إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
“ستيف بانون: ” البابا ليو الرابع عشر هو “أسوأ خيار لكاثوليك حركة “أميركا أولا
*
ما لا يقوله مقال “بوليتيكو” أدناه هو أن الرئيس ترامب يحب أن يحيط نفسه بـ”المليارديرية” في حين ينتمي البابا ليو 14 إلى سلك “الأغوسطينيين” وهم سلك رهبان متسوّلين تأسّسَ في منطقة “توسكانة” الإيطالية في القرن الثالث عشر، وفقاً لمبادئ وضعها واحد من أعظم لاهوتيي المسيحية الغربية والشرقية (كان الثائر البروتستانتي “مارتن لوثر” أغوسطينياً)، وهو القديس أغوسطين”، وهو “أمازيغي” وُلد في العام 354 في “طاغاست” (“سوق أهراس” حالياً) في ما أصبح “الجزائرّ”. كما أن اختيار إسم “ليو” هو إشارة للبابا “ليو الثالث عشر” الذي وضع أسُس “الكاثوليكية الإجتماعية” في القرن 19. طبعاً، يختلف البابا الجديد مع الرئيس الأميركي (بل ويختلف مع أغلبية الكاثوليك الأميركيين) حول موضوع الهجرة، ولكنه يتّفق معه حول موضوع “السلام”. فأياً كان تقييم الناس للرئيس ترامب، فمن الواضح أنه ضد الحروب ومع “السلام”، والأرجح أنه يطمع بـ”جائزة نوبل للسلام”.
بيار عقل
ترجمة “الشفاف”
عندما تحدّى البابا الراحل فرنسيس دونالد ترامب بشأن الهجرة وتغيّر المناخ والفَقر خلال فترة رئاسته الأولى، ردَّ البيت الأبيض وحلفاؤه بلا مبالاة جماعية.
لكن الأمر سيتغيّر مع اختيار الكرادلة الكاثوليك لمواطن أمريكي لقيادة الكنيسة لأول مرة في تاريخها، فالبابا “لِيو”، المولود في شيكاغو واسمه الحقيقي “روبرت بريفوست”، يحمل رؤيةً للعالم تبدو متعارضة مع شعار “أمريكا أولاً”.
تم انتخاب البابا ليو في اليوم الثاني فقط من التصويت، وقد يصبح خصماً عالمياً للرئيس، بفضل مصداقيته المحلية التي قد تمكنه من التأثير على الكاثوليك الجمهوريين أكثر من سَلفه، وبصوت له وقعٌ أقوى في الولايات المتحدة.
سارع ترامب يوم الخميس إلى الإشادة بانتخاب البابا ليو، الذي قضى معظم حياته البالغة في “البيرو”، ووعد بلقاء البابا الجديد قريباً.
وكتب ترامب على منصة “تروث سوشال”: “يا له من شرف أن يكون أول بابا أمريكي. يا لها من لحظة مهيبة وشرفٌ عظيم لبلادنا. أتطلع للقائه. ستكون لحظة ذات مغزى كبير!”.
لكن من السهل تصوُّر الصراعات القادمة. مثل سلفه، ينتمي ليو إلى جناح أكثر تقدمية وشمولية في الكاثوليكية، حيث دعا في أول خطاب له من شرفة كاتدرائية القديس بطرس إلى السلام وشدّد على أهمية بناء الجسور، رغم أنه لا يزال متمسكًا بالمواقف الكاثوليكية التقليدية بشأن قضايا مجتمع الميم.
وقد بدأ البابا بالفعل في كسب “أعداء” داخل وطنه، حيث تبادل الكاثوليك المحافظون في واشنطن العاصمة رسائل نصّية يوم الخميس ظهراً تتضمن منشورات من حساب على وسائل التواصل الاجتماعي يُنسب إلى ليو، يهاجم فيها ترامب ونائب الرئيس جي دي فانس. ولم تتمكن “بوليتيكو” من التحقق من صحة هذا الحساب. ولم ترُد مكاتب الإعلام في الفاتيكان، وسفارته في الولايات المتحدة، وأبرشيتا شيكاغو وبيرو على الاستفسارات.
سبب اختيار الكرادلة لأمريكي لأول مرة سيظل على الأرجح مكتوماً داخل جدران “كنيسة السيستين“. لكن انتخاب ليو يأتي في لحظة حاسمة حيث أصبحت مكانة أمريكا على الساحة العالمية أكثر غموضًا من أي وقت مضى. فقد خفضت الولايات المتحدة مساعداتها الخارجية وأصبحت أكثر تردداً في التورط في الصراعات العالمية، ولم تعد ترغب في لعب دور شرطي العالم.
ويقول “راميش بونورو”، المعلق الكاثوليكي المحافظ أن جنسية ليو الأمريكية قد تمنحه بعض المكانة لدى الرئيس — وإذا أراد، فقد تمنحه سلطة النقد من منظور لم يكن متاحًا للبابا الأرجنتيني فرنسيس.
وقال بونورو: “لا أعتقد أنه من حيث الجوهر سيكون مختلفًا. سيواصل القول إنه علينا الاهتمام بالفقراء، كما ينبغي. لكن قد لا يحمل كلامه الطابع الحاد من الإدانة الذي رأيناه أحياناً من فرنسيس، وذلك بسبب نشأته الأمريكية”.
ويقول بعض المراقبين لشؤون الكنيسة الكاثوليكية إن ليو يختلف من حيث الأسلوب عن فرنسيس، ومن المرجح أن يتبع نهجاً أكثر توازناً مقارنة بأسلوب سلفه الصريح. وكان فرنسيس قد تصادم مؤخرًا مع فانس حول مفهوم لاهوتي يتعلق ببنية الحب، يُعرف باسم “ترتيب المحبة” (Ordo Amoris).
