في البدء كانت الكلمة!
والكلمة كانت إنسان!
والإنسان لا يكره!
…..
دعوني أقص عليكما حكاية قديمة!
حكاية حكيناها ألف مرة، كل قرن، كل عقد، وكل سنة.
نخط سطوراً وكلمات جديدة، ومضمونها ظل هو هو. لا يتغير. كأن قدرنا أن نحيا حياة لا تتغير فصولها.
المضمون كان في كلمة واحدة: “أمة”.
هل تذكران؟
كانت “أمة إسلامية”، ثم تحولت إلى “أمة عربية”، ثم عادت لتصبح “إسلامية” من جديد.
لكن هل وجُدت هذه الأمة فعلاً؟
لو طرحت عليكما هذا السؤال، عزيزي الشاب، عزيزتي الشابة، لما ترددتما في الرد: “بالطبع توجد هذه الأمة”!
ستقولان:”هناك امة، وهي إسلامية. هذه حقيقة ساطعة كالشمس”.
وغيركما في الأمس القريب كان سيقولان:” بالطبع توجد أمة، وهي عربية، تمتد من بغداد إلى الرباط، هذه حقيقة ساطعة كالشمس”.
لكني تمنيت عليكما أن تتحليا بملكتي الشك والصبر معاً.
أن تشكا كثيراً في “الحقائق الساطعة كالشمس”، التي لا تسطع إلا لتغيب بالكذب.
شكا في كل ما يقال لكما، في كتب التاريخ، وفي خطب المساجد، وفي أحاديث شيوخنا، خاصة ذاك الذي يُحني لحيته بالحناء. يعرف نفسه فلا تبتسما.
فليس كل مالقنوه لكما صحيحاً. في الغالب ما قيل لكما لا يمت إلى حقائق التاريخ بصلة.
وأن تصبرا علي، وأنا أتحدث إليكما. لأني لا أتحدث بالرموز. فقط أهيء للنقاش معكما. فحديثي سيكون معكما طويلا في هذه السلسلة. وكما قلت لكما في المقال السابق، أني سأستهل سلسلة “من إجل إسلام إنساني” بالحديث عن الإسلام السياسي. ذاك الذي يدغدغ حبكما لله بحديثه، ثم يأخذكما معه في طريق يدعوكما به إلى القتل والإنتحار. فشكا كثيراً في نواياه، وأطرحا السؤال دوماً “كيف نُقتل حباً في الله؟”، وبأسم مَنْ نقتل؟” ولو طرحتما السؤال بهذه الصيغة، ستكتشفان أنه والكراهية وجهاً واحداً.
هذا الفكر، فكر الإسلام السياسي، يتخذ من كلمة “أمة” محوراً لرؤيته للوجود:
“أمة إسلامية في حالة حرب.
كانت دوماً في حالة حرب.
أمة إسلامية تقف مقاومة ضد الكفار.”
وهؤلاء الكفار يشملون بشراً، مثلكما، شاب وشابة مثلكما، يدينان بديانات مختلفة، أو مذاهب إسلامية مختلفة، أو أختارا طريقاً مختلفاً لا يؤمن. هذا حقهما. هما بشر مثلكما، لكنهما يختلفان عنكما، تماما كما تختلفان عنهما. لكن الرحم هو هو: الإنسان فيهما وفيكما.
مسكينة هذه الأمة.
“تدخل في حرب، لتخرج من حرب، لتواجه حرباً من جديد.
وكلها حروب مصيرية.
علينا أن ندخلها أو نموت.
ومن يرفض الدخول فيها نقتله.
من يُشكك فيها يصبح منافقاً.”
هكذا يفكرون، وهكذا يقولون.
وسيضربون بي مثلاً. فأنتبها.
سيقولان لكما: “هذه منافقة، باعت نفسها، تكره دينها وأمتها”.
هذه إبتسامة، اهديها لكما، كي لا تصدقا.
فأنا أحب الإنسان. هو وطني. وأؤمن بالعقل، هو طريقي إلى الإيمان، و مُصّرة أن الأمة لم توجد قط!
وأؤمن أن الحروب لا تؤدي إلا إلى الخراب. ألم نتعب من الحروب بعد؟
وأن القتل، ينحر الإنسان فينا، وأنه لا توجد قضية في العالم بأسرة اقتل من اجلها. لن أقتل إنساناً من أجل فكرة. فإتركا القتل للمجرمين.
ثم هذه زهرة، أقدمها لكما، كي لا تطعنا في نيتي. فأنا اقف معكما في صف واحد. وأبحث معكما عن طريق لمستقبل تعيشان فيه وأنا وغيري معكما، بكرامة وإحترام رفاهية.
مستقبل يكون لكما.
أنتَ وأنتِ.
مستقبلٌ في وطن لكما.
وطن. ليس أمة.
بل وطن. له حدود. حدود جغرافية. وفي داخله مواطن ومواطنة. يقفان متساويان أمام القانون، بلا تمييز، بسبب الدين، النوع، العرق، أو الهوية.
إنسان يقف أمام قانون يحترم إنسانيته.
ولأني اقص عليكما حكاية، سأخط أول صفحاتها المرة القادمة بحكاية الأمة، تلك التي لم توجد قط!
— –
في البدء كانت الكلمة!
والكلمة كانت إنسان!
والإنسان لا يقتل!
elham_manea@bluewin.ch
كاتبة يمنية – سويسرا
أمة؟
المهم بالنسبة للنظم العسكرية او الديكتاتورية او الشمولية او الدينية البقاء على الكرسي ونهب الشعب وتفقيره وتجهيله وسحق الطبقة الوسطى ولو تجزا البلد الى مائة حته.والطواغيت يحرفون الدين كما يحلو لهم ويستخدمون شعارات تخديرية ويجعلون الانسان يقفز كالقرد بالروح بالدم نفديك يا ابو الجماجم او الى الابد الى الابد (أطلق القرآن مصطلح الجبت والطاغوت؛ أما الطاغوت فهو الذي يملك الرقاب بقوة السلاح والطغيان، بينما الجبت هم الكهنة الذين يفصلون الفتاوى، ومنه فقد دمج القرآن بين الكلمتين: “يؤمنون بالجبت والطاغوت)