إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
اغتيالُ المرشد علي خامئني او اعتقالُه، وسقوطُ نظام الملالي اصبح وشيكا، واليوم التالي لما بعد الملالي بات اولوية استراتيجية! ولا مبرر للمخاوف المبالغ فيها من اندلاع حرب اهلية، وانزلاق إيران إلى سيناريو شبيهٍ لسيناريو العراق او ليبيا او لبنان، فتلك ايران!
من الوارد ان تدخلَ البلاد في دوامةِ ما بعدَ سقوطِ نظام كهنوتي طاعن في الاستبداد والعفن، وان تشهدَ فوضى واضطراباتٍ وحتى صداماتٍ بين مكوناتها المتنافرة، ولكنها لن تدخل في فوضى نووية واهلية عارمة، لانها تمتلكُ نُخبةً قويةً، فعالة ومؤثرة في الداخل والخارج، تحتاجُ إلى تمكينها من لملمة شَتاتها وتوحيدِ طاقاتها، وهي كفيلةٌ بإعادة الاعتبار لهذا البلد العريق.
لقد خرج الكثير من الإيرانيين يوم 13 يونيه يهتفون: “اضربوهم يا اسرائيل. الايرانيون يدعمونكم… اضربوهم. الايرانيون خلفكم”.
كانوا يهتفون ويذرفون دموع الفرح في تجمعاتهم خارج البلاد، كما ظهرت في شوارع طهران وغيرها من المدن كتابات غرافيتي تحمل نفس العنوان.
كُلُّ الإشارات والمؤشرات تقول بأن كراهية الشعب الإيراني لِتَسَلُّطِ الملالي قد طفحَت وتجاوزت كل الحدود. ومن شقوقها دخل العشرات من عملاء الموساد إلى البلاد وانتشروا بعد ان تمكنوا من تهريب الطائرات المفخخة إلى الداخل الإيراني، وتثبيت منصات هجومية في مناطق قريبة من طهران، وإنشاء قواعد إطلاق سرية قرب مواقع بالغة الحساسية، واستطاعوا قتل ابرز قادة النظام بليلة واحدة في منازلهم وغرف نومهم. وما كان لذلك الإختراقِ الكبير ان يحدث الا بِتوافُر حاضنةِ لإسرائيل فتحت لها باب الإنقضاض على قلب النظام وضربه في غرف النوم قبل غرف العمليات.
لقد حملت العملية العسكرية الإسرائيلية شعار “الأسد الصاعد”، وتماهت بشعارها هذا مع رغبة المجتمع المدني الإيراني بالتخلص من الفاشية الدينية. ويشيرُ عنوانُ العملية إلى الأسد الفارسي الذي كان الى جانب الشمس جزءا من العلم الإيراني لعقودَ طويلة.
في هذا السياق، استدعى الباحثُ المَسرحي الألماني/الإيراني “سابا فارزان” قصة “عيد المساخر” التي تدورُ حول يهوديين فارسيين، “الملكة استير” و”مردخاي”، اللذين انقذت شجاعتهُما شعبَهما من كيد الطاغية “هامان القاتل”.. وتابع فارزان: “لقد حانُ الأوانُ للدولةِ اليهودية الديمقراطية ان تدعم الشعب الإيراني وتُرافِقه في طريقه إلى الحرية، وطالب إسرائيل بإستلهام هذه القصة.
ان التظاهرات التي ينظمها الايرانيون حول العالم، وفي المانيا خاصة، تكادُ لا تنقطع! ويتميز الايرانيون في مَنافيهم بحيوية َونشاط فائقين، وثقافة عالية، وقدراتٍ تعبيرية وفنية لا تضاهى، وبكل المؤهلات التي تقطع بقدرتهم على امتلاك مصيرهم ومواصلة السير نحو الحرية. وهم لا يريدون من العواصم الاوربية الا التضامن الكامل، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام المتهالك وعزله سياسيا.
ويقولون فارزان: ان أولئك الذين لا يدركون هذه الفرصة التاريخية او يغتنموها لن يجدوا عونا.
الواضح، هذه المرة، ان العملية الإسرائيلية التي انطلقت بغطاء امريكي، وإسنادٍ غربي، وان كان غير معلن، تشير إلى ان كل هؤلاء قد اتفقوا وتوافقوا على النظر إلى نظام الملالي كخطرٍ ينبغي اقتلاعه، وليس كخصم يمكن احتواؤه.
ومن هنا اصبح المرشد الأعلى هدفاً، لأنه يُشكِّل رأسَ الهرمِ الفقري والعقائدي والتنظيمي لمنظومة تستمد شرعيتها من رمزيته َومكانته.
انها عملية شاملة تستهدف القوة العسكرية والأمنية والرمزية لنظام الملالي الراحل بإتجاه نهايته المدوية.
لا شك ان الهدف الأبعد هو رسمُ جغرافيا سياسية جديدة للشرق الأوسط واعادة توزيع الأدوار، وتقسيم النفوذ، ولعبة امم جديدة.
وما احوجَ العرب لان يَتداركوا أمورَهم قبل ان يخرجوا من الجغرافيا كما خرجوا من التاريخ، ويبرهنوا على انهم ليسوا اشبه براكبي “التيتانيك” الذين يستمعون للموسيقى ويستمتعون بالحفل وهم ذاهلونَ عن خَطَرِ الغرق.