين بالإرهاق من العنف المستمر. «سئمنا أن نكون دمى تتعرض للطائرات الشريرة التي تحوم فوق رؤوسنا»، يتأوه سهيل، «بعض الناس يفضلون الموت في قصف على أن يموتوا ببطء. منذ سنوات، لم يتلقَّ الموظفون الحكوميون رواتبهم، والسلطة لا تعوض سوى نصف خسائرهم من خلال فرض ضرائب جديدة. بالطبع، لا يزال دعمنا لغزة أساسيًا، ولا يُعارضه سوى بعض المثقفين الذين يحذرون من أن مهاجمة التنين الإسرائيلي قد تكون لها عواقب وخيمة. لكن 80٪ من السكان غير المتعلمين لا يزالون يدعمون فلسطين».
لقراءة النص الأصلي بالفرنسية:
Au Yémen, la surprenante résilience des rebelles houthistes