يأتي ارتقاء ليو أيضًا في وقت حاسم للكنيسة الكاثوليكية، التي تتجه قيادتها نحو اليسار، بينما يتجه من يحضرون القداس بانتظام في الولايات المتحدة نحو اليمين. فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة في التوجه نحو الكاثوليكية التقليدية — حيث يُشار إلى أتباعها بـ”كاثوليك التقليد” — الذين يفضلون قداس التقليدي باللغة اللاتنينة ويرفضون ما يعتبرونه حركة نحو التحديث داخل الكنيسة.
وقال أحد الكاثوليك المنتمين لحركة “أميركا أولاً” ويعمل في مجال السياسة، مفضلاً عدم ذكر اسمه: “ردة الفعل على بريفوست كانت مختلطة بصراحة. العاصمة واشنطن تُعد عاصمة الكاثوليك التقليديين، لذلك كنا نأمل في اختيار مرشح أكثر محافظةً. أعتقد أن بريفوست سيكون على شاكلة فرنسيس. متعاطفاً مع قضاياه التقدمية لكن أكثر تحفظًا في أسلوبه”.
أما ستيف بانون، أحد أبرز حلفاء ترامب الكاثوليك، فوصف ليو بأنه “أسوأ خيار لكاثوليك أميركا أولاً”، ونعته بـ”البابا المعادي لترامب”.
وقال بانون: “هذا تصويت ضد ترامب من قبل دُعاة العولمة الذين يديرون الكهنوت الفاتيكاني – هذا هو البابا الذي كان يريده بيرغوليو ورفاقه”، في إشارة إلى البابا فرنسيس باسمه الحقيقي، خورخي ماريو بيرغوليو.
وكانت مجموعة من الكاثوليك المحافظين المتشددين قد شنت ما يشبه حملة ضغط لاختيار بابا أكثر محافظة.
أحد المرشحين المتشددين، الأسقف أثناسيوس شنايدر من كازاخستان، كان قد صرح أن اللاجئين في أوروبا هم “غزو جماعي” يؤدي إلى انتشار الإسلام، بينما أيد المرشح الآخر، الكاردينال الأمريكي ريموند بورك، ترامب علناً.
لكن لم يكن جميع حلفاء ترامب مُحبَطين من الاختيار. فقد ألمح المؤثر في حركة “أميركا أولاً”، تشارلي كيرك، في منشورات إلى أنه حصل على ملف حزبي يُثبت أن البابا مؤيد للحزب الجمهوري الأميركي، وهو أمر لم تتمكن بوليتيكو أيضاً من التحقق من صحته. أما المعلق المحافظ هيو هيويت فقد بدا مرحبًا بصعود أمريكي إلى أحد أكثر المناصب القيادية الدينية علنية في العالم.
والأهم أن ترامب — الذي يحب المراسم والبذخ في أي احتفال كبير — من المرجح أن يكون فضوليًا حقًا بشأن البابا الجديد.
وقد أظهر الرئيس مؤخرًا تقاربًا واضحًا مع الكاثوليك بعد أن حصل على دعم 59% من أصواتهم في انتخابات 2024. وكان قد حصل على 50% من أصواتهم في 2016، بينما فاز بايدن بنسبة 52% منهم في 2020، بحسب استطلاعات “سي إن إن”. ويُعد فانس ثاني كاثوليكي يشغل منصب نائب الرئيس بعد بايدن، كما أن حكومة ترامب مليئة بالكاثوليك. وعلى الرغم من خلافاته المتكررة مع فرنسيس، فقد قام ترامب برحلة سريعة إلى روما الشهر الماضي لحضور جنازة فرنسيس، بعد أيام من لقاء فانس القصير بالبابا في ساعاته الأخيرة.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المشاعر ستترجم إلى علاقة قوية مع البابوية. وكان ترامب قد أرجع قراره بحضور جنازة فرنسيس جزئياً إلى فوزه بأصوات الكاثوليك. وفي الأيام الأخيرة، مازح ترامب عبر منشور على “تروث سوشال” بأنه يجب أن يتم اختياره بابا جديدًا، حيث نشر صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي تُصوِّرهُ هو في زي البابا، وأعاد موقع البيت الأبيض نشر الصورة. واعتبر بعض الكاثوليك هذه الإيماءة غير لائقة.
أما فانس، فقد اكتفى بتهنئة ليو عبر منشور على منصة إكس.
وكتب: “أنا متأكد أن ملايين الكاثوليك الأمريكيين والمسيحيين الآخرين سَيُصَلّون من أجل نجاحه في قيادة الكنيسة. ليباركه الله!”.
إٌقرأ أيضاً:
“البابا ترامب” مزحة أم محاولة لوضع اليد على الكاثوليكية؟
بَعدَ فرنسيس: ترامب يريد “بابا” على صورته هو!
(فيديو) الفاتيكان كان “الصندوق الأسود” لإيطاليا: استقال البابا بندكت بسبب الفساد وفرنسوا لم يحقّق كل وعوده بالإصلاح
قبل 12 سنة: “فرنسيس الأول” “من آخر الدنيا”، بابا “يسوعي” للفقراء والإصلاح.. والسوريين!
نِعَم اللاهوت العقلاني: الإيمان المسيحي بالتقدّم كيف أدّت المسيحيّة إلى الحرية، والرأسمالية، ونجاح الغرب